دعا رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، المهندسين المعماريين إلى الانخراط بكثافة في نظامي التغطية الصحية وتقاعد المستقلين وغير الأجراء، وذلك عبر تسريع المشاورات التنسيقية مع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ووزارة التشغيل، وباقي القطاعات والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، قائلا أريد أن تتحلوا بالجرأة وتكونوا على رأس طليعة الهيئات التي تنخرط في الاستفادة مما تتيحه مضامين هذين القانونين، خاصة وأنهما يستهدفان تعميم التغطية الصحية ونظام المعاشات ضمانا للمستقبل ودرءً لما قد يطرأ من إشكاليات صحية، تكلف أحيانا غاليا للحصول على العلاجات الضرورية. جاءت هذه الدعوة في الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة، خلال مشاركته أول أمس الاثنين بمدينة سلا في الاحتفاء الذي نظمه المجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والسكنى وسياسة المدينة، تخليدا “لليوم الوطني للمهندس المعماري”، في دورته 33، وذلك تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس. وأكد العثماني على أن الهندسة المعمارية تعد من المهن التي تجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل، كما تجمع بين التشبث بالأسس الحضارية للمجتمع ومقومات المجتمع والمعمار، وفي نفس الوقت تنفتح على العالم والمستقبل وتطور المعمار بما ينسجم مع آخر معايير الجودة والاستدامة. ولم يفت العثماني أن يقر بالتحديات التي ما فتئ المهندسون المعماريون يطرحونها، قائلا: “نعرف أن هناك العديد من الإشكالات والنقائص”، مراهنا على التعاون الحثيث والعمل يدا في يد لحل الإشكالات المطروحة، واعتماد الشراكة فضلا عن استغلال ما باتت تتيحه الجهوية المتقدمة من إمكانيات من شأنها إتاحة الفرص للعمل من أجل إعادة بناء المناطق التي لم تستفد من ثمار النمو، إما لأسباب تاريخية أو سياسية، حسب ذكر رئيس الحكومة. من جهته، أشار وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، عبد الأحد الفاسي الفهري، إلى المكانة المرموقة التي يتبوؤها المهندسون المعماريون في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة، لاسيما من خلال دورهم في الرقي والنهوص بالمهنة والحفاظ على الهوية المغربية. وأكد الفاسي الفهري بالمناسبة، أن اللقاء مكن من مناقشة مسألة التكامل بين العالمين القروي والحضري، والتنويه بدور المهندس المعماري وكذا دور الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين. وأشاد، في هذا الصدد، بمضمون الشعار الذي اختير لتخليد اليوم الوطني للمهندس، بالنظر لكونه يحيل على الدور الذي ينبغي أن يساهم به أصحاب هذه المهن على مستوى “ترسيخ التوازنات المجالية ومساهمتهم في صياغة تصور تنموي شمولي ومندمج قادر على إعطاء القيمة المضافة المرجوة على صعيد تنمية المجالات بأبعادها المحلية والإقليمية والجهوية”. وأشار الفاسي الفهري، في هذا اللقاء، إلى التشريعات والإجراءات والتدابير التي اتخذتها الوزارة في إطار هاجس رفع التنافسية المهنية في ميدان الهندسة المعمارية، وبهدف مصاحبة الانفتاح على المحيط الخارجي، حيث عملت على استصدار مستجدات على مستوى بعض النصوص القانونية، وذلك لتقوية دور المهندس المعماري والرفع من مهنية قطاع الهندسة المعمارية الوطني وتنافسيته الدولية من خلال القانون المحدث لشركات المهندسين المعماريين والقانون الخاص بالمستشار القانوني المعدلين والمتممين للقانون رقم 016.89 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية وإحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية ، علاوة على القانون رقم 12- 66 المتعلق بالمراقبة وزجر المخالفات. هذا، ولم يفت الوزير أن يشير إلى اختيار مدينة سلا لاحتضان فعاليات اليوم الوطني للمهندس، وذلك بالنظر، من جهة، للعمق الثقافي والتاريخي والبشري الذي يطبع المدينة، ومن جهة أخرى، لما يزخر به مجال سلا من إمكانيات ومؤهلات قابلة للاستثمار. لكن في الوقت ذاته، أكد المسؤول الحكومى، أن كل تلك المميزات التي تسم المجال الترابي والمعماري لسلا، “لا ينبغي أن تنسينا وجود مجموعة من التناقضات خاصة في ميدان التعمير والبناء بالرغم من المجهودات التي بذلتها السلطات العمومية لتثمين هذا المجال ضمن مجال العدوتين، من خلال المشاريع التنموية الكبرى التي تشهدها المدينة من قبيل مشروع التأهيل الحضري لسلا ومشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق ومركب تكنوبوليس”. وأشار في هذا الصدد، إلى أن الأمر بات يتطلب مجهودات على مستوى تحريك دينامية الاستثمار وإحداث فرص الشغل وتحسين شروط النقل والتنقل والترفيه وإعادة الاعتبار للنسيج العتيق وحماية الموارد واستدامتها. وتم عقب الحفل توقيع ثلاث اتفاقيات؛ وتتعلق الأولى باتفاقية شراكة بين وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، والمجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين، وترمي إلى تفعيل النجاعة الطاقية في قطاع البناء، أما اتفاقية الشراكة الثانية فتم توقيعها بين وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة والمجلس، في حين وقعت الثالثة بين هيئة المهندسين المعماريين بالمغرب و”كوباتي إنترناشيونال” وهي فيدرالية تضم مختلف المهن النشيطة في الميادين ذات الصلة بالتعمير والبيئة. وشكل الاحتفال باليوم الوطني للمهندس المعماري، الذي نظم تحت شعار “المهندس المعماري فاعل رئيسي في التنمية المستدامة وإضفاء الانسجام على المجالات الحضرية والقروية”، بمبادرة من الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فرصة للنقاش والتقاسم حول مواضيع تتعلق بالهندسة المعمارية في المغرب، وتحديات الاستدامة في الإنتاج المعماري المغربي والدور المواطن للمهندس المعماري.