أبو دلامة يفسد حزن المأتم كان ابو دلامة رجل فكاهة ودعابة ولؤم أحيانا، فحينما ماتت حمادة عمة أبي جعفر المنصور، وحضر دفنها، مع الناس، جلس أبو جعفر مصطنعا الحزن على شفير القبر و هو يُحفر ، و حمادة مكفنة بجانبه، فالتفت أبو جعفر إلى أبي دلامة و قال له بغرض احراجه: يا أبا دلامة : ما أعددت لهذه الحفرة؟ فقال أبو دلامة : أعدتتُ لها حمادة عمة أمير المؤمنين ! فانفجر ابو جعفر بالضحك ولم يتمالك الناس أن ضحكوا قناعة أبي دلامة كان أبو دلامة ينطلق لاستدرار عطايا الخلفاء، فدخل مرة على الخليفة العباسي فقال له: سلني حاجتك. فتنحنح أبو دلامة وقال: أريد كلباً لأصطاد به. صاح الخليفة: ألهذا جئتني في هذه الساعة؟ وصاح الخليفة في الغلام الذي يقف وراءه وكأنه يريد أن ينهي المقابلة بسرعة: أعطوه كلباً. ولكن (أبا دلامة) لم يغادر المكان، بل تقدم خطوة أخرى من الخليفة وقال: وهل أخرج في البيداء الواسعة، فأطارد صيدي على قدمي هاتين؟ فصرخ الخليفة: أعطوه فرساً يركبها. قال أبو دلامة: ومن يعتني بهذه الفرس، ويمسك لي الصيد، ويحمله معي؟ قال الخليفة: أعطوه غلاماً يساعده في صيده. قال أبو دلامة: وحين أعود إلى البيت محملاً بصيدي، فمن ينظفه ويطبخه لي؟ قال الخليفة: أعطوه جارية تعينه في البيت. سأل أبو دلامة: وهل سأترك هذين البائسين يبيتان في العراء؟ قال الخليفة: أعطوه داراً تجمعهم. سأل أبو دلامة: وكيف سيعيشون بعد ذلك إن لازمني النكد وسوء الطالع، ولم أوفق بالصيد شهراً أو شهرين؟ قال الخليفة: أعطوه مئة جريب عامرة ومئة جريب غامرة. سأل أبو دلامة: وما هي الغامرة يا أمير المؤمنين؟ أجاب الخليفة: الأرض المالحة التي لا نبت فيها. في هذه اللحظة هز (أبو دلامة) يده ساخراً وقال: إذن أنا أعطيك مئة ألف جريب غامرة، في صحراء العرب. فصاح الخليفة بمن في المجلس، وهو يضحك، وقد خرج عن جده وصرامته: اجعلوها كلها عامرة، قبل أن يطلب هذا الكرسي الذي أجلس عليه. خيارة أبي دلامة دخل ابو دلامة مرةً دخل على المنصور فأنشده: اني رايتك في المنام وانت تعطيني خيارة مملوءة بدراهم وعليك تفسير العبارة فضحك المنصور وقال له: “امض فأتني بخيارة أملؤها لك دراهم” فما صدق خبراً حتى انطلق مسرعاً إلى السوق ، وظل يبحث عن ضالته ساعة حتى وجدها ، وحين عاد إلى الخليفة كان يحمل معه يقطينة كبيرة جداً وما إن شاهدها الخليفة حتى صاح به: ما هذه ? ألم تقل (وأنت تعطيني خيارة).. هل هذه خيارة ؟ قال أبو دلامة: “عليّ الطلاق إن كنت رأيت غيرها في المنام ، ولكني تذكرتها حين رأيتها في السوق” فصاح الخليفة بأحد الغلمان قائلاً: “اذهب واملأها دراهم ، واحملها معه إلى بيته”.