خلال هذه السلسلة الرمضانية، سيغوص “برلمان.كوم” بقرائه في عالم شخصيات طبعت تاريخ المغرب المعاصر في مجالات متعددة، الفن والرياضة والفكر والسياسة والعمل الاجتماعي، بالإضافة إلى المال والأعمال. "برلمان.كوم" وليقربكم أكثر منها، ارتأى تقديم نبذة عن تلك الشخصيات مسلطا الضوء على حياتها وأهم أعمالها، والأحداث التي أدخلتها سجل التاريخ المغربي المعاصر من بابه الواسع. في هذه الحلقة، سنقدم نبذة عن حياة الزعيم التاريخي لحزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي سابقا). الذي يعد أحد قيادات تحالف الكتلة الديمقراطية التي تزعمت المطالبة بالإصلاح والديمقراطية في المغرب. والذي تموقع بين السلطة والمعارضة في عهد الحسن الثاني. مسار دراسي بدأ بطنجة وانتهى بالجزائر صرخ علي يعتة القيادي اليساري، صرخته الأولى بمدينة طنجة، من أب جزائري الأصل ينحدر من منطقة القبائل التي استقر بها عام 1911، وأم من منطقة الريف، حيث أن المدينة المذكورة في تلك الفترة كانت بحكم التقسيم الاستعماري، ذات نظام دولي تحتضن جنسيات مختلفة. بدأ علي يعتة المولود سنة 1920، مساره الدراسي بكتاب قرآني بمدينة طنجة تعلم فيه الأصول الأولى للقراءة والكتابة. وانضم في الثامنة من عمره، إلى المدرسة الابتدائية الفرنسية العربية. وانتقل سنة 1933 صحبة عائلته إلى مدينة الدارالبيضاء، حيث التحق بثانوية ليوطي التي كانت واحدة من أشهر مؤسسات التعليم الحديث في المغرب. في سنة 1942 حصل على شهادة الدراسات التطبيقية العربية من كلية الآداب بالجزائر، وحصل في العام الموالي على شهادة أصول العربية من الجامعة ذاتها. يعتة مؤسس الحزب الشيوعي بالمغرب انخرط يعتة سنة 1940، في الحزب الوطني الذي كان محظورا آنذاك، وكان يشكل رأس الحركة الوطنية، وكان القيادي اليساري مزكى من طرف المرحوم المهدي بن بركة، الذي تعرف عليه سنة من قبل في “ليسي ليوطي”، وكان من بين المبادرين إلى تأسيس فرع الدارالبيضاء للكشفية الحسنية، وظل أمين المال به إلى سنة 1944، وكانت هذه المنظمة تضم الشباب المغربي الواعي وتناهض نظام الحماية وتعمل في اتجاه تحرير البلاد من رقبة الاستعمار. وكان يعتة ضمن المؤيدين لوثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944، والعاملين على نشرها وتوزيعها، وجمع إمضاءات المواطنين عليها. التحق يعتة سنة 1943 بالحزب الشيوعي المغربي الذي كانت تسيطر عليه الجالية الفرنسية، وساهم ابتداء من منتصف الأربعينيات في تعزيز تمثيلية المناضلين المغاربة في الحزب حيث وصل إلى السكرتارية الوطنية للحزب، ليقدم بنفسه صيف 1946 تقريرا سياسيا للجنة المركزية يطالب فيه بإنهاء “الحماية الفرنسية”، وإنشاء جمعية وطنية تأسيسية. سجن الراحل أيام الاستعمار وبعد الاستقلال. فقد زجت به سلطات الاحتلال في السجن بالدارالبيضاء والجزائر ومارسيليا وباريس، وقبع بعد الاستقلال في زنازين سجن درب مولاي الشريف بالدارالبيضاء، وسجن العلو بالرباط. وخولت له حنكته قيادة الحزب في ظروف ومنعطفات صعبة أهمها فترة حل الحزب، حيث حافظ على قاعدة الحزب في صيغته الجديدة باسم حزب التحرر والاشتراكية ثم حزب التقدم والاشتراكية، وعمل عبر هذه المنعطفات على تكييف مواقف الحزب ومرجعياته مع الواقع السياسي المغربي. ودفع في اتجاه مشاركة الحزب في حركة المطالبة بالديمقراطية في إطار العمل المؤسساتي داخل البرلمان، وفي أواخر عمره، هيأ الأرضية الذهنية على مستوى حزبه للمشاركة في الحكومة لاحقا في عهد خلفه إسماعيل العلوي. مسؤوليات علي يعتة ووفاته اضطر علي يعتة إلى الالتحاق بسلك التعليم العمومي سنة 1942، لضمان قوته ومساعدة عائلته، المكونة من سبعة أبناء وبنات، مع الحفاظ على الدروس التي كان يعطيها بالمجان في مدرسة الفلاح. تولى يعتة عضوية في سكرتارية الحزب الشيوعي عام 1945 إلى جانب عدد قليل من المغاربة المسلمين في حزب كان أقرب إلى فرع للحزب الشيوعي الفرنسي. شغل يعتة سنة 1968 منصب الأمين العام للحزب الجديد الذي حمل اسم “التحرر والاشتراكية”، بعد المؤتمر الثالث للحزب الذي انعقد بشكل سري، ليتغير هذا الاسم هو الآخر سنة 1974، ويصير “التقدم والاشتراكية”. وتم هذا بعج الحزب الشيوعي بدعوى تنافيه مع الدين الاسلامي. وبالموازاة نشاطه السياسي كان علي يعتة صحفي بحيث تولى إدارة تحرير جريدة الحزب، كما انتخب الراحل نائبا برلمانيا. توفي يعتة في غشت سنة 1997، بحادثة سير بالدارالبيضاء. حيث طرحت عدة علامات استفهام حول وفاته.