ساعات من الأمطار القوية والتساقطات الثلجية الكثيفة التي شهدتها بلادنا، خلال اليومين الماضيين، كانت كافية لتعزل عددا من دواوير وقرى المملكة. وحسب مجموعة من الشهادات التي استقتها "بيان اليوم" من سكان عدد من المناطق، فإن الثلوج حاصرت مجموعة من الدواوير بالمناطق الجبلية، كخنيفرة، وأزيلال، وبني ملال، وشفشاون وإيموزار كندر ووارزازات.. والتي أكدت ساكنتها أنها عرفت تساقطات غير مسبوقة، من الثلوج وسجلت "أرقاما قياسية". كما كشفت مجموعة من مقاطع الفيديو المصورة والمتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي حجم التساقطات الثلجية التي عرفتها جبال المملكة، والتي فاق علوها في بعض المناطق مترا واحدا، مما أوقف حركة السير على مستوى عدد من الطرق الحيوية الرابطة بين هذه المناطق والمدن الأخرى. في هذا السياق عرفت جهة درعة – تافيلالت ساعات من العزلة بعد انقطاع حركة السير على مستوى الطريق الوحيد الذي يربطها بجهة مراكش – آسفي عبر منعرجات تيزي نتيشكا التي اكتست "البياض" بشكل كلي، قبل أن تعمل فرق اليقظة بالمنطقة التابعة لمصالح الداخلية ووزارة التجهيز والنقل على إزاحة الثلوج وإعادة فتحها أمام حركة المرور. هذا وكشفت عدد الصور ومقاطع الفيديو عن تساقطات ثلجية كثيفة بمناطق لم تعرف تساقطات ثلجية بكثافة منذ ما يزيد عن 20 سنة، ومنها قرى بجهة بني ملال – خنيفرة كمنطقة زاوية الشيخ، وبوتفردة، القصيبة، وتيزي نيسلي، وتفرضين، واغرغر، والدمنات، وايت امحمد، وايت بوكماز، وتيلكيت، وضواحي إقليمأزيلال. حيث تسببت الثلوج في عزل عدد من هذه الدواوير والتي أكد سكانها أنهم يعانون من مشكلة نقصان أو انعدام التزود بالمواد الأساسية والمؤن ومواد التدفئة في ظل العزلة المفروضة قسرا عن المناطق المجاورة. من جهة أخرى، سجلت مديرية الأرصاد الجوية أزيد من 57 ملمتر من التساقطات المطرية بالرباط خلال ليلة الأحد – الاثنين، و28 ملمتر بالجديدة، فضلا عن 20 ملمتر بالدار البيضاء، و17 بطنجة، و14 بالصويرة، و12 بالقنيطرة، فيما سجلت باقي المدن أقل من 11 ملمتر. وأوضح حسين يوعابد مسؤول التواصل بمديرية الأرصاد الجوية، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، أن هذه التساقطات شملت مختلف مناطق المملكة الشرقية والغربية والشمالية إلى حدود بعض المناطق الجنوبية. كما كشف يوعابد أن الأمطار رافقتها تساقطات ثلجية كثيفة بمرتفعات الأطلس والهضاب العليا وجبال الريف حيث سجلت المديرية أعلى نسبة بجبال أزرقي، وأزيون، وأبوي بأزيلال، والتي بلغت فيها التساقطات الثلجية 55 سنتمتر في السفوح فيما فاقت 90 سنتمتر في القمة. وعلى مستوى إقليمورزازات، وبالضبط بتيزي نتيشكا، سجلت المديرية أزيد من 60 سنتمتر في القمة مقابل 25 في السفوح، بالإضافة إلى مناطق خنيفرة، والشاون، والريف، والهضاب العليا الشرقية، والمرتفعات التي تراوح فيها ارتفاع الثلوج ما بين 20 و35 سنتمتر. وعن أحوال الطقس خلال الأيام الجارية، أوضح يوعابد أن الجو سيعرف استقرارا بمختلف مناطق المملكة يومه الثلاثاء، مع انخفاض ملحوظ في درجة الحرارة التي تتراوح ما بين 0 و-5 تحت الصفر خلال الليل، وما بين 0 و4 خلال النهار، فيما أكد ذات المتحدث أن الجو سيعود للاضطراب ابتداء من الساعات الأولى ليوم غد الأربعاء، بحيث ستعود الأمطار والتساقطات الثلجية لمختلف مناطق المملكة. في سياق متصل، علمت "بيان اليوم" أن اجتماعا ترأسه وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت، يوم السبت الماضي بالرباط، بمقر وزارة الداخلية، جمع كل من القطاعات الحكومية والمصالح الأمنية المعنية بالبحث عن السبل الكفيلة بمواجهة موجة "البرد القارس" التي تجتاح عددا من عمالات وأقاليم المملكة. وحسب قصاصة نشرتها وكالة المغرب العربي للأنباء فإن هذا الاجتماع الذي ترأسه وزير الداخلية، يروم استكمال تدارس الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها سابقا للحد من تداعيات موجة "البرد القارس" وتخفيف آثارها على الساكنة المحلية. في هذا الإطار قال لفتيت "إن وزارة الداخلية على وعي تام بمتطلبات المرحلة وهي على استعداد بمصالحها المركزية والإقليمية وجميع المصالح المعنية، من درك ملكي وقوات مساعدة ووقاية مدنية وكل مكونات السلطة المحلية للقيام بالواجب في تخفيف العبء على الساكنة تنفيذا للتعليمات الملكية السامية"، داعيا، حسب قصاصة "لاماب"، جميع القطاعات الحكومية والمتدخلين للتعبئة وفقا لما تقتضيه الظرفية. كما أكد على جاهزية عملية توزيع المساعدات الغذائية الخاصة بالفئات المستهدفة داخل الأقاليم المحصية في هذا الشأن. والتي قال إن عددها يبلغ 22 إقليما. هذا وأوضح لفتيت أن وزارة الداخلية قامت بتنفيذ تعليمات جلالة الملك بتطبيق مقتضيات المخطط الوطني الشامل الذي استهدف هذه السنة 205 دوارا تابعا ل 169 جماعة محلية عبر 22 إقليما، بمجموع ساكنة يقارب 514 ألف نسمة، مبرزا أن الوزارة قامت خلال الموسم الحالي بتفعيل مركز للقيادة واليقظة على مستوى وزارة الداخلية من أجل تأمين تتبع تطور الوضع وتنسيق عمليات التدخل وحث ولاة وعمال الجهات والأقاليم المعنية على التعبئة واتخاذ الإجراءات الاستباقية والاحترازية اللازمة عبر مجموعة من التدابير. وأعلن المسؤول الحكومي أن هذه التدابير تهم أساسا تحديد أماكن تخزين ونقط بيع حطب التدفئة من طرف المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، وتعبئة الآليات التابعة لمصالح الدولة وكذا تلك التي هي في ملك الخواص عند الحاجة وتموقعها بالقرب من المسالك المهددة بالانقطاع من أجل فك العزلة، وتأمين التدخل الفوري بواسطة مروحيات الإسعاف التابعة للدرك الملكي ووزارة الصحة لإنقاذ السكان المتواجدين في حالات حرجة واستعجالية كالنساء والحوامل. كما تضمنت هذه التدابير، يضيف الوزير، تفعيل اللجان الإقليمية لليقظة والتتبع والتقييم المستمر للوضعية الميدانية وضمان التموين العادي للمناطق المعنية بالموارد الأساسية الضرورية وبمختلف وسائل التدفئة، ومواصلة أشغال ربط هذه الدواوير بالشبكة الهاتفية، والسهر على توفير وتوزيع العلف للماشية نظرا لاعتماد ساكنة هذه المناطق على تربية الماشية. وذكر لفتيت في هذا الصدد، بالدور المحوري الذي اضطلعت به اللجنة الوطنية والمتمثل أساسا في مواكبة عمل اللجان الإقليمية وتنزيل المخطط الوطني لهذه السنة من خلال إعداد دفعة أولى من المواد الغذائية الأساسية تضم 26 ألف حصة من ضمن 50 ألف تم تأمينها لهذه الغاية، توصلت بها أقاليم الحوز والحسيمة، وبني ملالوأزيلال وبولمان وشفشاون، وخنيفرة وإفران وميدلت وتاوريرت، وتارودانت، وتازة وتنغير. بالإضافة إلى ذلك تم إحصاء وتتبع 3681 امرأة حامل، تم التكفل ب 205 من المقبلات منهن على الولادة بالمراكز الصحية أو دور الأمومة إسوة بما تم القيام به في الموسم الفارط، ومد أقاليم الحوز والحسيمة وبني ملالوأزيلال وبولمان وشفشاون، وخنيفرة، وافران وميدلت وتاوريرت، وتارودانت وتازة وتنغير ب 26 ألف و650 من الأغطية كدفعة أولى، فضلا عن تهيئة 900 منصة لنزول الطائرات المروحية المعبئة لهذه الغاية والتابعة لمصالح الدرك الملكي ووزارة الصحة بنسبة تغطية تراوح 75 بالمائة. ومن جملة الإجراءات، أيضا، تمت تغطية 1075 دوارا بشبكة الهاتف الخلوي بنسبة 89 بالمائة، ويجري العمل على إعداد برنامج خاص لتغطية ما تبقى بالهاتف عبر الأقمار الاصطناعية، كما تم التنسيق مع مديرية الطرق التابعة لوزارة التجهيز والنقل من أجل توظيف 75 سائقا إضافيا لآليات إزاحة الثلوج في إطار تعاقدي برسم هذا الموسم لمواجهة الخصاص المسجل على صعيد الموارد البشرية. من جهة أخرى أكدت كاتبة الدولة المكلفة بالماء، شرفات أفيلال على الحرص على توصل كافة المواطنين بالنشرات الإنذارية الخاصة لاتخاذ الاحتياطات اللازمة مشيرة إلى أن كتابة الدولة المكلفة بالماء منخرطة في إطار المجهودات التي تروم فك العزلة عن المواطنين بقرى وأقاليم المملكة. في ذات الصدد، قال وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة عزيز الرباح، إن المكتب الوطني للكهرباء والماء عبأ كافة الإمكانيات اللوجستيكية والبشرية والآليات الضرورية لمواجهة حالات الانقطاع أو الطلب المتزايد على الكهرباء خصوصا في هذه الظروف الجوية الحادة، من خلال فرق تدخل كبيرة وتسخير إمكانيات احتياطية، بالإضافة إلى تأمين عدد كافي من قنينات الغاز المستعملة في التدفئة بالأقاليم المعنية بموجة البرد، وذلك بتنسيق مع كافة القطاعات الوزارية. وبالنسبة لقطاع الصحة، أبرز وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، وزير الصحة بالنيابة عبد القادر اعمارة، أنه تمت تعبئة 660 طبيبا وأكثر من 1950 من الممرضين وحوالي 43 مستشفى و9 وحدات صحية متنقلة وأكثر من 400 سيارة إسعاف خلال هذه المرحلة، مضيفا أنه تمت، على مستوى التجهيز تعبئة أكثر من 950 آلية لإزاحة الثلوج بالإضافة إلى التعاقد مع عدد إضافي من سائقي هذه الآليات، لتغطية أكثر من 5 آلاف كيلومتر من الطرقات المغطاة بالثلوج، وكذا تفعيل بعط التطبيقات الهاتفية لإرشاد مستعملي الطريق حول الانقطاعات المحتملة.