أمام تعدد المسؤوليات الإدارية وصعوباتها أصبح تبني مقاربة التخطيط الاستراتيجي التشاركي الطريق الأمثل لتخفيف من مشكل قلة الموارد الذي يطبع تدبير الشؤون العمومية المحلية اذ ان التخطيط يمكن من تسيير أفضل للإمكانيات المتاحة. وبهذا يصبح التخطيط الاستراتيجي رهانا اساسيا في التنمية الاقتصادية المحلية لهذا فان بلادنا في حاجة إلى وضع تخطيط استراتيجي يعتمد تدبيرا من شانه إصلاح الإختلالات الجغرافية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تطبعه و التي تعرقل أي مسار للتنمية المحلية و الجهوية . ولكن قبل التطرق لدراسة التخطيط الإستراتيجي، لابد من تحليل المفاهيم الأساسية في الموضوع. يعد التخطيط الجماعي مسلسلا ديناميكيا تلعب من خلاله الجماعات دورا مركزيا من مرحلة التشخيص إلى مرحلة المصادقة على الأعمال المبرمجة وإنجازها. يعتبر هذا التخطيط استراتيجيا، لأن الأهداف المسطرة نابعة من القرار السياسي المحلي الذي يتخذ خيارات ذات طبيعة هيكلية ترهن مستقبل الجماعة، وتحدد السبل الواجب إتباعها والوسائل الواجب إعمالها لتحقيق تلك الأهداف. أما التنمية فتستعمل للتعبير عن تحسن الأوضاع المعيشية، والخاضعة للإرادة البشرية والمجهود الإنساني، والتي تختلف عن إصطلاح النمو الذي هو مؤشر اقتصادي يوضح النضج التدريجي والمستمر للإنسان، وهو كتغيير كمي يعتمد على عدة مؤشرات كتزايد الإنتاج وحجم الاستثمار. وبمفهوم شامل التنمية المحلية تهدف أساسا إلى رفع المستوي المعيشي عبر تنوع الانشطة الاقتصادية و التجارية و الاجتماعية و ذلك بتنشيط و تنويع موارد و طاقات المجال الجغرافي مما يحدث تغير نوعي في حياة الأفراد على مستوى تراب معين، والذي يمكن رؤيته من خلال مستوي المعيشة و تطور البيئة الحياتية اليومية و تحسن مستوي الخدمات . لقد تضاربت آراء الباحثين والفاعلين والمهتمين بالشأن المحلي في تعريف وتحديد ماهية التنمية المحلية: الفقيه J.L.GUIGOU ” التنمية المحلية هي تعبير عن تضامن محلي قادر على خلق علاقات اجتماعية جديدة وتعبير عن إرادة المواطنين لتثمين الموارد المحلية، الشيء الذي يخلق تنمية اقتصادية”. الفقيه XAVIER GREFFE ” التنمية المحلية هي عبارة عن مسلسل تنويع وإثراء الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في مجال ترابي انطلاقا من التعبئة والتنسيق للموارد والطاقات ” ، ومن هاته التعاريف، نستنتج وجود قواسم مشتركة بينهم: التنمية المحلية لا تقتصر فقط على ما هو اقتصادي بل تقحم أبعاد أخرى اجتماعية، ثقافية وسياسية. فكرة تعبئة الساكنة المحلية حول مشروع تنموي.
ولتحقيق فعالية ونجاعة لهذه التنمية لابد من توفر عدد من الوسائل، منها ماهو قانوني ومالي ، ومنها ماهو إجرائي وهو ما يطلق عليه التخطيط. وكنتيجة فالمخطط الج للتنمية أضحى آلية مهمة في إنتاج السياسة العمومية المحلية من خلال راهنيته الدولية و الوطنية التي ترجمها الخطاب الملكي بتاريخ 30 يوليوز 2008[1] الذي جاء فيه: ” …ندعو الحكومة لاعتماد نهج للحكامة الترابية المحلية، يقوم على النهوض باللامركزية….” فمنذ صدور الميثاق الجماعي لسنة 1976 الذي يشكل تحولا حاسما في مسار الشأن الجماعي، حيث منحت للمجالس الجماعية بمقتضى المادة 30 صلاحية إعداد مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتأكد ذلك مرة ثانية بمناسبة صدور الميثاق الجماعي لسنة 2002، إلا أن الواقع المحلي اثبت غياب المخطط المحلي إلى حدود 2000 مع التجربة الخماسية 2000-2004 تنفيذا لتعليمات الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير الأول في 28 شتنبر 1999 والدورية رقم 77 في فاتح ابريل 1999 الموجهة إلى الولاة والتي أفضت إلى نتائج سلبية لم تحقق التنمية المتوخاة أثناء تلك الفترة، مما أدى إلى الوقوف مرة أخرى لصناعة فلسفة جديدة تكرس مقاربة التخطيط الاستراتيجي. وقد ترجمت في صدور الميثاق الجماعي المعدل بمقتضى القانون رقم 17.08 بتاريخ 23 فبراير 2009 الذي منح للمجلس الجماعي وفق المادة 36 في إطار الاختصاصات الذاتية مهمة إعداد المخطط الجماعي للتنمية وفق مقاربة جديدة تقوم على مايلي : * اعتماد مقاربة تشاركية من اجل تحقيق تنمية مندمجة و مستديمة ؛ * استغلال ايجابي للموارد البشرية والمالية؛ * إحداث شركات التنمية المحلية؛ * تشجيع الاستثمار و المبادرات الخاصة؛ * ضمان التجانس الاجتماعي و مقاربة النوع؛ * إنتاج البعد الايكولوجي؛ * ترسيخ ثقافة التخطيط التشاركي لدى الساكنة الجماعية. أهمية المخطط الجماعي للتنمية تتجلى في كونه يعزز من كفاءة أداء الإدارة الجماعية ويربطها في إطار تشاركي ، يوفر كذلك تركيز استراتيجي أفضل ويساعد على تنسيق المشاريع وتشخيص شكل التدخل المطلوب لتحسين الأداء. إذن إلى أي حد يمكن للجماعات عن طريق المخطط الجماعي للتنمية أن تتمكن من تحديد الأهداف وهل يمكن الحديث عن الزامية التخطيط الجماعي لتحقيق التنمية الجماعية من خلال استقراء آثاره على التدبير الجماعي؟
و بناءا على ما تقدم تتمحور فرضيات هذه الدراسة حول ما يلي:
الفرضيات:
1/ المخطط الجماعي للتنمية وسيلة لازمة لتحقيق تنمية محلية فعالة . 2/ المخطط الجماعي للتنمية وسيلة لا تحقق أي تنمية محلية . 3/ المخطط الجماعي للتنمية وسيلة لازمة لكن غير كافية لتحقق تنمية محلية فعالة.
المبحث الأول: مسطرة إعداد و تنفيذ المخطط الجماعي إن المخطط الجماعي للتنمية كما أسلفنا في الذكر، عبارة عن وثيقة جماعية تتضمن مجموع الإجراءات و العمليات التنموية المتوقعة على تراب الجماعة، تهدف إلى البحث عن التوازنات بين الاستثمار الاجتماعي الذي يقدم عليه رفاه و سعادة الساكنة المحلية، و الاستثمار الاقتصادي الذي يرمي إلى رفع القدرة الإنتاجية و مواجهة متطلبات الحياة اليومية المتزايدة[2]. إذن فعملية التخطيط الاستراتيجي هي مجموعة من المراحل المنهجية التي تهدف إلى ضبط عناصره و تدقيقها و وضع الإجراءات العملية لتنزيل المقتضيات التدبيرية و المالية للمخطط الجماعي بعد اعتماده بكامل عناصره وآليات تنفيذه[3]. و قبل تناول المراحل الأساسية لإعداد المخطط الجماعي للتنمية (المطلب الأول) وتفريغه على أرض الواقع (المطلب الثاني)، نشير إلى أن هناك غياب لمسطرة موحدة في إعداد المخططات الجماعية نظرا لغياب النص التنظيمي الذي يحدد هذه المسطرة وفقا لمقتضيات المادة 36 من القانون 08-17 الذي ينص على أنه “تحدد مسطرة إعداد المخطط للتنمية بنص تنظيمي”. ونظرا لهذا الغياب نلاحظ تضاربا في مراحل إعداد المخطط بالنسبة للجماعات التي تمكنت من إعداد مخططاتها. و لسد هذه الثغرة، أرتأت المديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية إلى إصدار “دليل المخطط الجماعي للتنمية” لحين صدور نص تنظيمي يحدد مسطرة الإعداد، لكن يلاحظ على أن هذا الدليل تم توجيهه فقط للجماعات القروية و الجماعات الحضرية التي تفوق ساكنتها 35.000 ألف نسمة، كما يلاحظ المراحل المتطلبة لإعداد المخطط الجماعي هي نفسها، مما يطرح تساؤلا مهما حول مدى إغفال المديرية العامة للجماعات المحلية لخصوصية الجماعات الحضرية تفوق 35.000 نسمة و مؤشراتها التنموية حين اعتمدت نفس المقاربة في مراحل إعداد المخطط الجماعي في كلتا النوعين من الجماعات. إضافة إلى ذلك، يلاحظ بأن الحواضر الكبرى، كالرباط، سلا،… لم تتمكن لحد الآن من إنجاز مخططها الجماعي لحد الآن[4]. المطلب الأول: مراحل إعداد المخطط الجماعي يمكن هنا الوقوف عند المراحل التي اعتمدتها المديرية العامة للجماعات المحلية بدليل المخطط الجماعي للتنمية، و التي تتمثل في 4 مراحل أساسية هي كالتالي: الإعداد و الانطلاقة، الحالة الراهنة و التشخيص، التخطيط و الانسجام، تقديم النتائج للفاعلين و المصادقة من طرف المجلس الجماعي. لكن من خلال الدراسات العلمية و الأكاديمية في هذا الصدد، يمكن اعتماد مرحلتين أساسيتين في إعداد المخطط الجماعي للتنمية، تتمثل في المرحلة التمهيدية أو التحضيرية إعداد المخطط (الفرع الأول) ثم المرحلة العملية و التقنية في الإعداد (الفرع الثاني). الفرع الأول: المرحلة التمهيدية لإعداد المخطط تشكل هذه المرحلة أساسا لمرحلة الإعداد و الانطلاقة و التشخيص و دراسة الحالة الراهنة. * الإعداد و الانطلاقة: تعتبر هذه الخطوة بمثابة المرحلة الإعدادية لمجموع التخطيط، فهي ترمي إلى تحسيس المجلس الجماعي إلى ضرورة إعداد المخطط الجماعي للتنمية[5]، كما يقتضي توفر إدارة فعلية و حقيقية لدى المجلس الجماعي، الإقليمي، أو الجهوي، ذلك بتبني رؤية موحدة حول هذا التخطيط[6]. و تتضمن هذه المرحلة الأولية القيام بنشاطان أساسيان، تطوير مبادرة التخطيط و الشروع فيها، عبر تعريف و تحديد الأطراف المعنية في العملية و رصد شروط مساهمتها في بلورة و تنفيذ، تتبع و تقييم المخطط الجماعي للتنمية، و تشكيل أو خلق لجنة أو فريق للتخطيط، من أجل تحديد المحاور الكبرى التي سوف يبنى عليه المخطط في تعاون مع شركاء الجماعة. و طبقا للقانون -المادة 36 من قانون 08-17-، فرئيس المجلس الجماعي هو الذي يعد المخطط، لكن تضم اللجنة تحت إشراف و تأطير و تتبع الرئيس لزوما الكاتب العام الذي يضطلع بدور تنسيق و قيادة عملية إعداد المخطط، إضافة إلى الأطر و الموظفين العاملين بمختلف المصالح التابعة للجماعة التي لها ارتباط وثيق بمجال التخطيط و البرمجة و التجهيز. إلا أنه على مستوى هذه المرحلة الأولية يجب تعبئة الموارد البشرية الكافية لقيادة هذه العملية أو توظيف إن اقتضى الحال هيئة للخبرة. * التشخيص و دراسة الحالة الراهنة: هي من المراحل المهمة ضمن إعداد و صياغة المخططات[7]، إذ تمكن من رصد و بشكل مدقق ما تزخر به الجماعة من إمكانيات و ثروات و مؤهلات طبيعية، اقتصادية، اجتماعية، و بشرية، و كذا الوقوف على المشاكل المطروحة و المعوقات التي يعرفها كل ميدان من ميادين الحياة و خاصة تلك التي تعد عقبة في وجه التنمية و الاستثمار. و تقتضي عملية التشخيص على مستوى هذه المرحلة التحضيرية، القيام بضبط و مدارسةوضعية الجماعة و تحديد المهام و المسؤوليات و جرد الاختصاصات و ترتيبها بشكل وظيفي، يسمح بإجراء تقييم متكامل للاقتصاد المحلي، و دراسة الروابط و العلاقات الوظيفية و الحضرية بين مختلف الفاعلين المؤشرين في النشاط التنموي المحلي بشكل مباشر أو غير مباشر[8]. و على هذا الأساس تقوم هذه المرحلة من التخطيط بإلقاء نظرة معمقة حول الوضعية الراهنة للجماعة، من خلال تشخيص واقع الحال بالجماعة أي بتحليل محيط الجماعة الطبيعي، الاقتصادي، الاجتماعي و الثقافي، ذلك أن هذا التحليل هو الذي يمكن الجماعة من تحديد الحاجيات الفعلية و الواقعية ذات الصبغة الاستعجالية أو الأولوية، و كذلك هو الذي يسمح بتقرير طبيعة الاحتياجات و الفرق بين ما هو متوفر و ما هو مطلوب. فالتشخيص و دراسة الوضعية الراهنة إذن، تعد بمثابة دراسة تقييمية لواقع الجماعة و فق معطيات محددة ذات أسس علمية، تنطلق من التعرف على المحددات المؤثرة على الأداء التنموي و الدور الاستراتيجي للجماعة[9]. و ضمن هذا المستوى لا يمكن لعملية التشخيص أن تكون ذات جدوى إذا لم يتم استحضار البعد التشاركي الذي يعد أحد القواعد الأساسية للتخطيط في هذه العملية الدقيقة، فالإلمام بواقع الجماعة الحال يستدعي إشراك الفاعلين و المهتمين و المعنيين بالنشاط المالي و التدبير المحلي الذي يساهم بشكل كبير في تحديد الحاجيات ذات الأولوية داخل تراب الجماعة. و تتطلب عملية التشخيص المزج بين عناصر تشخيص المناخ الخارجي و المناخ الداخلي للجماعة عبر رصد و تعرف على مجموعة من المؤشرات و المحددات: * المناخ الاقتصادي. * المناخ الاجتماعي و الثقافي. * التدبير الحضري و العمراني. * التجهيزات الجماعية. * المرافق الجماعية و طرق تدبيرها. * المعوقات التنموية… و بالتالي كلما كانت عملية التخيط أكثر دقة في التحديد و التحليل و أقرب للواقع المحلي و الحاجيات و المتطلبات التنموية، كلما كان تحديد الأهداف الإستراتيجية أكثر وضوحا و أقرب لملامسة الأولويات التنموية للجماعة[10]. الفرع الثاني: المرحلة العملية و التقنية تتضمن المرحلة التقنية للتخطيط بعض الخطوات بدءا من تحديد الأهداف الاستراتيجية و وضع و إرساء خطة للعمل، للوصول إلى مرحلة عرض النتائج و المصادقة. 1- تحديد الأهداف و وضع خطة العمل (التخطيط و الانسجام): تأتي هذه المرحلة من التخطيط التقني بعد المرحلة التمهيدية أو التحضيرية للمخطط، التي تعتبر بطبيعتها حساسة في سياق وضع الاستراتيجية التنموية للجماعة على مدة أو أجل معين، و منه فبناء على المعطيات و التحاليل المتوصل إليها في مرحلة التشخيص، سيتم تس و تحديد الأهداف مع وضع خطة العمل من أجل ترجمة تلك الأهداف الاستراتيجية المسطرة. لذلك يكون من الطبيعي وفقا للتشخيص المعمول، أن تكون لكل جماعة هدف تسعى إلى تحقيقه خلال أجل محدد[11]، يتم على أساسه تحديد مجموعة عناصر منهجية يتم ترتيبها بشكل منطقي و مرحلي منتحديد الرؤية إلى ترسيم الأهداف الكبرى و الأهداف الفرعية أو الصغرى. هذه الأهداف المحددة طبعا لا تكون بمعزل عن الأهداف و الغايات التي تطمح لتحقيقها الدولة بكل مكوناتها، و منه فاحترام التوجهات الاستراتيجية للتنمية ما بين الجماعات و كذا على المستوى الإقليمي و الوطني، من أجل تحقيق الملائمة و الانسجام أمرا لا محيد عنه[12]. و على العموم، فإن عملية تحديد الأهداف و وضع خطة العمل يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الإجراءات، كوضع تصور شمولي لتنمية الجماعة، مراعاة حاجيات السكان و أولوياتهم، أن تكون الأهداف واقعية و قابلة للإنجاز، و وضع جدول زمني يحدد فترات إنجاز تلك المشاريع[13]. و على ضوء هاته الضوابط، يتم صياغة خطة العمل التي تتطلب جردا للمشاريع و البرامج المرتقب إنجازها بتراب الجماعة، بحيث قد تكون الجماعة في حاجة إلى تجهيزات أساسية أو مرافق محلية أو تفتقد إلى بنيات تحتية، الشيء الذي يمكن الجماعة دائما من التركيز على أولويات الأولويات، فهذه المرحلة بالذات تشكل لحظة حاسمة أي لحظة اتخاذ القرار، إذ تمكن الجماعة، من ترجمة الهدف العام أو الاستراتيجي الذي يندرج ضمن المخطط، و كذا التوجهات الاستراتيجية و الأهداف الخصوصية المترتبة عنه لأعمال ملموسة، الشيء الذي يتطلب أخذ بعض الأمور بالاعتبار كالاعتماد ضمن التوجهات المحاورالتي تساهم بشكل فعال في حل الإشكاليات المحددة أثناء التشخيص التشاركي، و الانتباه باستمرار للتأثيرات المحتملة للتغيرات الممكن أن تحدثها التوجهات الاستراتيجية الجديدة على الجماعة[14]. و أخيرا، تسمح هذه المرحلة بالبحث عن مجالات الفعل و الانسجام ما بين الجماعات بتحديد المشاريع التي توفر الوسائل و المؤهلات للأعمال المشتركة بين الجماعات، ذلك من أجل تعضيد و تجميع الوسائل البشرية و المادية لإعداد و تنفيذ المخططات الجماعية للتنمية، أو لتحديد مشاريع ذات المصلحة المشتركة و تنفيذها. و منه فالصعوبة في صياغة و تحديد الأهداف تحديدا ممنهجا و دقيقا، لا محالة يؤدي لوضع خطة عمل أو تخطيط يعجز عن تلبية حاجيات السكان الضرورية و المهمة. * تقديم النتائج للفاعلين و المصادقة: تعد هذه المرحلة بمثابة العملية التي تختم مسلسل إعداد المخطط، و تبتدئ هذه المرحلة الختامية بعرض و تقديم النتائج إلى السكان و الفاعلين المحليين، قصد إخبارهم بالاختيارات الاستراتيجية المتخذة من طرف الجماعة و التعديلات أو التقويمات التي أدخلت خلال مرحلة تحديد الأهداف و وضع خطة العمل، و لعل الهدف من عرض النتائج على السكان و الفاعلين هو تعليل الاختيارات التي تمت في مختلف مراحل التخطيط، و خلق نوع من التفاعل السياسي بين المنتخبين و بين سكان جماعتهم، حول الاختيارات الاستراتيجي المعتمدة، و من تم إتاحة إمكانية المساءلة. و يتم تقديم النتائج المنتظرة فيما يخص للرؤية و التوجهات الاستراتيجية التنموية المعتمدة من طرف الجماعة، بمبادرة من الجماعة، ذلك أن المخطط الجماعي للتنمية يعتبر مشروعا سياسيا للمجلس الجماعي و تنظم في إطار منتدى تقديم النتائج الذي يشارك فيه أعضاء لجنة المساواة و تكافئ الفرص و أعضاء اللجنة التقنية الجماعية و النسيج الجمعوي المحلي و ممثلي الفاعلين المحليين الآخرين. و تنتهي هذه المرحلة بالمصادقة على المخطط الجماعي للتنمية من قبل المجلس الجماعي حسب ما ورد بالمادة 36 ” يدرس المجلس الجماعي و يصوت على مشروع مخطط الجماعي للتنمية،…” هذه المصادقة التي تتطلب عرض المخطط الجماعي للتنمية، المعد من قبل رئيس الجماعة على أنظار المجلس الجماعي قصد الدرس و التصويت، الذي يهدف إلى انخراط و التزام المنتخبين اتجاه انجاز و تدبير و تنفيذ المخطط الجماعي للتنمية. و يحدد المجلس الجماعي أثناء المصادقة، برنامج تجهيز الجماعة و يقترح الأعمال الواجب القيام بها باشتراك مع الإدارة و الجماعات الترابية المجاورة أو المؤسسات العمومية و الفاعلين الخواص. المطلب الثاني : تنفيذ المخططات الجماعية بعد المصادقة لابد لترجمة هذا المخطط، اعتماد على الميزانية السنوية[15]، تبرز أهمية هاته المرحلة في انتقال التخطيط من الجانب النظري إلى إدخاله حيز التنفيذ، وذلك عبر برمجته في الميزانية[16]أي تفريغ المخططات إلى سنوات مالية. هاته البرمجة لا يجب أن تكون اعتباطية بل على الجماعات المحلية أن تقوم بتقدير مداخليها ومصاريفها، وفي حالة العجز البحث عن الطرق الملائمة لإيجاد الحل[17]. إن وضع الإجراءات العملية وخطط العمل التنفيذية ،تعتبر بمثابة التنزيل العملي والميداني للمخططات الإستراتيجية بمشاركة الفاعلين المحليين[18].فقبل التنفيذ العملي للمخطط، يجب أولا برمجة التخطيط ضمن ميزانية الجماعة وثانيا التتبع والتقييم والمراقبة.
الفرع الأول: برمجة التخطيط ضمن ميزانية الجماعة (تمويل المخططات) يتعلق الأمر بالتطبيق العملي والفعلي للبرامج والمخططات وإخراجها لحيز الوجود. إن المخطط الجماعي للتنمية يسمح بمواجهة مختلف أبعاد التنمية المحلية(اجتماعية-اقتصادية وثقافية –بيئية) ولتحقيقه لا بد من موارد أخرى إلى جانب الموارد الذاتية للجماعات. والتي يمكن جلبها من فاعلين أو مانحين تابعين للدولة والهيئات اللامركزية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والتعاون الدولي..الخ[19]. وكذلك لا بد من القيام بدراسات مالية لمعرفة حجم الإمكانيات الممكن رصدها للعمليات التنموية والوضعية المالية للجماعة وكذا كيفية التصرف فيها والتعامل معها بناء على المشاريع والأهداف المزمع تنفيذها سواء على الأمد التجريبي أو المتوسط أو الطويل. وثيقة التخطيط يجب أن تتضمن تحديدا للموارد والنفقات التقديرية المتعلقة بالسنوات الثلاث الأولى التي تمر فيها العمل بالمخطط الجماعي للتنمية. فنجاح أي تخطيط استراتيجي محلي يظل رهينا بجملة من الشروط أهمها: ضرورة التحكم في تنبؤات المداخيل والمصاريف للحد من الفوارق الموجودة بين الوضعية المالية الحقيقية للجماعة والمعطيات التي تضم في ميزانيتها[20]. إن عملية تعبئة الموارد المالية هي من العمليات الجد حساسة،لأن نجاح إعداد وتحضير المخطط الجماعي للتنمية متوقف عليها(موارد ذاتية أو من شركاء معينين أو مهتمين بعملية التخطيط) هذه العملية تبتدئ في إطار ورشة عمل يرأسها رئيس المجلس الجماعي، بحضور اللجنة المحلية للتنمية البشرية بجرد وتصنيف الموارد الموجودة على النحو التالي: تعبئة الموارد الشركاء الاقتصاديين : تنظم اللجنة المحلية للتنمية البشرية مائدة مستديرة مع شركائها الاقتصاديين من اجل حثهم على تخصيص الموارد المالية اللازمة لانجاز المخطط الجماعي للتنمية . تعبئة مساهمات الساكنة المستفيدة: لها أهمية بالغة في استمرارية انجاز المخططات وتدبيرها. تعبئة التعاون اللامركزي: بدعم من المديرية العامة للجماعات المحلية بتوزيع واسع للمخططات الجماعية لدى الجماعات المحلية الخارجية. الفرع الثاني: مرحلة التتبع والمراقبة والتقييم: 1-التتبع والمراقبة: بعد مرحلة التحليل والبرمجة المالية للمخطط تنتقل إلى التنفيذ العمل للمخطط، أي الإستراتيجية التي ابتدأت بمرحلة التشخيص وتحديد الحاجيات ،تستعمل في هذه المرحلة الإمكانيات المالية والبشرية والتنمية لمتابعة التنفيذ وتتبع الأشغال وانجاز البرامج، إنها مرحلة مستقلة وفي نفس الوقت تابعة ولازمةCOLOLAIRE لمرحلة التنفيذ العملي خاصة على مستوى مدى تحقيق الأهدافالمسطرةسلفا[21].تعد هذه المرحلة (التتبع والمراقبة) مهمة لكونها تؤدي إلى إرساء ثقافة الشفافية والمساءلة والمراقبة المتوازية. إن تنفيذ وتتبع المخطط وضبط جزيئاته ومراحله التفعيلية يعد آلية فعالة لتقييم عملية الانجاز ودراسة التأثيرات العملية للبرامج والمشاريع التنموية التي تم تنفيذها على تراب الجماعة وفق المقاربة الشمولية وسياسة التخطيط الإستراتيجية[22]. إن وضع سياسة للتتبع والمراقبة تعمل باستمرارية لمراقبة النتائج المحصل عليها وتفادي السلبيات التي تعرقل تنفيذ ما تم تخطيطه.ذلك أن وجود القوانين لا يكفي بل لا بد من التنفيذ والتتبع، وهذا ما يحتاجه كل قطاع ولذلك لن ينجح أي مشروع إذا لم توضع آليات لتنفيذه ويدعم خطواته للتتبع عن قرب[23]. فالهدف من المراقبة والتتبع هو ما مدى مطابقة الإجراءات التنفيذية للأهداف المسطرة والخطط العملية التي تمت أجرأتها،هذا من جهة، ومن جهة أخرى لقياس درجة تلبية الحاجيات والمتطلبات التنموية التي شكلت إحدى أهم مضامين التشخيص وتحديد الأهداف الإستراتيجية[24].ويطرح التساؤل ما مدى قدرة الفاعلين المحليين والرأي العام المحلي والمواطنين على تتبع هذا التنفيذ ودراسة طرق الانجاز؟ وما مدى قدرة المجالس المنتخبة ذاتها على متابعة ومراقبة تنفيذ المخططات التنموية والعمليات التدبيرية والمالية المرتبطة بها[25]؟ ولإضفاء نوع من الديمقراطية على هاته المرحلة،فإن الأمر يقتضي إشراك الشركاء وخاصة السكان حول مدى تقدم العملية والخطة والاستراتيجيات والقرارات المتخذة، وإذا ما وقع إخلال أو تأخر المشروع يجب كذلك إخبارهم بذلك[26].
2-التقييم وتحليل النتائج: تهتم هذه العملية بقياس درجة تحقيق الأهداف بشكل فعلي، وبمدى تحقيق الحاجيات التنموية للساكنة المحلية، ويتجلى التقييم في آليات اجرائية وتقنية تسمح ب : ü دراسة بنيات الانجاز. ü تحليل مؤشرات الأداء. وهذا ما يمكن من معرفة نتائج المخطط، هل هناك نجاح أم إخفاق ؟ وسيمكن الجماعة كذلك من الإستفادة من المعطيات السالفة والإخفاقات المسجلة على أرض الواقع، للتصدي لها في المستقبل بفعالية وأكثر قرب من أجل تحقيق التنمية المحلية . و يمكن أن نشير إن هذا التقييم الإجرائي على المدى القصير هو الذي يمكن من خلاله إعطاء تقييم اشمل متمثل على ضوء مدة المخطط الجماعي للتنمية والانتدابات الانتخابية، يمكن أن تنجز عمليات التقييم كل ثلاث سنوات تستهدف المشاريع والبرامج وكذا وقعها، كما يمكن القيام بعمليات تقييمية ثقيلة حول الآثار التراكمية للمخطط. إذن لابد من وعاء تقني لوضع المسار التنموي المحلي في المستوى المطلوب وبهذا يصبح التخطيط الاستراتيجي رهانا أساسيا في التنمية الاقتصادية المحلية لهذا فان بلدنا في حاجة إلى وضع تخطيط استراتيجي يعتمد تدبيرا من شانها إصلاح الاختلالات الجغرافية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تطبعه و التي تعرقل أي مسار للتنمية المحلية و الجهوية[27].
المبحث الثاني: آثار المخطط الجماعي على الوظيفة التنموية الجماعية لمعرفة فعالية المخطط لابد من دراسة مختلف انعكاساته سوء على مستوى الاعداد و ما يمكن ان يتيحه كتقنية تسهل عمل المسيرين الجماعيين في برمجة المشاريع المبنية على حاجيات الساكنة وكذا تمرس النخب و الكفاءات المحلية على العمل بها لتحقيق أفضل النتائج. المطلب الأول: الآثار ذات البعد الداخلي الفرع الاول: آثار المخطط على المدى البعيد ( التخطيط الإستراتيجي ): أ- تكريس الوظائف التنموية للجماعات الحضرية و القروية: بالنظر لأهمية الإطار القانوني لتدخل الجماعات الحضرية و القروية في ميادين التنمية المحلية لابد من التطرق أولا إلى أهم ميزات الميثاق الجماعي الجديد وخاصة تلك المتمثلة في تصنيف اختصاصاتالمجلس الجماعي إلى عدة محاور[28]، كان أولها يهم التنمية الاقتصادية والاجتماعية[29]ويحتوي على العناصر التالية: * دراسة مخطط التنمية وبرنامج تجهيز الجماعة، * تحفيز وإنعاش الاستثمارات الخاصة، * إنجاز البنيات التحتية والتجهيزات وتحسين ظروف المقاولة، * إقامة مناطق للأنشطة الاقتصادية، والمساهمة في مقاولات وشركات الاقتصاد المختلط ذات الفائدة الجماعية، والشراكة الاقتصادية مع الفاعلين الآخرين، والمحافظة على الملك الغابوي واستغلال استثماره. و هي اختصاصات ذات أهمية كبرى لا يمكن أن تتحقق بجدية إلا إذا كان في إطار تخطيط لامركزي أو محلي يعتمد بالأساس على مبادرة الإدارات الترابية ،ولا سيما المستوى الجماعي، باعتباره أسلوب لتنظيم و تأطير التنمية الاقتصادية و الاجتماعية التي تعترف بقدرة خلق ديناميكية إقتصادية محلية في إطار التجانس مع السياسات الوطنية. ب-تأهيل الكفاءات الجماعية لإنجاح التخطيط المحلي: يمكن القول أن الجماعات المحلية تطورت بشكل كبير، فبعد أن كانت عبارة عن إطار ترابي يقدم خدمات إدارية فقط، أصبحت الآن مرجعا مهما للتدبير الحديث وفاعلا أساسيا في التنمية المحلية[30] ومدرسة للديمقراطية المحلية. وفي هذا الإطار لا يمكن إغفال الدور السياسي للجماعات المحلية، فإذا كانت من جهة تقوم بالوظيفة التأطيرية للمواطنين، فإنها من جهة ثانية تلعب دور الشريك والمساهم والمتدخل والمبادر، وذلك حينما تم نقل اختصاصات مهمة من الدولة إليها، هذا التحول سيمكن من توجيه الرأي العام نحو الجماعات بدل الدولة، كما أنها تمكن من تخفيف العبء الإداري والاقتصادي على هاته الأخيرة المثقلة أو المتعبة. ويمكن إجمالا ان نورد المهام الجماعية التي تؤهلها لتلعب دورا تنمويا مهما : تقسيم العمل على مستوى الجماعات : المجلس الجماعي : * تمثيل مباشر للسكان المحليين. * مجلس سياسي للتداول و التشاور في البرامج و الاهداف العامة للجماعة. تدبير اداري للشؤون الادارية الجماعية: * دور قيادي و ريادي للكاتب العام[31] . * أطر تقنية و ادارية تدعم تدبير الشؤون الاقتصادية و الاجتماعية. الانفتاح على محيط الجماعة: * تدعيم و تقوية تكنولوجيا المعلوميات و التواصل. * تطور مناهج التسيير و التدبير المحلي. إنه منظور جديد أخذ طريقه في النمو على المستوى المحلي، و هو مبني على حرية تداول المعلومة بشكل إيجابي بين مختلف الفاعلين على المستوى المحلي (أفقيا/ عموديا) حيث أنه التراب هو محور تدور حوله الأعمال الاقتصادية[32]. الفرع الثاني -آثار المخطط على المدى القريب ( الميزانية الجماعية ) : أ-المخطط كأداة لعقلنة تدبير الموارد الجماعية: برزت الحاجة في سن سياسة التخطيط كإستجابة لمتطلبات التنمية السريعة والحاجيات المتوازنة، ومن خلال ذلك الاستجابة للخدمات الكبيرة والمتنوعة التي بدأ يفرضها الواقع المتطور. كما أن السياسة الاقتصادية المبنية على الحرية الاقتصادية والمذهب الليبيرالي الحر أثبتت عدم قدرتها على تأمين ذلك، وأفرزت عواقب وخيمة خاصة على مستوى التوازنات[33]. وقبل الخوض في ثنايا المقاربة الجديدة للتدبير المحلي ، من أجل تحقيق التنمية الشاملة، يتعين الوقوف عند جوانبها المفاهيمية. وهكذا عرف التدبير العمومي بأنه “مجموعة من المفاهيم المساعدة على اتخاذ القرار تتكيف في جزء منها مع المجال العمومي، وكذا مناهج للتسيير مستقاة مباشرة من القطاع الخاص (محاسبة تحليلية، رقابة تسيير …) مع إدماج الأنظمة المعلوماتية”[34]. كما ذهب فريق آخر إلى تعريفه بأنه ” المجهود المبذول لتكييف البنيات الإدارية ومناهج عمل الإدارة مع المحيط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي العالمي”[35]. وعليه، فإن البعد الاستراتيجيلتدبير الاقتصادي للجماعات المحلية لا يتوقف فقط على مؤهلاتها الطبيعية والمادية وطاقاتها البشرية، بل يتطلب ذلك تحسين استغلال هذه الإمكانيات وتوظيفها وتوجيهها بشكل دقيق نحو الأهداف المرسومة لها. ولا يتأتى هذا إلا بوجود برنامج محكم يشخص حاجيات الجماعات ويحدد طريقة تلبيتها[36]. وهذا ما حاولت تأكيده و تطويره الوزارة الوصية عن طريق تشجيع التخطيط الجماعي بهدف تسهيل و ترشيد الاستثمارات العمومية بم فيه الجماعات المحلية[37]. ب- حسن تدبير المؤهلات الطبيعية والمادية و البشرية الجماعية: فالتخطيط يمكن اعتباره منهجا، وأداة فعلية للترشيد وعقلنة الاختيارات التنموية، وإحدى القنوات الرئيسية والهامة التي من شأنها أن تؤهل الجماعات لتصبح قطبا اقتصاديا وقاطرة للتنمية[38]. ولا شك أن صعود بعض النماذج الجماعية, لبعض المدن المغربية دون غيرها بغض النظر عن حجمها, لا يدع مجالا للشك في كون هذه الجماعات توفرت فيها الإرادة السياسية و حسن التدبير و انعكس ذلك على حسن استغلالها للموارد المتاحة لديها. وبصفة عامة, لشرح أسباب الفعاليات الاقتصادية للتجمعات الحضرية يجب التركيز على أهمية كل الهيئات و التنظيمات المحلية باعتبارها ممثلة لقاعدة التنمية خاصةللتكيف مع التغيرات و الذي يستلزم الفاعلية و الجودة لمجموع الخدمات المقدمة للمواطنين و كذا القدرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة للمقاولات و تشجيع الطلب و العمل في إطار متكامل لواقع الادارات المحلية و المبنية على قدرة إبراز الأنشطة التنموية المستدامة و المنشئة للشغل الكريم على المستوى الترابي و حاملي المشاريع و الاستغلال الأمثل للموارد البشرية و القدرات المحلية[39].
و هو ما يتجلى في تغيير تدبير ميزانية الجماعة (من منطق الوسائل إلى منطق النتائج) و الذي يمكن توصيحه كالتالي: من منطق الوسائل ==× تحدد الأهداف في إطار الموارد المتواجدة ==× التقييم حسب احترام المساطر نحو منطق النتائج ==× تحدد الأهداف انطلاقا من الحاجيات و الأولويات ==× التقييم حسب أثر الأهداف على الساكنة. هذا بالإصافة ألى اعتماد الجدولة الزمنية للمشاريع المزمع تحقيقها بكل دقة . المطلب الثاني: الآثار ذات البعد الخارجي أن هذا البعد هو مرتبط بمستوى النضج الديمقراطي للفاعلين الجماعيين من أجل العمل في إطار تشاوري مع باقي الفاعلين لذا سنشير إلى ما كرسه هذا البعد التخطيطي الجماعي و ما يمكن ان يفضي إليه من انعكاسات على المسار التنموي المحلي. الفرع الاول-تكريس البعد التشاركي للجماعات : أ-المقاربةالتشاركية تعدالمقاربةالتشاركيةمسلسلاينخرطفيهالساكنةوالمنظماتالمنبثقةعنها )اجتماعية-مهنية،اقتصادية( فيكافةمراحله. عندإعدادالمخططاتالجماعيةللتنمية،تشركالساكنةوالمنظماتللمساهمةفيتشخيصالجماعةبتقديم المعلومات،وأيضاللمساهمةفيالتحليل،وبتقديمرأيهاحولمايجبأنيكونعليهمستقبلالجماعة. فيماتعودالقراراتوالخياراتوالتحكمياتحولالتوجهاتللمنتخبينالجماعيينورئيسالجماعة. وتتجلىالفائدةمنالمقارباتالتشاركيةضمنالتخطيطفيثلاثمستويات: * إنهاتسمحبإغناءالتفكيروالتشخيصمنخلالالمعلوماتالمتنوعةوالملموسة،وبتقديمتحاليلمتنوعةللوضعية. * إنهاتحثالفاعلينعلىالتقاربلتطويرطرقالتدخلالقريبةأكثرمنحاجياتوظروفعيشالسكانبصورةشاملة. * إنهاشرطضروريلإحداثديناميكيةتفاعليةمحليةبينالفاعلينالاجتماعيين-الاقتصاديين،لأنهاتمكن منبلورةتصورمشتركلهؤلاءالفاعلينحولالوضعالحاليومنالتكاملالممكنتفعيله،ممايسمحبالتنميةالمحلية. ويقصدبالساكنةالمتشاركةالساكنةالمنظمة،سواءضمنالهياكلالاجتماعية-المهنيةوالاقتصادية )جمعياتالتنمية،جمعياتالأحياء،جمعياتحمايةالطفلوالأشخاصذويالحاجياتالخاصةوالمستهلكينوالمستعملينوالمنتجين،والتعاونياتوالأساتذةوأربابالمقاولات…(،أوفيإطارالهياكلالتقليدية،معإعطاءأهميةكبيرةلتمثيليةالساكنةذاتالأوضاعالهشة )النساء،الأطفال،الشباب،المسنين،المعاقين…(. وتسيرالمقاربةالتشاركيةعبرالتناوببينعملالمجموعاتوالعملفيالجلساتالعامة. وتكونالأدواتالمعتمدة )خرائط،رسوماتبيانية..)لتجميعالآراءأولبلورةالتحاليلمكيفةحسبالوضعالمحلي. ب- إدراج مقاربةالنوعالاجتماعي: تسمحمقاربةالنوعبإدماجانشغالاتوتجاربالنساءوالرجالوالفتيانوالفتياتفيبلورةوإنجازوتتبعوتقييمالمخططاتالجماعيةللتنمية،حتىيستفيدوامنهابالتساوي. ويهدفالتحليلالمعتمدعلىالنوعالاجتماعيإلىالتأكدمنأنالمشاريعوالبرامجالتنمويةتأخذبالاعتباركلياأدواروحاجياتومساهماتالنساءوالرجالوالفتياتوالفتيان. وهذاالتحليليقتضيأنتفصلالمعطياتوالمعلوماتحسبالجنس )لتصبحبالتاليمعطياتمفككة(،وأننفهمكيفيتمتوزيعالعملوتقييمهبناءعلىالجنس. كمايجباعتمادهذاالتحليلفيكلمراحلبلورةوتنفيذوتتبعوتقييمالمخططاتالجماعيةللتنمية،وذلكبغيةالاستجابة،بصورةأفضل،لانشغالاتمختلففئاتالساكنة،ولتمكينهامنالولوجبالتساويللخدماتوالمرافقالعمومية. ويجبتعبئةلجنةالمساواةوتكافؤالفرصلضمانأخذالنوعالاجتماعيبالاعتبارفيكافةمراحلإعدادوتنفيذالمخططاتالجماعيةللتنمية. الفرع الثاني- الانعكاسات الاقتصادية و الاجتماعية للمخطط الجماعي للتنمية: أ – الانعكاسات ذات الطابع الاقتصادي: إن الاقتصاد المحلي لم يعد حكرا على الدولة والقطاع الخاص، بل أصبح يعرف تدخل الجماعة كطرف نشيط في هذا الميدان، من خلال الدور المنوط بها من حيث تنشيط الاقتصاد المحلي وإنعاش الدورة الاقتصادية بالجماعة- الحضرية والقروية[40] وذلك منذ أن أولاها ظهير 1976 مسؤولية التنمية الاقتصادية من خلال إعداد مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكرس ذلك بمقتضى الميثاق الجماعي لسنة 2002، إلا أنه بفضل صدور قانون 08-17 الصادر في 23 فبراير 2009 الذي أضاف مدلولا جديدا للتنمية من خلال تعديل المادة 36 التي بلورت سمات جديدة للمخطط الجماعي للتنمية تتمثل في تنمية مستدامة وفق مقاربة النوع في إطار منهج تشاركي، وبالتالي أصبح لزوما تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع وفق منهج تشاركي سواء مؤشر تنوع الأنشطة الاقتصادية : – خلق فضاءات اقتصادية قطبية، – إنعاش الأنشطة المدرة للدخل، – خلق مناصب الشغل، – تشجيع الاستثمارات الخاصة، – إقامة مناطق للأنشطة الاقتصادية، – تشجيع المقاولات الصغرى و المتوسطة. و يمكن الاستئناس ببعض المعدلات اهمها: – معدل النمو، – معدل الاستثمار، – معدل إحداث المقاولات، – معدل مناصب الشغل. ب- الانعكاسات ذات الطابع الاجتماعي: البعد الاجتماعي يعتبر بعدا أساسيا و حساسا بالنسبة للساكنة المحلية غير انه يبقى مرتبط و تابع للبعد الاقتصادي من أجل الوصول إلى سياسة تنموية محلية شاملة، حيث أنها لا ترتبط فقط بالقدرة على الإنتاج، بل كذلك على مستوى العلاقات بين مختلف المجموعات الاجتماعية التي تلعب دورا ملموسا على هذا المستوى الترابي. فالجماعات تسعى عن طريق آلية التخطيط إلى توفير أحسن الشروط و الظروف لتطوير المناخ السوسيو-ثقافي، و للاستئناس نورد بعض مظاهر هذا البعد المتجلية في: * تجميع المعطيات السوسيو-ثقافية: – معلومات عن التجهيزات المدرسية الموجودة، – معطيات حول التجهيزات و الخدمات الصحية، – وضعية السكن في الجماعة. * تشخيص المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها الجماعة مثل: – وجود مدارس غير مجهزة، – نقص في عدد المدرسين و القاعات و الأقسام، – محدودية الطاقة الإيوائية للمؤسسات الداخلية، – الهدر المدرسي، – غياب مركز لمحو الأمية، – بعد البنيات الخاصة بالخدمات الصحية، – سوء تدبير المركز الصحي، – رداءة وسائل النقل المستعملة لنقل النساء الحوامل. * تحديد الأهداف الاجتماعية: – تقليص التفاوتات الاجتماعية، – تحقيق التجانس الاجتماعي، – تحسين المؤشرات الاجتماعية ومحاربة الفقر.
لابد ان نعنى بهذه التجربة حيث هي البداية من أجل تحقيق تنمية شاملة و لاسيما عادلة تمس مجالات اعمق، و هنا لابد من الاشارة الى التجارب الفرنسية في المجال كنمودج حديث : مخطط التنمية الترابية لحي Pentes Croix Rousse 2005-2007الذي يأتي في اطار العقد الحضري للتجانس الاجتماعي 2007-2009 لمدينة ليون[41]، لتأطير المشاريع التنموية الشاملة لمتلف أحياء المدينة .
خاتمة إن من أهمية التخطيط كوسيلة لحسين التدبير المحلي سواء المتعلقة بالميزانية الجماعية أو تكريس البعد الإستراتيجي و التشاركي للتخطيط الجماعي يوجب فعالية أكثر لتحقيق هدف التنمية والمتمثلة في نقطتين اثنتين: – وضع أدوات التدبير و التخطيط الجماعي من أجل القيام بتنمية محلية ناجعة. – وضع هذه الأدوات من أجل أن يشارك فيها و يستفيد منها الجميع من اجل تحقيق تنمية عادلة و مستدامة. إن جرد هذه الآثار يبرز نقط ضعف التخطيط الجماعي خاصة ذات الطابع الذاتي و المتعلقة أساسا بالقدرة على التخطيط بشكل فعال، لكن لابد من الإشارة إلى عراقيل أخرى مرتبطة بالطبيعة السياسية و الإدارية و المالية للجماعات و هو ما يفضى الى محدودية التجربة وضرورة المواكبة الفعلية لسلطة الوصاية، وإجمالا يمكن ان نورد بعض هذه المحدوديات و المتمثلة في: * كفاءة الموظفين المحليين و مدى تأهيلهم (ضرورة التكوين و التكوين المستمر) * مشكل أهلية و تفرغ المنتخبين (خاصة العاملين بالقطاع الخاص) * موقف المنتخبين /المنتخبات من الموظفين / الموظفات المحليين و رغبتهم في التسيير بدلا منهم. وفي الاخير، يمكنان نقول روح الفصل 36 من الميثاق الجماعي لسنة 2009 هو الإطار المنظم للمخطط الجماعي للتنمية وذلك من خلال تأكيده على ضرورة توفر الجماعة كمجال ترابي ذو شخصية معنوية واستقلال مالي قروية كانت أم حضرية على مخطط تنموي يمتد على مدة ست سنوات إضافة لتضمنه كوثيقة على مجموعة من العناصر من بينها: – التشخيص الذي يظهر الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجماعة – تحديد الحاجيات ذات الأولوية بتشاور مع الساكنة والإدارات والفاعلين المعنيين – الموارد والنفقات التقديرية المتعلقة بالسنوات الثلاث الأولى التي تم فيها العمل بالمخطط الجماعي لكن وفي انتطار صدور المرسوم المتعلق بالمخطط الجماعي للتنمية كنص تنظيمي يفصل أكثر في هذا الشكل الجديد من أشكال تدبير الشأن المحلي المبني على المخططات التنموية فان وزارة الداخلية قد عملت على مراعاة خصوصيات الجماعات بحسب حجمها السكاني والاقتصادي وذلك من خلال عملها على إصدار دلائل لإعداد المخططات التنموية (مثال الجماعات التي يصل عدد سكانها إلى اقل من 35 ألف نسمة) مما سيزكي تكريس هذه الآلية من اجل تحقيق تنمية شاملة و عادلة في مستوى طموح السكان.