كثيرة هي النوادر والطرائف المرتبطة بشهر الصيام، التي يتم تداولها من باب التفكّه، واستخلاص العبر، ومن بينها تلك التي تضمنتها «موسوعة قصص وطرائف ونوادر العرب»، والتي نسوق من بينها النوادر التالية: الموت قبل الإفطار شوهد أعرابي وهو يأكل فاكهة في نهار رمضان، فقيل له: ما هذا ؟ فقال الأعرابي على الفور: قرأت في كتاب الله «وكلوا من ثمره إذا أثمر»، والإنسان لا يضمن عمره، وقد خفت أن أموت قبل وقت الإفطار فأكون قد مت عاصيا. السقف صائم كان أحد الفقراء يسكن في بيت قديم، وكان يسمع لسقفه قرقعة مستمرة لأية حركة متواصلة، فلما جاء صاحب المنزل قال له الساكن، أصلح الله حالك، فأجابه صاحب المنزل، لا تخف إن السقف صائم يسبح ربه، فقال الساكن: أخشى بعد الإفطار أن يطيل السجود وهو يصلي القيام، فلا يقوم ولا أقوم. رمضان وأشعب كان أشعب أشد الناس طمعا، فدخل على أحد الولاة في أول يوم من رمضان يطلب الإفطار، وجاءت المائدة وعليها جدي، فأمعن فيه أشعب حتى ضاق الوالي وأراد الانتقام من ذلك الطامع الشره فقال له: اسمع يا أشعب إن أهل السجن سألوني أن أرسل إليهم من يصلي بهم في شهر رمضان، فامضي إليهم وصل بهم، واغنم الثواب في هذا الشهر، فقال أشعب وقد فطن إلى غرض الوالي منه: أيها الوالي لو أعفيتني من هذا نظير أن أحلف لك بالطلاق والعتاق إني لا أكل لحم الجدي ما عشت أبدا فضحك الوالي. صيام الحمقى أسهل دخل أحد الحمقى على أحد الخلفاء في إحدى الليالي الرمضانية وهو يأكل، فدعاه الخليفة ليأكل فقال، إني صائم يا أمير المؤمنين، فسأله هل تصل النهار بالليل ؟ فأجابه لا ولكني وجدت صيام الليل أسهل من صيام النهار، وحلاوة الطعام في النهار أفضل من حلاوته في الليل. – قيل لبعض الحمقى كيف صمتم في رمضان؟ فأجابوا اجتمعنا ثلاثين رجلا وصمناه يوما واحدا. – أهدى أحد الأدباء في شهر رمضان صديقا له نوعا من الحلوى قد فسد مذاقها لقدمها، وبعث معها بطاقة كتب فيها: إني اخترت لهذه الحلوى السكر المدائني، والزعفران الأصفهاني، فأجابه صديقه بعد أن ذاق طعمها : والله ما أظن حلواك هذه صنعت إلا قبل أن تفتح المدائن وتبنى أصفهان. – ضاع لأحدهم حمار فنذر أن يصوم ثلاثة أيام إن وجده، وبعد فترة من الزمن وجد حماره فأوفى بنذره وصام الثلاثة أيام وما أن أكمل الصيام حتى مات الحمار، فقال: لأخصمنها من شهر رمضان. من الأشعار التي قيلت في ذم بخلاء الصائمين قول الشاعر : أتيت عمرا سحرا فقال إني صائم فقلت إني قاعد فقال إني قائم فقلت آتيك غدا فقال صومي دائم ومن ذلك ما قال أبو نواس يهجو الفضل قائلا: رأيت الفضل مكتئبا يناغي الخبز والسمكا فأسبل دمعة لما رآني قادما وبكى فلما أن حلفت له بأني صائم ضحكا – خرج الحجاج ذات يوم قائظ فأحضر له الغذاء، فقال: اطلبوا من يتغذى معنا، فطلبوا فلم يجدوا إلا أعرابيا، فأتوا به فدار بين الحجاج والأعرابي هذا الحوار: الحجاج: هلم أيها الأعرابي لنتناول طعام الغذاء. الأعرابي: قد دعاني من هو أكرم منك فأجبته. الحجاج: من هو ؟ الأعرابي: الله تبارك وتعالى دعاني إلى الصيام فأنا صائم. الحجاج: تصوم في مثل هذا اليوم على حره. الأعرابي: صمت ليوم أشد منه حرا. الحجاج: أفطر اليوم وصم غدا. الأعرابي: أو يضمن الأمير أن أعيش إلى الغد. الحجاج: ليس ذلك إليّ، فعلم ذلك عند لله. الأعرابي: فكيف تسألني عاجلا بآجل ليس إليه من سبيل. الحجاج: إنه طعام طيب. الأعرابي: ولله ما طيبه خبازك وطباخك ولكن طيبته العافية . الحجاج: بالله ما رأيت مثل هذا .. جزاك الله خيرا أيها الأعرابي، وأمر له بجائزة. البخلاء والصوم دخل شاعر على رجل بخيل فامتقع وجه هذا الأخير، وظهر عليه القلق والاضطراب، ووضع في نفسه إن أكل الشاعر من طعامه فإنه سيهجوه.. غير أن الشاعر انتبه إلى ما أصاب الرجل فترفق بحاله ولم يطعم من طعامه.. ومضى عنه وهو يقول: تغير إذ دخلت عليه حتى.. .. فطنت.. فقلت في عرض المقال عليَّ اليوم نذر من صيام.. .. فأشرق وجهه مثل الهلال – أخذ الناس رجلا قد أفطر في شهر رمضان إلى الوالي، فقال الوالي: يا عدو لله أتفطر في شهر رمضان. قال الرجل: أنت أمرتني بذلك. قال الوالي: هذا شر كيف أمرتك؟ قال الرجل حدثت عن ابن عباس: أنه من صام يوم عرفة عدل صومه سنه (المعنى أن ثوابه يعدل ثواب صيام سنة)، وقد صمته فكأني صمت كل رمضان، فضحك الولي وأخلى سبيله. ومن كتاب «النوادر» لأبي زيد الأنصاري نقرأ: «كان أبو دلامة بين يدي المنصور واقفا، فقال له: سلني حاجتك ، فقال أبو دلامة: كلب أتصيد به، قال :أعطوه كلبا، قال: ودابة أتصيد عليها، قال: أعطوه دابة، قال: وغلام يصيد بالكلب، ويقوده، قال: أعطوه غلاما . قال: وجارية تصلح لنا الصيد وتطعمنا منه، قال: أعطوه جارية، قال: هؤلاء يا أمير المؤمنين عبيدك فلا بد من دار يسكنونها، قال: أعطوه دارا تجمعهم. قال: فإن لم تكن لهم ضيعة فمن أين يعيشون؟ قال: أعطيتك مائة جريب عامرة ومائة جريب غامرة. قال: وما الغامرة ؟ قال: ما لا نبات فيه . فقال : قد أقطعتك أنا يا أمير المؤمنين خمسمائة ألف جريب غامرة في فيافي بني أسد ، فضحك وقال : اجعلوها كلها عامرة. قال: فأذن لي أن أقبل يدك . قال: أما هذه فدعها. قال: والله ما منعت عيالي شيئا أقل ضررا عليهم منها». – صلى إعرابي مع قوم فقرأ الإمام «قل أرأيتم إن أهلكني لله ومن معي أو رحمنا» فقال الأعرابي: أهلكك لله وحدك: ما ذنب الذين معك. فقطع القوم الصلاة من شدة الضحك. – جلس أشعب عند رجل ليتناول الطعام معه، ولكن الرجل لم يكن يريد ذلك، فقال إن الدجاج المعدّ للطعام بارد ويجب أن يسخن؛ فقام وسخنه، وتركه فترة فقام وسخنه، وتركه فترة فبرد فقام مرة أخرى وسخّنه، وكرر هذا العمل عدة مرات لعل أشعب يملّ ويترك البيت، فقال له أشعب: أرى دجاجك وكأنه آل فرعون؛ يعرضون على النار غدوا وعشيا. – جاء رجل إلى فقيه فقال: أفطرت يوما في رمضان. فقال: أقض يوما مكانه. قال: قضيت وأتيت أهلي وقد عملوا مأمونية (نوع من الحلوى) فسبقتني يدي إليها فأكلت منها، فقال اقضي يوماً آخر مكانه، قال قضيت وأتيت أهلي وقد عملوا هريسة فسبقتني يدي إليها. فقال : أرى ألا تصوم إلا ويدك مربوطة .