في ظرف أسبوع، تحدث الميلياردير هشام العلوي، ابن عم الملك محمد السادس، عن التضامن بين المغاربة من جهة وبين المغرب ولبنان من جهة أخرى، وذلك عبر حسابيه على تويتر وأنستغرام. ففي خرجته الاولى على تويتر يوم 13 أبريل الجاري، كتب الأمير الذي لقب نفسه بالمنبوذ: "بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم، أتقدم لجميع الأحبة في المغرب والخارج بأحر التهاني والتبريكات، وندعو العلي القدير أن يحمينا خلال هذا الشهر المبارك من تداعيات فيروس كورونا". وأضاف هشام صاحب نظرية "ثورة الكامون" التي لم يكتب لها القيام، متحدثا عن أمله في فتح المغرب صفحة جديدة لمواجهة تحديات الوضع الجديد للعالم واصفا هذه الصفحة ب "صفحة تستند على تجاوب وتضامن الجميع"، يكون مستهلها "الإفراج عن كل المعتقلين". ومن خلال هذه التدوينات الفجائية والمرتبكة يلاحظ أن هشام العلوي قدم التهاني والتبريكات لأحبته في المغرب والخارج فقط، دون سائر المغاربة، ودون الإشارة إلى لبنان الذي تجري دماؤه في شرايين والدته وبالتالي شرايينه أيضا، كما لم يبعث تحيته إلى مسلمي أمريكا التي طالما اعتبرها بلده الثاني في العديد من كتاباته وتعابيره. أما المغاربة الذين استثنائهم من التحية، فما نعرفه نحن، هو أنه يحتمي بهم فقط كلما اضطر إلى ذلك سبيلا، ولعله لا ينفي أنه هرول إليهم، مستنجدا، ليقيم بين ظهرانيهم في الشهور الأولى من المواجهة العالمية مع فيروس كورونا، حيث عمت العالم مشاعر الخوف والدهشة. وإذا أضفنا إلى هذا الفعل ما راكمه من ثروة ضخمة على عرق جبينهم، فسنكون متأكدين حينها أن ما يحرك مشاعر هشام العلوي اتجاه المغاربة، هي مشاعر الانتهازية والمصلحة الذاتية وحب المال لا غير. وعليه، فنحن المغاربة نخاطبك بالصراحة التي عهدتها فينا، يا هشام العلوي، ونؤكد لك أننا لسنا بحاجة للتهاني والتبريكات مطالبينك، فقط لا غير، بتسوية وضعية أبنائنا المستخدمين في ضيعاتك وشركاتك بالمغرب ولو عبر تأدية أجورهم على الأقل. اما الملاحظة الثانية التي استنتجناها في تغريدة هشام، فهي حديثه الانتهازي عن التضامن. وهنا نطرح سؤالا آخر، إذ كيف لرجل ثري راكم ملايير الدراهم، أن يتحدث اليوم عن مشاعر التضامن والتآزر، علما أنه لم يساهم بدرهم واحد،"مهما كان بئيسا"، في صندوق محاربة جائحة كورونا الذي ساهم فيه طواعية المغاربة الأحرار من رجال الأعمال ومستخدمين وفلاحين وكل فئات الشعب الوفي، وفي مقدمتهم ملك البلاد، محمد السادس، (الذي هو ابن عمك يا هشام العلوي). وبالعودة إلى نفس التغريدة، فقد طالب هشام "المنبوذ"، بالإفراج على "كل المعتقلين" في السجون المغربية، وهو مطلب غريب جدا ومثير للانتباه، إذ لم نسمع يوما، في بلد من بلدان العالم، أن هناك من يطالب بإفراغ كل السجون، وإطلاق سراح المجرمين والمنحرفين والقتلة والمغتصِبين والبيدوفيليين والمدانين بتهمة الفساد والانحراف، الخ، لما يشكلون من تهديد خطير على أمن واستقرار الشارع والحياة العامة للمواطنين المتوازنين والمتعايشين في انسجام وأمان. فهل هو الجهل ما حرك مولاي هشام إلى رفع هذا المطلب في شكل أمنية مصحوبة بتحية رمضانية، أم هي قمة الانتهازية والشعبوية عند رجل يدعي أنه أكاديمي وخريج أشهر الجامعات الامريكية؟ فوالله لو طالب صاحب ثورة الكامون بإلافراج عن جميع المعتقلين في بلده الثاني أمريكا لأحالوه على طبيب نفساني كي يفلت من غضب الشعب، ومن غضب ضحايا المجرمين وعائلاتهم وجمعياتهم. وهنا نكتفي بهذا الكلام كي لا نطيل التحليل الذي قد يسير بنا نحو نوايا مبيتة وغير أمينة لا قدر الله. وفي خرجة ثانية، ليلة أمس الثلاثاء، على أنستغرام، عبر هشام "المنبوذ" عن انتهازية منقطعة النظير، حيث نشر صورة قديمة له مع سعد الحريري رئيس وزراء لبنان -تبدو صورة مجاملة يظهر فيها الحريري غير مرتاح- التقطت لهما في أحد الفنادق الفاخرة بالعاصمة الفرنسية باريس، وحيا المغرب عن الاعانة المستعجلة التي قدمها المغرب للبنان، والتي تتكون على حد قوله من "الحبوب". وأضاف أن هذه الإعانة نابعة من القلب الخالص للمغاربة بمبادرة من مسؤولي المغرب. وهنا تبرز مرة أخرى انتهازية هشام الذي ارتدى أثناء كتابة هذه التدوينة قناع المغربي-اللبناني، حيث يحاول يائسا حشر أنفه وإيهام الرأي العام اللبناني والدولي أن له يدا في هذه المبادرة ل"مسؤولي" المغرب، والواقع أن المبادرة إنما هي ملكية100 %100، ولا دخل فيها لا من قريب و لا من بعيد لهشام العلوي. لأن ما نعرفه عن ملك البلاد أنه اعتاد عن هذه المبادرات الإنسانية اتجاه كل الدول التي تمسها أزمة أو طارئ، ولعلنا نتذكر حين بعث مساعدات متنوعة الى قطر رغم كونها غنية، لأن الإشارات التي يبعثها الملك من هذه المبادرات تتعدى كونها مساعدات غذائية ودوائية إلى كونها تعبير عن التضامن والتكافل مع كل شعوب الأرض. وهنا نتوقف لحظة لنسأل: ألم يقم الملك محمد السادس بنفس المبادرة السنة الماضية بعد انفجار ميناء بيروت؟ ولكننا لنسأل أ يضا: ألم يظل حينها هشام العلوي مختفيا خلف الحيطان ولم يحرك ساكنا. إنها انتهازية ابن عم الملك التي تظهر جليا في افتخاره بصورة قديمة جمعته مع سعد الحريري، ناسيا أو متناسيا أنه هو نفسه من وجه مؤخرا انتقادات لاذعة للطبقة السياسية بلبنان وعلى رأسها سعد الحريري، على إثر اندلاع الازمة السياسية. وهنا نشير إلى ملاحظة هامة أخرى، وتتجلى في أن صاحب نظرية الكامون يحاول تبخيس الإعانات المغربية باختزالها في الحبوب (céréales)، والواقع أن هذه الإعانات هي غذائية إنسانية متنوعة، ولاتقتصر على الدقيق بل تتعداه، برمزية التنوع، الى كل ما يمكن أن يحتاجه المواطن اللبناني. ولعل الشعب اللبناني هو الأعرف والأدرى بقيمة عذه المساعدات، ولذلك فقد بادروا بتوجيه شكرهم إلى العاهل المغربي حيث صرح قائد الجيش اللبناني جوزيف عون: "أعبر عن عميق الامتنان وجزيل الشكر لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، على هذه الهبة الملكية القيمة التي جاءت في وقتها وكانت من أول الإعانات الإنسانية التي وصلت إلى لبنان". وخلاصة الحديث أ السي هشام: "خلّص غي الضرائب والمستخدمين ديالك، وخلِي فلوسك عندكد وسكتْنا وعطينا شبر ديال التيساع عفاك"..