حصلت «المساء» على رواية جديدة في قضية البروفيسور وجيه المعزوزي، الذي أعفي من مهام رئيس أكبر مصلحة لأمراض القلب والشرايين في المغرب بالمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط، بسبب توفر دلائل على «وجود اختلالات بهذه المصلحة». وتشير هذه المعطيات الجديدة إلى أن الأمر يتعلق بمؤامرة قادها منذ صيف العام الماضي الثلاثي وزيرة الصحة ياسمينة بادو، وياسر السفياني مدير مستشفى ابن سينا، ومحمد بنعمر الطبيب المتخصص في أمراض القلب والشرايين والرئيس السابق للعصبة الوطنية لمقاومة أمراض القلب والشرايين. و قد انخرطت في هذه «المؤامرة» القناة التلفزية الثانية «دوزيم»، التي انحازت إلى طرف على حساب طرف آخر. وسبب هذه المؤامرة هو إقدام عدد من الأساتذة والدكاترة المرموقين على رفع ملتمس إلى وزيرة الصحة ياسمينة بادو يقضي بإنهاء مهمة ياسر السفياني على رأس المستشفى بسبب «الشك في نزاهته»، واقترحوا مكانه البروفيسور وجيه المعزوزي، ليس فقط «لكفاءته العلمية ولكن أيضا لاستقامته ونزاهته». وتشير نفس المصادر إلى أن ياسر السفياني خاف من ضياع منصبه، فقام بجميع المحاولات لدى الوزيرة الوصية على القطاع من أجل الحؤول دون إقالته وتعيين وجيه المعزوزي مكانه. أولى المحاولات التي قام بها ياسر السفياني كانت ليلة 18 يونيو الماضي، عندما دخل مصلحة أمراض القلب والشرايين على الساعة العاشرة مساء، وأمر الطبيبة المكلفة بالمداومة ابتسام فكري بفتح المصلحة من أجل استقبال مريض، مع معرفته بأنه يخرق المسطرة الإدارية المتبعة في هذا المجال، إذ يتعين في هذا الصدد الحصول على موافقة رئيس المصلحة. ورفضت الدكتورة ابتسام فكري الامتثال لقرار رئيس المستشفى، الذي حاول الدخول عنوة إلى المصلحة، فاختطف الهاتف المحمول لابتسام فكري لمنعها من الاتصال بوجيه المعزوزي، الذي له وحده الصلاحية قانونا لتسيير هذه المصلحة أو نائبه، كما هددها بوقف مسارها المهني. وتشير الرواية الجديدة إلى أن ابتسام فكري وجهت رسالة إلى ياسمينة بادو بتاريخ 12 يوليوز الماضي، تروي فيها ما وقع بالتفصيل، بما في ذلك «الحالة غير العادية» التي كان عليها حينها ياسر السفياني. غير أنه تبين فيما بعد أن الغاية من كل هذه الجلبة، التي أحدثها ياسر السفياني في تلك الليلة، حسب المعطيات الجديدة، لم تكن إلا إظهار أن المصلحة لا تسير بالطريقة اللائقة، وبالتالي توجيه الاتهام مباشرة إلى البروفيسور وجيه المعزوزي. غير أن وثيقة داخلية لوزارة الصحة بتاريخ شتنبر 2010، تشير إلى أن وجيه المعزوزي ما فتئ يحذر من الوضعية الصعبة التي توجد عليها المصلحة، خاصة فيما يتعلق بالموارد المادية والبشرية، فضلا عن أن الميزانية هي بيد مدير المستشفى ولا دخل لرئيس المصلحة فيها. وتضيف الوثيقة الداخلية «التي لا يُرغب في أن يظهر لها أثر»، أن كل العاملين في المصلحة من أطباء وممرضين، يعملون «بروح الفريق»، و«بتفان لا حد له»، وبأن المصلحة بالرغم من أنها لا تتوفر على كافة الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لاشتغالها، فإنها تستمر في العمل بفضل الدعم الذي تتلقاه من الجمعيات العاملة في هذا المجال ومن الهلال الأحمر المغربي. لم يرغب وجيه المعزوزي في تبادل التهم عبر وسائل الإعلام، بل اختار طريق القضاء. إذ وضع شكايتين أمام المحكمة الإدارية بالرباط، الأولى تطالب بإلغاء قرار وزيرة الصحة القاضي بتوقيفه، والثانية ضد الوزير الأول عباس الفاسي ووزيرة الصحة ياسمينة بادو ومدير المستشفى ياسر السفياني من أجل الشطط في استعمال السلطة وخرق المساطر الإدارية. غير أن المثير في الأمر هو بطء التحقيق، الذي تقوده الشرطة القضائية والتحقيق الداخلي، في حين كانت الحملة التشهيرية، التي استهدفت المعزوزي أكثر سرعة عبر وسائل الإعلام، وخاصة القناة التلفزية الثانية العمومية «دوزيم»، التي «سمحت لنفسها باتهام البروفيسور في الوقت الذي لم ينته التحقيق بعد»، فضلا عن «عدم منح وجيه المعزوزي فرصة للكلام والدفاع عن نفسه، في حين منحت لغريمه ياسر السفياني بضع دقائق من أجل التعبير عن وجهة نظره على القناة». وأشارت مصادر مطلعة إلى أن السر في ذلك يكمن في الاتصال الذي أجرته ياسمينة بادو مع مديرة الأخبار بالقناة الثانية سميرة سيطايل بهذا الخصوص من أجل منح ياسر السفياني المقرب من الوزيرة الاستقلالية فرصة لمهاجمة خصمه. وتحدث ياسر السفياني في القناة الثانية عن «الاختلالات الخطيرة» التي تعرفها مصلحة أمراض القلب والشرايين، غير أن محضر اجتماع عقد يوم 20 أكتوبر 2010، حضره رئيس المستشفى نفسه، والمستخدمون، ورئيس المصلحة وجيه المعزوزي، يشير إلى أن ياسر السفياني قال إن وجيه المعزوزي يتوفر على مصلحة «ذات تنظيم عال». يشار إلى أن النقابة الوطنية للتعليم العالي (قطاع كلية الطب والصيدلة بالرباط) أصدر بيانا يدافع فيه عن وجيه المعزوزي ويوجه الاتهام مباشرة إلى السفياني عن «الاختلالات الخطيرة» التي تعرفها مستشفى ابن سينا بالرباط، إلا أنه لا أحد اهتم بهذا البيان الصادر عن نخبة من خيرة الأطباء وأساتذة الطب بالرباط، لأنه، حسب المصادر ذاتها ، «يتهم السفياني المقرب من بادو، ولا يتهم المعزوزي». وتشير المعطيات الجديدة إلى أن المستخدم بالمصلحة، الذي اتهم ب«اختلاس أموال»، تعرض لضغوطات من أجل، يورط البروفيسور وجيه المعزوزي في هذا الملف.