سجل المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي برسم سنتي 2016 – 2017، تحسنا في مؤشرات تنفيذ ميزانية 2017 مقارنة مع سنة 2016. وعزى التقرير هذا التحسن إلى تراجع عجز الميزانية من نسبة 4,1 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2016 إلى نسبة 3,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2017 مقابل نسبة مرتقبة حددها القانون في 3 في المائة، الأمر الذي يؤكد المنحى التنازلي لنسبة عجز الميزانية والذي قد بلغ سنة 2012 مستوى 6,8 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وأبرز المجلس أن المالية العمومية لا زالت تعاني من بعض الإكراهات وعلى رأسها ارتفاع مستوى الدين العمومي، والذي يجدر أن يتم التعامل معه كأحد المخاطر الذي قد تؤثر سلبا على سلامة الوضعية المالية للدولة، مشيرا إلى أن الدين العمومي للخزينة وصل عند نهاية سنة 2017 إلى مبلغ 692 مليار درهم، بنسبة 64,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مسجلا بذلك مبلغا إضافيا قدره 35 مليار درهم مقارنة مع سنة 2016، والتي سجلت بدورها ارتفاعا لمستوى هذا الدين مقارنة مع سنة 2015 بما يعادل 28 مليار درهم. وأشار المجلس في هذا السياق إلى المستوى المرتفع لدين الضريبة على القيمة المضافة المستحق لصالح بعض المؤسسات العمومية والذي بلغ 32,2 مليار درهم سنة 2017، بعدما لم يكن يتجاوز مستوى 15,8 مليار درهم سنة 2012، ناهيك عن الدين المستحق لصالح القطاع الخاص برسم نفس الضريبة والذي باشرت الدولة تصفيته ابتداء من شهر يناير 2018 على مدى 5 سنوات بمبلغ إجمالي حدد في 10 مليار درهم. ومن خلال تحليل تنفيذ الميزانية لسنة 2016 بناء على المعطيات الأولية التي نشرتها وزارة المالية، أضاف التقرير أن نفقات الموظفين المدرجة في فصول ميزانية التسيير لا تتضمن مساهمات الدولة كمشغل في أنظمة التقاعد والاحتياط الاجتماعي، مما يصعب معه تحديد كلفتها الإجمالية الحقيقية، حيث يتم إدراج النفقات المتعلقة بالموظفين في ميزانيات الوزارات، وعلى مستوى الفصل المتعلق بالتكاليف المشتركة، وكذا في بعض الحسابات الخصوصية للخزينة، كما أن تحديد الكتلة الإجمالية لأجور الموظفين يقتضي احتساب نفقات مستخدمي المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والتي تتلقى إعانات من الدولة. وأشار إلى أن مجموع نفقات الموظفين، بالاقتصار على النفقات المسجلة في فصول الميزانية العامة للدولة، يبلغ حوالي 104,3 مليار درهم، وهو ما يعادل 56 في المائة من نفقات التسيير، و 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وبمعالجة بيانات النفقات المتعلقة بالموظفين، بإدراج مساهمات الدولة في أنظمة التقاعد والاحتياط الاجتماعي، وكذا إعانات التسيير الممنوحة للمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري الموجهة لتغطية تكاليف العاملين والأجراء، فإن عبء هذه النفقات سيبلغ مستويات أعلى، إذ ستصل نسبته إلى 64,3 في المائة من نفقات التسيير، و 12,7 من الناتج الداخلي الخام. وبخصوص نفقات الاستثمار، أوضح المجلس الأعلى للحسابات أنه يتم رصد مجهود استثمار الدولة على مستوى قانون المالية، أساسا، في الميزانية العامة والحسابات الخصوصية، وبنسبة أقل، في ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، مشيرا إلى أنه يتم إدراج نفقات الاستثمار على مستوى الميزانية العامة في ميزانية كل قطاع وزاري لتمكينه من إنجاز سياسته القطاعية، إضافة إلى فصل النفقات المشتركة. وأضاف أن توزيع نفقات الاستثمار بين مختلف مكونات الميزانية يؤدي إلى تشتت المجهود الاستثماري، علما أن العديد من العمليات ذات طبيعة مماثلة أو متقاربة تدرج في فصول الاستثمار لميزانيات الوزارات، وبالموازاة مع ذلك في فصل النفقات المشتركة، وكذا في بعض الحسابات الخصوصية للخزينة، مشيرا إلى أن ميزانية الاستثمار تتسم بأهمية الاعتمادات المرحلة من سنة مالية إلى أخرى، وبنسبة إنجاز ضعيفة وجب العمل على تحسينها. وذكر التقرير أيضا أن الحسابات الخصوصية للخزينة تشكل جزءا هاما من ميزانية الدولة، حيث تساعد على تنفيذ توجهات الحكومة، وتشكل ما يفوق 20 في المائة من مجموع الميزانية. وخلص التقرير إلى أن بعض الحسابات الخصوصية للخزينة تسجل، بشكل هيكلي، أرصدة دائنة هامة، مما يطرح التساؤل حول مدى ملاءمة مداخيلها لحاجياتها الحقيقية، علما أن رصيد هذه الحسابات قد بلغ، خلال سنة 2017، حوالي 4,3 مليار درهم، في حين سجل رصيدها المتراكم القابل للترحيل من السنوات الفارطة ما يناهز 122,7 مليار درهم.