تفاعلا مع النقاش الذي خلفته الحملة الإعلامية التي تقودها فرنسا ضد المغرب، مستعينة بما بات يعرف بتقرير بيجاسوس، نشرت الصحفية والمدونة شامة درشول، تدوينة على حسابها الرسمي بموقع التواصل الإجتماعي فايسبوك، قالت فيها أنه ومع بيغاسوس عالم الاستخبارات لم يعد حبيس أجهزة الدولة العميقة، بل بات تنافس عليه الشركات الأجنبية، والمنظمات غير الحكومية والتي باتت تتصرف بدورها كشركات خاصة. وكتبت أيضا شامة درشول: "القرن ال21 هو قرن المعلومة بامتياز، وما نعيشه هو حرب ليس من اجل الحصول على المعلومة، بل من أجل قتلك، تركيعك، احراجك، ارهابك، بالمعلومة. لا يهم ان تكون المعلومة صحيحة ام fake مزيفة، المهم هو ان تحدث لغطا يشل حركتك، وتفكيرك، ويجعلك لا تنتبه الى حقيقة واحدة ووحيدة:"نهاية الصحافة". "مشكلتنا أن ذاكرتنا ضعيفة جدا، وأن إلمامنا بعالم الإعلام لا يتعدى كتابة خبر، وإجراء حوار، وتصوير فيديو، لكن نجهل عالم ما وراء صناعة الخبر، عالم التضليل، والتأثير، أو ما يعرف ب"الإعلام الاسود The black Media". " لنبدأ على الاقل منذ بدأ ويكيليكس، وبدأت الحكاية بتسريب المعلومات، ونشرها بكثافة، وإخراجها للعموم، باسم حق الولوج للمعلومة، وفي انتهاك تام لمبدأ حماية المعطيات، تلت الحكاية عملية سنودن والذي رأى في نفسه روبن هود المعلومة، وبعدها بسنوات قليلة تفجرت أوراق بنما، وقبلها كانت عملية كريس كولمان... أرأيتم كم ذاكرتنا ضعيفة؟ أرأيتم لأي درجة نسينا أن عملية بيغاسوس لا تعدو أن تكون جزءا جديدا من إنتاج نفس مدرسة مؤلفي مسلسل ويكيليكس؟ " العمل الاستخباراتي هو الحصول على المعلومة واستعمالها في الوقت المناسب لأحمي نفسي منك، أو أحاربك، أو أبني معك تحالفات"، لكن مهلا، هذا عمل حكومي، هذا عمل ممل، لنبتكر مفهوما جديدا للعمل الاستخباراتي؟! ما رأيك لو نشرنا هذه المعلومات؟ ما رأيك لو استعملنا الصحافة لنضمن انتشارا واسعا؟ ما رأيك لو سربناها لصحافة معروفة بعراقتها، ومهنيتها حتى نضمن شرعية ومصداقية وبالتالي تأثيرا أسرع وأقوى؟! هل تذكرون ماذا حدث بعد نشر أوراق بنما؟ مسؤولون استقالوا، وآخرون تنازلوا عن الحكم. هل تذكرون كيف حصلت أوراق بنما؟ الأمر بسيط للغاية... قام أحد المجهولين بالاتصال بصحيفة ألمانية وسرب لها عددا هائلا من الأوراق، وقامت هذه الصحيفة بنشرها، ووظفت تحالفها مع ائتلاف للصحف العالمية يضم أكثر من سبعين صحيفة قامت بدورها بنشر هذه الأوراق، وانتظرت الصحافة الدولية أن تغطي أخبار المسؤولين الذين يتطايرون من كراسيهم. ما أشبه الأمس باليوم، لكن ذاكرتنا ضعيفة جدا، وقدرتنا على الربط، والفهم، والتدقيق أشد ضعفا، وإلا كانت هذه الصحف التي ترى نفسها صادقة رفضت نشر هذه الأوراق، وهذه المعلومات على أنها حقائق لأن الصحفي هو من عليه أن يبحث عن المعلومة ويأتي بها من فم الأسد، ويدقق فيها، ويطلب تصريحات من ثلاث مصادر على الأقل، بين رسمية ومختصة، وشاهد عيان، وغيرهم، لكن صناعة الصحافة باتت تفضل أن تحارب تهديدات التكنولوجيا بالتآمر مع التكنولوجيا. حين استيقظ المغرب السنة الماضية على اسمه منشورا في 17 صحيفة دولية في نفس اليوم والتوقيت وبنفس العناوين، وقدم عمر الراضي على أنه واحد من الصحفيين الذين تم التجسس عليهم بتطبيق إسرائيلي اشترته الدولة المغربية، أول ما قمت به هو البحث عن المصدر الذي قاد إلى نشر هكذا خبر على أكثر من 17 صحيفة في نفس التوقيت، فاكتشفت منظمة لم أسمع بها من قبل اسمها "فوربيدن ستوريز"، ووجدت أنها منظمة عبارة عن شبكة فرنسية تأسست سنة 2017 من قبل صحفيين فرنسيين ببحث طفيف عن بعضهم تجد أنهم حديثو العهد بالصحافة مع خلفية كبيرة في العالم الإستخباراتي. فوربيدن_ستوريز والتي اختارت أن تخاطب العالم بالانجليزية، جعلت من مهمتها أن تكمل العمل الذي توقف صحفي عن اتمامه بسبب قتله، سجنه، اختطافه، او اختفائه، وهذا ما يفسر لماذا نشرت فوربيدن ستوريز هذه اللائحة المزعومة يوم محاكمة عمر الراضي، وهو أيضا يعني أن فوربيدن ستوريز لم يهمها الدفاع عن الراضي وحمايته بقدر ما كان بالنسبة لها مجرد ورقة توظفها في عمل استخباراتي بغطاء صحفي!! على موقع فوربيدن ستوريز نجدها تقول أنها طلبت من أمنستي لائحة الاسماء الذين تم التنصت عليهم بتطبيق بيغاسوس، وقتها نشرت بضع أسماء فقط من المغرب، لنتفاجأ يوم الاثنين بنشر لائحة من الأسماء بالالاف، علما أنه مساء الأحد أعلنت شركة NSO عن إقفالها، وهذا يعني أن فوربيدن ستوريز كانت تملك اللائحة كاملة وتركتها إلى حين الحكم على عمر، كما تعني أيضا أنه خلال هذه السنة تم تجميع أرقام هواتف شخصيات من مختلف الميادين على شكل معطيات data base ونشرها بادعاء أن بيغاسوس اخترقها في حين أنها مجرد data base لأرقام هواتف تم نشرها لا غير، وكاذب من يريد إيهامك أنه يملك أدلة وحججا أن هذه الهواتف اخترقت لأنه ببساطة يستحيل اثبات هذا الأمر تقنيا!! شركة nso التابعة للدفاع الاسرائيلية وتشتغل على أنها شركة خاصة، وفي جانب آخر هناك أمنستي بلندن، ومختبرها ببرلين، وآخر لمنظمة أخرى بكندا، قاموا بفحص الهواتف لاكتشاف بيغاسوس ومحاصرته ليس لإيقاف ما يسمى بالتجسس، أو التنصت، أو حماية لمعطيات خاصة، بل كل ما في الامر لعبة سيبرانية يتحارب فيها أهل الذكاء الإصطناعي بتمويل من الشركات الخاصة لاختبار أسلحتهم الجديدة في بلدان صعب إحداث التغيير فيها بالاشخاص، ويرجى إحداثه بالفيروسات!! ولأن رب كل ضارة نافعة، فعلينا أن نطمئن على الوطن أن بين شركاء فوربيدن ستوريز صحفي يملك موقع le desk، وعلينا ان ندقق جيدا ونتمعن في الأسماء التي ركزت عليها الصحافة الفرنسية، وقدمت نفسها حامية لها ضد أسماء اخرى باتت تزعج باريس الأنوار، وعلينا ان نتساءل: أولا لماذا ركزت الصحافة الفرنسية في تغطيتها لهذه القضية على المغرب بينما ركزت الصحافة البريطانية على عدد من الدول المتهمة بالتجسس؟ ثانيا لماذا ركزت فرنسا على الإدعاء أن المغرب تجسس على شنقريحة؟ ولماذا أرادت فرنسا أن تظهر الجزائر أنها دولة ضعيفة؟ ثالثا لماذا ركزت الصحافة الفرنسية على الأميرة سلمى والأمير هشام ووضعت الملك ثالثا؟ رابعا لماذا أمعنت فوربيدن ستوريز والصحف الفرنسية في ذكر اسم الجنرال حرمو بالذات كمتجسس عليه من قبل الأجهزة الامنية؟؟!!!!! وختمت شامة درشول تدوينتها قائلا: " أغلقت شركة nso أبوابها وأغلقت معها الباب على الصحافة، وفتح بيغاسوس الباب على مصراعيه على نوع جديد من العمل الاستخباراتي قتل فيه جيمس_بوند، ورافت الهجان، ونواجه اليوم حقيقة جديدة: "لم نعد نتعامل مع الصحافة الكلاسيكية، نحن نعيش في عالم ال Intelgencia journalists"