أجرت قناة “بي بي سي” حوارا مع مغني الراب المثير للجدل يوسف المحيوط الملقب ب”ولد لكرية”، وكاتب أغنية “عاش الشعب”، التي وضعت على الإنترنت يوم 29 أكتوبر 2019، وهي من إنتاج مشترك بين مغني الراب يحيى السملالي الملقب ب”لزعر”، ومحمد منير الملقب ب”الكناوي”، الموجود حاليا رهن الاعتقال الاحتياطي بسبب تهم لاعلاقة لها بالأغنية المذكورة، بل تتعلق بالشتم وإهانة المؤسسات. وضمن نفس الحديث الصحفي، ادعى يوسف المحيوط بأنه يشعر بالخطر وانعدام الأمن في بلده رفقة أصدقائه المذكورين أعلاه. وزعم المغني المذكور أيضا بأن الشرطة ألقت القبض على صديقه “لكناوي” بسبب أغنية “عاش الشعب”، وليس بسبب الشتائم التي أذاعها في فيديو على الإنترنت. وقال أيضا إن اجهزة الدولة تتابعه بتهم ذات طابع سياسي، وإنه لهذه الأسباب، أصبح معرضا للسجن. والحقيقة التي لا يمكن أن يخفيها أعضاء هذه المجموعة، هي أن تعاطيهم المبالغ فيه للمخدرات، أثر كثيرا على قواهم العقلية، وأفقدهم التوازن بشكل شبه دائم. وقد اعترف يوسف المحيوط في عدد من حواراته بهذا الأمر، ولم يخفه. وبالتالي، فإن البعض منهم أصبح يعرض حياة الآخرين وحياته للخطر، ثم إن منهم من أطلق العنان للسانه من أجل الشتم والإهانة بألفاظ نابية وساقطة، يعاقب عليه القانون المغربي، كما هو الشأن بكل قوانين الكرة الأرضية. أما الادعاءات الصادرة عن يوسف محيوط وغيره من أعضاء هذه المجموعة، حول تعرض حياتهم للخطر بسبب أغنية بسيطة جدا، وضعيفة المحتوى، ولا ترقى إلى المستوى الإبداعي، فهذا الكلام مردود عليه لأسباب متعددة، ومنها أن مجموعة ناس الغيوان، سبقتهم بكثير إلى أغاني تستنكر فيها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، لكن بأساليب إبداعية راقية، ولم تتعرض طيلة مسيرتها لأية مضايقات، بل بالعكس غنت هذه المجموعة داخل القصر الملكي، وفي الحفلات العمومية، تحت حراسة وعناية عناصر الأمن والقوات العمومية. نعم لقد ارتقت مجموعة ناس الغيوان وغيرها من المجموعات، إلى أرقى سلالم النجاح، دون الحاجة إلى الإنترنت أو إلى البوز. وغنت داخل المغرب وخارجه بكامل الحرية. أما هذا النوع من أغاني الراب التافهة حاليا، فهي تذوب بسرعة كما يذوب الثلج تحت أشعة الشمس. وبالتالي، فلا مستقبل ولا تاريخ لها، ما دامت حمولتها تتعرض للكلام النابي والألفاظ الساقطة التي لا تحترم أذواق المواطنين وأخلاقهم وأسماعهم. ومن المؤكد أن مثل هذه الأغاني تنال أحيانا اهتمام الشباب من باب الفضول والرغبة في الاكتشاف، وليس من باب التذوق أو تثمين الإبداع. بل إن من المعروف أن جهات معينة تعمل على تمويل احتضان وترويج مثل هذه الأغاني، لكي تحقق ما يسمى بالبوز الإلكتروني، الذي أصبح حاليا موضة وبدعة يتهافت عليها الكثير من الشباب. لقد عشنا في سنوات الستينيات وبدايات السبعينيات من القرن الماضي ظواهر شبابية متعددة، ومنها ظاهرة “الهبيزم”، التي ارتقت في فترة من الفترات، ثم انهارت بسرعة بسبب رفض عدد من شرائح المجتمع لتصرفات الهبييين وأغانيهم، الى أن علقت بعض مالكي المحلات التجارية لافتات أمام واجهاتها في انجلترا كتب عليها “hippies use side door” طالبين من كل من ينتمي إلى هذه المجموعات بأن يستخدم الأبواب الخلفية استهانة بهم. وبذلك وصل العديد من المتعاطين لتلك السلوكيات الى خلاصة واضحة، وهي أن لا قدرة لهم على تغيير مجتمعاتهم وفق قناعاتهم، بل إن أغلبهم ترك تلك السلوكيات، واعتنق قيما تنادي بالأخلاق والمثل العليا في المجتمع. ورغم اختفاء الحركات الهيبية عن الوجود، فأنها تنبعث بين الفينة والاخرى في مجتمعاتنا المعاصرة، في شكل مجموعات وحركات ترفض الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لعالم اليوم، ومنهم من يخرج في احتجاجات منظمة ضد العنف والعولمة والأسلحة النووية، ومنهم من يتوارى إلى الخلف ويتعاطى للمخدرات المهلوسة وللجنس الفوضوي، كأسلوب يعبر عن طريقه عن رفضه للواقع المعيش، كما هو حال المجموعة المغربية المذكورة اعلاه. لقد ناهضت الحركات الهيبية في الماضي القيم الرأسمالية، وانتشرت بين طلاب الجامعات، من خلال عدة أساليب للاحتجاج والتمرد. وقد فضلوا ارتداء الملابس الممزقة وإطالة الشعر والأظافر لتمييز أنفسهم عن الآخرين. وكان مصير مجموعة “البيتلز” خير مثال على التمزق والنهايات المفاجئة للمخلصين لهذه الحركات، التي لم تنجح في خلق التغيير او في الانضمام الى حركات سياسية او مدنية فاعلة. أما في المغرب فقد كان المجتمع دائما يشكل قوة رافضة لسلوك هذه الفئات عبر كل الوسائل بما في التوعية والتنبيه وتربية الأبناء وبناء التكتلات والجمعيات البناءة والنافعة. ومن يذكر أغاني المطرب محمد الإدريسي في أواخر الستينيات، فسيذكر لا محال أغنية “الهيبي” التي يرفض من خلالها تصرفات وسلوك هؤلاء الأشخاص داعيا إياهم الى أن يختفوا عن الأنظار خيرا لهم، ومن خلال الرابط أسفله يهدي موقع “برلمان.كوم” لقرائه هذه الأغنية الخالدة: