يتتبع المهنيون المغاربة باهتمام شديد تداعيات أزمة الديون اليونانية على منطقة الأورو وانعكاساتها المحتملة على بعض القطاعات الاقتصادية المغربية. وفيما يتطلع المهنيون بقطاعات تتعامل بشكل كبير مع اسواق الاتحاد الأروبي، كأنشطة التصدير والسياحة، إلى مدى التأثير الذي سيكون لهذه الأزمة على نشاطاتهم. ------------------------------------------------------------------------ حيث من شأن التدهور الذي تشهده عملة الأورو مقابل الدولار، وبالتالي، انزلاقه في عمليات صرفه مع الدرهم احتسابا لنسب هاتين العملتين في سلة صرف هذا الدرهم، ان يقلص من تنافسية هذه القطاعات، هذا إضافة إلى القلق بشأن ما قد يكون لتدهور العملة الأوربية الموحدة من ارتفاع في كلفة الواردات، وامكانيات تدهور القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة. اما على مستوى المديونية الخارجية للمغرب فإن الجزء الأعظم منها مقوم بالدولار، وبالتالي، فإن تأثير التدهور في قيمة الأورو على قيمة الديون يبقى محدودا مقارنة مع ما يحصل في حال تقلبات قيمة الدولار الأمريكي مقابل الدرهم. وعلى المستوى الرسمي تعمل لجنة اليقظة الاستراتيجية، التي أحدثتها الحكومة عقب الأزمة المالية العالمية التي سادت منذ 2008، على مراقبة تطورات أزمة ديون اليونان وانعكاساتها المحتملة على الاقتصاد الوطني. وسط هذه الأجواء قال المدير العام لصندوق النقد العربي، جاسم المناعي، إن أزمة ديون اليونان تشكل خطرا على مسيرة تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات الأزمة المالية العالمية. وأضاف أن تأثيرات هذه الأزمة قد تلقي بظلالها على اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي كافة. وشدد المسؤول ذاته، على أنه رغم بروز بعض المؤشرات التي أخذت تلوح في الأفق حول بداية التعافي الاقتصادي من تبعات الأزمة، إلا أن ما يعانيه اليونان من ارتفاع شديد في عجز الموازنة والدين العام يثير كثيرا من التخوفات تجاه التعافي الاقتصادي العالمي.++ وأضاف المدير العام لصندوق النقد العربي أن العالم يمر بظروف اقتصادية صعبة جراء تداعيات الأزمة المالية التي عصفت بالعديد من الاقتصادات العالمية بسبب أزمة الرهن العقاري. ولاحظ أن العديد من الدول في جميع أنحاء العالم قامت بزيادة الإنفاق للمساهمة في مكافحة آثار الأزمة المالية العالمية، وصاحب ذلك تسجيل خسارة في الإيرادات بسبب الركود الاقتصادي، مما أثر على استقرار الموازنات المالية العامة لدى العديد من الدول. وتحتاج اليونان إلى 45 مليار أورو لسداد الديون المستحقة عليها خلال سنة 2010). كما تحتاج للمبلغ ذاته سنة 2011، وآخر مماثل في ما بعد، لإعادة تمويل ديونها، إضافة إلى 70 مليار أورو من ديونها الجديدة لتغطية تراكمات عجز الميزانية حتى سنة 2014. لكن مدير صندوق النقد الدولي، دومينيك ستراوس كان، يبقى متفائلا بشأن إمكانية تجاوز هذه الأزمة.فحسب كان لا يوجد "أدنى شك" بأن البرنامج "الصعب جدا" لمساعدة اليونان الذي أقره الصندوق والاتحاد الأوروبي سيتيح لهذا البلد الخروج من الأزمة.وأضاف "أنه برنامج صعب جدا" و"قاس" بسبب الاصلاحات الهيكلية التي طلبت من أثينا ولكنه "الحل الجيد الذي يتيح لليونان النهوض من أزمتها"، مؤكدا أن الاقتطاعات في الميزانية التي أقرتها الحكومة اليونانية "سوف تعطي نتائجها". وفي ارتباط بهذه الأزمة انتقد جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الاوروبية ما أسماه بأوجه القصور في عمل وكالات التصنيف الائتماني، معتبرا أن هذه الوكالات سمحت للاجواء المتشائمة التي تشهدها الاسواق المالية بأن تؤثر على أحكامها. وتأتي تصريحات باروزو، التي تعد الاشد من نوعها التي تصدر عن رئيس المفوضية الاوروبية، وسط مشاعر إحباط متنامية بين مسؤولين كبار إزاء وكالات التصنيف الائتماني لكونها خفضت من تصنيف اليونان التي توجد على شفا حفرة من انهيار مالي. كما تأتي هذه التصريحات في أعقاب تحذير صدر في وقت سابق عن ميشيل بارنييه المفوض الاوروبي المسؤول عن إصلاح الخدمات المالية وتعزز بدرجة أكبر فرص فرض قيود أوروبية أكثر صرامة على القطاع. وأكد باروزو أن أوجه القصور السالفة الذكر جعلت "التصنيفات وقتية بشكل مبالغ فيه وتفرط في الاعتماد على المزاج العام في السوق أكثر من العوامل الاساسية.. بغض النظر عما اذا كان المزاج السائد في السوق مفرطا في التفاؤل أو مفرطا في التشاؤم". ولمح رئيس المفوضية الى احتمال فرض المزيد من القيود في هذا القطاع. وستذهب هذه القيود الى مدى أبعد من القوانين الجديدة التي يبدأ تطبيقها في وقت لاحق من هذه السنة، والتي تطالب وكالات التصنيف بتفسير المعايير التي تعتمدها، والتي تحدد بقاء أي بلد ماليا. وكان بارنييه قد نبه في وقت سابق وكالات التصنيف الائتماني إلى ضرورة مراقبة خطواتها عندما تصدر حكما بشأن الاداء المالي لبلد ما، قائلا إن المفوضية ستحقق في الكيفية التي تعمل بها هذه الوكالات وربما تحدث وكالة مركزية لتتولى عمل هذه الوكالات.