سيكون تيار الاسلام الحزبي، أول حركة سياسية في العالم تنهزم بصناديق الاقتراع ....فتهدد بالثورات هي لا تشكك في مصداقية الانتخابات، ولم تعلق على نتائجها، بل مارست السياسة بواسطة القفز بالزانة ....مباشرة الى الثورة! فقبل اقتراع ثامن شتنبر، كان عبد العزيز افتاتي، الذي يعتبر «الراس المحروق«، كما يقول الفرنسيون في حزب «العدالة والتنمية»، قد توعد بالثورة في المغرب ، اذا ما فاز عزيز اخنوش.. وبعده بقليل خرج زعيمه الذي نعته ذات فكاهة ب«لهبيل»،، عبد الاله بنكيران ليقول نفسس الشيء، اذا مان اختير زعم الاحرار رئيسا للحكومة، وذهب بعيدا في التبخيس السياسي لأصوات المغاربة، لكي يستكثر عليه جلباب الرئيس الجديد للحكومة. وفي السياق ذاته، قال بأن الربيع العربي يتربص بالمغرب اذا ما اختار أبناؤه آخرين غير بني جلدته! لم ينته المسلسل مع الحكم الذي أصدرته صناديق الاقتراع، بل تواصل بعد ثامن شتنبر، عبر أفتاتي نفسه وعبر الحبيب الشوباني.. أفتاتي وضع ثلاث سيناريوهات للبلاد، أحسنها حكم كمبرادوري رأسمالي، وأكثها دموية، الثورة أو الفاشية...! ما رآه افتاتي ثورة، اعتبره الحبيب الشوباني، شارعا، ودوَّن في تعليقه على نتيجة حزبه، بأن الهندسة المؤسستية الحالية تجعل المعارضة الوحيدة الممكنة هي الشارع! فاذا عجز اخنوش عن التدبير ،سيعجر آخرون عن المعارضة، وعليه فإن الاسلاميين ، باستنتاج بسيط،هم من يصلح للحكم ومن يصلح للمعارضة! هل لديكم تعريف آخر للفاشية، ولنزعاتها الاسلامية المتعجرفة؟ ان الخيط الناظم ، في هذه اللوحة كما رسمها قادة ال«بيجيدي»، هو ان الديمقرطية التي لا تعطيهم الحكم، تكون ديموقراطية قاصرة ، وعليه يلزمها ثوار مجهولون ليعيدوها إلى صوابها الإسلامي..! والحال، أن الذين يتوعدون المغرب بثورات الشارع، ليسوا ثوارا كانوا في الادغال، ولا مليشيات مسلحة حطت من الجبال ، بل هم اصحاب القرار الحكومي لعشر سنوات، كانوا يدعون خلالها القدرة علىصناعة الاستقرار المغربي، بل تبجحوا بأنهم انقذوا المغرب من الربيع العربي وسقوط الانظمة وتفكك الدول! وعندما مضى عقدهم السياسي، اكتشفوا بأن الشعب هو الذي كان يمتعهم باستقرار سياسي وعائلي ، (اللهم في حالات تمت زعزعة العائلات فيما بينهم كما قاد الشوباني ثورة حميمية كبيرة في عائلة اخيه في الحزب، واطاح به من على فراش الزوجية...!). والشعب الذي ادرك جيدا طبيعة النظام الذي يسعون الى تشكيله، ليس فيه مكان للمغاربة سواسية ،بقدر ما فيه سلالات متحورة من إسلامي الحزب وإسلاميي الحكومة! فجاءت الثورة حقا، الثورة التي قادها الشارع، وهي الثورة الوحيدة الآن في الأجندة الوطنية هي الاطاحة بتغولهم، وتقزيم حضورهم في الفضاء العمومي. الواقع أن المغاربة، الذي اختاروا التصويت بكثافة لمن هم مختلفين عن الحزب الاسلامي، هؤلاء، ارادوا منهم ان يتواضعوا لربهم ولشعبهم ولبلدهم، وكان حريا بهم ان يشكروا ملك البلاد ورئيس دولتها وضامن توازن مؤسساتها، على أنه لم يخضع لاية همسات او اغراءات شرقية كانت أو غربية باستعمال سلطاته لإخراجهم من الحقل التنفيذي. العكس هو الذي حصل... فكان عليهم ان يشعروا بالامتنان ، لدولة تؤمن بالديموقراطية ايمانا راسخا وتبنيه بكل أبناء البلد، و لدولة جعلت لهم في المشهد حضورا لم تستسغه حتى الكيانات التي نبت عندها الاسلام السياسي قبلنا، صدرته الى مجموع المعمور! ان التهديد بالشارع والثورة، يكشف عن غرور سياسي وتعال عقائدي مقيتين، بل يجنح بنا الخيال الى السخرية،عندما نتذكر بأنهم قدموا استقالتهم من قيادة سفينة مترنحة، وعوض قراءة موقعهم الجديد ،يحاولون إقناعنا بأنهم سيدخلون السرية من جديد، للركوب على موجات الربيع المتوهم!