عرفت أسعار النفط انخفاضا مهولا، بحيث تراجعت بأكثر من 40 في المائة منذ أعلى مستوى سجلته قبل 4 سنوات، بحيث كان قد تجاوز 86 دولارا للبرميل في أكتوبر 2014، وهو ما يدفع إلى طرح الكثير من التساؤلات حول الوضع الذي سيكون عليه الاقتصاد العالمي خلال سنة 2019. وفي هذا الصدد سجلت تداولات مقياس “خام برنت” العالمي، أدنى المستويات منذ شهر غشت من سنة 2017. حيث يعتبر النفط أحد أهم العوامل المؤثرة على النمو المستقبلي، ويعكس الانخفاض الحاد في أسعاره مخاوف من ضعف الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى ارتفاع الإنتاج الأمريكي وتراجع أسعار الأسهم، ولم يفلح خفض أوبك وشركائها الإنتاج في دفع الأسعار لأعلى، وعليه تبدو القوى التي ضغطت على النفط ليتراجع في 2018 مستمرة. وخفض صندوق النقد الدولي توقعات النمو العالمي إلى 3.7 في المائة لهذه السنة، بدلا من 3.9 في المائة، ويؤدي تراجع النشاط الاقتصادي إلى انخفاض الطلب على منتجات الطاقة. كما حذرت وكالة الطاقة الدولية من الطلب “الضعيف نسبيا” في أوروبا والدول الآسيوية المتقدمة، بالإضافة إلى تباطؤ الطلب في الهند والبرازيل والأرجنتين بسبب ضعف العملات، من جهتها تعتقد أوبك أن الطلب على نفطها خلال السنة الحالية سينخفض بحوالي مليون برميل يوميا مقارنة ب2018. وذكرت تقارير إعلامية نقلا عن روبن ميلز، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات في مجال الطاقة، “قمر إنرجي”، أن “العامل المهيمن على الطلب سيكون التوقعات الاقتصادية، سيحصل الاقتصاد العالمي على بعض الدعم من تراجع أسعار النفط ولكن على الأغلب سيتباطأ الاقتصاد العالمي في 2019”. واتفقت “أوبك” وحلفاؤها في شهر دجنبر الماضي على خفض الإنتاج اليومي ب1.2 مليون برميل، وتعهد أعضاء “أوبك” بخفض إنتاجهم 800 ألف برميل يوميا لمدة ستة أشهر تبدأ في ينايرالجاري، فيما وعدت روسيا وآخرون بخفض 400 ألف برميل أخرى، ولم يؤثر القرار بشكل كبير على الأسعار. وأكد خبراء الطاقة أنه إذا ظل السعر أقل من 60 دولارا للبرميل فستسعى “أوبك” لتمديد اتفاق دجنبر، بينما إذا ارتفع صوب 80 دولارا للبرميل، فقد تتطلع إلى زيادة الإنتاج مرة أخرى. ورغم تشديد دونالد ترامب العقوبات الاقتصادية والتجارية ضد إيران بما في ذلك منعها من تسويق منتوجها من البترول، فقد قال سبنسر ولش، المدير التنفيذي للنفط في IHS Markit “الإدارة الأمريكية لا تريد أن يرتفع سعر البنزين، لذا من المرجح أن تتأثر السياسة الأمريكية بتحركات السوق الذي سيتأثر بمدى فعالية خفض أوبك”. وباتت الولاياتالمتحدة أكبر منتج للنفط الخام في العالم في شهر شتنبر الماضي، متجاوزة روسيا والسعودية لأول مرة منذ 1973، وأعادت طفرة النفط الصخري الأمريكي رسم خريطة الطاقة العالمية، بعدما نما إنتاج الولاياتالمتحدة أكثر من الضعف خلال العقد الماضي، ليثير تساؤلات حول قدرة أوبك على التأثير على الأسعار.