عرف ملف المتهم توفيق بوعشرين، مؤسس " أخبار اليوم"، المتابع من أجل جنايات الاتجار في البشر، في الجلسة الثامنة عشر، المنعقدة، ليلة أول أمس الخميس، تطورات مفاجئة، تمثلت في سحب ثلاثة أعضاء من هيئة دفاع المتهم نيابتهم عنه، ويتعلق الأمر بالنقيب عبد اللطيف بوعشرين، والمحاميين سعد السهلي، وعبد المولى لمروي، لأسباب متعددة ولقناعات مختلفة، قبل أن يلتحق بهم أربعة آخرون ليتحول عدد المحامين المنسحبين إلى سبعة. فيما لم ينسحب النقيب محمد زيان ومحامون آخرون. وفي الوقت الذي برر فيه المحامون الأربعة انسحابهم من المحاكمة، حسب تصريحاتهم للصحافة، بما أسموه " الخروقات الخروقات الفاضحة التي شهدتها المحاكمة منذ انطلاقها، وبلغت مداها في الأسبوع الأخير، بعد وضع الصحافية أمال الهواري تحت الحراسة النظرية مباشرة بعد انتهاء جلسة الخميس الأخير، بالإضافة إلى وضع نجلي المحامي محمد زيان، عضو هيأة دفاع بوعشرين، أمس الجمعة تحت الحراسة النظرية، والاستماع إلى زوجته لساعات طوال"، اعتبر النقيب عبد اللطيف بوعشرين، أن وضعه الصحي لم يعد يسمح له بإتمام أطوار هذه المحاكمة"، ولأسباب شخصية، وجد نفسه مضطرا لتقديم ملتمس لرئاسة الهيئة، مفاده تناسل قضايا فرعية لها صلة مباشرة بالقضية الجوهرية لموكله بوعشرين، وهو ما يشكل في نظره تناسلا سلبيا، ناهيك عن ما ميز العلاقة بين الزملاء في هيئتي دفاعي المتهم والمطالبات بالحق المدني، من مشاداة وتوتر، أفقدها الارتقاء بمهنة الدفاع وإشعاعه، وسجلت تراجعا كبيرا للمهنة. وقال، في تصريحات للصحافة، أنه لهذه الأسباب، سحب نيابتيه من الملف، مؤكدا، أن الأمر ليس تخاذلا أو تخليا عن موكله، بل لأنه لا يمكن أن يخسر رصيده المهني لأكثر من أربعة عقود في هذا الملف ولا يمكن له بالتالي الاستمرار بعد كل هذه الأشكال الماسة بالمهنة، بصفته نقيبا ورئيسا سابقا لجمعية المحامين العرب، موضحا أنه لا يمكنه أنه يكون شاهدا على تدني المهنة، ولا يقم بفرملة كل السلوكات والممارسات الماسة بالمحاماة. وأضاف " لا يمكنني، وأنا في أرذل العمر، أن أخسر سمعتي المهنية والأخلاقية في هذا الملف، لم أجد في هذا الملف أجواء تليق بمقام المهنة، ولم أجد نفسي ضمن فريق يحقق المكتسب بل فريقا يحقق التراجعات، فكان لزاماعلي أن أقف، لأن الهاجس والحس المهني يقتضي مني وقفة تأمل ومراجعة الذات". هذا، وقد خلف قرار انسحاب النقيب بوعشرين، أسفا عميقا في نفوس الجميع، بدءا برئاسة المحكمة وممثل النيابة العامة ودفاعي الطرفين، بل إن بعض زملاءه أذرفوا الدموع، لما كان يتميز به النقيب من خصال حميدة في الدفاع عن المهنة، حيث ظل طيلة هذه المحاكمة يتدخل لإصلاح ذات البين بين الزملاء، إلا أنه تعب، على حد تعبير المحامي الهيني، فقرر الانسحاب لفائدة المهنة ولتاريخه الحافل بالإنجازات والمواقف. وفي تعقيب له على هذا الانسحاب الجماعي، قال المحامي لحبيب حجي عن دفاع الضحايا، إن الانسحاب الجماعي لبعض أعضاء دفاع المتهم بوعشرين هو إعلان صريح عن فشل استراتيجية ادارة دفاع المتهم للدفاع عنه. وأضاف المحامي حجي، في تصريح للصحافة، تعقيبا على قرار انسحاب المحامين، أن جزءا من هيئة الدفاع عن بوعشرين كان يعرقل المحاكمة علنيا بتصريحات وتدخلات لا تتعلق بالمحاكمة، في حين أن دورهم هو مساعدة القضاء للوصول للحقيقة للعدالة وليس عرقلة المحكمة وتحقيق العدالة. هذا، وقررت المحكمة، بعد هذه الانسحابات، تأجيل الملف إلى يوم الأربعاء المقبل للاستماع إلى الشهود.