الألزهايمر، أكثر أنواع الخرف شيوعا بنسبة 70 في المائة من مجموع الحالات. مرض عضوي، يصيب خلايا الدماغ مؤثرا على الذاكرة ثم باقي الحواس فالسلوك. بعدما كنا نسمع عن حالات قليلة لمرض الألزهايمر، أصبحت اليوم إمكانية إصابتنا به مرتفعة وسط ازدياد حالات المصابين بمرضي الألزهايمر. هذا المرض الذي لا يشكل فقط سبب لنسيان الأشخاص، الأسماء التواريخ و الأماكن، بل هو مرض يلغي الذاكرة الكامل بكل تفاصيلها للشخص المصاب. فالألزهايمر يسبب عدة تغيرات فى الدماغ: وهي تغيرات تحدث تدريجياً وتزداد سوءاً. إذ يسبب بالفقدان التدريجي للمهارات والقدرات الفكرية والاجتماعية.. تتلاشى القدرة على التفريق بين زمن الماضي، الحاضر و المستقبل، بل يمكن أن تموت خلايا المخ، مما يؤدي إلى انخفاض مطرد في الذاكرة والوظائف العقلية. والحقيقة أن معاناة مريض ألزهايمر هي معاناة أسرة كاملة، للأسف لا تجد سبيلا ولا حلا للتعامل مع مريض من هذا النوع. فمع قلة الوعي، وضعف القدرة وكذا قلة الحيلة والصبر، تلجأ العديد من أسر مرضى الألزهايمر إلى وضع المصاب بدور مسنين، ظنا منهم أنهم أكثر خبرة في التعامل مع أمثال هذا المرض، وهروب من مسؤولية صعبة لكنها مهمة في حالة مريض الألزهايمر. اليوم العالمي للألزهايمر في 21 شتنبر من كل عام، يتوحد العالم في مناسبة مشتركة: وهي اليوم العالمي للألزهايمر، نفس اليوم من كل سنة تنظم الدول، المؤسسات، الجمعيات و المراكز الصحية، لقاءات تحسيسية حول هذا المرض بهدف نشر القيم الإنسانية وتوعية الافراد والعائلات والجماعات حول ما يمكن أن يصل إليه مريض الألزهايمر وكيف على المجتمع تقبله والتعامل معه. خلال كل سنة يتم تجديد الشعار الخاص بالاحتفالات اليوم العالمي بالألزهايمر، لكن هدفها يبقى واحدا وهو محاولة النهوض و التوعية بهذا المرض. ورغم اعتبار بعد الفئات لهذا اليوم، هو احتفال عالمي، إلا أنه في الواقع هو يوم للتذكير و التوعية: التذكير لما يمكن أن يصيب أي شخص، والتوعية حول إمكانية التعامل مع ذوي هذا المرض. المجهودات المبذولة أمام ارتفاع حالات الإصابة بمرض الألزهايمر، حيث بلغت نسبة المصابين بهذا المرض في المغرب، حسب تقرير الجامعة الدولية للألزهايمر سنة 2010 : 99.000 شخص مع إمكانية ارتفاع العدد سنة 2030 إلى 225.000 شخص؛ ظهور مجموعة من الجمعيات والهيئات التي تعنى بموضوع الألزهايمر كمرض يتطلب دراسة واهتماما و عناية من نوع خاص. و من بين هذه الجمعيات هناك الجمعية المغربية للألزهايمر و الأمراض المرتبطة والتي تم تأسيسها سنة 2011 بالدارالبيضاء من طرف عائلات مصابين بمرض الألزهايمر والأمراض المرتبطة، أطباء مختصين في الاعصاب فضلا عن متطوعين من المجتمع المدني. وقد عملت الجمعية منذ تأسيسها على خلق فروع لها بمختلف ربوع المملكة، محاولة منها التقرب ونشر الوعي المتعلق بمرض الألزهايمر بمدن المملكة. وحسب تصريح للسيدة «هناء التوزاني» مستشارة للجمعية بفرع فاس فإن: « الجمعية تعمل على نشر التوعية حول مرض الألزهايمر و إخراج إشكالية هذا المرض من الطابوهات المسكوت عنها، كما تهدف الجمعية إلى تقديم الدعم النفسي لعائلات مرضى الألزهايمر وتوعيتهم من خلال لقاءات تواصلية تقوم بها الجمعية لإبراز دور الأسر وكيفية التعامل مع المريض، كما الجمعية تقوم تحت لواء الجمعية الأم، بمجموعة من الأنشطة تجمع بين المغامرة الرياضية و البعد الاجتماعي كمسيرة الذاكرة التي تنظمها الجمعية بعدة مدن، لخلق الحوار بين الأجيال وتحسيس المجتمع بحجم الجهد الجسدي الذي يبذله المساعد الأسري والذي لا يجدي نفعا إلا بوجود عزيمة قوية». تشخيص المرض رغم ما وصل إليه عالم اليوم من تطور تكنولوجي، ورغم ما حققه الإنسان من تقدم ساهم في علاج مجموعة من الأمراض المزمنة، إلا أن السؤال حول سبب إصابة الشخص بمرض الألزهايمر لازال مطروحا. وعموما، تبدأ الأعراض الأولى للأزهايمر بأعراض قد تبدو عادية لأي شخص عادي: مثل النسيان، الارتباك الخفيف، المغالطة في بعض التفاصيل. لكن سرعان ما تؤثر هذه الأشياء على ذاكرة المريض فيصبح غير قادر على التحدث أو نسيان طريقة الأكل أو تمشيط الشعر... وقد يكون الأشخاص المصابين بالألزهايمر أول من يلاحظون هذه الأعراض، فأغلبهم يواجهون صعوبة في تذكر الأشياء، وتنظيم الأفكار. ولكنهم أيضاً قد لا يدركون أن هناك شيئاً خطأً يحدث لهم، حتى عندما تكون التغيرات ملحوظة لأفراد الأسرة، الأصدقاء أو حتى زملاء العمل. وحسب السيدة «حنان زمامة « طبيبة نفسية بمستشفى ابن الحسن للأمراض العقلية و النفسية بفاس فإن: «رحلة مريض الألزهايمر تنطلق بنسيان مجموعة من الأشياء في العادي يعرفها المريض ويقوم بها أحيانا بشكل يومي: كأسماء الأقارب، التواريخ، الطريق إلى العمل، مكان وضع المفاتيح أو مكان صف السيارة.. وغيرها، إلى أن يصل إلى مرحلة يصبح المريض خلالها غير قادر على معرفة الوقت أو أيام الأسبوع أو حتى السنة، يواجه صعوبة في الاستحمام، التحدث أو ارتداء الملابس.. وقد تتعطل قدرة الدماغ على تفسير ما يدور في محيط المريض، مما يجعله يشعر أحيانا بالخوف أو الغربة أو الإحساس بعدم الأمان». وتضيف السيدة حنان أنه: «لا يوجد دواء يعالج مرض الألزهايمر، لكن هناك أدوية يمكن للمريض أخذها إذا ما تم تشخيص المرض مبكر، وهي الأدوية لا تقضي على المرض إنما تأخر بلوغه إلى المرحلة الموالية». كيف تتعامل مع مريض الألزهايمر يشكل الدعم والرعاية الكاملة لمريض الألزهايمر خطوة مهمة ليعيش المريض في محيط حتى وإن كان غريبا عنه، إنما سيكون محيطا قابل للعيش، إذا ما استطاعت الأسر توفير جو يلائم ظروفه واحتياجاته. ومن أهم الخطوات التي يجب اتباعها لدعم مريض الألزهايمر و زيادة قدرته على التأقلم مع البيئة الموجود بها وكذا المرض: * توفير محيط ملائم من خلال إزالة الأثاث الزائد و الحفاظ على الهدوء و الاستعان بإضاءة ملائمة * جعل مائدة الطعام بسيطة، مع اختيار أطباق يختلف لونها مع لون المائدة و استخدام سكاكين ومعالق سهلة الاستعمال. * تقديم تغذية صحية و سهلة الأكل. * التأكد من أن الأحذية و النعال مريحة. * تركيب درابزين قوي على السلالم والحمامات. * التقليل من عدد المرايا: لأن المصابين بالألزهايمر قد يجدون الصور في الماريا مربكة. * ممارسة الرياضة. * الاستماع إلى موسيقى هادئة. ومن أهم الأشياء التي يجب أن يركز عليها أقرباء مرضى الألزهايمر، الحفاظ على الجو الذي يخوله الشعور بالراحة و الطمأنينة و القيمة، خاصة وأن من يعانون من مرض الألزهايمر، غالبا ما يشعرون أنهم ضعفاء ومحتاجون للطمأنينة والدعم حالات تحكي السيدة عائشة عن معاناتها مع زوجها المصاب بمرض الألزهايمر والحزن والتعب ظاهر على محياها: « كنا نعيش سويا كأي أسرة عادية تمر علينا لحظات قاسية، لكن الحياة تستمر حياة كللها ثلاث أطفال، بحلوها ومرها، لم أكن أظن يوما أن زوجي سيصاب بمرض مثل هاذ، أنه سيأتي يوم ينسى كل ما مررنا به، أن لا يتذكر أطفاله وأحفاده. في الأول لم نلاحظ بداية المرض، كان ينسى أشياء عادية، كنا نضحك عليه ونستهزئ به كونه أصبح سريع النسيان. لكن صبيحة يوم من الأيام أتذكره جيدا كان يوم الأحد، لم يتذكر اسم ابنه البكر المهاجر. هنا قلقت قليلا، تحدثت مع أولادي عن نسيانه المتكرر لأشياء عادة يقوم بها بشكل يومي، قررنا في اليوم الموالي أخذه عند طبيب مختص، وهو من أكد لنا أن ما يمر به هو بداية لأعراض الألزهايمر. وكأن صاعقة نزلت علينا، لم نعرف كيف نتعامل مع الموقف، أعطانا الطبيب بعض الأدوية، لكنها لم تف بغرض ظاهر، كان كل مدى تتدهور حالته إلى الأسوأ. بعد مدة أصبح شديد العصبية والكآبة، في الأول كان أولادي يساندون، لكن لكل منهم حياته الخاصة، مر الوقت بسرعة وظللت وحيدة معه، لم أستطع التخلي عنه في هذه الظروف، كان كلما تتدهور حالته أكثر أتعلق به أكثر (عشرت عمر هادي دوزنا الزوين والخايب والزوين كان كتر كيفاش نقد نسمح فيه). كان أحيانا يقوم بإبعادي عنه يمسك في رأسه يظل يبكي كأنه طفل في الخامسة من عمر، وأنا كنت ضائعة لم أعرف كيف أتصرف، لكن الطبيب نصحني باستشارة أخصائي نفسي من أجل متابعة حالته. قصدت أحد الأطباء النفسيين، وهو من شرح لي سبل التعامل مع زوجي المصاب بالألزهايمر، فأصبحت أتعامل معه وفقا لنصائح الطبيب النفسي. بعدما كنت أعامل زوجي كشريك وسند لي، أصبحت اليوم أعامله كالطفل الرضيع، أهتم به، وأطعمه وأحكي له حكايات عن حياتنا سويا وأطفالنا، والحقيقة رغم مساندة بعض أفراد العائلة إلى أن لا يمكن أن يشعر بشدة هذا المرض سوى القريب منه. أنا أيضا تعبت نفسيا وأصبحت أتناول مجموعة من الأدوية المهدئة، لكن هو تعب من الزمن والحياة، لا من زوجي، فأنا أحبه وسأظل أحبه وأرعاه إلى آخر يوم من حياتي، ( شي مرات كنخاف نموت قبل منو شكون غادي يقابلو، راه حد ما يقد يهزوا بحال الي هازاه). عندما أسمع عن حالات مشابهة لحالة زوجي تخلت عنها العائلة ووضعتهم بمركز ما، لا أعاتبهم، فمتابعة مريض من هذا النوع لا تقل صعوبة عن المرض نفسه. أنا أعاتب المختصين إن لم يقوموا بالرعاية الملائمة لمثل هذه الحالات (لهلا يعطى لشي مسلم ولشي عزيز بحال هاد المرض ولاه يزيد فراحة كل مريض)...