علق المغاربة آمالا كبيرة على صعود حزب العدالة والتنمية إلى واجهة المشهد السياسي المغربي، بعد أن بوأته نتائج انتخابات 2011 التشريعية المرتبة الأولى ليرأس الحكومة في شخص أمينه العام عبد الإله بن كيران، الذي عينه الملك رئيسا للحكومة على ضوء تلك النتائج سنة 2012. ورغم تفجر فضائح هزت الرأي العام الوطني، ويتعلق الأمر بعلاقة حب “قديمة” جمعت بين وزير ووزيرة في حكومة ابن كيران توجت بالزواج، وبعلاقة جنسية مشبوهة بين قيادي وقيادية في صفوف حركة الإصلاح والتوحيد، وغيرها من المغامرات الجنسية المفضوحة “للبيجيديين بعدة أقاليم”. رغم ذلك كله، تغاضى الناخبون المغاربة عن هذه الفضائح ومنحوا أصواتهم بكثافة لحزب ابن كيران في انتخابات 2015 الجماعية وفي انتخابات 2016 التشريعية. “البيجيديون” اعتقدوا أن ما حملهم إلى صدارة المشهد السياسي سنة 2016 كان هو حصيلتهم على مستوى الحكومة واقتناع المغاربة بنظافة أيديهم، لكنهم تناسوا أن لا هذا ولا ذاك كان وراء تصدرهم لنتائج تلك الانتخابات، ولم يستحضروا نفور الكثير من الناخبين من خطابات إلياس العماري العلمانية التي دافع فيها عن حرية المعتقد وأراد أن يقنن منتوج “كتامة” المخدر. اليوم وقد انكشفت صورة حزب العدالة والتنمية كاملة، فقد تغيرت الموازين وصار “البيجيديون” أنفسهم يدركون قبل غيرهم، أن مجدهم السياسي الذي بني على إقحام الدين في السياسة قد بدأ يتهاوى فوق رؤوسهم، بفعل توالي الفضائح الجنسية التي أزكمت الأنوف وحبست الأنفاس، وسقط قناع الطهرانية التي جعل منها أهل العدالة والتنمية سلاحا ضد خصومهم السياسيين. المغاربة أدركوا اليوم أن حصيلة العدالة والتنمية تحولت بالمعنى الدارجي إلى “حصلة” وهم يسترجعون تفاصيل شريط الفضائح الجنسية لهذا الحزب الذي جعل من الإسلام مرجعيته الأساسية، وخضعت أطره لنظام تربوي صارم بذراعه الدعوي حركة التوحيد والإصلاح. وللذكرى نسرد في “برلمانكم” كرونولوجيا الفضائح الجنسية لقادة العدالة والتنمية. العشق الممنوع داخل حكومة بن كيران أولى الفضائح التي تفجرت ذات يوم من شهر أبريل 2015، تتعلق بعلاقة الحب والغرام التي كانت تجمع بين الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان آنذاك، وبين سمية بنخلدون التي شغلت ساعتها مهمة وزيرة منتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر. ولعل ما جعل من هذه العلاقة الغرامية تقفز إلى مستوى الفضيحة كون سمية كانت مغرمة بعشيقها الوزير وهي على ذمة رجل آخر، وربما لو لم تنفضح الأمور بينهما لما عمدا إلى مُداراة الفضيحة بتوثيق الزواج بينهما على سنة الله ورسوله. الشيخان العاشقان “العارفان بالله” عاما بعد ذلك، ستنفجر فضيحة جنسية أقوى وأشد حدة ووطأة من سابقتها؛ ويتعلق الأمر بقصة الشيخين العاشقين “العارفين بالله”!! عمر بنحماد وفاطمة النجار، القياديين بحركة التوحيد والإصلاح، بعد أن تم ضبطهما في الساعات الأولى ليوم من أيام شهر غشت من سنة 2016 بشاطئ المنصورية بالمحمدية وهما يمارسان الجنس داخل سيارة “مرسيديس” في خيانة زوجية سارعا إلى محاولة إخفائها بزواج عرفي مزعوم. شبهة بوانو واعتماد غطت على فضائح الأقاليم لن نعرج على قصة عبد الله بوانو واعتماد الزاهدي، لأن الشبهة كانت تحتاج إلى التلبس والقرائن الدامغة، لكن ما حملته الأخبار من الأقاليم كان فضيعا، وسنكتفي بسرد بعض منها حيث تعود بنا الذاكرة إلى وقت قريب وبالضبط إلى شهر شتنبر من سنة 2016، الذي تفجرت فيه فضيحة أستاذ “بيدوفيل” بتارودانت ينتمي إلى الذراع الدعوي لحركة التوحيد والإصلاح، وينشط في حزب العدالة والتنمية، بعد ضبطه في حالة تحرش جنسي بإحدى التلميذات التي لا يتجاوز عمرها سبع سنوات، وغير بعيد منه تم ضبط زوج قيادية بالحزب المعلوم رفقة خليلته المتزوجة وهو في حالة سكر طافح. وبإقليم سيدي سليمان، تورط مستشار جماعي من “البيجيدي” بجماعة “عامر الشمالية” في علاقة جنسية مع متزوجة على ذمة رجل يعمل خارج المغرب، وتقطن بدوار “أولاد بلعيد” التابع للنفوذ الترابي لذات الإقليم. يتيم.. وحب في باريس وأخيرا وليس آخرا، انفضح أمر محمد يتيم الذي يعد أحد أعمدة حركة التوحيد والإصلاح، وأحد المؤسسين لحزب العدالة والتنمية وقيادييها البارزين، والوزير في حكومة سعد الدين العثماني، وهو يتجول في رحلة استجمام بفرنسا مع عشيقته التي تصغره بأكثر من 30 سنة، وتم نشر صورهما بشارع “الشونزيليزي” الباريسي وبفندق حسان بالرباط. البيجيدي.. الحصيلة و”الحَصْلة” هذه حصيلة حزب العدالة والتنمية من الفضائح الجنسية التي طفت إلى السطح وما خفي كان أعظم، وما عسى أهل “الورع والتقوى” أن يقولوا غير التضرع بالدعاء لله “ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”. أما المغاربة فقد اكتشفوا أنهم عاشوا 7 سنوات عجاف مع حكومة ابن كيران والبقية مع حكومة سعد الدين العثماني. وهاهي أوضاع المغاربة الفقراء قد استفحلت، ولم ينالوا من شعارات التغيير التي نادى بها جهابذة “البيجيدي” سوى أن قدرتهم الشرائية قد تراجعت بشكل كبير، ما عدا أن أحوال وزراء ومنتخبي “المصباح” قد تغيرت من حال إلى حال، بعد أن تحولت سحناتهم إلى ما هو أجمل، وعلت النضارة وجوههم التي كانت تكسوها اللحي إلى وقت قريب. وختاما ما نظن المغاربة عما فعلتم غافلون، وموعدكم مع الناخبين في قادم الاستحقاقات الإنتخابية، وستعلمون ساعتها أي منقلب ستنقلبون.