حاول مصطفى الخلفي الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، دحض بعض المقولات التي ارتبطت بالتطور الدستوري المغربي، وأدت، في نظره إلى بناء صورة غير سلمية على الواقع الدستوري ببلادنا. ومن بين هذه المقاولات التي حاول الوزير تفكيكها، خلال الندوة الدولية التي نظمتها أكاديمية المملكة، بشراكة مع الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، حول موضوع "التطور الدستوري بالمغرب.. الجذور التاريخية والتجليات الراهنة والرهانات المستقبلية"، والتي قال عنها إنها "تمثل عائقا أمام الفهم السليم للنظام الدستوري لبلدنا" القول بأن تطور الدستور المغربي هو تطور شكلاني، ومخالف للممارسة الفعلية لصناعة القرار العمومي والسياسات العمومية، مؤكدا على أن واقع الأمر يدحض ذلك، بدليل قرارات القضاء الدستوري المتعلقة بمدى دستورية العديد من القوانين التنظيمية، والتي تبرز حاكمية مرجعية الدستور في تأطير القرار العمومي. وذهب مصطفى الخلفي، في مداخلته، إلى اعتبار المقولة التي ترى بأن التراكم الدستوري مجرد استنساخ للاجتهادات الدستورية الأجنبية، "حكم قيمة غير مؤسس على المعطيات الملموسة للتطور الدستوري،" مستدلا، لنقض هذه المقولة، بالمقاربة التشاركية التي تم اعتمادها مع مختلف القوى السياسية والمدنية، وبجلسات المدارسة والإنصات التي أفرزت دستور 2011. كما أن القول بأن التطور الدستوري المغربي تم بمعزل عن حركة الواقع، ولا يجيب عن الأسئلة والإشكالات الواقعية ولا يقدم حلولا لها، هو كلام غير مسنود في نظر الوزير مصطفى الخلفي، بدليل أن العديد من القضايا الكبرى ذات الصلة ببناء الدولة وعلاقتها بالمجتمع لم تجد طريقها إلى الحل إلا عبر الوثيقة الدستورية. وعكس بعض الخطابات التي تروج بأن البناء الدستوري هو بناء فوقي معزول عن المنظومة التشريعية القانونية، تطرق الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني إلى المجهود الجماعي الذي أفضى إلى اعتماد ما يفوق 20 قانونا تنظيميا ومثله من القوانين العادية، والبدء في إرساء عدد من المؤسسات الدستورية، كالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمحكمة الدستورية، والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تبعا للقوانين الجديدة. وخلص المسؤول الحكومي إلى أن جذور الفكر الدستوري في المغرب تمتد لقرون وليس فقط، لبداية القرن الماضي، كما تذهب إلى ذلك بعض الكتابات والأبحاث التي تربط الدستور بسنة 1908، مشيرا إلى أن البناء الدستوري للمغرب تطور وحافظ على استقلاله طيلة محطات تاريخية نتجت عن اجتهادات عدد من العلماء تفاعلوا مع تطور الدولة والمجتمع. وقال الخلفي "إن دستور 2011 شكل نهاية لمسار ونقطة لبداية مسار سياسي جديد، برزت إرهاصاته مع إعلان المفهوم الجديد للسلطة في بداية عهد جلالة الملك محمد السادس، ثم مع الاعتراف بالأمازيغية لغة وثقافة وتاريخا، واعتماد مدونة الأسرة، ثم إطلاق مسلسل الإنصاف والمصالحة، وتعزيز التعددية السياسية ببلادنا وانفتاحها على المكونات السياسية للمجتمع، ثم بعد ذلك إطلاق مسار إصلاح قضائي، كما تم تتويج كل ذلك في منظومة الدستور الجديد وما أتاحته من انطلاق مسار لإصلاح عميق للدولة ولعلاقتها مع المجتمع".