يصدر يوم التاسع عشر من الشهر الجاري ، كتاب “دليل المقاومة ” لمؤلفه رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيث؛ يروي فيه مراحل من مساره السياسي والحزبي الذي نقله من مناضل عادي في القاعدة إلى الأمانة العامة للحزب ثم إلى رئاسة الحكومة الإسبانية ،في ظرف سياسي حرج تميز بتقديم ملتمس رقابة ضد حكومة الحزب الشعبي بزعامة ،ماريانو راخوي، على إثر الأحكام القضائية الصادرة الام الماضي في ما يسمى بملف”غورتيل” رمز الفضائح المالية الكبيرة التي تورط فيها مسؤولون من الحزب الشعبي اليميني، تحمل رئيس الوزراء السابق الوزر المعنوي لأخطائه أنصاره. ويتحدث ،سانشيث، في الكتاب ،وفق مقتطفات نشرتها يوم الأحد ،جريدة “الباييسس ” عن لحظات التوتر التي عمت أركان الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان وما طبعها من مواقف مترددة ومناورات وفي نفس الوقت بروزطموحات وحزازات شخصية . ويعتقد سانشيث ،أن الرأي العام لم يكن مستعدا في بلاده للتعايش مع حكومة أفقدتها الفضائح المالية سمعتها ومصداقيتها ،وبالتالي لا يمكن علاج الشرخ السياسي الكبير إلا بآلية ديموقراطية تفرضها الضرورة السياسية وهي اللجوء إلى ملتمس الرقابة . وكشف سانشيث، في الكتاب أنه رغم اقتناعه بتلك الوسيلة فإنه ظل إلى آخر دقيقة يبحث عن مخرج كريم يليق برئيس الحكومة راخوي؛ ليس لشخصه فقط وإنما من باب المعاملة الواجبة لمن يتقلد ذات المنصب بصرف النظر عن موقعه الحزبي وفي هدا الصدد يؤكد الزعيم الاشتراكي أنه لم يكن راغباشخصيا في أن يصبح رئيس الوزراء بأي ثمن، لذلك ناشد غريمه السياسي ماريانو راخوي ،أن يقدم استقالته وبذلك ينتهي ملتمس الرقابة ويغادر المنصب مرفوع الرأس. وأمام إصرار الأخير على موقفه الذي لم يجد له سانشيث ، مبررا مقنعا فقد حدث ما كان ينبغي ن يحدث . ومن الواضح أن الزعيم الاشتراكي ، تجاوز خلافاته السياسية مع راخوي، في لحظة ضعف إنساني بل ربما اكتشف فيه سجايا خلقية بعد أن قربت بينهما ألأزمة الكاتلانية حيث وقف سانشيث وهو في المعارضة ، بكل قواه إلى جانب الشرعية الدستورية مؤيدا تفعيل البند 155 من الدستور الإسباني القاضي بتجميد الحكم الذاتي وسحب الصلاحيات من الحكومة المحلية ما دامت قد خرجت عن الإطار الدستوري المرجعي الذي ينظم العلاقة بينها وبين الحكومة الوطنية في مدريد. إلى ذلك ، لم يمر عنوان كتاب سانشيث ، دون أن يثير تساؤلات، بعضها ساخرن بخصوص المعاني الخفية التي يرمز إليها . فقد يكون إيذانا بالنصر أو بالهزيمة في الانتخابات التشريعية المقبلة ، وقد يكون إعلانا للخصوم الحزبيين على أنه لن لن يلقي السلاح ويتخلى عن خوض المعارك في سبيل العقيدة الاشتراكية المتجذرة في المجمع ؛خاصة وأنه أشار في فقرات أخرى بالكتاب إلى أنه تعلم الصمود والمقاومة في الحزب الاشتراكي نفسه،وفيه كسب الرهانات الصعبة وصار زعيما غير مدين لأحد،سوى للمناضلين لكن هذه المزية لا تجعل منه مستبدا بالرأي، مستفردا بالقرار الحزبي . سيخوض سانشيث، معركة سياسية حامية الوطيس في مواجهة خصوم شرسين ، لا يضمرون له الود، لكنه متفائل بأن إسبانيا لا يمكن أن تنعطف نحو اليمين بشقيه المعتدل والمتطرف . ما يؤرقه أكثر هو الوضع السياسي المستعصي في كاتالونيا الذي لن تغيره الانتخابات رأسا على عقب بل قد تزيده تعقيدا وبالتالي فإن إسبانيا مقبلة بعد الانتخابات التشريعية على فترات عصيبة جدا ،إذا ما حصل اليمين على الأغلبية المطلقة في البرلمان .