بعد اعتقال الصحافية هاجر الريسوني، بتهمة الإجهاض وربط علاقة نجم عنها حمل خارج إطار الزواج، طفى نقاش الحريات الفردية من جديد، على سطح النقاش الحقوقي والسياسي، خصوصاً بعدما ظهر إلى العلن تيار من داخل حزب “البيجيدي”، الذي كان دائماً متخفياً في عباءة الطهرانية والأخلاق، حيث طالبت إحدى نائباته بالغرفة الأولى بالتحلي بالشجاعة ومراجعة مواقفه من القوانين التي تمس بالحريات الفردية. وكانت أمينة ماء العينين، البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، بالغرفة الأولى قد دعت أعضاء حزبها، في تصريح رسمي، إلى التحلي بالشجاعة من أجل مراجعة موقفهم من القوانين التي تمس الحريات الفردية، فما كان منهم إلا أن أحجموا عن الخوض في الموضوع، مشيرين إلى أنه لا يحتاج إلى كل هذه الزوبعة، فيما وصف فريق ثان من حركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوي ل”المصباح”، أن البرلمانية ماء العينين غير مؤهلة للحديث في الموضوع. ومن جهته، أكد سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن مطالبة البرلمانية حزبها بمراجعة مواقفه من الحريات لم يطرح في الحزب، وليس كل ما كتب هو مطروح للنقاش داخل “البيجيدي”، في إشارة تحمل بين سطورها أن حزبهم لازال ينظر إلى موضوع الحريات بنظرة حارس الأخلاق العامة داخل المجتمع أو المسؤول عن توجيه تصرفات أفراده كما يرى هو من منظوره الإيديولوجي. وفي سياق متصل، أكد إدريس الكنبوري، الباحث في الحركات الإسلامية، “أن قضية الحريات الفردية من القضايا الصعبة التي لا تزال مطروحة على التيار الإسلامي ليس في المغرب فحسب؛ بل في العالم العربي بأكمله، وحتى في أوروبا”، مضيفاً بالقول أن، “هناك إسلاميون أصبحوا ينظرون إلى الموقف التقليدي من الحريات الفردية بوصفه عبئا عليهم يجعلهم يعيشون مفارقة بين سلوكهم الخاص والموقف العام للمدرسة الإخوانية”. وسبق لوزارة العدل والحريات، أن طرحت مسودة لتعديل القانون الجزائي في عام 2015 في عهد وزيرها السابق مصطفى الرميد، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، لكن الأخير لم يستطع تمرير هذا القانون بحكم الانقسامات التي حصلت بسبب ملفات الحريات الفردية بما في ذلك العلاقات الجنسية. أما أحمد الريسوني، القيادي بحركة التوحيد والإصلاح، والذي يشغل منصب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كان قد أكد أن المجتمعات التي فتحت الأبواب للعلاقات الجنسية اللامسؤولة كلها تعاني، مضيفا أن الدفاع عن حرية الجسد هو “دفاع عن شهوة فردية لمن لها مشكلة مع الحمل غير المرغوب فيه”. وجدير بالذكر أن، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، دخل هو الآخر على الخط نقاش الحريات الفردية، بتأكيده أنه يتابع باهتمام السجال حول مسألة الإجهاض الطوعي، وأنه ينوي قريبا تقديم توصيات لتنقيح القانون الجزائي، وهو نفس الطرح الذي دعت إليه نزهة الصقلي، البرلمانية والوزيرة السابقة عن حزب التقدم والاشتراكية، حليف العدالة والتنمية بالحكومة، والتي ترى أن التنقيحات القانونية يجب أن تكون مبنية على أساس ضبط العلاقات داخل المجتمع لا على أساس القمع الجنسي.