أفاد المجلس الأعلى للحسابات بأن تنفيذ ميزانية 2016 سجل عجزا قدره 40.6 مليار درهم، أي بمعدل 4.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مقابل 3.5 بالمائة التي كانت متوقعة في قانون المالية، وذلك حسب المعطيات الصادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية. وأضاف المجلس، في تقرير حول تنفيذ ميزانية سنة 2016 تناول على الخصوص نتائج تنفيذ هذه الميزانية والمداخيل والنفقات والصناديق الخصوصية للخزينة ومصالح الدولة المسيرة بطريقة مستقلة والمديونية العمومية، أن المداخيل العادية المحصلة حققت 218.9 مليار درهم، في حين بلغت النفقات ما مجموعه 263.8 مليار درهم. وأشار إلى أن توقعات قانون المالية لسنة 2016 حددت موارد إجمالية قدرها 364.8 مليار درهم وتكاليف بما مجموعه 388.9 مليار درهم، مسجلا أن قانون المالية لسنة 2016 يعد الأول الذي يتم اعتماده بعد صدور القانون التنظيمي المتعلق بقانون المالية رقم 13.130 بتاريخ 18 يونيو 2015 . وخلص المجلس الأعلى للحسابات من خلال تحليل تنفيذ الميزانية لسنة 2016، إلى أن تنفيذ الميزانية أسفر عن تحصيل مداخيل عادية تقل عن تلك المتوقعة بحوالي 3.2 مليار درهم، بسبب مجموعة من العوامل أهمها تحصيل مداخيل جبائية أقل من المتوقع بحوالي 2.1 مليار درهم، وبلوغ مجموع النفقات المتعلقة بالتسديدات والإرجاعات الضريبية المنجزة من قبل المديرية العامة للضرائب 9.4 مليار درهم، وتسجيل المداخيل غير الجبائية المحصلة لمبلغ أقل من التوقعات المدرجة في الميزانية، موضحا أن الفارق يعزى أساسا إلى الهبات المتعلقة بدعم الميزانية المقدمة من قبل بعض دول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغت هذه المداخيل 7.2 مليار درهم مقابل 13 مليار درهم متوقعة في الميزانية. كما تتمثل هذه العوامل في إنجاز النفقات العادية بمستويات تقل عن تقديرات الميزانية بمبلغ إجمالي قدره 11.1 مليار درهم، وتجاوز الرسوم الجمركية لتوقعات الميزانية بأكثر من 1.2 مليار درهم، وهو الأمر الذي يرجع بالأساس إلى المداخيل المستخلصة عقب عمليات المراقبة والمراجعة التي قامت بها إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والتي ضخت في الخزينة مبلغا إضافيا بلغ 2.8 مليار درهم، إضافة إلى تسجيل مداخيل بحوالي 12 مليار درهم ناتجة عن إجراءات المراقبة والتدقيق، التي قامت بها المديرية العامة للضرائب، مما تأتى معه تحصيل مداخيل إضافية وصلت إلى 15 مليار درهم، أي ما نسبته 7.9 بالمائة من إجمالي المداخيل الضريبية المستخلصة سنة 2016. ومن جهة أخرى، توقف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عند ضرورة تحسين جودة المعلومات المقدمة، موضحا أن مبلغ العجز الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية والمحدد في 40.6 مليار درهم، لا يتضمن كل الديون المستحقة على الدولة خلال سنة 2016 برسم الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات. وأضاف أنه يتم اعتبار المداخيل الإجمالية للضريبة على القيمة المضافة كما لو تم استيفاؤها بصفة نهائية، في حين أن الخزينة مطالبة بإرجاع جزء منها للفاعلين الاقتصاديين العاملين في بعض القطاعات الاقتصادية، مشيرا إلى أن مخزون دين الضريبة على القيمة المضافة ارتفع برسم سنة 2016 إلى 1.3 مليار درهم، مسجلا ما مجموعه 28.6 مليار درهم. وحسب المصدر ذاته، فإن «الديون المستحقة على الدولة لفائدة بعض المؤسسات والمقاولات العمومية غير تلك المتعلقة بدين الضريبة على القيمة المضافة، بلغت ما مجموعه 5.5 مليار درهم. وتهم هذه الديون ست مقاولات عمومية وهي المكتب الشريف للفوسفاط وشركة الطرق السيارة بالمغرب والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للسكك الحديدية والمكتب الوطني للمطارات وشركة الخطوط الملكية المغربية»، مضيفا أن هذه الديون تشمل الضريبة على الشركات والتزامات الدولة في إطار عقود البرامج وكذا بعض الخدمات ذات الطبيعة التجارية. بالإضافة إلى ذلك، يرى المجلس الأعلى للحسابات في تقريره أنه يتم من خلال المعطيات المتعلقة بتنفيذ الميزانية الأخذ بعين الاعتبار المبلغ الصافي للمداخيل الجبائية، أي بعد خصم الحصة المحولة إلي الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الدخل، «غير أن هذه المقاربة لا تسمح بالإلمام بالمستوى الحقيقي للضغط الضريبي». وفي ما يتعلق بإدراج نفقات الموظفين في تبويبات متعددة للميزانية، سجل تقرير المجلس أن نفقات الموظفين المدرجة في فصول ميزانية التسيير لا تتضمن مساهمات الدولة كمشغل في أنظمة التقاعد والاحتياط الاجتماعي، مما يصعب معه تحديد كلفتها الإجمالية الحقيقية، «حيث يتم إدراج النفقات المتعلقة بالموظفين في ميزانيات الوزارات وعلى مستوى الفصل المتعلق بالتكاليف المشتركة وكذا في بعض الحسابات الخصوصية للخزينة. كما أن تحديد الكتلة الإجمالية لأجور الموظفين يقتضي احتساب نفقات مستخدمي المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري والتي تتلقى إعانات من الدولة». لذا، ومن أجل تحديد الحجم الحقيقي لنفقات الموظفين، أكد المجلس أنه « ينبغي إعادة معالجة البيانات المتعلقة بهذه النفقات ويتعين تقديم معلومات إضافية عنها»، موضحا أنه بالاقتصار على النفقات المسجلة في فصول الميزانية العامة للدولة، فإن مجموع نفقات الموظفين البالغ 104.3 مليار درهم يعادل 56 بالمائة من نفقات التسيير و11 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، مبينا أن « بعد معالجة بيانات النفقات المتعلقة بالموظفين، بإدراج مساهمات الدولة في أنظمة التقاعد والاحتياط الاجتماعي وكذا إعانات التسيير الممنوحة للمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري الموجهة لتغطية تكاليف العاملين والأجراء، فإن عبء هذه النفقات سيبلغ مستويات أعلى، إذ ستصل نسبته إلى 64.3 بالمائة من نفقات التسيير و12.7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. وبخصوص نفقات الاستثمار، أبرز المجلس أنه يتم رصد مجهود استثمار الدولة على مستوى قانون المالية، أساسا في الميزانية العامة والحسابات الخصوصية وبنسبة أقل في ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، موضحا أنه يتم إدراج نفقات الاستثمار على مستوى الميزانية العامة في ميزانية كل قطاع وزاري لتمكينه من إنجاز سياسته القطاعية، إضافة إلى فصل النفقات المشتركة. ويؤدي تصنيف بعض النفقات المتعلقة بالسير العادي للمصالح الإدارية على أنها نفقات مخصصة للاستثمار، يضيف المصدر، إلى تضخيم حجم الإنجازات المتعلقة بالاستثمار، غير أن هذه النفقات لا تساهم حتما في تكوين رأس المال الثابت. وبالإضافة إلى ذلك، يرى المجلس أن توزيع نفقات الاستثمار بين مختلف مكونات الميزانية قد يؤدي إلى تشتت للمجهود الاستثماري، علما أن العديد من العمليات ذات طبيعة مماثلة أو متقاربة تدرج في فصول الاستثمار لميزانيات الوزارات وبالموازاة مع ذلك في فصل النفقات المشتركة وكذا بعض الحسابات الخصوصية للخزينة. من جهة أخرى، أوضح التقرير أن «إدراج بعض نفقات الاستثمار في فصل النفقات المشتركة عوض إدراجها في ميزانية الوزارة القطاعية المعنية قد يؤدي إلى حدوث تداخل لدى تقييم الجهود المبذولة من طرف مختلف المتدخلين، ومن شأن هذه الوضعية أن تنعكس على وتيرة عمل الوزارات وتؤدي إلى تقويض فعالية وسرعة تنفيذ بعض المشاريع العمومية»، مشيرا إلى أن ذلك ينطبق خصوصا على التحويلات المخصصة للمؤسسات والشركات العمومية للرفع من رأسمالها، وإعانات الاستثمار أو الالتزامات الناتجة عن عقود البرامج. تنضاف إلى ذلك، بحسب المصدر ذاته، صعوبة تقييم جهود الاستثمار المتعلقة بالحسابات الخصوصية للخزينة، «مع العلم أن هذه الأخيرة لازالت تتحمل بعض النفقات التي يمكن إدراجها في ميزانية الوزارات المعنية وذلك بالرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الاقتصاد والمالية لتجاوز هذه الوضعية».