ذكرت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف) أنه بسبب الجهل تتم تغذية الملايين من الرضع في العالم خلال الدقائق الأولى التي تعقب ولادتهم بالعسل أو بمياه محلاة بالسكر أو بغذاء اصطناعي مخصص للرضع. وحذرت المنظمتان في تقرير نُشر في جنيف من أن عدم إرضاع حديثي الولادة على الفور من ثديي الأم قد تكون له عواقب وخيمة على حياة الطفل. واعتبرت المنظمتان الإرضاع الفوري للطفل عقب الولادة تأمينا لحياة الرضيع خاصة في الدول الفقيرة. وبحسب البيانات فإن ثلاثة من بين كل خمسة رضع -78 مليون رضيع في العالم- لا يستفيدون من الرضاعة الفورية إثر الولادة. تجدر الإشارة إلى أن التقرير يستند إلى بيانات من دول يحصل أغلب سكانها على دخل منخفض أو متوسط، ولم يتضمن التقرير بيانات للمقارنة من دول في أوروبا أو أميركا الشمالية أو أستراليا. وأكد التقرير أهمية الإرضاع الفوري من ثديي الأم عقب الولادة، وأشار إلى أن الدراسات أظهرت أن خطورة الإصابة بعدوى أو مشكلات في التنفس تزداد لدى الرضع الذين لم يحصلوا على رضاعة طبيعية من ثديي الأم إثر الولادة مباشرة. وبحسب التقرير، فإن خطورة الوفاة ترتفع بسرعة بعد مرور ساعة واحدة على ولادة الطفل دون إرضاعه رضاعة طبيعية. وأوضح التقرير أن الأطفال الذين يرضعون لأول مرة بعد ولادتهم بيوم ترتفع لديهم خطورة الوفاة بمقدار يفوق الضعف مقارنة بالأطفال الذين تلقوا الرضاعة عقب ولادتهم مباشرة. وتشير الدراسات الطبية إلى أنه يمكن الحؤول دون حدوث 16 بالمئة من وفيات الأطفال حديثي الولادة بواسطة الرضاعة الطبيعية منذ اليوم الأول، وترتفع هذه النسبة إلى 22 بالمئة إذا بدأت الرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى التي تعقب الولادة. يقول مستشارو التغذية التابعون لليونيسف إنه خلال الشهرين الأولين من حياة الطفل، يحتمل أن يموت الطفل الذي يرضع حليبا اصطناعيا بمعدل ستة أضعاف أكثر من الطفل الذي يرضع رضاعة طبيعية بسبب الإصابة بأمراض الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الأخرى، وغالبا ما يكون ذلك بسبب تلوث المياه المستخدمة في مزج الحليب الاصطناعي. "يحتوي حليب الأمهات الذي يفرز بعد الولادة مباشرة على قدر كبير من المواد التي لا يمكن أن يوفرها أي حليب اصطناعي للأطفال"؛ فهو "يحتوي على قدر محدد من الكربوهيدرات والدهون والبروتينات التي تعتبر مثالية بالنسبة إلى حديثي الولادة، ويعد عامل الوقاية الذي ينطوي عليه حليب الأم فريدا من نوعه، وهو أول حصانة أساسية يحصل عليها الطفل في حياته". وأظهرت دراسة إسبانية سابقة أن الرضاعة الطبيعية لا تفيد الطفل فحسب، بل يمكن أن تفيد الأمهات أيضًا، وتساعدهن على تقليل الألم المزمن بعد الولادة القيصرية. أجرى الدراسة باحثون بمستشفى جامعي في مدينة إشبيلية بإسبانيا، ونشروا نتائجها أمام مؤتمر دولي للتخدير، جرى عقده في مدينة جنيف السويسرية. ولكشف العلاقة بين الرضاعة الطبيعية وتخفيف آلام الولادة القيصرية، تابع فريق البحث حالة 185 من السيدات اللاتي خضعن لولادة قيصرية بين عامي 2015 و2016. ووجد الباحثون أن الأمهات اللواتي يرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية مدة شهرين على الأقل بعد خضوعهن لعملية ولادة قيصرية، أقل عرضة للإصابة بألم في موضع الجراحة. وأثبتت النتائج أيضًا أن معدل الألم المزمن كان أعلى بثلاثة أضعاف بين الأمهات اللواتي يرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية على مدى فترة أقصر من شهرين. كما أثبتت دراسة بريطانية أن الاتصال المباشر والالتصاق بين الأمّ والطفل خلال الساعة الأولى التي تعقب الولادة يجعلان الأمّ ترضع ولدها طبيعيّا على مدى الأشهرٍ الستة التي تلي الولادة. يقول الخبراء إن هذا الأمر يخلق رابطا قويّا بين الأم وطفلها عندما يُوضع المولود الجديد فورا على بطنها أو على صدرها. وبحسب صحيفة "دايلي ميل" يُسهّل ذلك عمليّة الرضاعة الطبيعية منذ اللحظات الأولى، لأن الطفل يتعلّم بسرعة كيف يحصل على الطعام. وأظهرت نتائج الدراسة أن الأم التي تحمل طفلها فور ولادته تُرضعه 64 يومًا إضافيّا مقارنة بالأم التي ينفصل طفلها عنها ويوضع في سريرٍ أو في الحاضنة، لأن بعد الساعة الأولى التي تعقب الولادة تنخفض نسبة هرمونات التوتر لدى الطفل ويشعر بالنعاس الشديد. ويحسّ الرضع الذين يختبرون ذلك بتوتّرٍ أقلّ كما تُصبح معدلات دقات القلب ومعدلات التنفس لديهم أكثر استقرارا. وذكرت المسؤولة عن الدراسة أنّ العديد من الأمهات لا يرضعن أطفالهنّ لأن الطفل لا ينجح في تعلّم طريقة الرّضْع. وقالت معدة الدراسة من جامعة "فاندربيلت" الأميركية إليزابيث مور إن "الأطفال الذين يكونون على اتصال بأمهاتهم بعد ساعة من الولادة هم أقل عرضة للإجهاد والإصابة بعدم انتظام دقات القلب، ويكون معدل التنفس لديهم أكثر استقراراً". وتابعت "بعد الساعة الأولى أو الثانية من الولادة، تشرع هرمونات الإجهاد لدى الطفل في الانحسار ويشعر بالنعاس ويكون أكثر قدرة على تقبل الرضاعة الطبيعية". ولفتت إلى أن معدلات الرضاعة الطبيعية في بريطانيا هي الأسوأ في العالم، إذ أن طفلاً واحداً من بين 200 آخرين يستطيع أن يرضع بشكل طبيعي حتى عمر السنة. وخلص الباحثون بعد دراسة شملت أكثر من ثلاثة آلاف امرأة وأطفالهن في 21 دولة، إلى أن النساء اللواتي يتواصلن مع أطفالهن بعد الولادة بساعة كن قادرات على الإرضاع بشكل طبيعي مدة شهر واحد بعد الخروج من المستشفى، إلا أن 50 بالمئة منهن كن قادرات على الإرضاع حتى يبلغ أطفالهن سنّ الستة أشهر. وأوضح الأطباء أن وضع الطفل على صدر الأم مباشرة بعد الولادة، يساعده على تمييز رائحة الأم وبالتالي يساعده على الرضاعة بسهولة.