"إن البطء في تحقيق العدالة هو أشد أنواع الظلم"، و"إرجاء جبر ضرر الضحايا وتعطيل تطبيق العدالة الناجزة (أي في وقت معقول) هو أكبر ظلم يطال الضحية حفصة بوطاهر". كانت هذه هي المطالب والدفوعات التي ما انفكت تنادي بها وتحضّ عليها هيئة الدفاع التي تنوب عن الصحافية حفصة بوطاهر ضحية الاغتصاب في قضية عمر الراضي. فالأستاذة زينب حكيم، عضوة الجمعية المغربية للدفاع عن الضحايا، كانت قد تساءلت في مقال سابق "عن أي عدالة يبحث عمر؟ (وتقصد عمر الراضي).. وهو الملتمِس للتأخير في هذه الجلسة لعدم استعداده وإعداده للمسائل الأولية والدفوع الشكلية، التي لا تستوجب حضور الضحية الممثلة نيابة وليس مؤازرة بدفاعها. وقبل هذه الجلسة، أخّر الملف بملتمس رام للحضورية، الذي يعد حقا من حقوق المتهم بلا منازع..". وقبل ذلك، أبدت الأستاذة مريم جمال الإدريسي، محامية بهيئة الدارالبيضاء وعضو هيئة الدفاع عن حفصة بوطاهر، استنكارها الشديد وامتعاضها البالغ لما اعتبرتها "محاولات المتهم عمر الراضي ودفاعه خلق طلبات أولية وهمية وملتمسات عارضة تسويفية لتمطيط إجراءات التقاضي والحيلولة دون البت في جوهر القضية،بشكل يزيد من إذكاء معاناة الضحية، التي دخلت في حالة مرضية بسبب عدم تحقيق العدالة بسرعة في شكايتها". * دفاع التسويف.. وطلبات التأجيل يشدد دفاع الصحافية حفصة بوطاهر على أن "طلبات تأجيل الجلسات التي ما فتئ يتقدم بها دفاع المتهم عمر الراضي، بسبب أو بدونه، إنما تندرج ضمن خطة مسبقة لا تخرج عن فرضية التقاضي بسوء نية". وإمعانا في هذا الطرح، يتساءل عدد من المتابعين للملف : كيف لدفاع المتهم المعتقل أن يطالب بتأجيل الجلسة كل مرة بمسوغ إعداد الدفاع أو المطالبة بالحضورية، مع ما يعنيه التأجيل من زيادة أمد الاعتقال؟ ولماذا يتم أيضا الدفع بالتأجيل في جلسات المحاكمة وبعد الخروج إلى الإعلام أو في "الندوات الحقوقية" يتم اتهام القضاء بإطالة أمد المحاكمة وكأنه هو الذي يطلب التأجيل الممنهج؟ ويُعزي عدد من المقربين من دفاع الضحية حفصة بوطاهر سبب هذه "التأجيلات العمدية" التي يطالب بها المتهم عمر الراضي في كل مرة، إلى ما وصفوها بمتلازمة "دفاع الفوضى وفوضى الدفاع ". وهي تقنية يقولون أنه "تم ابتداعها في قضية توفيق بوعشرين، حيث يتم الإغراق والإسراف في الطلبات العدمية وغير المنطقية لتطويل أمد المحاكمة وتصوير هيئة الحكم وكأنها ترفض كل دفوعات وطلبات المتهم". فالهدف من وراء هذه الطلبات غير القابلة للتحقيق، يضيف المصدر ذاته "هو تصوير المحاكمة إعلاميا وحقوقيا على أنها غير عادلة، وذلك بحثا عن مخرج سياسي أو إفراج عن طريق آلية العفو، خصوصا عندما تكون الجرائم المرتكبة ثابتة ولا يمكن التنصل من المسؤولية عنها بالاعتماد على القانون لوحده". وعلاقة بموضوع "دفاع الفوضى": تساءل مقربون من الضحية حفصة بوطاهر: من الذي بعث بمحاضر هذه القضية للصحافة، بما فيها الموقع الإخباري الذي كان يشتغل فيه المتهم؟ ومن أول من حصل على نسخة من هذه المحاضر؟ أليس هو المتهم ودفاعه؟ ومن هدّد بسلك سياسة الأرض المحروقة متوعّدا زملاء صحفيين بإقحامهم في هذا الملف، في محاولة لخلق انطباع وأن القضية هي مؤامرة عابرة للحدود الوطنية تمس ما ينعت كذبًا ب"الصحافي الاستقصائي"؟ أليس هو المتهم عمر الراضي وبعض المحسوبين على خندق الدفاع الحقوقي والإعلامي ؟ وفي المحصلة، تؤكد هيئة دفاع الضحية حفصة بوطاهر "إننا في هيئة الدفاع شديدو الحرص على تحقيق العدالة الناجزة، التي تحقق جبر الضرر للضحية التي تعرضت لظلم متواتر، وتسمح في المقابل للمتهم بالدفاع عن نفسه بعيدا عن طلبات التسويف والتماطل والنكوص الممنهج"، مشددة في السياق ذاته "إننا نرفض كذلك كل محاولات تهريب النقاش من نطاقه القضائي الصرف، ونشجب محاولات الوصم التي تستهدف الضحية من طرف أدعياء الحقوق ومرتزقة النضال، الذين لا يخجلون وهم يزايدون بحقوق امرأة مكلومة، ذنبها الوحيد أنها قررت الركون للقضاء ضد من استباح عرضها غصبا في منزل مالك المقاولة الإعلامية التي تشتغل فيها". * "مناضلون" في قفص الاتهام أثار موضوع "احتضان الدفاع عن المتهم عمر الراضي من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وبعض المحسوبين على جماعة العدل والإحسان"، جملة من ردود الفعل الساخطة في منصات التواصل الاجتماعي ووسائط الاتصال الجماهيري. وقد تجسّمت هذه الردود أيضا في تدوينات وتصريحات لأعضاء في هيئة الدفاع عن حفصة بوطاهر "الذين اتهموا بوبكر الجامعي ويوسف الريسوني بتضليل الرأي العام عبر إقحام صفة عمر الراضي وسليمان الريسوني في الملاحقات القضائية ضدهما". بل إنهم طالبوا أصحاب هذه المزاعم ب "تحديد المعايير التي تسمح لهم بوصف عمر الراضي بأفضل صحافي استقصائي وسليمان الريسوني بأكبر كاتب افتتاحيات بالمغرب"، متسائلين باستنكار شديد: هل شارك سليمان الريسوني في مسابقة أحسن كاتب للافتتاحيات؟ وهل يمكن لعون خدمة في جماعة قروية أن يصنع عمود رأي بدون حصوله حتى على الشهادة الثانوية؟ وهل قرصنة مقال أراضي خدام الدولة من موقع مغربي معروف، بعد ثلاثة أيام من نشره، يضفي صفة الصحفي الاستقصائي على عمر الراضي الذي اعترف بذلك صراحة في حوار إعلامي؟ وفي سياق ذي صلة، تساءل مدونون في موقع فايسبوك: لماذا يحرص محيط عمر الراضي على الاستقواء بالأجنبي والإمعان في تسييس الملف رغم مدخلاته القانونية ومخرجاته القضائية؟ ولماذا يتقاطع محيط عمر الراضي وسليمان الريسوني في ما يسمى "فوضى الدفاع ودفاع الفوضى"؟ وبتعبير آخر لماذا يتفادى دفاع المتهمين مناقشة القانون في ردهات المحاكم، من خلال الإمعان في طلبات تأجيل الجلسات،بينما ينشرون في منتدياتهم الافتراضية على شبكة الأنترنت مزاعم كاذبة حول صحة المتهمين؟ وكأنهم يستجدون موتهم ليقولون للمغاربة: أنتم شركاء في قتل المشتبه بهم في الاغتصاب وهتك العرض بالعنف. حري بالذكر ختاما، أن تحقيق العدالة في ملف عمر الراضي وسليمان الريسوني يمرُّ حتما عبر الإسراع في مناقشة جوهر القضية، في إطارها القضائي والقانوني، بعيدا عن استراتيجية التقاضي بسوء نية المنسوبة لمحيط المتهمين، والتي توغل في تسويف الطلبات والإغراق في الملتمسات، وبعيدا أيضا عن "حملات استعراض العضلات"، التي يمارسها البعض في الشبكات التواصلية على الأنترنت، في إحساس غير صادق بواقعهم المادي وحتى الافتراضي.