إن الحديث عن الوظيفة و الموظف نظرا للأهمية و العوامل المرتبطة بها و النتائج المرتبطة عنهما يقتضي التعرف على العلاقة بين الادارة والموظف وهذه العلاقة تحكمها حقوق و واجبات و يتمتع الموظف بنظام قانوني خاص يختلف عن قانون الشغل المطبق على العمال و بامتيازات و ضمانات مهمة لكونه يعمل لخدمة المرفق العام و الصالح العام و أي إخلال بالتزاماته المهنية يؤدي بالإدارة إلى توقيع عقوبة تأديبية عليه. إذ نلاحظ من خلال النصوص المتعلقة بالنظام التأديبي الوارد في الباب الخامس من ظهير 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والفصل 14 من النظام الأساسي الخاص بموظفي الجماعات الذي ينص على العودة إلى مقتضيات ظهير 24 فبراير 1958 فيما يتعلق بالنظام التأديبي لموظفي الجماعات أن المغرب قد اتخذ بنظام شبه قضائي إذ ألزم السلطات الإدارية التي تتخذ قرار العقوبة التأديبية اتباع بعض الإجراءات و الشروط التي يتبعها القضاء مع ذلك يبقى دور القاضي أساسيا لمراقبة القرارات التي تتخذها السلطة الإدارية المختصة في الموضوع و لقد تأثر المغرب في هذا المجال بالنظام الفرنسي. و تظهر أهمية النظام التأديبي في كونه يشكل إحدى الضمانات الممنوحة للموظفين و يمثل في نفس الوقت جانبين الحقوق المقدمة إليهم حتى لا تصدر في حقهم عقوبات غير شرعية من جهة و من جهة أخرى يمثل مظهرا من مظاهر الإلتزامات المفروضة عليهم و الحدود المقررة في شأنهم إذا لم يقوموا بالمهام المنوطة بهم أو أخلو بالتزاماتهم المهنية. و يهدف نظام تأديب الموظفين إلى تحقيق التوازن بين الاعتبارات المتعلقة بالصالح العام و المرتبطة بالمرفق العام و بين ضمان مصلحة الموظف فإلى أي حد حاول المشرع المغربي من خلال الظهير الشريف 24 فبراير 1958 تحقيق أكبر فعالية للجهاز الإداري بوصفه للنظام التأديبي كرادع لكل موظف ….في عمله أو مخل بواجباته دون أن يضحي بمبدأ ضمان حقوق هذا الموظف؟ المبحث الأول : الإطار القانوني للنظام التأديبي المطلب الأول: الخطأ المهني و العقوبة التأديبية يحدد الإطار القانوني النظام التأديبي في الفصول من 65 إلى 75 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية و هو النظام الأساسي الوحيد الذي يتحدث عن النظام التأديبي و السبب هو أن هذا الأخير يصون ضمانات الموظف التي تعتبر من اختصاص المشرع أو البرلمان بمعنى أن القانوني هو النص الوحيد الذي يحفظ هذه الضمانات و الأجدر أن القانون و ليس المرسوم, وحده ينظم النظام التأديبي و ضماناته إذ ينص الفصل 14 من النظام الأساسي الخاص بموظفي الجماعات على أنه ” تجرى على موظفي الجماعات فيما يخص التأديب مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.008 المؤرخ في 24 فبراير 1958 مع مراعاة المقتضى بعده و لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تكون العقوبة الصادرة بالفعل من السلطة المختصة أشد من العقوبة التي يقترحها المجلس التأديبي ما عدا إذ وافق على ذلك وزير الداخلية ” الخطأ المهني : هناك اختلاف في التسمية من يسميه بالخطأ التأديبي و من يسميه بالخطأ المهني و من يسميه بالجريمة المهنية إذ يظل مفهوم الخطأ التأديبي مفهوما غامضا على مستوى النصوص التشريعية و التنظيمية إذ نجد الفصل 17 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي يعتبر بمثابة ركيزة و مبدأ التأديب على أنه ” كل هفوة يرتكبها الموظف في تادية وظيفته أو عند مباشرتها تعرضه لعقوبة تأديبية” و المصطلح الأقرب الى الصحة هو الخطأ المهني أما الجريمة المهنية فهي أقرب الى القانون الجنائي منه إلى الإداري لأن السبب المنشأ للعقوبة هو سبب مهني. و ترتكز العقوبة التأديبية على عدة مبادئ و ذلك حرصا لإعطاء العقوبات التأديبية المشروعية . أول مبدأهوتناسب العقوبة مع الخطأ و مبدأ عدم رجعية العقوبة ثم مبدأ المساواة في العقوبة مبدأ شخصية العقوبة، مبدأ عدم تعدد العقوبات و أخيرا مبدأ المشروعية . و يتعرض الموظف عند إخلاله بواجباته المهنية لعقوبات تأديبية محددة حصرا و مرتبة ترتيبا تصاعديا حسب تزايد الخطورة كما نص عليها الفصل 66 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية و الفصل 6 من المرسوم الملكي رقم 63.62 بتاريخ 17 ماي 1968 بالنسبة للمتمرنين و هي: ü الانذار ü التوبيخ ü الحذف من لائحة الترقي ü الإنحذار من الطبقة ü القهقرة من الرتبة ü العزل من غير توقيف حق التقاعد ü العزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد و هناك عقوبتان تكتسيان صيغة خصوصية ومنها الحرمان المؤقت من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية و ذلك لمدة لا تتجاوز ستة أشهر و الإحالة الحتمية على التقاعد التي تكون باستفاء الموظف للشروط المقررة في تشريع التقاعد [2]و العقوبات التأديبية بإغلاق الأخطاء المهنية محددة على سبيل الحصر بمعنى أن المشرع إذا ترك للإدارة تحديد الأخطاء المهنية فقد حدد للعقوبات التأديبية على سبيل الحصر في الفصل 66. و متى عوقب الموظف من أجل خطأ مهني من سلطة مختصة فلا تجوز محاكمته مرة أخرى من أجل ذلك الذنب. و هذا الأصل لا يطبق بطبيعة الحال على الأخطاء المهنية المستمرة فإذا استمر الموظف في ارتكابه للمخالفات التي جوزي من أجلها يبرر عقابه مرة أخرى. و يمكن تقسيم العقوبات التأديبية إلى ثلاث مجموعات : المجموعة الأولى و تشمل العقوبات التي تمس الموظف في كيانه المعنوي و هي عقوبة الإنذار أو التوبيخ. أما المجموعة الثانية : تأثر على الوضعية المالية للموظف و يتعلق الأمر بالحذف من لائحة الترقي و الانحدار من الطبقة و القهقرة من الرتبة و العزل من غير وقف حق التقاعد.المجموعة الثالثة: تضمن عقوبات المؤدي إلى إنهاء رابطة التوظيف، حيث تؤثر على الوضعية الإدارية للموظف وكذا وضعيته المالية ويتعلق الأمر بالعزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد. و لأهمية هذه العقوبات و خطورتها سنتناولها بنوع من التفصيل: الإنذار : جاء في أول قائمة العقوبات التأديبية و هو جزاء معنوي يواجه الاخطاء المهنية البسيطة التي يرتكبها الموظف العام. و هي وسيلة ناجعة بيد الإدارة تحذر بها الموظف ذو السلوك المعيب للتخلي عن تكرار هذا التصرف حتى لا يترتب عن ذلك توقيع عقوبات أشد جسامة. و لذلك يحدد المشرع المغربي لعدد المرات التي يمكن للإدارة أن تتخذ فيها الموظف تأديبيا، حيث أن السلطة التأدبية لها كافة الصلاحيات لإتخاذها غير أنه عمليا لا يمكن أن تتجاوز عدد الإنذارات إثنين على أقصى تقدير تكون بعد ذلك الإدارة مضطرة لإنزال عقوبات أشد على الموظف المعني بالأمر.[3] و قد جاء في القرار الذي صدر بتاريخ 16 ماي 1995 تحت عدد 29 بالمحكمة الإدارية بمراكش على أنه فضلا عن عدم ثبوت الإنذار للطاعن ، فإن الإنذار ذاته لم تراع فيه المهلة التي يقررها القانون فيثبت أن الإدارة اكتفت بإنذار الطاعن بالإلتحاق بعمله فور توصله بالإنذار دون التقييد بمدة 7 أيام التي يقررها القانون ضمانة للأفراد و لا يجوز للإدارة إصدارها فيكون بذلك الإنذار مخالفا للقانون. التوبيخ : يأتي في الدرجة الثانية بعد الإنذار و هو إجراء تقوم به السلطة الإدارية للتعبير عن معارضتها لموظف عن تصرفاته و أخطائه الوظيفية و للتوبيخ انعكاسات سلبية على تنقيط الموظف و على مقدار التعويضات المخولة له بناء على المردودية . و المشرع المغربي لم يحدد شكلا خاصا لإصدار عقوبة التوبيخ كما لم يحدد عدد المرات التي يمكن ان توقع فيها هذه العقوبة على الموظف و السلطة المكلفة بالتأديب غير ملزمة بتوقيع عقوبة التوبيخ كدرجة ثانية و لا يشترط في إصدارها ان يكون الموظف المعني قد تم إنذاره فيما قبل، فشكل التوبيخ مرهون فقط بجسامة الخطأ المهني المرتكب و تقدير السلطة الإدارية لهذا الفصل 3 الحذف من لائحة الترقي : تعتبر من العقوبات الأصلية في النظام التأديبي المغربي و يؤدي هذا الإجراء الى حرمان الموظف من فرصة الترقي بالاختيار إلى رتبة أو درجة أعلى برسم السنة الجارية. و يتعين الإشارة إلى أن إصدار هذه العقوبة يفترض معه وجود اسم الموظف الذي تم تأديبه في لائحة الترقيات عن طريق الإختيار، ذلك أن هذه العقوبة تستهدف هذا النوع من الترقيات دون أن تمتد إلى الترقيات التي تكون عن طريق الأقدمية أو اختيار المباراة أو اسلاك التكوين الإنحدار من الطبقة : و يترتب عن هذه العقوبة تدرج الموظف من رتبة إدارية و مالية كان يستغلها و يفقد ترقية سبق أن نالها و لا تتضمن هذه العقوبة الحرمان من حق مستقبلي كالعقوبة السابقة بل تطال حق مكتسبا سبق أن تملكه الموظف. القهقرة من الرتبة : و يقضي هذا الجزاء إنزال الموظف من الدرجة التي ينتمي إليها إلى الدرجة الأقل منها مباشرة شريطة أن لا يؤدي هذا الجزاء إلى إخراج الموظف من إطاره الأصلي إلا إذا وجد نص تصريح يبيح ذلك و يختلف اثر هذا الجزاء بالنسبة للموظفين تبعا لأقدميتهم في الدرجة التي أنزلوا فيها الأمر الذي يتطلب من السلطة الإدارية المختصة بالتأديب آخذ ذلك بعين الاعتبار. العزل من غير توقيف حق التقاعد: و تعتبر من العقوبات الجسيمة تصدره السلطة التأديبية المختصة على الموظف المرتكب للخطأ الجسيم.ودلك وفقا لنص يبيح هذا النوع من الجزاءات فتزيل عنه ولاية الوظيفة بصفة نهائية و تحرمه من الاستمرار في شغلها أو العودة إليها. و يحرص القضاء الإداري في حالة عرض النزاع عليه على ألا يشوب قرارها التعسف غير أن هذا الصنف من العزل لا يؤثر على حقوق التقاعد، حيث من الواجب أن يتمتع الموظف بهذا الحق الذي استوفى المدة المحددة قانونا لاكتسابه و هي 21 سنة من الخدمة الصحيحة بالنسبة للرجل . العزل المصحوب بتوقيف التقاعد: تكتسي عقوبة العزل خطورة أكبر عندما تكون مصحوبة بتوفيق حقوق معاش التقاعد لأن الآثار الإدارية والمالية وخيمة وهناك عقوبتين تكتسيان صبغة خاصة هما الحرمان المؤقت من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية وذلك لمدة لا تتجاوز 6 أشهر أو الإحالة الحتمية على التقاعد التي لا يمكن إصدارها إلا إذا كان الموظف مستوفيا للشروط المقررة قانون لإحالته على التقاعد. لذلك فالمشرع المغربي حرص على جعلها أقصى العقوبات التأديبية التي يمكن أن تقع على الموظف ولا تلجأ إليها السلطة التأديبية إلا عندما يتضح أن الموظف المعني بالأمر لم يعد صالحا لاستمرار في العمل لارتكابه خطأ اكثر جسامة، والذي نزع عنه الثقة الواجب توفرها في كافة الأعوان والموظفين. كما نص المشرع المغربي في قانون على حق الموظف لمحو العقوبة التأديبية من ملفه بعد انقضاء مدة معينة على توقيعها تشجيعا له على عدم تكرار الوقوع في الخطأ[5] والفصل 75 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية نص على شروط أساسية لاكتساب هذا الحق وتتجلى في: أن يكون قد مر على تطبيق العقوبة التأديبية خمس سنوات إذا كان الأمر يتعلق بإنذار أو توبيخ وعشر سنوات بالنسبة لباقي العقوبات المنصوص عليها في الفصل 66 . 1) أن يقدم الموظف طلبا يلتمس فيه محو أثر العقوبة الصادرة ضده في ملفه. 2) أن تكون سيرة الموظف قد أصبحت مرضية بعد العقوبة الصادرة ضده. 3) أن يبث الوزير في ذلك بعد استشارة المجلس التأديبي. ويعاد تكوين الملف في صورته الجديد. المطلب الثاني: إجراءات سلطة اتخاذ القرار التأديبي أسند المشرع مهمة القيام بدور السلطة التأديبية لأجهزة مختصة في هذه العملية بهدف الحفاظ على الانضباط والانقياد الأمثل للموظفي الادارات العمومية. وبالرجوع إلى النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية نجده أوكل هذا الاختصاص للسلطة المكلفة بالتسمية أو التعيين وهي قاعدة قارة منصوص عليها في الفصل 65 من ن أ.ع.و.ع مع ضرورة استشارة المجلس التأديبي الممثل في اللجان الادارية المتساوية الأعضاء. وتتمثل السلطة التأديبية في شخص الوزير بالنسبة للوزارة ورئيس المجلس الجماعي بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية ورئيس مجلس المدينة بالنسبة للمقاطعات ووزير الداخلية فيما يتعلق بموظفي العمالات والأقاليم والجهات. وقبل التطرق لعرض اختصاصات هذه الأجهزة لابد للتذكير لأهم المراحل المتعلقة بالمسطرة التأديبية. الفقرة الأولى: المسطرة التأديبية تعمل السلطة المكلفة بالتأديب على تحريك المسطرة التأديبية لتوجيه الاتهام للموظف المعني بالأمر بإحالة القضية على المجلس التأديبي بواسطة تقرير كتابي يتضمن علامات الموظف وظروف ارتكاب هذه الأعمال. 1- عند ارتكاب الموظف لخطا مهني تحرر السلطة الإدارية المباشرة تقريرا عن الأعمال المؤاخذ عليها المعني بالأمر معززا بجميع الحجج التي من شأنها أن تسلط الضوء على الأعمال المؤاخذ عليها. 2- دعوة المجلس للانعقاد هذا الأخير إذا لم يكتفي بالتقرير المقدم من طرف سلطة التأديب فيطلب من الإدارة القيام ببحث هو فقط يطلب والإدارة تبحث وإذا لم يطلب المجلس فهي معفية من البحث. 3- للإدارة حق إحضار الشهود لتدعيم موقفها ومجابهة الموظف. فمجرد مجابهة الموظف، واتهامه وجب على الإدارة إحضار دلائل وبراهين. 4- السلطة المختصة باتخاذ القرار التأديبي ملزمة باستشارة المجلس التأديبي في جميع القرارات التأديبية ماعدا الإنذار والتوبيخ يعطي المجلس رأيه معللا. 5- يمكن لسلطة التأديب أن تسلك مسطرة تشديد العقوبة المقترحة من طرف المجلس التأديبي إذا اعتبرت أن العقوبة المقترحة من طرف هذا الأخير لا تتناسب مع الخطا المهني وذلك باقتراح تشديد العقوبة على الوزير الأول بالنسبةلموظفي الإدارت العمومية ووزير الداخلية بالنسبة لموظفي الجماعات. 6- إشعار المعني بالأمر بالعقوبة التأديبية المتخذة في حقه. 7- إدراج العقوبات ذات التأثير على الوضعية الإدارية في الأنظمة الإعلامية مع تسجيلها وترقيمها ترتيبا في ملف المعني بالأمر. الفقرة الثانية: الأجهزة التأديبية بموجب مقتضيات الفصل 65 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، نجد أن حق التأديب تختص به السلطة التي يكون لها حق التسمية وهذا الحق يتأتى للوزير المختص الذي أذن بتوظيف المرشح للانخراط في الوظيفة العمومية وذلك بتسميةوتعيين مقر عمله مع وجوب نشرها بالجريدة الرسمية. وبالنسبة للموظف الملحق ووفق مقتضيات الفصل 47 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، فإنه في حالة إخلاله بالتزاماته المهنية أثناء وجوده في وضعية الإلحاق تقوم الإدارة الملحق لديها الموظف المعني بإعداد تقرير كتابي مفصل وإحالته على إدارته الأصلية ويتضمن بوضوح الأفعال المرتكبة من طرف الموظف المتهم والظروف والملابسات التي ارتكبت فيها. ويتم استدعاء الموظف الملحق من طرف إدارته الأصلية بالتنسيق مع إدارة الإلحاق للمثول أمام المجلس التأديبي. أما بالنسبة للمجلس التأديبي المتمثل في اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء التي نص عليها الفصل 65 من ن.أ.ع.و.ع كما نص على أن شرعية هده اللجان تغير وفق مقتضيات الفصل 35من نفس النظام في حالة الترقي. – بالنسبة لتأسيس هذه اللجنة فقد حدد الفصل 11 من نفس النظام بكونها.تؤسسبقرار من الوزير المعني بالأمر بخصوص كل سلك من الموظفين التابعين لنفوذه. – تحدد كيفية تأسيسها بموجب مرسوم و تتألف من عدد متساوي من ممثلين من الإدارة يعينون بقرار من الوزراء المعنيين بالأمر و من ممثلين عن المستخدمين ينتخبهم الموظفون العاملون أو المصلحة المعنية بالأمر و في حالة تعاد الأصوات فالأرجحية للرئيس المعين من بين ممثلي الإدارة. 1) بالنسبة لسير جلسات هذا المجلس: * فيعمل رئيس المجلس التأديبي في بداية الاجتماع على التأكد من توفر النصاب القانوني عن افتتاح الجلسة. * يعرض رئيس المجلس التأديبي على أعضاء المجلس جميع المعطيات المتعلقة بالملف التأديبي للموظف المتابع. * يتم استدعاء الموظف المتابع للحضور أمام المجلس ويتم في البداية تذكيره بالأفعال المنسوبة إليه. * يتم استفسار الموظف المتابع بشأن إطلاعه على ملفه التأديبي وتمكينه من الإدلاء بملاحظاته حول الأفعال المنسوبة إليه. * يتم السماح للموظف المتابع بدعوة الشهود حول الأفعال المنسوبة إليه. * في حالة تقديم طلب التماس سواء من طرف الموظف المتابع أو دفاعه أو أحد أعضاء المجلس من أجل تأجيل البث في ملفه التأديبي للإدلاء بوثائق تهم الملف أو استحضار شهود آخرين فإنه يتعين على المجلس تحديد أجل الاجتماع مع تحديد تاريخ وساعة ومكان الاجتماع دون تجاوز الأجل المحدد في 30 يوم من تاريخ الاجتماع الأول دونما توجيه استدعاء جديد ويتضمن ذلك في محضر الجلسات. * إذا كان الأمر يتعلق بإجراء بحث تكميلي فإن الأجل يمتد إلى غاية 3 أشهر من تاريخ اجتماع الأول. 2) مداولات المجلس: * تكون مداولات المجلس التأديبي سرية وليست عمومية ولا يمكن حضور أي شخص أجنبي. * تقتصر مداولات المجلس التأديبي فقط على الأعضاء الذين شاركوا في جميع مراحل مناقشة الملف التأديبي. * يمكن لإدارة استدعاء محامي للدفاع عنها أمام المجلس التأديبي. * يتخذ المجلس التأديبي اقتراحاته بالإجماع أو أغلبية الأعضاء الحاضرين، وفي حالة تعادل الأصوات فإنه يرجع الجانب الذي يوجد به رئيس المجلس. * يكون التصويت برفع الأيدي ويجب أن يشارك فيه كل أعضاء اللجنة الحاضرين.
* تبعا للملاحظات الكتابية التي تقدم له وتصريحات المتابع والشهود ونظرا كذلك لنتيجة التحقيق يعطي المجلس رأيه معللا بالأسباب في العقوبة التي يقترح اتخاذها إزاء الأعمال التي عوقب المعني بالأمر ويوجه هذا الرأي إلى السلطة الرئاسية. وكخلاصة القول أن ضمانات الموظف أثناء المسطرة التأديبية تتلخص في: 1) استدعاء الموظف للحضور أمام المجلس التأديبي. 2) إشعاره بالفعل المنسوب إليه. 3) إطلاعه على ملفه التأديبي وعلى جميع الوثائق المرفقة به 4) إمكانية الاستعانة بمن يؤازره. 5) إمكانية المزاوجة بين الملاحظات الكتابية والشفهية. 6) إمكانية طلب الاستماع للشهود 7) إمكانية التماس إجراء بحث تكميلي 8) ضرورة تعليل القرار الإداري المتضمن للعقوبة[10]
المبحث الثاني : الرقابة القضائية في المجال التاديبي للموظف الجماعي تعتبر الضمانات القضائية من أهم الضمانات التي يمكن أن يتمتع بها الموظف العمومي في مواجهة القرارات التأديبية لتحقيق مشروعية العمل التأديبي .و ذلك نتيجة ما يتمتع به القاضي الإداري من جدية و نزاهة لا يرقى الشك إليها ولإلمامه بالمسائل القانونية وحرصه على تحقيق المشروعية والعدالة. وسنحاول من خلال المطلب الأول معرفة الضمانات القانونية الممنوحة للموظف العمومي أثناء تعرضه للعقوبات التأديبية، وفي المطلب الثاني سنحاول التحدث عن مدى مراقبة ملائمة العقوبة للخطأ الذي يرتكبه الموظف العمومي من طرف القاضي الإداري . المطلب الاول: الضمانات الممنوحة للموظف العمومي أثناء تعرضه للعقوبات التأديبية . نظرا لما تشكله العقوبات التأديبية من خطر على حياة الموظف الإدارية فقد أقر المشرع العديد من الضمانات لحمايته قبل توقيع هذه العقوبات فكل منها يهدف الى بسط الرقابة على أعمال تلك الإدارات والبحث في العناصر المكونة للقرارات الإدارية والتأكد من احترامها للقانون . وتتنوع العقوبات التي يتعرض لها الموظف العمومي ، بين تلك التي تفرض استشارة المجلس التأديبي (الفقرة الأولى ) وبين تلك الغير الموجبة لاستشارته (الفقرة الثانية) و الضمانات المخولة للموظف ضد انتقاله (الفقرة التالية ) . الفقرة الأولى : العقوبات الملزمة باستشارة المجلس التأديبي . مما لا شك فيه أن التأديب ، أمر يمكن أن يتعرض إليه الموظف خلال حياته الوظيفية ،بحيث لا يجب التهوين من خطورته ، و هذا ما يجعل رقابة القاضي الإداري أمر لامحيد عنه حيث يعمد إلى إلغاء العديد من القرارات الإدارية المتخذة، لعقوبات تأديبية و ذلك لعدم احترامها لضمانة استشارة المجلس التأديبي و هذا ما سنحاول توضيحه على النحو التالي1 : 1) ضمانة الموظف ضد عقوبة التوقيف عن العمل : أجاز المشرع للإدارة حق توقيف موظفيها، المرتكبين لأفعال على درجة معينة من الخطورة و الاستغناء عن خدماتهم، إلى أن تظهر حقيقة امرهم طبقا لما ينص عليه الفصل 73 من قانون الوظيفة العمومية ، الا ان القاضي الاداري في مجال الضمانات المخولة للموظف العمومي موضوع عقوبة التوقيف عن العمل، لم يستقر على موقف معين نظرا لاختلاف الوقائع و تعدد القضايا و يمكن ان نميز ما بين ثلات حالاث : * الحالة الأولى : ثشمل عقوبة التوقيف او الاقصاء المؤقت كعقوبة مستقلة، تنفرد بها الادارة بعد استشارة المجلس التأديبي حيث ما فتئ الاجتهاد القضائي يقر بالحرمان المؤقت من الأجرة، طبقا لقاعدة الأجرة بعد أداء الخدمة فما دام لم يتم انجاز أي عمل فلا مجال للحديث عن المقابل المادي2 . * الحالة الثانية : اتخاد الادارة عقوبة توقيف الموظف المتابع امام القضاء العادي .في انتظار معرفة ما أل إليه الحكم النهائي، فعقوبة التوقيف المؤقت المتخذة في هذه الحالة، عبارة عن اجراء احتياطي ، ولا يشكل عقوبة تأديبية ، وهو ما يجعل دعوى الالغاء غير مقبولة شكلا لانتفاء شرط المحل المتمثل في الأثر القانوني3 . * الحالة الثالثة : عدم احالة الادارة الموظف المتخد في حقه عقوبة التوقيف على المجلس التأديبي، داخل الأجل القانوني (أربعة أشهر ) مما يعطيه الحق في تحريك دعوى الالغاء .و هذا ما .قضت به المحكمة الإدارية بالرباط بقولها : ان عدم عرض الطاعن على المجلس التأديبي قبل انصرام أربعة أشهر من تاريخ التوقيف المؤقت عن العمل يعد خرقا للمقتضيات الفصل 73 من النظام العام للوظيفة العمومية و يجعل قرار التوقيف قرار نهائيا و موجبا للتصريح بإلغائه نظرا لاتسامه بتجاوز السلطة لعيب مخالفة القانون. 2) ضمانة الموظف ضداللجوء إلى الفصل 81 من قانون الوظيفة العمومية1 لا يتصور اللجوء الى حذف الموظف من اسلاك الإدارة، بسبب عدم القدرة على العمل إلا بمراعاة ضمانة “عدم إمكانية إدراجه في و ظيفة اخرى ” و هذا ما اكدته المحكمة الادارية بقولها “ان عدم القدرة على العمل يتعين اتباتها بالطرق القانونية وفي حالة تبوتها في حق الموظف فانه يتعين اتبات عدم امكانية ادراجه في اسلاك إدارية، أو مصلحة أخرى، قبل إحالته على التقاعد الحتمي، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 81 من النظام الاساسي العام للوظيفة العمومية “2. 3) ضمانة الموظف ضد عقوبة العزل من الوظيفة يعتبر العزل أقصى درجات الجزاء التأديبي الذي يمكن ان يتعرض لها الموظف العمومي ، لذا فأن اللجوء الى هذه العقوبة من طرف الادارة ، لا يتم الا في احوال نادرة ، كأرتكاب خطأ شديد الجسامة و بالنظر الى خطورة هذه العقوبة وقد احاطها المشرع المغربي بمجموعة من الضمانات القانونية واردة في الفصول 66-67-75مكرر من قانون و.ع و التي اعتبرها القضاء الاداري جوهرية يتريتب في عدم احترامها الغاء قرار العزل . و من الضمانات التي أكد عليها القاضي الاداري : – ضرورة تعليل قرار العزل الصادر باقتراح من المجلس التأديبي – ضرورة استناد قرار العزل المتخذ بناءا على مقرر المجلس التأديبي على وقائع تابتة تبوتا قطعيا و يقينيا، لا على مجرد وقائع عامة مبنية على مجرد الشك و التخمين . – ضرورة مراعات ضمانة الإنذار باستئناف العمل المنصوص عليها في الفصل 75 مكرر من ق.و.ع. كما هو معدل بقانون 10/97 داخل اجل سبعة ايام، وتجاهل هذه القاعدة يترتب بالضرورة الغاء القرار المطعون فيه 3. 4) ضمانة الموظف ضد عقوبة الاحالة على التقاعد : ان اللجوء الى عقوبة الاحالة على التقاعد تستوجب احترام القواعد القانونية المرتبطة بها و المتمتلة في بلوغ السن الموجبة للتقاعد كسبب عادي او بفعل المرض كسبب غير عادي . ذلك أن انتفاء الموجب القانوني للإحالة على التقاعد يؤدي الى إلغاء القرار الإداري . وهذا ما أكدته المحكمة الادارية بالرباط في احد قراراتها . 5) ضمانة الموظف ضد عقوبة القهقرة من الرتبة تعتبر القهقرة في الرتبة من العقوبات التي تتخذ في حق الموظف طبقا للفصل 66 من القانون العام للوظيفة العمومية. إلا أن المجلس الأعلى اعتبر أنها لا تكون قانونية إلا إذا كان المجلس التأديبي الذي اعتمدت السلطة الإدارية على قراره، قد اجتمع بطريقة قانونيةبحيث لا ينبغي مثلا أن يتضمن من بين أعضائه أشخاصا يمكنهم أن يؤثروا في سير مداولاته. هذا بالإضافة لمجموعة من الضمانات الاخرى المرتبطة بها وهي ضمانة حياد المجلس التأديبي وضمانات عنصر التساوي في تشكيل اللجان الاستشارية الادارية . الفقرة الثا نية : ملائمة القاضي الإداري المغربي بين الأفعال و العقوبة يمكن القول أن القضاء الإداري المغربي قد عرف تحولا هاما في إطار تفعيل حماية حقوق الموظف . تبنى الاتجاه الحديث الذي صار عليه القضاء الإداري الفرنسي و المصري و الذي ينبني على الفكرة التالية: “إذا كان القاضي الإداري في الأصل هو قاضي المشروعية دون الملائمة احتراما لمبدأ فصل السلط، فإن هذا لا يمنعه كي يحقق العدل و الإنصاف من فحص الملائمة و شرحها قصد التوصل إلى أحد عيوب مشروعية القرار الإداري محل الطعن، إذا كانت هذه الوسيلة الوحيدة للتوصل إلى إثبات عدم المشروعية لا يوجد ثمة نص صريح يمنع القاضي الإداري صراحة من التعرض لهذه الملائمة2 . وهكذا دشنت المحكمة الإدارية بالرباط توجها قضائيا جديدا بقبولها إخضاع عناصر الملائمة في الجزاء التأديبيلرقابتها من خلال حكمها في قضية اجدع رشيد ضد المدير العام للأمن الوطني1، و ذلك ردا على الوسيلة المثارة من طرف دفاعه و المتمثلة في انعدام الملائمة بين الأفعال ومقدار العقوبة الإدارية، والمحكمة الإدارية بالرباط من خلال حيثيات حكمها قد عمدت إلى الملائمة الأفعال المرتكبة من طرف الطاعن بالعقوبة المتخذة ضده وتبين لها أن القرار المتخذ ضده كان صائبا2 . كما أن المحكمة الرادارية بالرباط لم تقف عند حد مراقبة الملائمة بل عمدت في حكمها الصادر بتاريخ 20/03/1997 في قضية بوشبيكي عبد الله ضد المدير العام للأمن الوطني إلى أحقية القضاء في مراقبة الملائمة بين الأفعال و العقوبة التأديبية إذا كان هناك غلو في التقدير . إلا انه إذا كانت نظرية الغلو يأخذ بها القضاء المصري و الفرنسي ولم يعرفها القضاء المغربي من قبل ، فإن المحكمة الإدارية بالرباط قد رست قواعدها من خلال حكم بوشبيكي و صارت في نفس الاتجاه باقي المحاكم الإدارية بالمغرب . والغلو في التقدير يعني عدم الملائمة بين خطورة المخالفة وبين نوع العقوبة التأديبية، ويتم اللجوء إلى نظرية الغلو هذه لبسط المراقبة على سلطة الإدارة التي ترك لها المشرع حرية اختيار العقوبة من بين العقوبات التي حددها ، ولقد اخذ القضاء المصري بهذه النظرية منذ زمن بعيد موضحا أن الرقابة التي يمارسها القاضي الإداري على ملائمة القرار الإداري في مجال التأديب، إذ قررت المحكمة العليا على انه إذا كانت للسلطات التأديبية، ومن بينها المحاكم التأديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري، وما يناسبه من جزاء وبغير تعقيب عليها فما ذلك إلا مناط مشروعية هذه السلطات، شأنها في ذلك شأن أية سلطة تقديرية أخرى، ألا يشوب استعمالها غلو3. كما تطرق القاضي الإداري لرقابة ملائمة الجزاء التأديبي في قضية الهام بوتشيش ضد رئيس جماعة اعزارن حيث عمل على إلغاء الجزاء التأديبي في هذه القضية لأنه لايتلائم وخطورة الأفعال الصادرة عن المدعية، وبلغ عدم الملائمة بين الأخطاء المتابع من اجلها و عقوبة العزل المتخذة في هذه الحالة درجة كبيرة .دفعت بالقاضي إلى التصدي لها الوضع وهذا ما عبر عنه بقوله بان العقوبة “جد قاسية” فتدخله يبقى هرينا بدرجة انعدام التناسب بين الأخطاء و العقوبة أي بين السبب و المحل في القرار المطعون فيه1 . المطلب الثاني : القضاء الاداري و مراقبة الملاءمة في مجال التأديب تتمتع الإدارة بسلطة تقدير العقوبة الملائمة للمخالفة المرتكبة من طرف الموظف تأديبيا ، إلا أن غلو الإدارة في بعض الأحيان في اتخاذ عقوبات قد لا تتناسب والمخالفات المرتكبة من طرف الموظف2 دفع بالقضاء الإداري لتوسيع رقابته على المجال التقديري للإدارة . الفقرة الأولى : تطور الرقابة على السلطة التقديرية للادارة . لقد كان القضاء الاداري المغربي يميل الى الامتناع عن فرض رقابة قضائية على اعمال الإدارة، فيما يتعلق بملائمة العقوبة للمخالفة الادارية، باعتبار أن القضاء الإداري لا يملك حق مراقبة الملائمة. وأن سلطة الملائمة تظل من اختصاص الادارة. ولا يحق للقضاء أخضاع هذه السلطة لرقابته. فطبقا لهذا القضاء المتواتر على امتداد اربعة عقود، كان المجلس الاعلى في اطار رقابة المشروعية، يكتفي من جهة بالتأكد من كون السبب المتعمد من قبل سلطة التأديب كأساس للجزاء يقوم على وقائع حقيقية لايوجد ادنى شك حول صحتها المادية .ومن جهة ثانية بفحص ما إذا كان تكييف الإدارة لهذه الوقائع الثابتة يندرج ضمن الصنف الذي يحدد النظام الأساسي. الذي يخضع له الموظف المتابع. أي أن هذه الوقائع تدخل في عداد الحالات التي يجوز لسلطة التأديب التمسك بها ، كسبب لتبرير جزائها وحسب العبارة المتداولة في هذا الصدد أن الوقائع المنسوبة للموظف من شأنها أن تبرر قانونيا الجزاء الموقع عليه. فرقابة المجلس كانت تقتصر على هذه العناصر وتلتزم هذا الحد دون تجاوز التتبث من مدى الملائمة او التناسب بين الخطأ و الجزاء3. وقد ظل المجلس الاعلى وفيا لمبادئه من خلال تأكيده في قرار بتاريخ 18/12/1474 “بلحسن المدني ضد وزير العدل4 ” أن العقوبة في حق الموظف هي عقوبة مقررة ضمن العقوبات المنصوص عليها في ظهير الوظيفة العمومية “رقابة المشروعية” وللادارة سلطة تقديرية في اختيار العقوبات الملائمة منها حسب المخالفات التي يؤاخذ الموظف من اجلها وليس للغرفة الادارية بالمجلس الاعلى حق مراقبة الادارة عندما تتخذ عقوبة دون اخرى . لكنه بعد احدات المحاكم الادارية ذهبت هذه الاخيرة في بداية عهدها الى التمسك بعدم أحقية القاضي الإداري في مراقبة الملائمة بين الافعال و العقوبة. فهو الاتجاه الذي ابتدأت به إدارية الرباط في حكمها الصادر بتاريخ 27/06/1994 في قضية النصيري محمد ضد وزير العدل وكذا إدارية مكناس في حكمها الصادر في قضية ماريا الطاهري ضد وزير التربية الوطنية بتاريخ 22/06/1995إذ أكدت على انه للقاضي ان يفحص ظاهرة الملائمة كي يتأكد من خلو القرار الاداري من أي عيب من عيوب الشرعية دون ان يمس هذه الملائمة في حد ذاتها. الفقرة الثانية : ضمانات الموظف ضد عقوبات الانذار و التوبيخ و الانتقال ينص االفصل 66 من قانون الوظيفة العمومية على ان عقوبتي الانذار و التوبيخ تقع بمقرر تصدره السلطة التي لها الحق التاديب من غير استشارة المجلس التأديبي و لكن بعد استدلاء بيانات المعني باتلامر و هذه العقوبات و ان كانت لا يلزم عرضها على المجلس التأديبي الا ان المشرع احاطها بمجموعة من الضمانات الجوهرية التي بمخالفتها يلغي القاضي الاداري العقوبة المقررة و هذه الضمانات تتمثل في : ضرورة استفسارالمعني بالامر و الذي يعد اجراءا جوهريا قبل اصدار الادارة لعقوبتي الانذار و التوبيخ و الاخلال به يؤدي الى الغاء القرار التأديبي تحت طائلة بطلان القرار الاداري ، و بناء على الفصل 66 من قانون الوظيفة العمومية نجد ان الادارة ملزمة بتعليل قراراتها فيما يتعلق باتخذها لعقوبتي الانذار و التوبيخ في حق الموظف و ينص الفصل 64 من قانون الوظيفة العمومية على ان للوزير : حق مباشرة انتقالات الموظفين الموجودين تحت سلطته و يجب ان تراعي في تعيين الموظفين الطلبات التي يقدمها من يهمهم الامر و كذا حالتهم العائلية ضمن الحدود الملائمة لصالح الادارة “ذلك ان السلطة التقديرية للادارة في مجال نقل موظفيها يندرج ضمن المصلحة العامة و حسن سير المرفق العمومي الا ان سلطتها خاضعة لرقابة القاضي الاداري الذي يعمل على التأكد من مدى تحقيق المصلحة العامة في القاء عبئ الاثبات عليها و كذا تكييف الوقائذع المرجعية للنقل و هو موقف متطور للقاضي الاداري حيث كان يكتفي بمراقبة الشروط الشكلية في دعوى الالغاء معترفا بالسلطة التقديرية للادارة حيث قضت الغرفة الادارية في احد قراراتها “بان تذرع الادارة بالملحة العامة لا يكفي لنقل الطاعن من جديد من مكناس الى مدينة الدارالبيضاء بنفس الصفة كمسؤول خاصة بعد ان كاتبته بتاريخ 22 يناير 1992 (بعد ان شرح لها وضعيته العائلية و الاجتماعية )مقترحة عليه حلول منها امكانية استقراره بمدينة فاس و لكن دون تقلد اية مسؤولية الشيء الذي يعني ان الادارة بعد تمسكها بقرارها القاضي بنقل الطاعن الى مدينة الدارالبيضاء في نطاق المصلحة العامة التي تتذرع بها لتغطية هذا النقل و السماح له بالبقاء بمدينة فاس دون اية امتيازات كما كان يتمتع بها سابقا تكون قد اشتطت في استعمال السلطة باتخاذها القرار المطعون فيه ان الضمانات التي يخولها القضاء الاداري للموظف العمومي لا تقتصر على رقابة المشروعية بل تمتد لتشمل رقابة الملائمة بين الفعل و القرار الاداري الصادر و هذا ما سنتطرق اليه في المطلب الثاني نشير ان القاضي الاداري في اطار دعوى الالغاء يقف عند حد الغاء القرار غير المشروع و لا يتعداه الى استبداله بالقرار الملائم استنادا الى القاعدذة المعروفة بانه القاضي الاداري يقضي و لا يدير لقد عودنا القاضي الاداري في دعوى الالغاء على مواقف جريئة في محلها دون ان يتعدى حدود مهامه حيث انتقل من مراقبة المشروعية الى مراقبة ظاهرة الملائمة متخذا منهج الوسط بين الاتجاه الفرنسي و الاتجاه المصري مستفيدا من الاتجاهين القضائيين و دون ان يتخلى عن الحذر و الحيطة و مراقبة كل نازلة على حدة و حسب ظروف و معطيات كل قضية و في جميع الاحوال نعتبر هذه القفزة النوعية جديرة بالتشجيع و التنويه و هي مجرد بداية في اتجاه تحديث تطوير قضائنا الاداري حتى يستجيب لمتطلبات من اجل الوصول الى تطبيق عدالة تراعي مبادئ دولة الحق و القانون خاتمة إن النظام التأديبي في مجمله يرمي الى ردع المخالف و جعله عبرة للآخرين حيث نجد ان قانون الوظيفة العمومية ينض على قواعد و احكام تأديبية ضد كل من تسول له نفسه بالخروج على آداب و قواعد و أخلاقيات المرفق العام. وكما قال الفقيه ” هويتريف” في تقريره لمجلس الدولة الفرنسي عام 1806 ، يجب أن يكون العمال مرتبطين بالدولة بسلاسل متينة لا يوجد إطلاقا شرف دون طموح ولا يوجد إطلاقا طموح دون سلك وظيفي. فالدولة لا تستطيع أن تقوم برسالتها إلا عن طريق شخص طبيعي وهو الموظف الذي يجب أن يكون محل ثقة للمتعاملين معه، ولتحقيق نتائج مرضية يجب على الدولة أن تحتم بفاعلية الاختيار من أجل ضمان حقوق موظفيها وصون ضماناتهم. خالد بوبكري