عرفت البلدة الصغيرة «سيدي الطيبي» المجاورة لمدينة القنيطرة، حدثا كبيرا يتجلى في تكريم الوزير السابق والمبدع محمد الأشعري. حدث كانت فيه مؤسسة محمد البوكيلي إبداع و تواصل التي احتضنت التكريم محج عدد ممن ينتمون للحرف والكلمة وممن يهتمون بالشأن الثقافي، وذلك يوم السبت الماضي في بداية هذا اللقاء الحميمي الدافئ الذي تحدثت أمينة السحاقي منشطة الحفل عن الحلم الذي راود محمد البوكيلي طويلا قبل أن يتحقق على ارض الواقع. فضاء أنيق وراق يروم الارتقاء بالثقافة والمثقفين»، إذ لم نعد نقبل فكرة تنظيم التظاهرات الثقافية قي فضاءات لا تمت للثقافة بصلة» يقول البوكيلي. كما ذكرت بالأسماء التي تم الاحتفاء بها بالمؤسسة (إبراهيم أخياط - مصطفى يعلى - محمد سعيد سوسان - عبد الرفيع جواهري - عز العرب الكغاط - مصطفى مشيش العلمي - الطيب الصديقي ليأتي دور شخصية بارزة متعددة الاهتمامات، «محمد الأشعري». بعد ذلك أخد الكلمة عبد الرحيم العلام نائب رئيس اتحاد كتاب المغرب، لينوه بالجهود التي بذلها الأشعري من أجل تطوير عمل اتحاد كتاب المغرب وذلك بانفتاحها على الشباب وبخلق جائزة الاتحاد وخلق علاقات قوت من صورة الاتحاد داخل المغرب وخارجه. كما وصف المحتفى به، بالمبدع الكبير، انطلاقا مما قدمه للمشهد الإبداعي مستشهدا في ذلك برواية «جنوب الروح» التي استطاعت أن تخلق من حولها فضاء من القراءات و الدراسات والتي واكبها انتشار كبير في الوسط النقدي. وبخصوص الرواية الجديدة «القوس والفراشة» فقال إنها عمل جديد بامتياز، وأن المدة الزمنية الطويلة التي تفصلها عن العمل الأول كانت بمثابة فترة تأمل وبحث أسفرت عن نص روائي جيد، استطاع أن يفرض نفسه داخل المشهد الأدبي. وعبر العلام في نهاية شهادته عن ضرورة جمع كل ما كتب حول «جنوب الروح» ليكون مرجعية للباحثين. الشاعر والفنان التشكيلي رشيد المومني، اعتبر الأشعري من الأسماء الاستثنائية التي كسرت المنظومة التي تضع المبدعين داخل قارورة الأجيال. السبعينيات لها عمقها ولها حرقتها، ولكن هناك الإبداع المسكون دائما باللعب المخرب والباني والمراوغ داخل الزمان والمكان. وأكد على أن رواية «القوس والفراشة» نص متعدد متشابك ليس ثمة بياض بين الأحداث. إنه زمن المغرب الجديد الذي تلا زمن الرصاص. ومن جانبه أكد الكاتب والفنان عيسى يكن، على الجانب الإنساني والإشعاعي للمحتفى به الذي حاول بإمكانيات محدودة -إبان تقلده منصب وزير الثقافة- أن يستجيب ولو جزئيا للمتطلبات الثقافية لوطن راكم اختلالات منذ الاستقلال. ويضيف أن الأشعري حارب القبح بإنتاج الجمال بكل إشكاله: تشكيل وموسيقى ومسرح وكتابة، كذا بترسيخ قيم الحرية والديمقراطية. كما ذكر المتدخل بأهم منجزات الوزير السابق وعلى رأسها القانون المتعلق بالفنان. وتحت عنوان «مد محمد الأشعري بين شساعة الحلم و تفاصيل الواقع»، قدم الكاتب المصطفى كليتي كلمة تناول فيها الانشغالات المتعددة للمحتفى به، قائلا إن الأشعري ينغرس في تربة واقعه المغربي إلى أقصى التخوم، منشدا إليه بأكثر من وازع وحافز. فهو السياسي المهووس بجبلة الرصد والانتباه لمجريات الأحداث بحذر وبصفاء «عين العقل»، فهو الصحافي المتابع والشاعر الحالم بمفاتن القصيدة وجغرافيتها السرية ومياهها الجوفية منقبا عن صدفاتها ومباهجها. وعن الرواية، قال إن «القوس والفراشة» تبرز التحولات التي أصبحت تتسم بها حياتنا المعاصرة وذلك وفق برنامج سردي يحكي متتاليات الاستذكار والسخرية المرة والتأمل الملي لما يقع مع كشف الأغوار. وفي تقديم لروايته، ذكر محمد الأشعري أن الرواية ملامسة للأوضاع التي يعرفها المجتمع. وهي وإن كانت ترصد القبح والخراب بكل تجلياتهما، فهي ليست سوداوية. إنها تدعو إلى إعادة البناء واستعادة القدرة على الحياة بعد الخسارة. «القوس و الفراشة» حكاية يائس يحب الحياة، حكاية لها بعد إنساني يتجاوز جيلنا. إنها دعوة للمصالحة مع الخسارة.