هذه أطروحة دكتوراه في العلوم الاجتماعية بجامعة وارويك البريطانية. وهي دراسة تحليلية للحركة النسائية في بريطانيا وتركيا، تحدد فترتها الزمنية في عشر سنوات، ما بين عامي1990 2010. وتحصرها في ما نشرته المجلات النسائية البريطانية والتركية من مقالات اجتماعية واقتصادية وثقافية وإشهارية. وتتبنى هذه الرسالة الجامعية منهجية التقابل والمقارنة بين الدراسات الميدانية في معالجة دينامية التواصل والتفاعل الحاصلين بين الرؤية النسوية والتيار المستهلك، أو المصالح التجارية التي تُحَفِّز المرأة على تحقيقها، ودراسة العلاقة بين مفاهيم الأنوثة في الصحافة النسائية الحديثة العهد، فهناك من يعتبرها شخصية منتجة، مثل شقيقها الرجل، وهناك من يعتبرها مستهلكة للمنتوجات التجارية، ومنشطا حيويا لها. وتكمن أهمية الأطروحة في تحليل الخلفيات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، وكذا الثقافة الشعبية، التي تجعل الكتاب يستعملون العنصر النسائي في أي كتابة لهم، ويعدون المرأة محركا فعالا لما يبدعونه، بل إن كتاب الأشرطة السينمائية، والمسرحية والأغنية، مثلا، يتعمدون توظيف المرأة في نصوصهم، وبإيعاز من المنتجين والمخرجين، توظيفا جنسيا، يدغدغ أحاسيس المشاهد، لترويج منتوجهم الفني. وإن كان البعض منهم، استغنى عنها، وعوّضها بالمغامرة والمخاطرة والتحدي..! وتنقسم الأطروحة إلى ثلاثة فصول : في الأول، تناقش تطور الحركات النسائية في سياقات تاريخية وثقافية مختلفة في بريطانيا وتركيا من خلال التركيز على النقاشات النسوية الحالية. في الثاني، دور مجلات المرأة، كشكل من أشكال الثقافة المتنوعة، سواء من ناحية محتوياتها أو رواجها التجاري في السوق. كما تناقش حركة السوق في هذين البلدين، أي مدى إقبال المرأة على قراءة مجلاتها، والاستفادة منها، والوسائل التي ساعدتها على النمو، بالتزامن مع تطور الحركات النسائية على مدى العقدين الماضيين. ويتناول دور المحررين في إدراك فهم معاصر لمصطلح الأنوثة للاستهلاك الجماهيري. فالمرأة اليوم، ليست هي المرأة أمس، لأن تحررها من العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية، جعلها منافسة للرجل في العمل والتسوق والتجول، والمسؤولية بصفة عامة…! الفصل الأخير، يورد الموضوعات الشائعة التي تهم الثقافة النسوية، معتمدا على مقارنة المجلات التركية والبريطانية النسائية، وتأثير الخطابات الشعبية والتجارية، بدرجة أولى. ويرى أن مجلات المرأة التركية توفر متنفسا لصوتها، الذي يترجم رغباتها المُلحة في التحرر، وتمكينها من تحقيق شخصيتها في المشهد التركي العام، في كافة النواحي الحيوية، كالتعليم والعمل والمساهمة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية…بينما المجلات البريطانية، حاولت أن توفق بين طموحات المرأة وحضور السلع. خصوصا، تلك التي تقربها من الرجل، كأدوات الزينة والتجميل، وعلاج التشوهات، وتصميم الملابس الجذابة، والحفاظ على الرشاقة، وسبل التواصل، وتحقيق الرغبات الجنسية، بدل إقامة الأسرة، وتربية الأطفال…! لا يعني هذا التحليل، أن المرأة البريطانية أقلُّ شأنا من التركية، فمن الطبيعي أن الأولى بذلتْ جهودا لإثبات حقوقها، منذ بداية القرن الماضي، واقتحمتْ كلَّ المجالات التي كانتْ تقتصر على الرجل، ولم تعدْ تفكر في تعليم أو عمل أو حقوق اجتماعية، فكل ذلك تحقق لها. فتحوّلتْ إلى تلبية نزوعاتها الذاتية، وممارسة نشاطاتها الشخصية، دون أن يفرض عليها المجتمع الذكوري شروطا، تقيد حركاتها، وتوجهها الوجهةَ التي يبتغيها، ويرسمها لها!