السرطان، المرض الخبيث، "الكونسير"، "الحي"..، أسماء عديدة ومتعددة لمرض مرعب كما يراه المغاربة، رغم أن هذا الداء يبقى كباقي الأمراض الأخرى، إلا أن الثقافة السائدة في مجتمعنا جعلته من أخطر الأمراض وأفتكها، لأنه في الماضي القريب كان يحصد الملايين من الأرواح في العالم كل سنة، على اعتبار أن الدواء لم يكن في مستوى هذا الداء، لكن مع التقدم العلمي والطبي، استطاع ذوو الاختصاص أن يجعلوا منه مرضا كباقي الأمراض الأخرى قابلا للعلاج. الكل مؤمن بأن نصف العلاج أو ما يزيد.. ينطلق أساسا مما هو نفسي، ومن إرادة المريض شخصيا، ومن محيط، الأسرة والأصدقاء..، لتجاوز هذا الابتلاء، فالمعنويات المرتفعة والإيمان الراسخ بهزيمة هذا الداء من الخطوات الأساسية والمهمة، إنه عدو التراخي وعدو الخوف، ينبغي للمرء التسلح بالإرادة والعزيمة والامتثال لنصائح الطبيب المعالج وتناول الأدوية بشكل منتظم واتخاذ كل الاحتياطات اللازمة في هذا الباب. هناك من المرضى ممن نذروا أنفسهم ليس فقط لمجابهة ونزال هذا الداء، بل اتخذوا على عاتقهم تحفيز المرضى الآخرين وتقديم الخبرة والتجربة لهم لتجاوز هذه المحنة، وهو ما أقدم عليه الزميل محمد شروق الذي ابتلي بهذا البلاء، رغم أنه لم يسبق أن دخن في حياته أو تناول الكحو ، بل عرف عنه أنه رياضي منذ طفولته، لكن المغاربة صدقوا حينما قالوا إن هذا الداء هو. ."سلاطة". . يعني قضاء وقدر. هذا لا يعني أن ليست هناك مسببات لهذا الداء، فعوض أن يستسلم الزميل محمد شروق إلى هذا المرض تخطاه بعزيمة وإرادة كبيرتين، واتخذ من "الفضاء الأزرق"، مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" تحديدا، فسحة لتوزيع الأمل في الحياة لكل مصاب بالسرطان، بل منذ البداية، كسر جدار الصمت والخوف، وقاوم هذا العدو اللدود بالتدوين والكتابة..، بل دون كل هذه المراحل وهذه النزالات التي جمعته بداء السرطان اللعين في كتاب قيد الطبع تحت عنوان" أنا والسرطان"، ويخلص هذه التجربة من خلال تصريح لجريدة "الاتحاد الاشتراكي" يقول الزميل محمد شروق : "أنا كائن فايسبوكي بامتياز. هو نافدتي على العالم. اشتغالي في مجال الصحافة والاتصال قرب المسافة بيني وبين هذا العالم الأزرق الحر. و سيخلد بذاكرتي أنه لما اكتشفت إصابتي بمرض السرطان في شهر رمضان من العام الماضي 2014، وعشت مراحل صعبة وقاسية في العلاج الكيماوي والإشعاعي، كان "الفايسبوك" هو وسيلتي الوحيدة للتواصل مع العالم الخارجي. كانت العائلة والأصدقاء يتابعون حالتي الصحية عبر تدويناتي. عندما صرت عاجزا في فترات عن الكلام والأكل والشرب، كنت أنشر مراحل العلاج بالتفاصيل والصور. "الفاسيبوك"- يضيف محمد شروق - لعب دورا حاسما في مواجهتي للمرض اللعين. وقدمت من خلاله نموذجا لمرضى آخرين كانوا يعيشون معاناتهم في وحدة وصمت. وفي كتابي "أنا والسرطان"، الذي يوجد قيد الطبع، والذي سيصدر مباشرة بعد عيد الأضحى، خصصت حيزا لهذا الجانب، حيث أعدت نشر تدويناتي وتعاليق الصديقات والأصدقاء عليها، إضافة إلى أزيد من 70 صورة كنت قد نشرتها عبر الفضاء الأزرق، وتهم الزيارات التي كنت أستقبل ببيتي. اليوم مازال " الفايسبوك" يلعب نفس الدور/ خاصة بعد أن نشر كتابي من طرف صحيفة وطنية، وأصبحت معروفا لدى العديد من المرضى. استقبل استفسارات وتساؤلات العديد منهم ومن طرف عائلاتهم في كيفية التعامل مع المرض ومقاومته وسبل ومراحل العلاج... هكذا أصبح الفضاء الأزرق بمثابة مقر لنادي مرضى السرطان نتبادل فيه النصائح والصور والنكت... أصعب شيء- يرى الزميل شروق - في مواجهة داء كالسرطان هو أن ينطوي المريض على نفسه، ويحبس نفسه عن العالم، ليبقى يعاني في وحدة صمت. أما أنا فقد قدمت النموذج من خلال مقاومته عبر نشر حربي معه على الفضاء الأزرق حتى يقتسم معي الآخرون آلامي وآمالي، وحتى أشعر بأنني مدعم بجيش كله منخرط في سبيل قضيتي. هكذا استطعت أن أتعايش مع مرضي بقوة وإرادة وبمعنويات مرتفعة. ولاحظت أن الكثير من المرضى ساروا على خطاي وأصبحوا يجهرون بمرضهم..."