تعالج البلدان حول العالم تداعيات وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على اقتصادها بناءً على احتياجاتها وقدراتها على مواجهته وفق خطط اقتصادية ومالية مدروسة، لكن في الجهة المقابلة للبحر الأبيض المتوسط يطرح موقع المغرب وأزمة كورونا مجموعة من الأسئلة بخصوص وضع اقتصاد المملكة، خاصة وأن المغرب تربطه علاقات اقتصادية كبيرة مع الاتحاد الأوروبي. وكانت الحكومة المغربية قد بعثت رسالة إلى وفد "الاتحاد الأوروبي" في 26 مارس وتوقعت خسائر ملحوظة في قطاعات السياحة والسيارات والأقمشة في عام 2020. وأشارت الرسالة إلى تشكيل "الاتحاد الأوروبي" أكثر من 58% من صادرات المغرب، و59% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، و70% من قطاع السياحة في المغرب، حيث انعكس الانخفاض المتوقَّع من الأسواق الأوروبية على المستوى المحلّي. من جهة أخرى مست أزمة كورونا أيضاً السيولة البنكية، حيث كشفت وزارة الاقتصاد والمالية عن ظهور توترات على مستوى السيولة البنكية منذ بداية الأزمة الناجمة عن جائحة كورونا، بسبب السحب غير المعتاد للودائع البنكية؛ ما جعل عجز السيولة لدى البنوك يبلغ 93.8 مليار درهم في الفصل الثاني من السنة. أما المندوبية السامية للتخطيط، فقد ذكرت أن تداعيات الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد-19، تسببت في فقدان الاقتصاد المغربي ل432 ألف منصب شغل سنة 2020 وتوقعت، كنتيجة لفقدان هذه المناصب، أن يرتفع مُعدل البطالة في المغرب إلى حوالي 13 في المئة، مُقابل 9.2 في المئة التي سُجلت خلال سنة 2019. ويرى متابعون للشأن الاقتصادي، أن الاقتصاد الوطني هش، لأن نسبة النمو ضعيفة، وأن مجموعة من القطاعات الاقتصادية تعتمد بشكل كبير على الخارج، خصوصا قطاع السيارات، والقطاع المرتبط بصناعة الطائرات، وقطاع النسيج. كما أن القطاع السياحي، يعتمد بنسبة مائة بالمائة على الخارج، وإذا استمرت الدول الأوروبية في إغلاق حدودها، فإن هذا القطاع سيعاني الأزمة التامة وسينعكس على المهنيين. في المقابل تضررت عائدات المغرب من العملة الصعبة بشكل كبير، ذلك لأنها تعتمد بالأساس على السياحة، وعلى المبادلات التجارية والتصدير الذي تضرر بفعل الجائحة، وتحويلات المغاربة بالخارج. والجدير بالذكر أن البنك الدولي، في تقريره الأخير حول "الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر يناير بالنسبة لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، توقع تسارع نمو الاقتصاد الوطني بنسبة 4% العام الجاري، مشيرا إلى زيادة إنتاج القطاع الزراعي بعد فترة الجفاف وتخفيف إجراءات الحجر الصحي.