الفنان التشكيلي سيدي محمد ولد احمدو يحيى المعروف باسم سيدي يحيى، مزداد عام 1969 بنواكَشوط، أستاذ الفنون البصرية بالثانوية الأمريكية والثانوية الفرنسية Les Meharées ، الذي سبق له إقامة عدة معارض ببلده وبالمغرب والسينغال وفرنسا وشارك في أخرى جماعية بالجزائر وتونس وإسبانيا والإمارات العربية المتحدة. الفرصة كانت مواتية لزيارة الفنان بمرسمه الكائن بالعاصمة حيث يعيش ويشتغل والاطلاع على عالمه الصباغي الموسوم بالاشتغال على العلامات والرموز المستوحاة من تراث بلاده.. يتفرّد بمحاورة الرموز والعلامات التراثية المستوحاة من الثقافة الشعبية الموريتانية يساعده في ذلك تفتحه وثقافته التشكيلية والأدبية التي تجعله يدرك أهمية التراكيب والنتوءات اللونية والتوليفات الهندسية التي يستعين بها في معالجة اللوحة. تحمل لوحاته بصمات إحساسه وقدرته على التخييل، حيث يُداعب فرشاته من غير ضجيج أو تكلف أو ادِّعاء. ولكل لوحة من لوحاته منطقها البصري الخاص بها. فهي مشبعة بطراوة الألوان الطافحة والفياضة، وكثيراً ما تتفجَّر فيوضاتها اللونية والمشهدية. وبقدر ما هي لوحات، هي أيضاً فضاءات ومرائي تتداخل فيها خيالات وأطياف تلاحقنا من كل زوايا اللوحة، ما يجعل أعماله التصويرية بوجه عام تغري بأكثر من قراءة وتأويل، انسجاماً مع كلام رائد الدادائية الفرنسي مارسيل دو شامب M. Duchamp : "إن الناظرين هم الذين يصنعون من اللوحات لوحات". فبفعل مدركاته البصرية واستخدامه لخطوط رخوة وأخرى متوترة سريعة التنفيذ، فإن اللوحات التي رسمها الفنان سيدي يحيى تنساب في لدونة صافية، الأمر الذي يمنحها الحيوية الضرورية التي تقود المتلقي إلى استشفاف البنية التعبيرية لعناصر البناء والتكوين، ومنها الخدوش والكتل المكتظة بالخطوط المنفلتة والمقطعات المساحية الحرَّة، غير المؤطرة، فضلاً عن الألوان الشفيفة والألوان الترابية ببعض درجاتها الضوئية والظلية.. لذلك، غدت القطع الموسيقية مصدر انفعالاته ومنطلق إبداعه الجديد الذي انسكبت فيه العديد من الدلالات والمعاني الأيقونية Iconiques ذات الاتصال المباشر وغير المباشر بالأرض والجذور والتراث الوطني.. إن الفنان يحيى بهذا المنجز التشكيلي، المتمثل في إنجاز اللوحة الصباغية، يظهر ملتزماً بميثاق التصوير ويبحر في محيطاته ومسالكه البصرية المتعدِّدة. إنه بأسلوبه الفني الذي يجمع بين التجريدية والتعبيرية، يُمارِسُ نوعاً من الإغواء التشكيلي الذي يثير فضول المتلقي..