كل التوابل كانت متوفرة لتجعل من حفل التكريم لقاء ثقافيا جميلا يليق بالمحتفى به المبدع محمد سعيد سوسان: فضاء راق مؤثث باللوحات والمنحوتات وحضور نوعي وجو مشمس دافئ. ومرة أخرى تربح مؤسسة البوكيلي الرهان. فبعد اللقاء الثقافي الأخير حول القضية الامازيغية والدي خلفت صدى كبيرا في الأوساط الثقافية. وبعد تكريم كل من الأديب الدكتور مصطفى يعلى والفنان عز العرب الكغاط وكذا مبدع القمر الأحمر الشاعر الكبير عبد الرفيع الجواهري، يأتي تكريم احد أعلام مدينة القنيطرة ومبدعيها ألا هو ابن المدينة الكاتب والفنان محمد سعيد سوسان اعترافا له بما قدمه من أبحاث ومن إبداع في مختلف المجالات. افتتح اللقاء الذي نشطته الاستادة أمينة السحاقي «المشاغب الظريف» الفنان محمد البوكيلي بكلمة رحب من خلالها بالحضور المتنوع من مبدعين وفنانين ومهتمين بالشأن الثقافي، مؤكدا على عزم المؤسسة على الاستمرار في الاحتفاء بالأسماء التي أغنت المشهد الثقافي في مختلف المجالات. كما ابرز في ورقته أهم المحطات في مسارا لمبدع محمد سعيد سوسان المتعدد الإبعاد بحيث تتوزع إبداعاته بين التشكيل والشعر والكتابة القصصية الخاصة بالفتيان والتي- يضيف محمد البوكيلي- تسهم إسهاما كبيرا في إثراء مكتبة أدب الطفل المغربية التي تعاني نقصا مهولا يحتاج إلى جهود المبدعين لسده. بعد ذلك توالى على المنصة كل من الكاتب مصطفى كليتي والقصاص السعيد الصديق وكذا عبد الرحيم محب، ليقدموا شهادات في حق المحتفى به. شهادات مفعمة بالمشاعر الطيبة تجاه سوسان الإنسان وسوسان المبدع. فتحدثوا بإسهاب عن تعدد اهتماماته وعن حبه الكبير لمدينة القنيطرة وعن مواقفه الواضحة ووطنيته. لكن تبقى أقوى اللحظات تلك التي عرض فيها المحتفى به سعيد سوسان صورا لبعض الفضاءات الجميلة لمدينة القنيطرة، قبل أن تمتد إليها يد المستثمر، لتشوهها وقبل الزحف الإسمنتي الذي طمس معالمها. عمارات تنبت كالفطر دون احترام لأدنى معايير الجمال لتبتلع في زحفها السريع ما تبقى من المساحات الخضراء لمدينة الأقحوان. تلك الصور حركت مشاعر الحنين لزمن كانت فيه القنيطرة بحق عروس الغرب. مدينة الغابة والنهر والبحر. غابة تقتلع أشجارها ونهر تلوث مياهه وبحر تسرق رماله. نداءات المجتمع المدني لم يكن لها صدى لدى الجهات المسؤولة .لحظات أسف سرعان ما بددها سعيد سوسان بكلمات مفعمة بالأمل ليستمر الاحتفاء في جو حميمي رقيق.