مسار 20 سنة من الإنجازات ذاك الذي قطعته جمعية تنمية عالم الأرياف، كان جديرا بالاحتفاء والتقييم وتقديم حصيلة المجهودات التي تراكمت على مدى عقدين من الزمن. أعضاء الجمعية الذين نظموا ندوة صحفية الخميس الماضي بالرباط، قدموا عمل الجمعية منذ تأسيسها يوم 27 دجنبر 1997 إلى غاية اليوم، والمخططات والبرامج التي تعتزم الجمعية العمل عليها طيلة السنوات القادمة. اللقاء الذي احتضنه معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالعاصمة الرباط، عرف تقديم مجموعة من الشهادات الحية لعدد من الجمعويين والمتطوعين وشاهدين، أيضا، على عمل الجمعية، والذين أجمعوا كلهم على المجهودات الكثيرة التي بذلت من أجل النهوض بأوضاع ساكنة الجبال وفك العزلة عن عدد من الدواوير. وكشف عشرات المتدخلين عن كواليس العمل الذي قامت به جمعية "تنمية عالم الأرياف" التي يرأسها الأستاذ مولاي إسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، حيث أبرزوا أهم التحديات التي واجهت الجمعية منذ البداية وإشكالية التمويل وعددا من الإكراهات، مؤكدين على أن ما تحقق على أرض الواقع لا يمكن وصفه بالكلمات والصور فقط. إذ أوضحوا أن منجزات الجمعية لم تساهم فقط في فك العزلة عن بعض الدواوير، كما لا يرتبط عملها بالتشييد والتجهيز فقط، وإنما "معنويا" بشكل أكبر وذلك من خلال "البهجة" وروح الأمل التي بثتها الجمعية في نفوس المئات من ساكنة الدواوير الجبلية بالأطلس الكبير والمتوسط. من جانبه، قدم مولاي إسماعيل العلوي رئيس جمعية تنمية عالم الأرياف، عرضا حول عمل الجمعية خلال السنوات الماضية منذ تأسيسها وكذا المؤسسات التي تربطها اتفاقيات شراكة مع الجمعية. في هذا الإطار قال العلوي إن الجمعية شيدت نحو 40 قنطرة بين سنتي 2009 و2017، مضيفا أن هناك ما يزيد عن 12 قنطرة أخرى في طور البناء للمساعدة على فك العزلة عن عدد من الدواوير الجبلية. وكشف رئيس جمعية تنمية عالم الأرياف المعروفة اختصارا ب "أدمر" أن الجمعية ستلتمس الإحسان العمومي كما ستطلق حملة للتبرع والمساهمة من قبل المواطنين الميسورين، من أجل تشييد ما يزيد عن 100 قنطرة وذلك قصد فك العزلة عن عشرات الدواوير بمجموعة من الأقاليم الجبلية الواقعة بالأطلسين الكبير والمتوسط. كما كشف العلوي، في ذات اللقاء الذي سيرته نديرة برقليل الكاتبة العامة لجمعية تنمية عالم الأرياف، أن الجمعية تستقبل مئات الطلبات ومئات الاتصالات بشكل متكرر من قبل عدد من المواطنين بمختلف المدن والأقاليم، وخصوصا منها القروية والجبلية، والذين يطالبون من الجمعية أن تحل بمناطقهم من أجل فك العزلة عنهم. وأوضح العلوي الذي حصل على الجائزة الأولى للمجتمع المدني لسنة 2017، أن بناء هذه القناطر والجسور التي تتم في إطار برنامج "قناطر التنمية والتضامن" (جسر التنمية والتضامن)، يهدف إلى فك العزلة عن سكان الأرياف من خلال إنشاء جسور صلبة ومقاومة لفيضانات الوديان، مع تحقيق نمو اقتصادي كبير في التكلفة النهائية لهذه المشاريع. وأبرز العلوي أن عمل الجمعية ينبني على مجهودات لطاقم كبير يقوده مجموعة من "المتقاعدين" فضلا عن بعض الشباب ومجموعة من الوزارات والمؤسسات العمومية الشريكة كالمكتب الوطني للسكك الحديدية والمكتب الوطني للتكوين المهني والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومصالح وزارة الداخلية والمجالس الإقليمية للأقاليم المستفيدة. مشيرا إلى أن تكاثف هذه الجهود مكن من وجود 12 قنطرة أخرى في طور البناء بالإضافة إلى أكثر من 80 قنطرة تمت دراستها ويجري البحث عن التمويل من أجل إنجازها. وبشكل طريف، أشار العلوي إلى أن عددا من أعضاء الجمعية متقاعدون "تقدموا في السن"، داعيا الشباب والكهول إلى الانخراط في صفوف الجمعيات والعمل على التطوع من أجل فك العزلة عن ساكنة الجبال وتنمية الأقاليم والدواوير الجبلية. العلوي لم تفته الفرصة من أجل الإشادة بعدد من الشباب الذين انخرطوا في دينامية الجمعية ويعملون إلى جانبها من أجل تنفيذ برامجها، خصوصا الشباب من خريجي معاهد التكوين المهني وكذا الشباب المتمرسين في مجال البناء والتشييد. بالإضافة إلى المؤسسات التي تفتح أبوابها أمام الجمعية وتساهم إلى جانبها في تمويل عدد من المشاريع. هذا وسجل رئيس "أدمر" أن الجمعية في نهجها المتمثل في معالجة مشاكل سكان الريف وتنفيذ تدخلاتها، تقوم بدور الوسيط بين الجماعات القروية من جهة والدولة والجماعات الترابية والقطاع الخاص من جهة ثانية، مشيدا بالخبرة التي اكتسبتها الجمعية والمكانة الخاصة التي تتبوؤها في المشهد الجمعوي، مؤكدا على أن هناك مجهودات تبذل من أجل مضاعفة هذه الدينامية وفتح أوراش في مجموعة من الأقاليم التي تصلها الجمعية خصوصا في جبال الريف والمناطق الشرقية. إلى جانب ذلك عرف اللقاء عرض شريط وثائقي لعدد من منجزات الجمعية بأقاليم شيشاوة، الحوز، أزيلال، بولمان، ميسور، أوطاط الحاج، وأقاليم أخرى، إذ يقدم الشريط في أقل من نصف ساعة مجموعة من المشاريع التي شيدتها جمعية تنمية عالم الأرياف "أدمر"، كما يظهر شريط الفيديو الذي أنتجه عدد من الشباب المتطوع من إقليم الريش، شهادات عدد من السكان الناطقين باللغة الأمازيغية، والذين أوضحوا كيف كانت الظروف من قبل ومن بعد المشاريع التي قامت بها أدمر. كما يظهر الشريط الأوضاع الصعبة التي تعرفها مجموعة من الدواوير التي تعاني عزلة تامة بسبب غياب المسالك ولا سيما في فصل الشتاء وفترات تساقط الثلوج التي تحاصرهم بشكل مطلق وتقطع تواصلهم مع العالم الخارجي. من جهة أخرى، أشاد ممثلون عن كتابة الدولة المكلفة بالماء، والمصالح الإدارية لوزارة الداخلية وكذا وزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، والمكتب الوطني للسكك الحديدية، بالإضافة إلى ممثلين عن مجموعة من المجالس الإقليمية المنتخبة، (أشادوا) بالمجهودات الكثيفة التي تبذلها جمعية "أدمر" من أجل تنمية الأرياف والنهوض بساكنها. وجدد ممثلو هذه المؤسسات والهيئات تأكيدهم على الاستمرار في تدعيم الجمعية والعمل إلى جانبها في إطار الشراكة من أجل تطوير النهوض بالعالم القروي وتنمية ساكنة الجبال والقرى وكذا الانخراط في الأوراش التي تفتحها الجمعية الهادفة إلى تحقيق المصلحة العامة. جدير بالذكر أن جمعية "أدمر" أطلقت مجموعة من البرامج من أجل خدمة الساكنة والمواطنين والتي استفادت منها عدد من الجهات والأقاليم، ومن بين هذه المشاريع ما هو مرتبط بالبنية التحتية ومنها ما هو مرتبط ببرامج تكوينية كبرنامج محاربة الأمية بعدد من دواوير إقليمسيدي سليمان بجهة الغرب، حيث استفادت ما يزيد عن 600 مواطنة من التكوين ومحاربة الأمية. كما أطلقت الجمعية برنامجا آخر سمي "دواري إيفولكي" باللغة الأمازيغية والتي تعني باللغة العربية "قريتي الجميلة"، ويهم التنمية المندمجة للدواوير عبر تدخلات مرتبطة أساسا بترميم البيوت والتزود بالماء الصالح للشرب وتطهير السائل، والذي استفادت منه عدد من الدواوير كدوار أزرو الواقع بالقرب من مركز عمالة إقليمالحوز في تحناوت. فضلا عن ذلك، تطلق الجمعية بشكل مستمر مجموعة من القوافل الطبية الموجهة للأقاليم المذكورة، والتي يستفيد منها مئات المواطنات والمواطنين بالجبال. إذ شملت تدخلات الجمعية، أيضا، المجال الصحي لتقريب الخدمات الصحية لسكان المناطق الجبلية خاصة في إقليمالحوز، هذا بالإضافة إلى برامج أخرى مرتبطة بالتنمية الفلاحية والتنمية المرتبطة بمجالات تكوين الشباب القروي والسقي والطاقات المتجددة وحماية البيئة. جدير بالذكر أن جمعية "أدمر" تأسست سنة 1997 وتمكنت من تشييد أول قنطرة سنة 2009، كما حظيت بالاعتراف بالمنفعة العامة سنة 2017، حيث يتمثل عمل الجمعية بصفتها ذات المنفعة العامة، في التدخل في العديد من ميادين التنمية القروية مثل تكوين الشباب والنساء، ومحو الأمية، ودعم الخريجين الشباب في إطلاق المشاريع الصغيرة، وبناء الجسور، والمسارات، والإدارة المتكاملة للدواوير. كما يذكر أن الجمعية تمكنت من الفوز في نونبر 2017، بالجائزة الوطنية الأولى للمجتمع المدني بالمغرب، كما سبق وأن شاركت بقمة المناخ "Cop22" بالمنطقة الخضراء.