بعد العديد من الخرجات الإعلامية لمسؤولين حكوميين تنفي أو تؤكد رفع الدعم عن المواد المدعمة من قبل صندوق المقاصة، قطع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني الشك باليقين، حيث قال إن إصلاح نظام المقاصة يعد "إجراء لا مناص منه" بعد أن أثبتت الدراسات والتحليلات وجود عدة اختلالات تمثلت، أساسا، في عدم استقرار الغلاف المالي المخصص للدعم بسبب ارتفاع الأسعار الدولية للمواد المدعمة وتزايد الطلب الداخلي على هذه المواد. وأشار العثماني، أول أمس الثلاثاء في معرض جوابه على السؤال المحوري حول "سياسة الحكومة في تدبير صندوق المقاصة وانعكاساته على القدرة الشرائية للمواطنين"، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين، إلى أن إصلاح نظام المقاصة يعتبر "إصلاحا هيكليا" يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوجيه موارد المالية العمومية لدعم الاستثمار والبرامج الاجتماعية. وأكد سعد الدين العثماني أن الحكومة ستعمل جاهدة على توفير الشروط الملائمة لمواصلة إصلاح منظومة المقاصة لبلوغ هدف التقسيم العادل للإمكانيات المتاحة واستهداف الفئات المحتاجة، تحقيقا للعدالة الاجتماعية المنشودة. وقال رئيس الحكومة، إن مادة الغاز بوتان لم تعرف أسعارها أي زيادات منذ عشرات السنين، وذلك بالنظر إلى الدور الحيوي الذي تشكله بالنسبة للمعيش اليومي للمواطن المغربي. وأضاف أنه على الرغم من أن غاز البوتان يكتسي أهمية لدى الأسر الفقيرة والمتوسطة، فإن هذا الدعم تستفيد منه الفئات الغنية، لذلك فإن الحكومة عازمة على رفع الدعم تدريجيا عن مادة البوتان، بهدف الزيادة في الاعتمادات الموجهة إلى تمويل سياسات وبرامج التنمية الاجتماعية، ودعم الفئات الهشة والمحتاجة. ولإعادة التوازن إلى قطاع السكر والتقليص من التبعية للأسواق الخارجية والرفع من مردودية القطاع الفلاحي المنتج للنباتات السكرية، أوضح العثماني، أنه تم اعتماد عدد من الإجراءات تتمثلفي الرفع من مداخيل الفلاحين المنتجين للنباتات السكرية عبر الرفع من ثمن الشمندر وقصب السكر على مرحلتين، وتحيين مستوى الثمن المرجعي، واعتماد برنامج تعاقدي جديد يهدف إلى تأهيل هذا القطاع. وبالنسبة لقطاع الدقيق الوطني، أبرز العثماني أنه تم التقليص من حصة الدقيق الوطني الموزع وحصرها في 6 ملايين قنطار برسم سنة 2016، بدل 9 ملايين قنطار، مع تحيين الدورية الوزارية المتعلقة بإنتاج وتوزيع الدقيق الوطني للقمح اللين، وإدراج مقتضيات من شأنها إعادة هيكلة هذا القطاع وتحسين جودة الإنتاج، كما تم تكثيف المراقبة وتشديد الإجراءات الجزرية المتعلقة بجودة الدقيق المدعم. وفي السياق ذاته أوضح العثماني، أن الحكومة لن ترفع الدعم إلا بعد توفير الأرضية المناسبة لاستهداف ناجع وفعال للفئات المستحقة لمختلف البرامج الاجتماعية، مبرزا أنه تم تخصيص اعتمادات مهمة بلغت هذه السنة 13 مليار درهم لدعم أسعار المواد الاستهلاكية من غاز البوطان والسكر والدقيق الوطني للقمح اللين، وذلك حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين. وتابع أن الحكومة شرعت في إنجاز "السجل الاجتماعي الموحد"، وهو مشروع معلوماتي لاستهداف الفئات المستفيدة من البرامج الاجتماعية، وذلك في إطار الإجراءات المواكبة للإصلاح الشامل لنظام المقاصة. مضيفا أن هذا السجل سيشكل قاعدة معلوماتية شاملة ستمكن من توحيد المعلومات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين والأسر من أجل إعطاء رؤية واضحة حول الفئات الهشة والفقيرة، وذلك لحسن استهدافها وتعزيز التناسق بين هذه البرامج، مما سيمكن من تصور وتنفيذ برامج اجتماعية أكثر إنصافا وشفافية ونجاعة. وأشار إلى أن هذا النظام المعلوماتي المندمج يتوخى حل مختلف الإشكاليات التقنية التي تشكل عائقا أمام تنفيذ نظام استهداف ناجع وفعال يمكن من إيصال الاستفادة الفعلية من البرامج الاجتماعية إلى الفئات التي تستحقها فعليا، حيث سيشكل السجل الاجتماعي الموحد المنطلق الوحيد للولوج لكافة البرامج الاجتماعية. وجدد العثماني، تأكيده على أن الحكومة عازمة، على مواصلة هذا الإصلاح من خلال رفع الدعم تدريجيا عن المواد المتبقية بهدف الزيادة في الاعتمادات الموجهة لتمويل سياسات وبرامج التنمية الاجتماعية، ودعم الفئات الهشة والمحتاجة، ويتعلق الأمر بمواد غاز البوتان، والسكر، والدقيق. هذا وتجدر الإشارة إلى أن تحملات صندوق المقاصة، بالنسبة لغاز البوتان سجلت ما بين 2016 و2017 ارتفاعا ملحوظا بحوالي 48 في المائة، ويعود هذا الارتفاع بحسب تقرير صندوق المقاصة لشهر نونبر الخاص بأنشطة شهر أكتوبر، إلى ارتفاع أسعار الغاز بوتان في السوق الدولي، وكذا إلى تغير بنية الأسعار خلال السنة الماضية. كما عرفت تحملات دعم السكر هي الأخرى ارتفاعا بواقع 2.6 في المائة، وكلف دعم المادتين ميزانية الدولة خلال عشرة أشهر نحو 1100 مليار سنتم (11 مليار درهم).