استطاعت الجامعة الوطنية للأندية السينمائية طيلة أربع وأربعين سنة من عشق السينما والشغف بها والمساهمة في عملية تطويرها والدفاع عنها، أن تصل إلى التأثير في عشاق هذا الفن السابع البهي وجعلهم يؤثرون بدورهم في المشهد الثقافي المغربي في شكل واضح وجلي. وهي طيلة هذه السنوات، ساهمت أيضاً في تطوير النقد السينمائي والانتقال به من مرحلة الشفاهية ومناقشة الأفلام السينمائية المعروضة وتقديمها للجمهور إلى مرحلة الكتابة عن هذه الأفلام وإصدار الأحكام النقدية حولها وتوضيح الجيد منها في مقابل غيره. كما حرصت على تنظيم الجامعة الصيفية للسينما في شكل سنوي منذ سنة 2012. هذه الجامعة التي وصلت هذه السنة إلى دورتها التاسعة، الدورة التي تبدت ناجحة جداً بكل المقاييس التنظيمية والثقافية. هذه الدورة انعقدت في كل من مدينتي الدارالبيضاءوالمحمدية، فقد شهدت مدينة الدارالبيضاء لحظات الافتتاح البهية حيث أُلقيت كلمات مرحبة بالحاضرين من شركاء ومؤطرين ومشاركين، وشكرت كل الداعمين لهذا الحدث السينمائي المميز. كما كان هناك تكريم خاص برشيد عبد الكبير، باعتباره تقلد مسؤولية رئاسة الجامعة الوطنية للأندية السينمائية في فترة (1996-1994) وكان عنصراً فاعلاً، صحبة العديد من الفاعلين السينمائيين المنخرطين في هذا الإطار، في التطورات الإيجابية التي عرفتها. بالإضافة إلى تقديم أعضاء لجنة التحكيم التي تكونت من المخرج السينمائي عبد الكريم الدرقاوي والإعلامية جميلة عناب والممثلة مريم باكوش والسينيفيلي ادريس اليعقوبي. وقد تم في الأخير عرض فيلم الافتتاح الذي كان هو فيلم «مسافة ميل بحذائي» للمخرج سعيد خلاف. أما مدينة المحمدية فشهدت لحظات الاختتام واحتضنت، بالإضافة إلى ذلك، كل الأنشطة السينمائية التي نظمت في هذه الدورة التاسعة. هذه الأنشطة التي شملت ثلاث ورشات تكوينية. الأولى كانت في مجال كتابة السيناريو وأطرها السيناريست محمد اليوسفي والثانية في مجال الإخراج السينمائي وأطرها المخرج محمد الشريف الطريبق أما الثالثة فقد اختصّت بمجال القراءة الفيلمية وأطرها الأديب والناقد السينمائي نور الدين محقق. أما الأفلام السينمائية القصيرة المشاركة في المسابقة فقد جاءت كالتالي: فيلم «ما كاين مايدار» للمخرج مهدي علمي، وفيلم «أخنيف أبرباش» للمخرجة نورا أزروال تفات، وفيلم «فحم ودم» للمخرج طارق رسمي، وفيلم «آخر صورة» للمخرج فيصل الحليمي، وفيلم «خط العودة» للمخرج محمد ذهبي وفيلم «دقيقتان» للمخرج سعيد بهيج وفيلم «إشوضن» للمخرج يوسف غريش، وفيلم «الوليدة» للمخرج عبد الفتاح سراري وفيلم «لو كان حقيقياً» للمخرج أنس بوصفيحة وفيلم «أزمة» للمخرج عبد الإله زيراط . وبخصوص ندوة هذه الدورة، فقد كانت تحت عنوان «السينما المغربية ومسار التحديث» وشارك فيها كل من الباحثين يوسف أيت همو وفريد بوجيدة وخلفت أصداء قوية. أما لحظة توقيع المخرج السينمائي محمد الشريف الطريبق لكتابه النقدي «لغة السينما: من الإبهار إلى شاعرية التقشف» فقد كانت متميزة جداً، إذ تم الاحتفاء فيها بتجربة هذا المخرج السينمائي من جهة وبكتاباته النقدية وتأملاته السينمائية من جهة أخرى. وقد قدمها الناقد السينمائي عمر أيت المختار باحترافية كبيرة. وقامت أمينة الصيباري بإدارة الجلستين معاً بمهارة واقتدار كبيرين. بالإضافة إلى كل هذه الأنشطة السينمائية والفكرية المتعلقة بها، تم خلال أيام الفاعليات عرض فيلمين مغربيين هما «ضربة في الراس» للمخرج هشام العسري و «ألف شهر «للمخرج فوزي بنسعيدي. وفي ختام الدورة الذي نشطته الفنانة هناء لعايدي، تم الإعلان عن الجوائز، حيث عادت الجائزة الكبرى (جائزة محمد الركاب) لفيلم «أخنيف أبرباش" للمخرجة نورا أزروال تفات، في حين فاز فيلم «آخر صورة» للمخرج فيصل الحليمي بجائزة الإخراج، وفاز فيلم «فحم ودم» للمخرج طارق رسمي بجائزة السيناريو. أما جائزة التشخيص والتي حملت اسم الممثل المغربي الراحل محمد بسطاوي فقد كانت من نصيب الممثل الشاب رشيد عماري عن دوره المميز في الفيلم ذاته «فحم ودم». وبإعلان هذه الجوائز التي رأى كثر انها مستحقة، أُسدل الستار عن هذه الدورة التي كانت ناجحة بامتياز.