صار لموضوع الإصابة بالسرطان، أهمية قصوى في عصرنا الحديث ويعتبر واحدا من الانشغالات الكبرى التي تؤرق العديد من المرضى والعائلات داخل المجتمع المغربي. محمد شروق، كاتب وإعلامي مغربي مصاب بالسرطان، فضل أن يوثق هذه التجربة “العصيبة” على حد تعبيره، من خلال تأليف كتاب بعنوان “أنا والسرطان”، يرصد من خلاله أصعب اللحظات التي مر منها منذ بداية تلقيه خبر الإصابة بالمرض، مرورا بمراحل العلاج الكيميائي. الحوار أسفله يرصد هذا المعطى. في هذا الحوار، يحكي الإعلامي محمد شروق عن “المرض الفتاك الذي يغزو الأجساد ويطيب له السكن فيها. ويرفض المغادرة إلا بإعلان موت أحدهما.. المريض أو المرض”. ما هي الدوافع التي جعلتك تفكر في إصدار هذا المؤلف “أنا والسرطان”. أصبت بمرض السرطان في صيف 2014 فقررت منذ البداية، وبما أنني أشتغل في مجال الصحافة والكتابة، أن أدون تجربتي مع المرض في كتاب لعدة اعتبارات ودوافع: أولا: ملء الفراغ خلال حصص العلاج الكيميائي التي تمتد إلى ساعات بأمر مفيد. ثانيا: عدم التركيز على المرض والابتعاد عن تفاصيله المؤلمة وتشتيت الانتباه ومحاولة الانكباب على تقاسم الألم مع القلم والحبر والورق. ثالثا: إطلاع الآخرين على خبايا هذا المرض والتعايش معه من خلال طرح تجربتي للعموم، لأنني وقفت خلال مرحلة التشخيص الطويلة على جهل الناس بالكثير من الأمور عن مرض السرطان الذي تعددت أسماؤه عبر التاريخ. رابعا: كنت دائما أفكر في تأليف كتاب حول موضوع ما يخلد اسمي ولو في مساحة محدودة جدا. وها هي الفرصة تتاح لي لاختزال تجربتي مع المرض في كتاب، وهي تجربة إنسانية غنية بكل المقاييس. وهكذا دونت أول سطر يوم 07 غشت 2014، علما أن أول حصة لي في العلاج الكيميائي كانت يوما فقط قبل هذا التاريخ. شرعت في الكتابة على سرير العلاج بالمصحة. كان الدواء ينساب إلى داخل الجسم عبر الأكياس وحبر القلم يسيل فوق الورق.. كتابة بأحاسيس ومشاعر حقيقية ووسط نظرات المرضى والفريق الطبي. الكتاب إذن عصارة تجربة إنسانية غنية بالمشاعر والأحاسيس، “عشتها وأنا أقاوم وأتعايش مع مرض ملعون اسمه السرطان”. هو سرد للمعاناة بدءا من مرحلة التشخيص إلى نهاية العلاج، مرورا بمحطات العلاج المؤلمة. كم استغرق منك الكتاب من الوقت؟ أخذ مني تدوين الكتاب على الورق أزيد من أربعة أشهر لأنني كنت أكتب بشكل متقطع، وكنت سخيا في الكتابة عندما يشتد الألم. بعد أن أنهيت العلاج الكيميائي والإشعاعي خلال فترة تمتد الى ستة أشهر، عكفت على كتابته على الكومبيوتر التي لم تأخذ مني أزيد من أسبوع. وجاءت مرحلة إعادة الكتابة والتصحيح بمساعدة بعض الزملاء الصحفيين. وخلال فترة إعداد الكتاب، تبادرت إلى ذهني فكرة إقحام تدويناتي على “الفيسبوك” خلال مرحلة المرض وتعاليق الصديقات والأصدقاء عليها، كل بصفته. وتبلورت أيضا فكرة أن يتضمن الكتاب صور الأصدقاء الذين زاروني ببيتي. وللإشارة فالكتاب يتوزع على ثلاثة أجزاء: السرد حول المرض، تدوينات “الفيسبوك” والصور التي يفوق عددها ال70. كتاب “أنا والسرطان” يهم بالدرجة الأولى مرضى السرطان لتعلم دروس مقاومة هذا الداء الخبيث. هل تفكر في حملة لترويج وتعميم الكتاب على مراكز السرطان بالمغرب؟ وهل هناك جهة ستتحمل نفقات التوزيع والترويج والدعاية؟ بالفعل، الكتاب رسالة مفتوحة إلى مرضى السرطان وعائلاتهم للاطلاع على تجربة شخصية في مواجهة الإرهابي الأول في العالم، كما أسماه الصحفي اللبناني كمال القبيسي الذي ألف هو الآخر كتابا عن تجربته مع الداء. ولهذا، سأعمل على أن يصل الكتاب إلى هؤلاء عن طريق وضعه رهن إشارة المستشفيات والمصحات الخاصة بالسرطان، كما سأقوم بتقديمه في عدد من المدن المغربية بالتعاون مع الجمعيات العاملة في المجال. ولحد الساعة ليست هناك جهة رسمية أو خاصة أعلنت تحملها نفقات التوزيع والترويج والدعاية. وهنا أود أن أشير إلى أن الكتاب كتبته بقلبي وبقلمي وعلى الكمبيوتر وساهمت في تصحيحه واخترت التدوينات الفيسبوكية والصور وتحملت مصاريف طبعه. وأشير إلى أن بعض أصدقائي المقربين ساهموا بقسط من هذه النفقات.