تم خلال الدورة السادسة لمؤتمر التعاون العربي –الصيني في مجال الطاقة، التي احتضنت العاصمة المصرية أشغالها خلال الأسبوع الماضي، استعراض التجربة المغربية في المجال الطاقي. وأبرز مدير الطاقة بوزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة محمد سليماني، الجهود التي بذلها المغرب في مجال الطاقة ومختلف البرامج والمشاريع الطاقية، وكذا التحديات التي تواجه القطاع . وفي هذا الصدد، أكد سليماني، أن المغرب تمكن في مجال النجاعة الطاقية، من تحسين الهامش الاحتياطي للطاقة الكهربائية، والرفع من حصة الطاقة المتجددة عبر رفع حصة القدرة المنشأة إلى 2948 ميغاواط، وهو ما مكن من خفض التبعية الطاقية للمملكة من حوالي 98 بالمائة سنة 2008 إلى 93.9 بالمائة سنة 2017. وبعد أن استعرض مختلف الأوراش التي انخرط فيها المغرب في غضون السنوات الأخيرة في مجال الطاقة، سجل المتحدث ان هذه الانجازات جاءت بعد أن واجه المغرب تحديات حقيقية وصعبة في مجال الطاقة بفعل التبعية الكبيرة للخارج في هذا القطاع وهيمنة الطاقة الأحفورية. وأشار إلى ان المملكة تمكنت في غضون سنوات من تحقيق توازن بين العرض والطلب، حيث بات المغرب يتوفر على احتياطي كهربائي يناهز 15 في المائة، لافتا إلى أن الربط الكهربائي بين المغرب وإسبانيا كان بدوره يوفر 17 بالمائة من الطاقة الكهربائية. ولمواجهة هذه التحديات، يضيف سليماني، بادر المغرب سنة 2009 إلى اعتماد سياسة طاقية جديدة تأخذ بعين الاعتبار مؤهلات المغرب والتحديات التي يواجهها، والتي تقوم أساسا على تعميم الولوج إلى الطاقة بأسعار تنافسية، والحفاظ على البيئة، والتحكم في الطاقة، إلى جانب تطوير النجاعة الطاقية وتعزيز الاندماج الجهوي. وأشار إلى أن الانتقال الطاقي الذي ينهجه المغرب انطلاقا من الاستراتيجية الطاقية الوطنية، يعرف اليوم “منعطفا تاريخيا” بفضل الحرص الملكي على إنجاح مختلف هذه الأوراش في أفق بلوغ نسبة 52 بالمائة كمساهمة للطاقات المتجددة والنظيفة في الباقة الطاقية الوطنية. وتطرق سليماني لمجموعة من المشاريع الطاقية المهيكلة منها بالخصوص، مشروع “غاز تو باوور” لتوليد الكهرباء من الغاز الطبيعي، إضافة إلى مشاريع تشرف عليها الوكالة المغربية للطاقة المستدامة “مازن”، كمركب الطاقة الشمسية “نور” بورزازات، والمشروع المندمج للطاقة الريحية، فضلا عن مشاريع أخرى كهرومائية شمسية وريحية . وأشار إلى أن المغرب قد بلور فيما يخص النجاعة الطاقية، رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق اقتصاد في الاستهلاك الطاقي يقدر بحوالي 20 بالمائة في أفق 2030، مبرزا أن هذه الاستراتيجية التي يجري حاليا وضع اللمسات الأخيرة عليها، تستهدف القطاعات الاكثر استهلاكا للطاقة وخاصة النقل والبنيات التحتية والصناعة والفلاحة والإنارة العمومية. وفيما يخص التنقيب والبحث عن الهيدروكاربورات، أشار سليماني، إلى أن التوجهات الاستراتيجية المسطرة في هذا المجال، تهدف إلى تكيثف نشاط الاستكشاف في الأحواض الرسوبية البرية والبحرية، مبرزا أن المملكة عرفت في السنوات الأخيرة إقبالا متزايدا لشركات دولية رائدة تتوفر على مؤهلات تقنية ومالية وبشرية مهمة وذلك بفضل التحفيزات التي تنص عليها مدونة الهيدروكاربورات، ونجاعة الحملات الترويجية، وكذا التجربة الوطنية المكتسبة في هذا الميدان. وذكر أنه من المتوقع أن يفوق الاستثمار المرتقب في قطاع الطاقة في أفق 2030 حوالي أربعين مليار دولار، منها ثلاثين مليار دولار لمشاريع توليد الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة، وهو ما يمثل، بحسب المسؤول ذاته، فرصا استثمارية كبيرة للقطاع الخاص الوطني والجهوي والدولي. وخلص سليماني، إلى أن مفاتيح نجاح النموذج الطاقي المغربي تتمثل في الموقع الجيوستراتيجي للمغرب واستقراره السياسي، وكذا الترسانة القانونية والمؤسساتية الملائمة، فضلا عن الاندماج الصناعي والتكوين في مجال البحث والتطوير. وبحث هذا الاجتماع، الذي نظم بشراكة بين الجامعة العربية والمجلس الوزاري العربي للكهرباء، والهيئة الوطنية للطاقة بالصين، تحت عنوان “طريق واحد حزام واحد: فرص استثمارية واعدة”، عدة مواضيع من قبيل، الكهرباء والربط الكهربائي، والنفط والغاز الطبيعي، والطاقة المستدامة، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وفرص الاستثمار في مجال الطاقة. كما ناقش المؤتمر الفرص والتحديات الاستثمارية في مجالات الطاقة في الصين والبلدان العربية، وتبادل وجهات النظر حول دعم التعاون المشترك، واستشراف مستقبل التعاون بين الجانبين في القطاع الطاقي، فضلا عن إرساء لبنات شراكة واعدة في مجال التنمية المستدامة. ومثل المغرب في هذا الاجتماع، بالإضافة إلى محمد سليماني، جليل السليماني، مسؤول التعاون الدولي والشراكات بالوكالة المغربية للطاقات المستدامة “مازن”.