يعد المغرب البلد الوحيد الذي ترّشح أربع مرات في تاريخ تنظيم نهائيات كأس العالم، دون أن يتمكن من الفوز بالتنظيم ولو لمرة واحدة، حيث كان قريبا إلى الظفر بتنظيم مونديال 2010، لكن مفاجآت اليوم الأخير مالت الكفة لصالح جنوب إفريقيا. أما المرة الخامسة فيريدها المغاربة ثابتة، حيث يظهر الملف المغربي قويا لاستضافة مونديال 2026، مقارنةً مع ملفات نهائيات 1994 و1998 و2006 و2010، إذ يتضمن الملف المغربي 14 ملعبا في 12 مدينة، منها ما هو قائم بالفعل ويحتاج فقط لبعض التطوير، بالمقابل يسعى لبناء ملاعب أخرى بمدن الدارالبيضاء، الجديدة، ورزازات ووجدة. ويرصد المغرب عموما 15.8 مليار دولار، لتنظيم هذا الحدث، في حين سيستفيد من 4 آلاف مليون يورو في حال ظفر بشرف تنظيم كأس العالم 2026، كما سيخلق ا 110.000 وظيفة ما بين عامي 2019 و2026، بالإضافة إلى دفعة اقتصادية تصل إلى 2.1 ألف مليون يورو.. جدل بخصوص التقييم لكن الرسالة التي أرسلتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد المحلي)، إلى الفيفا قبل أيام، أقلقت المغاربة من ضياع الفرصة مجددا، إذ أشارت إلى اعتراض الجامعة، على نظام التقييم الخاص باللجنة التقنية للفيفا. الرسالة قالت إن المغرب لم يصله نظام التقييم، إلّا قبل أقل من 24 ساعة من تقديمه ملفه الرسمي، ونحو 48 ساعة من انتهاء الموعد الرسمي لتلقي طلبات الترشح، علما بأنه طلب الحصول على شروط التنظيم منذ مدة. وتابعت الرسالة أن هناك شروط تقنية، لم توضع منذ البداية ضمن المتطلبات، فضلا عن تعديل شروط أخرى، منها ما يتعلّق بالطاقة الاستيعابية للمطارات وحجم المدن المستضيفة، وتحدثت الرسالة عن أن هذه الشروط غير منصفة، وتتعارض مع مبدأ الشفافية. متطلبات الفيفا الفيفا ردَّ من جهته على اعتراض المغرب، وقال في تصريح صحفي، إن الغرض من نظام التقييم التقني للعروض، هو معرفة هل تستجيب ملفات الدول الراغبة في الترشيح، للحدود الأدنى من المتطلبات في البنى التحتية والاستثمارات والعائدات المالية، متحدثة عن أن جلّ العناصر في هذا النظام التقييمي، ليست شروطا تؤدي إلى استبعاد ملف ما. وأضاف الفيفا أنه أرسل النظام التقييمي إلى المرّشحين، بعد المصادقة عليه من الجهة المختصة، متحدثا عن أن أساس تحضير الملف الخاص بالتنظيم، لا يجب أن يكون النظام التقييمي، بل المتطلبات التي أرسلها الفيفا سابقاً، والتي تمسّ عدة جوانب منها البنى التحتية. ويقول الكاتب الرياضي في مجلة فوربس، ستيف برايس، إن الكشف بشكل متأخر عن التعديلات، التي مست النظام التقييمي الخاص بلجنة الفيفا، أمر مثير للجدل، خاصةً وأن بعض الشروط الجديدة غريبة، ومن ذلك أن تستطيع المطارات استيعاب 60 مليون مسافر سنويا، وهو رقم لا يتوافر حاليا إلّا في مطارات قليلة عبر العالم، وفق قوله. ويتابع برايس أن الفيفا سيحرص على تجنب فضائح جديدة، لذلك سيكون مفاجئا إذا ما قام بإقصاء المغرب، خاصةً أن جياني إنفانتينو، رئيس الفيفا، عبّر سابقا عن أن المغرب قادر على تنظيم نهائيات كأس العالم. ويتحدث الكاتب عن أنه إن كان صحيحا، من الناحية النظرية، وجود حظوظ كبيرة للملف الأمريكي الشمالي، فإن ذلك لا يعني أن المغرب خرج من السباق، خاصةً أن الملف الذي قدمه يؤكد قدرته على التنظيم. مقارنة بين الملفين بعيدا عن نظرية المؤامرة، يواجه المغرب تحدي جاهزية الملف الأمريكي الشمالي المشترك، الذي يملك 16 مدينة كل ملاعبها موجودة حاليا. وإذا كان المغرب سيستثمر 3 مليارات دولار في الملاعب، فالملف الآخر يقول إنه لن يتجاوز 40 مليون دولار، مخصصة فقط للتحديث. كما يلعب لصالح الملف الأمريكي، حجم العائدات المالية، المقدرة ب2.1 مليار دولار، مقابل 785 مليون للمغرب، فضلا عن أن فيفا سيربح 300 مليون دولار إضافية، من الملف الأمريكي، على شكل عقود بث. بيدَ أن المغرب يمتلك بدوره الكثير من عناصر القوة، كالقرب من أوروبا والجو الصحو، والتوقيت المناسب، ونجاحه الأمني، وتحديثه بنى الاستقبال وتطويره لكرة القدم المحلية، فضلا عن رفض الفيفا للتنظيم المشترك لكأس العالم، عامي 2010 و2018، وهو ما عبّر عنه جوزيف بلاتر، حيث كتب في تدوينة أن المغرب هو "المنظم المنطقي" لكأس العالم 2026. الفيفا يغير قناعاته يقول ستيف برايس إن هناك مشاريع مشتركة، بين عدة دول، لتنظيم نسختي المونديال عامي 2030 و2034، وإن الفيفا غيّر قناعته مؤخرا بخصوص التنظيم المشترك، بل أن هناك توجه لأن يكون التنظيم المنفرد لكأس العالم مستقبلا، أمرا نادرا. وأكبر نقطة قوة في الملف المغربي، هو الدعم الدولي الذي يحظى به، إذ أشار تقرير لسام بوردن، على موقع ESPN، إلى أن مسؤولا رسميا، على تواصل دائم مع الاتحادات القارية لكرة القدم، يتحدث عن أن المغرب يملك دعم جل اتحادات آسيا وأوروبا. ولعل من بين الركائز الأساسية، التي انبنى عليها الملف المغربي، هو قربه الجغرافي من أوربا، وبالتالي فإن عددا كبيرا من عشاق الكرة في هذه البلدان، الأكثر تمثيلية في المونديال، لن تجد أية صعوبة في تنقلها إلى المغرب، من أجل تشجيع منتخباتها في المونديال، لذلك فإن المغرب عمد إلى القيام بالعديد من الزيارات، كانت أبرزها للعاصمة الفرنسية باريس. وعبر رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم "نويل لوغريت" بأن بلاده ستدعم المغرب في سباق ترشحه لاستضافة "المونديال"، ومن المرتقب أن يساعد الدعم الفرنسي، على كسب العديد من الأصوات في القارة العجوز، مع العلم أن دول صربيا وبلجيكا، سبق لهما أن عبرا عن دعمهما للمغرب في وقت سابق. هذا فضلا عن أصوات القارة الإفريقية، مّا يعني أنه قد يصل إلى 104 أصوات، وبالتالي ضمان الفوز في مرحلة التصويت، علاوةً على انتشار شعور عالمي بالاستياء، من سياسات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.