ليس بغريب أن يستولد مناضل" برتبة أستاذ" الباطل من أضلع المستحيل وهو يتحدث فايسبوكيا عن "رواية أصحاب الحال" في قضية سليمان الريسوني. ولم يكن مفاجئا لساكني مواقع التواصل الاجتماعي ووسائط الإعلام البديل أن يسترسل هذا "المناضل" في التشهير والوشاية بما سمّاها "رواية الأجهزة"، وأن يقدم نفسه خبيرا قانونيا في تشريح الأدلة والقرائن والإثباتات التي تقدمها النيابة العامة والطرف المدني في مواجهة سليمان الريسوني. فهذا الأستاذ "المناضل فايسبوكيا" يعلم جيدا بأن "رواية الأجهزة" هي مجرد بدعة ومشجب، اختلقها ذات يوم جمعة ومن فرط تكرارها في حياته الخاصة والمهنية صارت حقيقة ذهنية يتماهى معها. فالرجل كلما كان يرغب في الانزواء بعيدا عن العمل والبيت يختلق "رواية الأجهزة" ليقول لمقربيه وزملائه بأنه تم اعتقاله من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية! ف"الأجهزة" صارت بمثابة رخصة للتنقل الاستثنائي التي تبرر مغادرة العمل والمبيت يومين في مضجع شبه عائلي. ولضمان الحبكة الدرامية في "رواية الأجهزة"، فإن المناضل الفايسبوكي يختار عادة المضجع الذي يستغرق 48 ساعة، ليكون منسجما مع مقتضيات المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية التي تحدد آجال تقييد الحرية في مرحلة ما قبل المحاكمة في يومين فقط في الأحوال العادية، كما أنه يختص بالذكر "الفرقة الوطنية" لاعطاء الانطباع بأن البحث معه يكتسب طابع "أصحاب الحال". هذه هي حقيقة بدعة "الأجهزة وأصحاب الحال" التي اختلقها هذا المناضل الفايسبوكي لتسويغ مضاجعه شبه العائلية. وهذه أيضا هي حقيقة الاعتقال السياسي المزعوم الذي يتحدث عنه المعني بالأمر وكأنه واقع مادي، بينما هو في الحقيقة اختلاق شخصي لتبرير نزوعات شخصية ونزوات شبه عائلية. كانت هذه توطئة لا مندوحة منها لمعرفة حقيقة "رواية الأجهزة" عند هذه العينة من المناضلين. أما كلامه بشأن "اتهام سليمان الريسوني المضمن في تدوينة" فهو حديث سطحي ويصدح بالشعبوية والجهل القانوني، بل ويذكر القارئ بالاعتراف الأمريكي بالصحراء المغربية الذي يتم تقديمه من طرف الأعداء على أنه مجرد " تغريدة". ولتصحيح المفاهيم الخاطئة والراسخة، فإن تدوينة الضحية عادل (أ) المعروف بالشاب آدم هي مجرد شكل مادي للتبليغ أو الإخطار عن جريمة مفترضة، يسدل عليها قانون المسطرة الجنائية وصف (الوشاية) الموجبة لفتح بحث قضائي بمقتضى المادة 21. وهذه التدوينة لا تتضمن أي اتهام كما جاء في كلام المناضل الذي يفضح نفسه، بل تستعرض وقائع وتبليغ عن اعتداء جنسي مفترض، أما الاتهام فهو موجود في صكه الذي حررته النيابة العامة وفي قرار الإحالة على غرفة الجنايات الصادر عن قاضي التحقيق. لكن المثير في "تدوينة هذا المناضل الذي يفضح نفسه" هو عندما يتناقض مع مرجعيته الحقوقية المفترضة. فكيف لشخص يدعي في المنصات التواصلية بأنه حقوقي بينما هو يقارب "مثلية الضحية" بنوع من الدونية في التحليل! خصوصا عندما انبرى يتحدث عن "أماكن حساسة من جسم الضحية" بطريقة الوصم الإزدرائي. فهل الانتصار لفحولة المتهم والتضامن معه يسمحان برجم الضحية ونشر جسمه وأعضائه التناسلية في الفايسبوك. وهل يؤسس المناضل الحقوقي مواقفه على وقائع القضية أم على درجة قربه من المتهم؟ وهل اختلاف تصريحات الضحية بين مسرح الجريمة وتاريخ التبليغ يعتبر تضاربا وقرينة على براءة المتهم؟ من يقول هذا الكلام لم يسبق له أن كان ضحية جريمة أو أنه فاقد للحياد المطلوب. إذ لا يمكن أن تطالب ضحية اعتداء جنسي بأن يصف مسرح الجريمة أو جسم المعتدي لأنه ببساطة كان تحت وقع الصدمة وحالة الرهاب النفسي، ولم يكن يتوفر على عنصر الرضائية كما يفعل المناضلون الذين يفضحون أنفسهم. فمن يدفع اليوم بتضارب أقوال الضحية عادل (أ) بشأن مطبخ منزل سليمان الريسوني، عليه أن يجرب أولا أن يكون ضحية اعتداء جنسي ليعلم هل سيتذكر فعلا مكان المطبخ وتصميم المنزل ومكان الثلاجة وغيرها. وقتها سيعلم كل من خالد البكاري ووهيبة خرشش وعلي لمرابط وحسن بناجح بأنهم كانوا يفضحون أنفسهم من حيث لا يدرون ولا يحتسبون.