انتقادات قوية لادريس لشكر وتأجيل الحسم في منهجية التحضير للمؤتمر إلى الدورة المقبلة أثارت أشغال المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي في شوطها الثاني يوم السبت الماضي، زوبعة من الانتقادات التي تعرض لها الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، والتي دفعته إلى مغادرة الاجتماع. في الوقت الذي عرف تبادل اتهامات بين قياديين بالفدرالية الديمقراطية للشغل الذراع النقابي للحزب على خلفية تعثر انتخاب كاتب عام للنقابة، بينما بدأت دائرة الغاضبين من وضعية الحزب تتسع. بدأت حلقة الملتحقين بتيار ما أصبح يعرف ب «الثلاثي الغاضب» داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تتسع، وأضحت معالم التيار الجديد تتضح بعد الجولة الثانية من أشغال المجلس الوطني للحزب التي انتهت أشغالها ليلة السبت الأحد الماضيين. واعتبرت بعض المصادر أن الفترة القادمة إلى حين انعقاد الدورة المقبلة للمجلس الوطني المزمع عقدها شهر مارس المقبل، قد تهديء من فورة الغليان التي يعرفها، بعد أن بدأت ملامح المنهجية الجديدة التي سيتم اعتمادها في التحضير للمؤتمر المقبل للحزب. وهي المنهجية التي يكاد يتفق معها أعضاء المجلس الوطني. ووصفت مصادر من حزب القوات الشعبية، أن ترتيب البيت الاتحادي بات أكثر تعقيدا، رغم قرار المجلس الوطني الشروع في التهييء للمؤتمر المقبل صيف هذه السنة. بعد التحاق مجموعة كبيرة من أعضاء المجلس الوطني بصف الغاضبين، الذين طالبوا باستعادة الحزب لاستقلالية قراراته في أفق التحضير للمؤتمر، بالاعتماد على منهجية جديدة ترتكز على تقديم الأرضيات والمشاريع. وقالت ذات المصادر، إن هناك تحالفا يضم إلى جانب الثلاثي الغاضب محمد الأشعري والعربي عجول وعلي بوعبيد، الذين جمدوا عضويتهم بالمكتب السياسي للحزب، يسعى لإعادة ترتيب البيت الداخلي للحزب من أجل محاصرة الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان ادريس لشكر، وثنيه عن مسعاه الداعي إلى التحالف مع العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة. واستأثرت الانتقادات الموجهة لإدريس لشكر بنصيب وافر من أشغال الجولة الثانية من أشغال المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي يوم السبت الماضي، وعبر كثير من أعضاء المجلس عن رفضهم لأي تقارب أو تحالف مع الأصالة والمعاصرة، باعتباره من الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها ولا حتى التفكير فيها. سيل الانتقادات التي تعرض الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، تارة بالتلميح وتارة أخرى بالإسم، دفعت به إلى الغضب ومغادرة الاجتماع. وبلغ التوتر مداه عندما طالبت العديد من الأصوات بالمجلس الوطني إدانة التحركات التي يقوم بها ادريس لشكر ومحاولاته التقرب من الأصالة والمعاصرة، في أفق التحالف معه التي قد تزيد من الهوة بين قيادة الاتحاد وقاعدته وأساسا أعضاء المجلس الوطني الرافضين لأي تقارب مع الحزب الجديد. وأعلن المناوؤن لوزير العلاقات مع البرلمان تشبثهم بالتحالفات الطبيعية للحزب التي تجمعه منذ عقود بأحزاب تشاركه نفس المبادئ ونفس التوجهات، بدل البحث عما أسموه «التحالفات الهجينة» التي قد تعصف بمستقبل الاتحاد الاشتراكي. وحمل العديد من أعضاء المكتب السياسي للحزب المسؤولية للوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان في ما يعرفه القطاع النسائي للحزب الذي وصل إلى حد الطعن في نتائج انتخابات الكتابة الوطنية، وما تتخبط فيه الشبيبة الاتحادية، وأيضا مسؤولية تعثر انتخاب أجهزة الفدرالية الديمقراطية للشغل. ولم تكن الانتقادات التي وجهت لعضو المكتب السياسي والوزير في الحكومة، ادريس لشكر، من اللحظات المثيرة في أشغال المجلس الوطني الأخير، حيث أحرجت رسالة، وزعت خلال الأشغال، تتضمن اتهامات بتعثر التوصل إلى اتفاق حول انتخاب الكاتب العام للنقابة ومكتبها المركزي المكتب السياسي للحزب، وأثارت ردود فعل متباينة. وحملت الرسالة الموقعة من طرف عبد الحميد فاتيحي، مسؤولية التعثر الذي يعرفه انتخاب الأجهزة القيادية للنقابة الموالية للاتحاد الاشتراكي للكاتب العام، عبد الرحمان العزوزي، مسؤولية هذا التعثر بعد تراجعه عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال اجتماع المجلس الوطني للنقابة في 26 دجنبر الماضي، حول تمثيلية القطاعات المنضوية تحت لواء النقابة، واتهامه بالضلوع في تسريب أشغال اللجنة المكلفة بالنظر في الاقتراحات المقدمة للمجلس الوطني، قبل الاتفاق عليها، مما أدى إلى عدم التوافق على مكونات المكتب المركزي للمركزية النقابية. وخلقت الرسالة أجواء مشحونة داخل المجلس الوطني للاتحاد، خصوصا وأنها تضمنت تقريرا مفصلا عن الاجتماعين المنعقدين على التوالي يومي 26 دجنبر و2 يناير الماضيين، بإشراف الكاتب الأول للحزب عبد الواحد الراضي، وبعض أعضاء المكتب السياسي، وحملت الرسالة مسؤولية عدم انتخاب أجهزة الفدرالية الديمقراطية للشغل إلى الكاتب العام وبعض المؤيدين له. وأرجأ المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي التصويت على المقترح، الذي يحظى بتأييد عدد واسع من أعضائه، والمتمثل في المنهجية المعتمدة للتحضير للمؤتمر المقبل، إلى حين انعقاد الدورة المقبلة المحددة في شهر ونصف على أقصى تقدير.