بشكل غير مفهوم وغير منطقي يستمر "الخاسرون" في انتخابات ثامن شتنبر في ترديد أسطوانة ان تعديل القوانين الانتخابية وتحديدا تغيير قاعدة احتساب القاسم الانتخابي ساهمت في انتكاسة سياسية وانتخابية لحزب العدالة والتنمية. بعد أن شككوا في الانتخابات يوم الاقتراع بدعوى مسك المحاضر ولهدف الضغط لتأجيل الندوة الصحافية لإعلان النتائج الأولية، ليلتها، من قبل وزير الداخلية، يحاولون اليوم لعب ورقة تعديل القوانين الانتخابية وأثرها في الهزيمة. ربما لو لم يقع هذا التعديل لكانت خسارة "بيجيدي" أكثر فداحة، فمن أصل 13 مقعدا التي حازها الحزب 8 مقاعد فاز بها مرشحو هذا "المصباح" مستفيدين من أكبر البقايا، وبالنتيجة فإن النظام الانتخابي الجديد، الذي قدمه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني وصوت ضده فريقه النيابي الأغلبي، هو الذي أنقذ هذا الحزب من الإذلال، وإلا فإن المنطق الحسابي والانتخابي كان يفترض أن يفوز الأحرار وتحصد الأصالة والمعاصرة أكثر من مقعد برلماني في الدائرة الانتخابية الواحدة بالنظر إلى الفارق الكبير والقاسي في عدد الأصوات. بهذا المنطق فإن العدالة والتنمية التي تشتكي القوانين الانتخابية هي أول مستفيد من احتساب الأصوات على أساس عدد المسجلين، ففارق الأصوات جاء في كل الدوائر التي أنقذت"بيجيدي" كبيرا بين أول الفائزين وآخرهم من وكلاء لوائح العدالة والتنمية! عبثا يحاول هذا الحزب أن يبحث عن مبررات لفشله علما أن الجواب جاء من عند الناخبين أنفسهم الذين صوتوا ضد "بيجيدي" وعاقبوا مرشحيه في البرلمان والجماعات والجهات. مرة أخرى فضل المغاربة التناوب الديمقراطي على الحكم دون أن يسقطوا من حساباتهم أن استقرار وأمن المغرب في محيط جغرافي متحرك يتطلب قوى سياسية مستقلة وقادرة على مواجهة التحديات المقبلة، وضمن هذا التفسير يمكن أن نقرأ أيضا نسبة المشاركة في هذه الانتخابات، بإدراك مسبق أن الذهاب إلى صناديق الاقتراع هو الطريق الوحيد لإحداث التغيير. قدم المغرب درسا في الديمقراطية بالتزام انتخابي بسياقه وتوقيته ونتائجه، واختار الناخبون الأساليب الشرعية لأجل تحقق مشروعية التغيير حد القطيعة، وعرضوا نموذجهم الخاص في التحول الهادئ المبني على صناديق الاقتراع، دون حاجة لتفسير متعسف للدستور كما حدث في تونس ولا لحشد شعبي يخضع لمنطق الاستقطاب الحاد لتحريب فرص التغيير كما في التجربة المصرية. أظهر المغاربة تفاعلهم الإيجابي مع حرص المؤسسة الملكية على ممارسة حقوقهم الدستورية وإحداث التغيير الذي يرتضونه. أبانوا ثقتهم الكبيرة في النظام السياسي وحرصهم على حماية الدولة من تأثير مفاعيل خارجية تستغل الأحزاب ذات المرجعية "العابرة للوطنية"، شأن كل التنظيمات الموالية لجماعات الإسلام السياسي في العام العربي، من أجل جر البلاد إلى سياسة المحاور التي تفتح الباب أمام تدخلات خارجية وإملاءات سياسية تنتقص من سيادة الدول وتعطل قرارها المستقل.