الأوضاع الدولية: النيوليبرالية تهدد مستقبل العالم بقلم: احمد زكي إن الأوضاع الدولية الحالية وليدة التقلبات الناتجة عن المنظومة الاشتراكية المرتبكة بالاتحاد السوفياتي تتميز بالتصعيد العدواني للإدارة الأمريكية عبر الحرب على أفغانستان واحتلال العراق وتدميره والمساندة المطلقة لإسرائيل ضدا عن حقوق الشعب الفلسطيني. وتعمل الولاياتالمتحدةالأمريكية باستمرار على محاولة تجميد عمل منظمة الأممالمتحدة من خلال سلوكها الأحادي الهادف إلى فرض سيطرتها على العالم وعلى الدول الغير موالية لها كما هو الشأن بالنسبة لكوريا الشمالية، وإيران، وفينزيولا، وكوبا وروسيا. وهذا السلوك يجسد خطرا حقيقيا على السلم العالمي ويوسع بؤر التوتر خصوصا أنه يلاحظ حاليا عودة قوية لنفوذ المركب العسكري الصناعي مع مجيء إدارة "ترامب" حيث الدفع في اتجاه الرفع المستمر لتسليح الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها. على الصعيد الاقتصادي، ورغم تداعيات أزمة الرأسمالية المالية التي اندلعت سنة 2008 بالولاياتالمتحدةالأمريكية والتي كان لها انعكاسات سلبية على النماء عبر العالم، فإن علاقات التبادل على الصعيد الدولي بقيت تمارس تحت هيمنة القوى العظمى التاريخية (أمريكا، الاتحاد الأوروبي) بواسطة أدوات التدخل العالمية (صندوق النقد الدولي – البنك العالمي – المنظمة العالمية للتجارة) وذلك على حساب الدول النامية. وهكذا، فإن القوى العظمى سالفة الذكر تعتمد على الشركات متعددة الجنسيات والعابرة للبلدان لفرض توجهاتها الاقتصادية والاجتماعية بموازاة تحطيم النسيج الاقتصادي المحلي لفرض منتوجاتها وخدماتها، مساهمة بذلك في اضمحلال الصناعات المحلية والفلاحة النفعية وبالمقابل في ارتفاع وثيرة الهجرة القروية والبطالة بالمراكز الحضرية وظاهرة الهجرة السرية العابرة للبلدان والقارات. والملاحظ أن العولمة المفروضة من طرف القوى العظمى تؤكد الهيمنة البينة للنظام الرأسمالي الليبرالي المالي الذي يعتمد في جوهره على البحث عن الربح السريع والمرتفع باستمرار أينما وجد، وذلك من خلال تحطيم كل الحدود المنتظر منها أن تحمي البلدان السائرة في طريق النمو بإفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا. وهذا ما أدى إلى رد فعل بعض الدول الصاعدة في محاولتها فرملة هذا الهجوم الذي تتزعمه "منظومة السبعة (G7)" وذلك من خلال تحالف ما يعرف ب "بريكس" (البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب إفريقيا)، هذا التحالف الذي يعمل على تعدد القطبية في مواجهة أحادية القطبية الأمريكي وعلى توسيع التعاون الاقتصادي بين أعضائه ويسعى مؤخرا إلى نوع من التنسيق السياسي انطلاقا من الشعار الذي يرفعه وهو "التعاون الذي يرضي جميع أعضائه". وهناك تفكير في توسيع هذا التحالف إلى دول أخرى من بينها الباكستان، الفليبين، نيجريا، البنغلاديش. وللتذكير فإن ساكنة مجموعة "بريكس" تمثل نصف ساكنة العالم وأن ناتجها الداخلي الخام يصل إلى 35 من الناتج الداخلي العالمي، زيادة على أنها مكون أساسي لمجموعة G20 حيث تحاول العمل على الحد من نفوذ الولاياتالمتحدةالأمريكية. غير أن هذا التحالف يبقى في نطاق اقتصاد السوق الليبرالي ويتعامل على أساسها مع البلدان النامية. وفي إطار هذه العولمة الكاسحة، فإن البلدان النامية تلعب دور أداة الضغط بين أيدي المقاولات الصناعية بالبلدان الرأسمالية المنظومة تجاه طبقتهم العاملة ونقاباتهم لكسر شوكتها المطلبية فيما يتعلق بالأجور والمكتسبات الاجتماعية من خلال سياسة تنقيل وحدات الإنتاج نحو بلدان أقل تكلفة للإنتاج (délocalisation). بل إن حكومات دول الرأسمال المالي ترتكز على ظاهرة المنافسة لخفض تكلفة الإنتاج عبر الإجهاز على حقوق الشغيلة بفرض سياسة المرونة للتسريح وتقليص النفقات الاجتماعية للمرفق العمومي من تعليم وصحة ونقل وثقافة وفتح المجال أمام القطاع الخاص لاستغلالها.. وفي المقابل فإنها ترفع من ميزانية التسلح كما هو الشأن بالنسبة لدول أعضاء الحلف الأطلسي التي تعتزم رفعها إلى 2% في أفق 2022، بطلب ملح من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية المزود الرئيسي للأسلحة بالنسبة لدول الحلف الأطلسي. وهناك موضوع يجسد أكبر خطر على مستقبل البشرية جمعاء ألا وهو الاضطراب المناخي الناتج عن الانحباس الحراري للكوكب الأرضي جراء انبعاث أوكسيد الكاربون المنبثق عن استعمال الطاقات الأحفورية من فحم ونفط وغاز طبيعي. لقد دقت "الكوب 21" ناقوس الخطر فيما يتعلق بالارتفاع الحراري المسجل حاليا بصفة علمية والذي من المترقب أن يؤدي إلى زيادة 3 درجات في أفق 2100 وقد أكدت منظمة العلماء العالمية أن هذه الزيادة ستؤدي حتما إلى ارتفاع مستوى الكوارث الطبيعية وارتفاع ملحوظ لعلو البحار مع "غرق" المناطق الشاطئية وعدد من الجزر، مع انتشار الفيضانات والحرائق. وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى الدفع بملايين السكان عبر العالم للبحث عن مناطق آمنة للسكن في إطار ما بات يعرف بالهجرة المناخية. وعلى هذا الأساس أكدت "الكوب 21" على ضرورة أن تعمل جميع الدول على استبدال الطاقات الأحفورية بالطاقات المتجددة حرصا على ألا يتعدى ارتفاع الحرارة 1.5 درجة في أفق 2100. إن قضية الارتفاع الحراري المرتبط عضويا بالنموذج الاقتصادي المبنى على الإنتاجية أصبحت مركزية في مستقبل البشرية ومصيرها على كوكب الأرض. فإما أن يتم تغيير نمط الإنتاج بالتخلي تدريجيا عن جميع الطاقات الأحفورية والاعتماد على الطاقات المتجددة للحد من الارتفاع الحراري في حدود 1.5 درجة، لتفادي الاضطراب المناخي وعواقبه الوخيمة، وإمام التمادي في نفس نمط الإنتاج الملوث والتشكيك في قرارات "الكوب 21" كما يفعل رئيس الولاياتالمتحدة بإعلان انسحاب بلاده من هذا الاتفاق الدولي الحيوي وما سينتج عنه من أخطار على مستقبل البشرية. إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتحمل مسؤولية كبرى في محاولة إفشال الانتقال الإيكولوجي الذي يحمله مشروع مختلف الحركات اليسارية عبر العالم بمساندة منظمات المجتمع المدني التي تتعبأ لاعتماد الإيكولوجية السياسية كأداة متجددة لتحويل أنماط الإنتاج والاستهلاك معا التي تحافظ على سلامة البيئة وتساهم في توزيع أفضل للثروات في إطار اقتصاد معقلن يحمي الثروات الطبيعية لدول إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية التي تتعرض إلى استغلال فاحش من طرف مجموعة الدول الصناعية السبع (G7). لقد بدأت تظهر بوادر حركات سياسية تبحث عن توجهات بديلة للرأسمالية، حركات تضم أحزابا يسارية وإيكولوجية وجمعيات المجتمع المدني وتسعى إلى ترسيخ قيم الاشتراكية المجسدة في إنتاج محافظ على البيئة والتنوع البيولوجي عكس النموذج الإنتاجوي الليبرالي الذي يهدف أساسا إلى تحقيق الربح مهما كان الثمن. وهذا التوجه السياسي البديل يعرف بمصطلح "الاشتراكية الإيكولوجية" (éco-socialisme). وفي هذا الإطار، تطرح قضية التبادل الحر التجاري الذي تفرضه الدول الرأسمالية الكبرى من خلال مختلف اتفاقيات التبادل الحر التي تعمل على إغراق أسواق البلدان الضعيفة اقتصاديا بمختلف أنواع السلع (مأكولات، أدوات منزلية، نسيج…) وهو ما يؤدي إلى منافسة شرسة للإنتاج المحلي والقضاء عليه أحيانا مع العواقب السلبية على تطوره بل اضمحلاله الذي يؤدي غالبا إلى إغلاق مضطرد للعديد من المقاولات وتسريح العمال وتشريدهم. وبالمقابل، يتم تشجيع الإنتاج الموجه إلى التصدير (كما هو الشأن بالنسبة للإنتاج الفلاحي) الذي تستفيد منه أساسا فئة المصدرين الكبار الذين يراكمون أرباحا ضخمة. إن الوضع العالمي يؤشر على تنامي تناقضات عميقة بين مجموعة السبعة (G7) وباقي الدول الأخرى. الأولى تحاول الاحتفاظ على امتيازاتها الاقتصادية وتجاهل أخطار الانحباس الحراري مستعملة تفوقها العسكري وحرصها على تقليص صلاحيات هيئة الأممالمتحدة في حل النزاعات عبر تدخلها المباشر في مختلف أنحاء المعمور كما هو الشأن حاليا بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية في الشرق الأوسط وفي أمريكا اللاتينية وكوريا الشمالية أو بالنسبة لفرنسا في إفريقيا. والثانية تحاول التوجه إلى علاقات دولية مبنية على استقلالها وعلى تعاون متوازن يسمح لها بالرفع من مستوى تنميتها اقتصاديا واجتماعيا. في هذا التوجه، الملاحظ أن الأنظمة الاشتراكية الديمقراطية التي تسيرها أحزاب "اشتراكية" اختارت أن تصطف في معسكر الليبرالية مدعمة النموذج الرأسمالي المالي ومنخرطة كليا في تحالف "الناتو" الذي يسعى إلى إحياء أجواء الحرب الباردة من خلال سياسته العدوانية تجاه روسياوالصين. وهو ما يلاحظ في حلف "الناتو" والتدخل المباشر في أوكرانيا التي اندلعت فيها حرب غير مباشرة ضد روسيا لضمها هي الأخرى إلى الحلف الأطلسي. ونظرا لهذا الاصطفاف المنافي للتوجهات الكلاسيكية للاشتراكية الديمقراطية المنضوية داخل الأممية الاشتراكية، فإن الشعوب سحبت عنها سندها كما هو ملاحظ من خلال مختلف الانتخابات التي عاشتها البلدان الأوروبية سواء بفرنسا، اليونان، ألمانيا، النامسا، إيطاليا…) حيث منيت مختلف الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية بهزائم ثقيلة مقابل صعود الحركات الاشتراكية الإيكولوجية مع تقوية أحزاب اليمين المتطرف التي تستغل ورقة الهجرة والأمن بجلب أصوات الأوساط الشعبية التي تعاني من هجمة الليبرالية على مكتسباتها وحقها في الشغل والخدمات الاجتماعية. وعلى صعيد آخر، فإن بزوغ العنصر الديني في النزاعات عبر العالم هو نتيجة لاستعماله نهاية القرن الماضي ضد الاتحاد السوفياتي والعمل على جعله هو الحل البديل للأنظمة اللاشعبية خصوصا في منطقة الشرق الأوسط عوض حركات التحرر الوطنية والثورية. وتعمل الولاياتالمتحدةالأمريكية على تأجيج الصراع الديني باعتماد التناقض بين المذاهب حيث تستعمل السنة ضد الشيعة. في الوقت الذي يتطلب الدفاع عن الشعب الفلسطيني في مواجهته مع الاستعمار الإسرائيلي توحيد صفوف دول المنطقة لمساندة كفاحه والتصدي للسياسة العدوانية للنظام الإسرائيلي الذي يعتمد على دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية لتوسيع الاستيطان والحصار والمس بوضعية القدس، مهد الدولة الفلسطينية.. مقابل هذا تشهد منطقة الشرق الأوسط والخليج نزاعات مسلحة كما هو الشأن بالنسبة لليمن حيث أن التحالف العسكري يحارب منذ 3 سنوات بقصف جوي يومي مختلف أنحاء اليمن مخلفا آلاف القتلى والجرحى منهم أطفال ونساء وكهول، ناهيك عن الدمار العمراني والحصار المضروب عليه. وعلى الصعيد الإقليمي فإن تمادي النظام الجزائري في سياسته المعادية للمغرب ووحدته الترابية واستمرار إغلاق الحدود بين البلدين هدفه هو عرقلة سير الاتحاد المغاربي وبالتالي عرقلة التعاون بين بلدانه وشعوبه من أجل أهداف تنموية مشتركة. وإن استراتيجية المغرب بتعزيز علاقاته مع بلدان إفريقيا وعودته للاتحاد الإفريقي عناصر إيجابية لتقوية مكانة المغرب على الصعيد الدولي من خلال تعاون مثمر يراعي المصالح المتبادلة لجميع الأطراف. ولا شك أن الدبلوماسية المغربية الرسمية والحزبية والمؤسسات بانخراطها في هذا التوجه ساهمت في إسماع صوت المغرب فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية وجعل بلادنا تنسج علاقات صداقة مع بلدان كانت سابقا معادية لنا. *** في أفق المؤتمر الوطني العاشر لحزب التقدم والاشتراكية… رأي في بعض القضايا الحزبية والإشكالية بقلم: عبد الرحيم بنصر تبعا لما خصصه الحزب من حيز زمني للنقاشات الداخلية أثناء تحضير مشروع الأطروحة السياسية، ونظرا لاستحالة الإحاطة بجميع المواضيع أثناء هذه المرحلة التحضيرية، إرْتَأَيْتُ أن أصوغ ما يخالجني من أفكار حول بعض القضايا الحزبية والإشكالية في هذه المقالة لما لها، في تقديري المتواضع، من أهمية في مسيرة حزبنا النضالية، وذلك في شكل محاور ليس بينهما بالضرورة ارتباط مباشر أملا ألا يُذْكَى النقاش حولها. -1 الرابط التنظيمي بين المناضلين والحزب أصبح رابطا سياسيا أكثر منه فكري إن مشاركة الحزب في تدبير الشأن العمومي منذ عقدين من الزمن، جعل الفعل يسبق الفكر، والإجراء يسبق الكلمة، والموقف العملي يسبق التصور النظري والاهتمام والغوص في الراهن السياسي على حساب الاستشراف المستقبلي. في هذا السياق، يمكن اعتبار تغليب الطابع العملي الإجرائي مسلكا طبيعيا نابعا من ضرورة صياغة إجابات وحلول عملية إزاء ما تواجهه البلاد من مشاكل وانتظارات. غير أن هذا المنحى، ومع مرور السنوات، أدى بقيادة الحزب وأطره إلى الانغماس في تتبع المتغير السياسي اليومي الضاغط على حساب التفكير النظري بالخطط والبرامج، وكاد هذا الطابع العملي أن يسم الحزب عند كثير من المثقفين والمحللين بالبراغماتي الخالص. فإذا كانت المشاركة في تدبير الشأن العمومي، بالنسبة لبعض الرفاق القدامى، لم تبدأ بفراغ فكري، فإن الغالبية العظمى للمنخرطات والمنخرطين، يتمثلونها (أي المشاركة) كعملية سياسية خالصة مرتبطة بسياقات ظرفية دون ارتباطها بمشروع مجتمعي أو بأي منهجية فكرية تحليلية للمجتمع وللقوى المتصارعة داخله. الشيء الذي نتج عنه هشاشة في القناعات وضعف روح الانتماء والتقاسم الجماعي للمشروع المجتمعي، وغذى النزعات الانتهازية والوصولية. ومن التجليات الصارخة لهذا المنحى عدم قدرة المنخرطين التمييز السياسي والإيديولوجي بين حزبنا والأحزاب الأخرى. وأهم ما يمكن استخلاصه من هذا الوضع هو أن الرابط السياسي وحده غير كاف لتقوية اللحمة بين المنخرط والحزب وتحويله من منخرط إلى مناضل مبادر، مبدع ومدافع عن قيم ومبادئ التنظيم الذي ينتمي إليه. لذا، ولتجاوز هذه الحالة التي ترهن مستقبل الحزب وهويته، أرى أنه من الضروري والحيوي تسجيل هذا النقص ضمن أولويات برنامج وأهداف القيادة المقبلة لمعالجته عبر تسطير وتفعيل سياسة تكوينية وتنظيمية ناجعة وهادفة تتبلور عبر إنشاء مدرسة قائمة الذات على أساس قواعد بيداغوجية حديثة ودعامات تكوينية ملائمة تستهدف بالأساس شباب الحزب. فمنهج التجربة النضالية لا يفضي وحده إلى معرفة حقيقية جادة، ما لم يُؤَسَّسُ على تكوين نظري يغذيه ويتغذى منه. فبغياب وضوح فكري سابق ووعي بالأهداف البعيدة تصبح التجربة نزعة اعتباطية، قد تصيب مرة، ولكنها تخطئ عشرات المرات. إن المشاركة في تدبير الشأن العمومي سبقها وعي فكري عام بأهداف محددة ورؤيا علمية للواقع وجب على غالبية المنخرطين تَمَلُّكَهَا. والقضية ليست قضية معرفة بالبرنامج الحزبي وفهم للإجراءات فحسب، وإنما هي أيضا، كما جاء في مشروع الوثيقة السياسية للحزب، طريقة للتفكير وأسلوب لمواجهة مشكلات الواقع، وهي كذلك قيم وأخلاق… المناضل لا تحدد هويته بطاقة الانخراط، المناضل تصنعه المعاناة والإحساس بالألم والظلم، وتصنعه برامج تكوين وتواصل وتقاسم التجارب لإقناعه بجدوى وجوده داخل هذا الحزب وليس ذاك. ولهذا لا يمكن لأي كان أن يصبح مناضلا إلا إذا ربط حياته ومسعاه في الحياة بهدف نبيل لخدمة قضية جماعية، وبدل من أجل ذلك جهدا لخدمتها بكل الطرق، ثم تملك تصورا للقضايا الإنسانية الكبرى التي يقدرها تقديرا خاصا متميزا من وجهة نظر الفكر الذي آمن به ومقدسة تستحق التضحية. لن يكون المناضلون مناضلين ما لم ترتبط قدراتهم بمعرفة عميقة بحقائق الصراع في مجتمعنا وفي عالمنا وبقوانين هذا الصراع، وما لم ترتبط قدراتهم بإيمان عميق بالإنسان ووعي موضوعي بقضاياه ومشاكله واحتياجاته وما لم يكونوا معبرين بحق وصدق عن إرادة الغالبية العظمى من شعبنا. -2 تقليص مساحة العمل النظري في اهتمامات الحزب مما لا شك فيه أن مشاركة الحزب في تدبير الشأن العمومي لمدة تفوق العشرين سنة، وفي سياقات وطنية ودولية مطبوعة بتنامي الممارسة البراغماتية نتيجة ما عرفته النظريات الكبرى لتفسير العالم من تأويلات وجمود في التفسير وإخفاقات في الممارسة، فضلا عن طغيان المقاربات التجريبية والتجزيئية في مناهج التربية والتكوين على حساب المقاربة التحليلية النقدية الشاملة، كل هذه العوامل وأخرى متشابكة متداخلة ومتفاعلة فيما بينها قلصت من مساحة العمل النظري في اهتمامات الحزب، وهو الذي كان يحث مناضليه على ضرورة "الربط الجدلي الخلاق بين النظرية والممارسة" بما يتيح امتلاك واقع مجتمعنا معرفيا والسيطرة على قوانين حركته. إن هذا المنحى رغم ما له من إيجابيات ساعدت على انتشار الحزب تنظيميا ورفعت من إشعاعه الانتخابي، لم يُقَوِّ روح الانتماء ولم يساعد على تحضير خلف بعدد كاف من الشباب مُتَمَلِّك للمقاربة التحليلية لحزبنا ومستوعب لمقومات المرجعية الفكرية والإيديولوجية. صحيح أن المعرفة الصحيحة لن تتأتى إلا من خلال الفعل النضالي الصحيح. كما أن الفعل النضالي الصحيح لن يتحقق إلا من خلال المعرفة العلمية الصحيحة، ما أكثر الأعباء العملية والتطبيقية التي تواجهنا… ولكن لا عمل بدون فكر، ولن نحسن التطبيق بغير مؤشرات نظرية توجهنا. إن الفكر النظري ليس ترفا، بل هو ضرورة عملية. إنه ليس عبئا على حركة الواقع الحي بل هو قوة محركة وموجهة ومضيئة لحركة الإرادة الإنسانية للتعرف على هذا الواقع، والسيطرة عليه وتوجيهه لصالح الإنسان. صحيح أيضا أن النضال لا يتصاعد، والواقع لا ينمو بالكلمات السحرية الكبيرة، وإنما بالتخطيط العملي للواقع والاقتحام النضالي الدؤوب لمواقعه. وعلى الطرف الآخر، لا يمكن قبول رفض كل فكر نظري وكل إيديولوجية واتخاذ من التجربة العملية نفسها قائدا وموجها. قد يحقق المناضلون أصحاب هذا الموقف بعض النجاح، لكنهم قد يفقدون الهدف الأخير، وقد ينحرفون عنه دون أن يدروا. لذا لا يمكن للحزب ان يستغني عن النظرية في ممارساته وبناءاته التنظيمية، كما لا يمكنه الاستغناء عن تراثه النضالي، بل ينبغي من مناضليه استيعابه وإنماؤه وتجاوز الضعف فيه. إن القضية إذن ليست قضية مقتصرة على معرفة البرنامج الحزبي وفهم للإجراءات، كما سبق أن ذكرت، وإنما هي كذلك اكتساب طريقة للتفكير وأسلوب لمواجهة مشكلات الواقع التي بدونها يُسْتَعْصَي فتح الآفاق أمام الانسدادات والاحتقانات التي يمكن أن تعترض طريق الحزب. إن تقاسم مشروع سياسي جماعي، عبر الانتماء إلى حزب من طينة حزب التقدم والاشتراكية، لا يمكن أن يتم بدون تكوين نظري وميداني في علاقة جدلية دائمة. فالنظرية المعلقة بغير ترجمة عملية سواء بسواء كالممارسة العملية المندفعة بغير توجه فكري، خطر يتهدد عمل الحزب. -3 التذكير بتوصيف المرحلة التاريخية ومهامها: مهمة بيداغوجية أساسية إن حزبنا الذي يستحضر دوما هدفه البعيد المدى والمتمثل في بناء الاشتراكية، لا يُوهِمُ الناس بإمكانية تحقيقها في الأمد المنظور، نظرا لعدم توفر شروطها التاريخية الموضوعية والذاتية وبالأحرى التنبؤ بحدوثها. إن الفرق بين ما يمكن تحقيقه وفق الشروط المحددة وبين الأوتوبيا هو من سمات المقاربة التحليلية والعملية لحزبنا. ذلك أن النضال لتحقيق هدف بعيد المدى يتطلب احترام المراحل وتحديد المهمات الممكن من حيث المبدأ تحقيقها وتحويل التراكم في هذه النضالات والإنجازات المحققة فيها في الاتجاه الذي يصب في تحقيق الهدف الكبير. وليس انتقاصا مني لغالبية الرفاق المنخرطين إن قلت بأن هذا الكلام لا يتقاسمه ولا يستوعبه اليوم إلا قلة من الرفاق خصوصا القدامى منهم. إن استحضار هذا العامل كاف لوحده لتبرير ضرورة التذكير، في مشروع الأطروحة، بتوصيف المرحلة التاريخية ومهامها وبتخصيص فقرات تفسيرية لها، حتى يتمكن المنخرطون من الاستيعاب الواعي لمهامها التي لا يقتصر النضال من أجل تحقيقها على حزب التقدم والاشتراكية بل أيضا على قوى اجتماعية ذات المصلحة في تحقيقها مع تحديد الخصم الذي يشكل في مصالحه وفي مواقفه عائقا أمام تحقيق برامجها. إن هذه المهام تم تحديدها من طرف الحزب منذ مؤتمره الأول بعد الحصول على الشرعية حيث وصفها بمرحلة "الثورة الوطنية الديمقراطية" لما سيحدثه تحقيقها التدريجي، عبر النضال الديمقراطي للقوى المعنية، من تغييرات بنيوية على جميع المستويات المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأيكولوجية. غير أن مشروع الوثيقة السياسية أشار فحسب إلى بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الشيء الذي يوحي أن المهام المرحلية تقتصر على هذا البناء المؤسساتي وحده دون المهام الأخرى المرتبطة بالاقتصاد وبالأوضاع الاجتماعية والثقافية والبيئية. إن تفادي استعمال مصطلحات دون أخرى حسب اختلاف السياقات والظروف والملابسات يمكن تفهمه، غير أن عدم تخصيص فقرة متكاملة للتذكير بمنهجية التحليل التاريخي المعتمدة من طرف الحزب بالتوصيف الذي قام به للمرحلة التاريخية الراهنة لا يساعد، في تقديري، على إنتاج المعنى لدى المنخرط لعدم قدرته على تفسير جدوى انتمائه للحزب في غياب إجابات عن تساؤلات يطرحها أو سيطرحها في يوم ما من قبيل: "كيف السبيل لتحقيق التقدم والاشتراكية اللذين يشير إليهما الحزب في تسميته؟"، دون الكلام عن المقصود بمفهوم الاشتراكية وعما يميز حزب التقدم والاشتراكية عن الأحزاب الأخرى وغير ذلك من التساؤلات المرتبطة بهذا الموضوع. كما لا يساعد من يطلع على برنامجنا على استيعاب محتواه بوضعه في سياقه التاريخي. إن ما ينتج جدوى الانتماء الدائم والنضال من أجل تحقيق مثل الاشتراكية هو من يدرك حاضره ويستوعب معالم مستقبله الممكن والمفترض. لذا أرى أنه من الضروري التذكير بتوصيف المرحلة التاريخية الراهنة بصفة واضحة لكي يفهم المنخرطون والفاعلون السياسيون والمواطنون أن برامجنا النضالية مشروطة بهذه المرحلة وبضرورة احترامها والعمل على تحقيق مهامها قبل الانتقال إلى مرحلة أرقى، لأن القفز فوق المراحل يبدد إمكانية تحقيق المهمات ويشكل انتكاسة للنضالات والإنجازات التي يفترض أن تقود إليها هذه النضالات. واحترام المراحل يعني أن لكل مرحلة شروطها والمهمات الخاصة بها. فالمستحيل تحقيقه لا يصح أن يكون جزءا من برنامج حقيقي للتغيير في المرحلة المحددة. إن هذه البرامج والأهداف المرحلية هي التي تحدد نوع القوى الاجتماعية ذات المصلحة في تحقيقها، وتحدد الخصم الذي يشكل في مصالحه وفي مواقفه عائقا أمام تحقيق هذه البرامج. مثل هذا المشروع المستمد عناصره من متطلبات المرحلة، هو إذن بحاجة إلى تعدد قوى من كل الطبقات وهو بحاجة إلى تعدد أحزاب تلتقي مصالحها على تحقيقه في مراحله المختلفة، قوى سياسية واجتماعية مختلفة، بل متناقضة فيما بينها، ومتفقة برغم اختلافها وتناقضها، على تحقيق هذه المهمة ذات الأولوية في برنامج التغيير، والتي انطلاقا منها تتحدد المهام الأخرى، التي تتصارع فيها القوى السياسية والاجتماعية، وتتنافس فيما بينها ديمقراطيا حول مصالحها المتناقضة. غير أن هذا لا يعني، بالطبع، أن على الحزب وعلى القوى اليسارية الأخرى أن تتخلى عن برامجها الخاصة وعن نضالاتها لتحقيق العدالة الاجتماعية، أي لانتزاع مكاسب من تلك القوى المشتركة معا في تحقيق تلك المهمة المتصلة بإنجاز مهام التورة الوطنية الديمقراطية. هذا هو السند النظري والمنهج التحليلي والمدخل الأساس الذي وظفه حزبنا في تحديده لمهام المرحلة وفي بناء تحالفاته القديمة والحالية علما أن طبيعة التركيبة الاجتماعية المغربية لم تفرز ولن تفرز – على الأقل على المديين القصير والمتوسط – حزبا سياسيا قادرا لوحده على تحقيق مهام المرحلة التاريخية الحالية بدون تحالف مع قوى سياسية أخرى. فبدون هذا العمل البيداغوجي، وفي سياقات سياسية يطبعها الغموض والخلط، وأمام تدني الوعي السياسي عموما، ستتعقد يوما عن يوم المهمة التواصلية لحزبنا. -4 في مسألة بناء الاشتراكية: لا يمكن أن يكون للحزب رؤية قدرية إيديولوجية قبلية لحركة التاريخ أمام ما عرفته التجارب الاشتراكية من انتكاسات وإخفاقات، أصبح الحزب يُسَاءَلُ عن استمرار تشبته أم لا، بتحقيق هذا الأفق الاشتراكي وعن المضمون الذي سيعطيه لهذا المشروع، إما بنية تعجيزه والإساءة إليه، وإما عن حسن نية رغبة في تمثل المجتمع الذي نصبو إليه. إن مطالبة الحزب بالقيام بهذا التعريف، في الحالة الثانية، نابع، في رأيي، من الخلط السائد بين الاشتراكية العلمية كمنهج عملي لاكتشاف قوانين الحركة الاجتماعية في الواقع المحدد وبين الاشتراكية كنظام اجتماعي. فالأول أداة للتحليل الموضوعي العلمي للوقائع والمصالح وأنماط الإنتاج المختلفة في سيرورتها، والاستناد على نتائج هذا التحليل لتسليح الوعي والإرادة الإنسانية الجماعية بالقدرة على تغيير مجرى التاريخ وتطويره وتجديده، أما الثاني فهو نظام اجتماعي سيكون مُحَصِّلُة لعوامل متداخلة متشابكة متناقضة تجمع بين الجانب الذاتي والموضوعي لا يمكن التنبؤ به مسبقا ولا يمكن رسم معالمه وشكله ومضمونه دون السقوط في نوع من التجريد المطلق. فالنظام الرأسمالي نفسه ونمطه الإنتاجي رأيا النور بشكل تلقائي متدرج غير موجه نتيجة تفكك العلاقات الاجتماعية الإقطاعية بأوروبا واكبته فيما بعد اجتهادات نظرية متعددة ومتنوعة دون الخضوع لنسق نظري واحد جامد. كانت الخبرة العملية المباشرة المرتبطة بالمصالح المحددة في تحقيق الربح والمزيد من الربح تقوده دائما إلى اكتشاف الحلول لمشكلاته وتطوير طاقاته وإمكانياته على حساب كل شيء، وأي شيء، اللهم، بالطبع، إلا توسع سوقه وربحيته وتغلبه على المنافسات التي يواجهها. غير أن هذا لا يبرر تغييب التذكير بالغايات الكبرى للاشتراكية التي تتمثل في الخروج من عالم الضرورة إلى عالم الحرية على أساس تطور قوى الإنتاج تطورا هائلا يشبع حاجات المجتمع. فالاشتراكية ستبرز باعتبارها نتاجا لسيرورة طويلة تسعى إلى تحول التنظيم المجتمعي تحولا عميقا بما يضمن التقدم الكبير الذي حققه الإنسان في ميدان العلوم والمعارف والتقنيات متوافقا مع تقدم حضاري باتت البشرية في أمس الحاجة إليه. لا شك أن النظام الرأسمالي قد شكل مرحلة متقدمة من مراحل التاريخ الاجتماعي الإنساني كله تتسم بالانطلاق الإنتاجي والتفتح الديمقراطي والعقلاني والإبداع الفكري والأدبي والفني والعلمي، إنه تحول تاريخي ثوري على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقيمية والتكنولوجية. وما أرفع وأعمق التراث العظيم الذي أنتجته وأبدعته هذه المرحلة من التاريخ البشري ولكن… ما أبشع، كذلك، ما ارتكبته من فضائع وجرائم… ذلك أن هذه المرحلة التي نشأت بالفعل كثورة تحرير وديمقراطية وعقلانية وتفتح إنساني وتقدم ضد مرحلة ظلامية استبدادية سابقة عليها هي المرحلة الإقطاعية، سرعان ما أخذت تتحول إلى نقيضها، فتصبح بدورها نظاما جديدا من الاستبداد والعداء للتحرر والديمقراطية والعقلانية والتفتح الإنساني والتقدم لا على مستوى البلاد التي نشأت فيها فحسب، بل على المستوى العالمي، عندما تحولت إلى استعمار واحتكار وإمبريالية بل أصبح استمرارها نفسه خطرا يهدد البشرية كلها بالدمار والفناء الشامل، وهذا لوحده كاف للتدليل على موضوعية وتاريخية الأفق الاشتراكي. يتبين إذن، أن التاريخ يتحرك وفق قوانين موضوعية وذاتية هي التي تفرض في النهاية الضرورات، وتحدد مساراته وتغيرها، استمرارا وتجددا، أو نكوصا وتجمدا. فمن التشابك والتناقض بين الضرورات الموضوعية والمصالح والإرادات الذاتية وأشكال الوعي والقيم والدلالات الرمزية والمعنوية المختلفة، تتشكل حركة التاريخ الإنساني. فالمادية التاريخية ليست رؤية قدرية إيديولوجية قبلية لحركة التاريخ. وإنما هي رؤية موضوعية علمية لتعددية وصراعية الواقع الإنساني التاريخي في أنماط إنتاجه المختلفة، وهي رؤية منفتحة على إمكانيات شتى، وليست منغلقة على نسق نهائي محدد. وهي تتضمن في الوقت نفسه، أداة للتحليل الموضوعي العلمي للوقائع والمصالح وأنماط الإنتاج المختلفة في صيرورتها والاستناد على نتائج هذا التحليل لتسليح الوعي والإرادة الإنسانية الجماعية بالقدرة على التغيير والتطوير والتجديد. إن كل نظرية تسعى لفرض ذاتها على الظواهر التي تدرسها وتتعامل معها هي بمثابة سلطة استبدادية إزاء هذه الظواهر وهذا هو ما يتحقق في ما يسمى بحرق المراحل في تطبيق بعض النظريات السياسية والاجتماعية، أو فيما يسمى بالإرادية أي غلبة الطابع الذاتي على الحركة التاريخية والتغافل عن معطياتها وإمكانياتها الموضوعية. -5 اجتماعات اللجنة المركزية، محطة لمقاربة الواقع في شموليته تحظى اجتماعات اللجنة المركزية للحزب باهتمام بالغ ليس فحسب من طرف المنتمين لهذه الهيئة، بل من طرف جميع منخرطي الحزب، ومن طرف متتبعي الشأن السياسي ببلادنا لما تشكله من وقفة تفكيرية تحليلية جماعية دورية حول قضايا الراهن السياسي لبلادنا وتداعياته غالبا ما تتوج باقتراحات تروم فتح آفاق جديدة أمام أي انسداد أو تهدف إلى تعميق المسلسل الديمقراطي. فإذا كانت هذه الاجتماعات تشكل لحظة ارتقاء نوعي جماعي تُحْشَدُ من خلالها العزائم للاستمرار في العطاء والنضال، فإن تقارير المكتب السياسي المقدمة أثناء انعقادها غالبا ما تقتصر، في رأيي، على تحليل التوجهات السياسية عبر مقاربة سياسية محضة (تفسير السياسة بالسياسة) دون ربط هذه التوجهات السياسية بطبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة في مجتمعنا وبدون تخصيص حيز من التقرير لتحليل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومما تعانيه الطبقات الكادحة والفئات المهمشة من جراء هذه الأوضاع وبما تقوم به من نضالات سياسية ونقابية لتحسينها. إن التحليل عبر المقاربة السياسية وحدها لا يسمح بالتمايز في حلبات الصراع نظرا لتقاطعه، في كثير من الأحيان، مع تحاليل قوى سياسية حليفة وفي بعض الأحيان مع تحاليل قوى نقيضة أيضا. مما لا شك فيه أن الاقتصار على المقاربة السياسية في التحليل يعكس تراجع الاهتمام الفعلي للحزب بتأسيس ومواكبة عمل لجان موضوعاتية قطاعية وبتأسيس فضاءات للتفكير والتحليل وبافتقاده لسياسة اتجاه المثقفين والأطر العليا وخريجي المدارس العليا المختصة وغيابه عن ساحة النضال الطلابي… خصوصا في ظرف أصبح العمل السياسي لا يغري كثيرا مثل هاته الفئات. إن إدماج هذه الأبعاد المشار إليها أعلاه ضمن التقارير المقدمة من طرف المكتب السياسي أمام اللجنة المركزية عبر المقاربة الشمولية لأوضاع بلادنا سيزيد في غناها وستكون أدوات ناجعة لتكوين المنخرطين وأرضيات للنقاش مع المواطنين في التنظيمات الحزبية القاعدية ومصدرا لبلورة برامج نضالية على جميع المستويات.