في وقت لم يحرك فيه مسؤولو الجزائر وحكامها ساكنا بعد الدعوة الملكية الرحيمة بالشعب الجزائري وبمستقبل المنطقة، والتي دعا فيها محمد السادس حكام الجزائر الى "العمل سويا، دون شروط، من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار"، في هذا الوقت بالذات، سلطت أجهزة العسكر الجزائري إعلامها المسخر ليرد بعبارات تبعث على القرف، وتؤكد ندالة هذا النظام وقلة عفته. فما أن مر يوم واحد على خطاب المعزة والمسؤولية، الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم السبت، بمناسبة عيد العرش، حتى شحذت صحافة "كابرانات" الجزائر كل ما لديها من سكاكين، وكشرت على أنياب الشر المسمومة، لترد على عبارات الاخوة وحسن الجوار، بكلمات نابية، وشتائم وقحة، وتحاليل مضللة ومشحونة بالنوايا السيئة. وقد غطت الأغلبية القصوى من صحافة البؤس والشؤم كل صفحاتها الأولى، بعناوين تثير التقزز، وتبعث على الازدراء، لما تضمنته من عبارات شاتمة وقدحية، في حق ثوابت المملكة المغربية، ورموز مؤسساتها، معتبرة أن المغرب يصدر أزماته ويوجه الانظار بعيدا عن همومه. وما دامت المؤسسة الجزائرية، الغارقة في وحل الويل والعار، تترجم دعوات ملك المغرب بسوء النية، فإنه من واجبات حسن الجوار أيضا، أن نوجه إليها بعض الأسئلة الموضوعية التي لا تحتاج إلى ردود ما دامت اجوبتها مكشوفة للعالم : أليس العالم يشهد، وصحافة العالم تشهد، أن الجزائر هي الغارقة، من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، في الثورات والانتفاضات والسخط الشعبي الذي لم يجد له حكامها جوابا يهدئ من روع الشعب، ويستجيب لمطالبه؟ من ينافق شعبه، هل حاكم المغرب الذي أطلق أكبر الأوراش التنموية في عز أزمة كورونا، أم حكام الجزائر التي اختفوا عن الأنظار، وتركوا الشعب يواجه ويلاته بالصراخ المندد، والاحتجاجات اليومية؟ من الذي بخر أموال شعبه، وسكبها في رمال تندوف، وأنفقها على العملاء والمتواطئين والانفصاليين وأعداء الأمن والاستقرار؟ من الذي صرف أموال الجزائر في مستشفيات ألمانيا واسبانيا، في حين تخلو مستشفيات البلد الجار من قنينات الأوكسجين ومن الأدوية الضرورية؟ من الذي ظل يترقب سخاء الدول الأخرى لتجود عليه ببضعة آلاف جرعات من اللقاح، علما أن شعب الجزائر أغناه الله بالنفط، هل المغرب الذي تجاوز بسرعة 13مليون عملية تلقيح، ام الجزائر التي تتسول أمام عتبات الدول الاوروبية، وتدق ابوابها استدرارا للرحمة والجود؟ من الذي أغرق بلده في الفقر المدقع والعطش القاتل، حتى اصبح المواطن فيه، إما مهدد بفيروس كورونا وإما مهدد بالعطش والجوع ؟ إن هذه الأسئلة هي خير جواب على عناوين الهزيمة، وضعف المسؤولية، وقلة الحياء، وعلى مضامين الخبث والسفالة، التي نشرتها صحف الهوان والمذلة بالجزائر، معللة بها عجزها الكبير على معالجة أزماماتها المزمنة، التي تندر بكارثة انهيار بلد وقع شعبه بين أنياب حكام جشعين، ونظام عسكري دكتاتوري عمّر كثيرا ولا يُرجى منه خير.