ميخائيل خودوركوفسكي (47 سنة) الرئيس السابق لشركة يوكوس النفطية كان من أكثر صحاب النفوذ موهبة وثراء, أصبح اليوم أشهر سجين في روسيا بعدما تجرأ على مواجهة فلاديمير بوتين. وترى السلطات الروسية أن خودوركوفسكي الذي أدين أول أمس الاثنين في ثاني محاكمة, مجرم متهم بسرقة النفط وبيعه بشكل غير شرعي. وأعلن رئيس الوزراء والرئيس السابق فلاديمير بوتين, في 16 ديسمبر أن «كل لص مكانه السجن», معتبرا أن «القضاء اثبت جرائم» خودوركوفسكي. كما قال إن يديه ملطخة بالدم وقارنه بأحد زعيم المافيا الأميركية آل كابون والمحتال الأميركي برنار مادوف. لكن المدافعين عن حقوق الإنسان والعديد من المراقبين الأجانب يرون في خودوركوفسكي ضحية تصفية حسابات نظمها بوتين الذي يرمز في نظرهم إلى الانحراف نحو التسلط في البلاد, لأنه أزعجه باستقلاله المعلن وطموحاته السياسية. ويرمز مشوار هذا الرجل صاحب النظارات الدقيقة والشعر القصير إلى مصير الأثرياء الروس من أصحاب النفوذ خلال التسعينات. وقد ظهر هؤلاء الرأسماليون الجدد في عهد رئاسة بوريس يلتسين واستحوذوا على قطاعات كاملة من الاقتصاد من خلال عمليات خصخصة غامضة بفضل علاقاتهم بالسلطة. ودرس خودوركوفسكي المتحدر من عائلة مهندسين متواضعة من موسكو, الكيمياء والاقتصاد قبل اقتحام مجال الأعمال. وقد كان عضوا في الشباب الشيوعي (كومسومول) في العهد السوفياتي وأقام علاقات مع قيادات الحزب. وقبل انهيار الاتحاد السوفياتي أسس في السادسة والعشرين من عمره مصرف «ميناتب» الذي مكنه من شراء أغلبية أسهم مجموعة يوكوس النفطية التي سيطر عليها بالنهاية في ظروف غامضة. وتولى منصب وزير الطاقة سنة 1993 عندما كان في الثلاثين من عمره. ومع بداية الألفية الجديدة تحول الثري الذي أثارت طرق عمله جدلا, في إستراتيجيته وبات أول روسي يختار إدارة شفافة على النمط الغربي. وتعاقد مع متخصصين أجانب وأصبح أفضل المستثمرين. وخطط ميخائيل خودوركوفسكي حينها لتحالف بين يوكوس وايكسون موبيل الأميركية. وساعد ماليا المعارضة الليبرالية واستثمر ملايين الدولارات في برامج دعم المجتمع المدني. وتحولت يوكوس بفضل السوق النفطية إلى أول شركة روسية في هذا القطاع وخودوركوفسكي إلى أكبر ثري في البلاد يملك نحو 15 مليار دولار, حسب تقديرات مجلة فوربس الأميركية المتخصصة. ومطلع 2003, تحول لقاء في الكرملين بين حوالي عشرين ثريا والرئيس حينها فلاديمير بوتين, إلى عاصفة. فقد قال خودوركوفسكي الذي كان الوحيد الذي لم يرتد ربطة عنق, إنه حان الوقت للتحرك ضد الفساد في قمة الدولة ذاكرا بالاسم أشخاصا مقربين من بوتين. ورد عليه بوتين بالقول «هل أنت متأكد يا سيد خودوركوفسكي أن حساباتك صافية مع الضرائب؟», فأجاب خودوركوفسكي «بالتأكيد!» فقال بوتين بلهجة وعيد وسط صمت «سنرى». وفي 25 أكتوبر من السنة نفسها اعتقل ميخائيل خودوركوفسكي لدى نزوله من طائرة في مطار نوفوسيبيرسك (سيبيريا) بتهمة الاحتيال على نطاق واسع والتهرب الضريبي وأودع السجن. وحكم على الرجل المتزوج وأب لأربعة أطفال بالسجن ثماني سنوات يقضيها قرب الحدود الصينية على بعد أكثر من ستة ألاف كلم شرق موسكو. وفي 2007 وجهت لخودوركوفسكي اتهامات جديدة بتبييض أموال واختلاس ممتلكات ما أدى إلى محاكمة ثانية طلب فيها الادعاء حكما بالسجن 14 عاما بحقه. وقال في أخر تصريحاته «لا أريد الموت في السجن لكن قناعاتي تستحق أن أغامر بحياتي».