حقيقة ما جرى بمستشفى ابن سينا! كل الاتهامات ضدي مجرد افتراءات وهذه روايتي لتنوير الرأي العام لم يستطع البروفيسور وجيه المعزوزي إخفاء تأثره البالغ من الحملة التي يتعرض لها منذ أزيد من شهرين، والتي انتهت بإعفائه من مهامه كرئيس لمصلحة القلب والشرايين بمستشفى ابن سينا بالرباط. ونأى بنفسه عن الدخول في «حرب كلامية» وتبادل الاتهامات التي لا طائل منها. واختار أسلوبا بيداغوجيا لدحض ما يسميه «الادعاءات والافتراءات التي تصل إلى حد السب والشتم» التي يكيلها إليه مناوئوه. وفتح قلبه لبيان اليوم من أجل رواية حقيقة ما جرى بمصلحة القلب والشرايين. ويبدو بوضوح أن المعركة حامية الوطيس بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، أكبر وأقدم مؤسسة استشفائية بالمغرب، لن تضع أوزارها في القريب العاجل، كما قد يتهيأ للبعض، ولن تنتهي بإعفاء رئيس مصلحة أمراض القلب والشرايين من مهامه، ما دامت الشرطة القضائية تكلفت بأمر التحقيق والتحري في الاتهامات والتجاوزات التي يدعي هذا الطرف أو ذاك وجودها بالمصلحة، والتوصل إلى المتورطين فيها. تأثر واحد من أشهر جراحي القلب بالمغرب ليس نابعا من الندم عن فقدان منصب كان يشغله إلى حدود 22 من دجنبر الماضي، فالذين يقفون وراء الحملة ووراء القرار يستهدفونه شخصيا، حسب ما صرح به لبيان اليوم، مضيفا أنهم أدرى أن لا واحد منهم يتوفر على نفس المؤهلات والكفاءة التي يتمتع بها، ولا أحد منهم تضاهي سمعته السمعة التي يحظى بها، إن على الصعيد الوطني أو الدولي، باعتراف العديد من مراكز البحث والمنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأممالمتحدة، على حد قوله. غير أن كل واحد منهم مدفوع بحسابات شخصية أو مهنية يستغل الفرصة لتصفيتها. وحسب البروفيسور وجيه المعزوزي، فإن الأمور تطورت بشكل سريع فيما بين نونبر ودجنبر من السنة الماضية، حين كان في زيارة رسمية إلى مقر منظمة حلف الشمال الأطلسي ببروكسيل، ليجد الأقاويل حول وجود اختلالات في تسيير المصلحة ذهبت إلى حد اتهامه بالتورط في اختلاسات قد تكون المصلحة عرفتها خلال فترة تدبيره. وبسرعة اتضح أن هناك جهات تقف وراء تلك الاتهامات التي تستهدفه شخصيا، اختارت توقيت غيابه لتنحيته من منصبه. ويستطرد وجيه المعزوزي في كلامه بدفع ما يعتبره «اتهامات مغرضة في حقه»، مستغربا كيف يمكن السكوت على الاختلالات على مدى أزيد من 25 سنة من الممارسة. وأوضح أن مصلحة القلب والشرايين عرفت مرحلتين: الأولى ما قبل سنة 2008 التي كانت المصلحة تعمل فيها بوسائلها الذاتية. خلال هذه الفترة يطلب فيها من المرضى اقتناء المعدات والتجهيزات الضرورية لخضوعهم للعمليات الجراحية على القلب. أما المرحلة الثانية فكانت خلال الفترة ما بين 2008 ويونيو 2010، والتي كانت إدارة المستشفى هي التي تتكلف بالمرضى، ولم تكن مهمة مصلحة أمراض القلب والشرايين التي يشرف عليها البروفسور المعزوزي تتجاوز منح المريض شهادة بالمعدات التي يحتاجها. وقال المعزوزي إنه إذا كان من مؤاخذة توجه إليه، فالأجدى أن توجه إلى إدارة المستشفى، لأنها هي التي تشرف على توجيه المرضى لاقتناء المعدات طوال الفترة الممتدة ما بين 2008 إلى غاية 2010 وهي التي تعرف أين يتوجه هؤلاء المرضى لاقتنائها. الأكثر من ذلك يضيف المعزوزي، بعد نفاذ المخزون طلبت إدارة المستشفى من المصلحة العودة إلى النظام المعمول به قبل 2008 «ورفضنا ذلك، رغم أننا كنا متيقنين أن ذلك سيزيد من التكاليف على المرضى». وحول الاتهامات المتعلقة بتوجيهه المرضى، من قبل، نحو إحدى الشركات لاقتناء بعض المعدات، أكد البروفيسور المعزوزي أن الأمر يتعلق بمنتوج من اختراعه، وليس بأي منتوج آخر. وشدد المعزوزي على أن القول بأن المصلحة عرفت اختلالات في التدبير واكتشاف مخزون من المعدات يصل إلى حوالي 7 ملايين درهم، جزء منه منتهي الصلاحية، «أمر مردود على أصحابه»، الذين يعرفون جيدا أن هذا المخزون قليل جدا بالمقارنة مع تتوفر عليه مصالح مماثلة في أكبر المستشفيات، من أجل مواجهة الحالات الطارئة. ويرد البروفيسور المعزوزي على وجود خمس حالات من اقتناء المعدات من إحدى الشركات، وإعادة تداولها من جديد في البيع بنفس أرقامها التعريفية، بالقول إن إدارة المستشفى هي التي اتفقت مع تلك الشركة، بعد نفاذ المخزون، بتزويدها بالمعدات اللازمة، إلا أن الشركة لم تكن تتوفر على المنتوج واقترحت على المستشفى عوض ذلك أن تزوده بمنتوجين يستعمل أحدهما، فيما يعاد الثاني إلى الشركة، وبالتالي فإنه من الطبيعي، حسب الاتفاق بين إدارة المستشفى والشركة أنه كلما أعيد أحد المنتوجين، حسب الاتفاق، إلا وعاد من جديد مع المنتوج الآخر للاستعمال. وبالتالي فإن الحديث عن إعادة التداول غير صحيحة. وإذا كان من حسنة تحسب لإدارة مستشفى ابن سينا، يقول البروفسور المعزوزي، فهي أنها خفضت عدد المرضى المعالجين بالمصلحة إلى 170 مريضا سنويا، بعدما كان عددهم يصل إلى 500 مريض في السنة قبل سنة 2008، والأدهى من هذا أن ما تتحجج به الإدارة من تخفيض تكاليف العلاج لا يستقيم مع واقع الحال. فالتكلفة المعتمدة من قبل لم تكن تتجاوز 45 ألف درهم على أقصى تقدير، مع وجود عدد كبير من المحسنين الذين يتكلفون بمصاريف علاج المرضى المعوزين، وأصبحت الآن تتجاوز 63 ألف درهم دون حساب قيمة 5000 درهم التي يدفعها المريض لإدارة المستشفى، وأحيانا لا يسلم للمرضى وصل مقابل ذلك في بعض الحالات. ويستغرب كيف أن إدارة المستشفى تسترت على اكتشاف حوالي 40 من المعدات المتعلقة بمرض القلب في الصيدلية الرئيسية، في الوقت الذي نفذ فيه مخزونها، وهي صالحة للاستعمال، دون أن تكلف نفسها عناء منحها للمرضى المعوزين، إذا كانت نيتها صحيحة لخدمة هؤلاء. واستعملت هذا الاكتشاف كورقة ضغط وابتزاز لحشد التأييد لحملتها الشنيعة ضده. وللبروفيسور المعزوزي تفسير واضح لما يتعرض له من حملة تستهدفه، وهو الطبيب الجراح والأستاذ بكلية الطب، وله العديد من المؤلفات العلمية والاختراعات في مجاله، مفاده أن من يقفون وراء الحملة، يتوارون خلف حسابات شخصية ومهنية يريدون تصفيتها بتلك «الطريقة المهينة». ولم يكن يتصور أبدا أن يتعرض للإهانة بمثل «التعابير غير الأخلاقية» التي تكال له. وقد تفوق البروفيسور المعزوزي على مناوئيه، على الأقل، في عدم ذكر أسمائهم، لا لخوف منه وإنما لاعتبارات أخلاقية، وتفوق أيضا في تعزيز أقواله بالوثائق الثبوتية، وتفوق أخيرا في أن كل المنجزات التي حققها وراكمها نابعة من إيمانه بأنه يؤدي واجبه بكل إخلاص، مقابل ما يتقاضاه، ولا يسعى إلى الربح على حساب المعوزين والفقراء.