إسبانيا تعتزم الاعتذار للريفيين بعد مرور أزيد من 85 سنة على حرب الغازات بعد مرور حوالي تسعة عقود على واقعة الريف، لمحت وزيرة الخارجية الإسبانية، ترينيداد خيمينت، إلى إمكانية تقديم اعتذار رسمي للمغرب بخصوص حرب الغازات التي راح ضحيتها أزيد من 50 ألف شهيد. وفي سياق ذلك، قالت مصادر صحفية إسبانية إن الوزيرة أشارت في لقاء مع نظيرها المغربي الطيب الفاسي الفهري، إلى أن إسبانيا ستعمل على تعويض المتضررين من حرب الغازات بمنطقة الريف ماديا وذلك وفق برامج تقترحها مؤسسات وجمعيات مغربية قدمت دراسات سابقة. ونقلا عن الجريدة الإلكترونية «أليرتا ديجيتال» الإسبانية، فإن إسبانيا ستساهم في دعم مستشفيات بإقليمي الناظور والحسيمة خاصة بمعالجة داء السرطان الذي عانى منه سكان الريف المتضررون من الغازات التي استعملتها الجيوش الإسبانية في حربها ضد الريفيين سنة 1925. وفي سياق ذي صلة، تؤكد جل التقارير الطبية والدراسات المنجزة بالمنطقة، أن حوالي 60 في المائة من الإصابات بداء السرطان بالمغرب، تسجل في مناطق الريف، والتي نتجت «علميا»، عن الغازات السامة، بالإضافة للعديد من الأضرار المختلفة، والمعروفة وغير المعروفة. هذا وأكدت مصادر تاريخية أن استعمال هاته الغازات كان «مع سبق الإصرار والترصد»، خاصة وأن إسبانيا بعد عدم قدرتها إخضاع المقاومة، عمدت إلى بناء مصانع لهاته المواد، بتعاون مع ألمانيا التي لها خبرة كبيرة في هذا المجال. وفي مقابل ذلك، رفض نائب الحزب الشعبي في البرلمان الإسباني، دياز خورخي فرنانديز، أن تقوم إسبانيا ب»الاعتذار عن جريمة مزعومة ضد الإنسانية ارتكبت قبل أزيد من 80 عاما»، مضيفا أن «إسبانيا لا يمكن أن تقدم تعويضات على جرائم لم ترتكبها». وتزامنا مع هذا التطور الذي يشهده ملف الغازات السامة في الريف، عرف «مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل» دينامية جديدة في التعاطي مع الموضوع، بعد عدد من الندوات الدولية نظمها المركز، بمشاركة خبراء من المغرب وإسبانيا وفرنسا وألمانيا، حيث شن حملة إعلامية دولية من أجل التعريف بملف مشاركة المغاربة بمنطقة الشمال والريف في الحرب الأهلية الإسبانية، وتعرض المناطق الشمالية للأسلحة الكيماوية لدى المواجهة بين الجيش الإسباني ومقاتلي الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي. هذا وكانت جمعية ضحايا الغازات السامة بالريف، أول من طرح الموضوع في بداية التسعينيات من القرن الماضي وتمكنت عام 2005 من إيصاله إلى البرلمان الكاطالاني، ثم شرعت في تسويق الملف بشكل قوي داخل إسبانيا، ووضعت ملفا متكاملا بالأدلة وأسماء الضحايا وضحايا العجز أمام محام إسباني كلف برفعه إلى المفتش العام في إسبانيا، الذي يطلق عليه محامي الشعب، ويحدد الدستور الإسباني دوره في رفع تقارير بالقضايا المطروحة أمامه إلى البرلمان المركزي. ويشار إلى أن مقترح الاعتذار صادف الذكرى الثامنة والأربعين لرحيل محمد بن عبد الكريم الخطابي التي أحيتها بعض الجمعيات الريفية بالناظور والحسيمة يوم السبت الماضي الرابع من فبراير الجاري.