بالرغم من أن سنة 2017 كانت سنة هادئة نسبيا بالنسبة للأقاليم الجنوبية على مستوى الأوضاع الداخلية، إلا أنها شهدت أحداثا سياسية واجتماعية وحزبية سيما في شهر مارس الذي أصبح فيما يبدو يتميز كل سنة بدينامية خاصة عن باقي الأشهر من خلال مجرياته وتطوراته التي تشغل الرأي العام الصحراوي وتحظى بمتابعته، ما يمكن إرجاعه لعدة عوامل، إلا أن الراجح هو كون الصحراء أصبحت ساحة للمتغيرات والأحداث المتسارعة والمتداخلة على مستويات شتى وعلى أصعدة وطنية منها والجهوية والإقليمية وكذلك الدولية. معبر الكركرات..من نقطة حدود اقتصادية إلى بؤرة توتر سياسية شكلت منطقة “الكركرات” وما رافقها من تداعيات أهم حدث طغى على المشهد السياسي بالصحراء ونقاشات أهلها واهتمامهم نظرا لما كادت تسببه النقطة الحدودية من تهديد للسلم والأمن الدوليين وخرق لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 91 بين المغرب و”البوليساريو” بسبب الاستفزازات التي قامت بها الأخيرة ضد الجيش المغربي وشاحنات البضائع المغربية المتجهة نحو جنوب إفريقيا ومضايقتها لسائقيها العزل في محاولة يائسة للفت انتباه وأنظار المجتمع الدولي ما جعلها تعيد حركتها الاستفزازية مرة ثانية من خلال المناورات الأخيرة ب”تغوينيت” التي اعتبرها الكثير من المحللين بأنها مناورات تقوم بها قيادة الجبهة لتصدير أزمتها الداخلية في ظل بروز تيارات التغيير بصفوفها، وذلك على بعد أشهر قليلة من الجلسة السنوية لمجلس الأمن الدولي حول الصحراء موازاة مع تقلد الألماني هورست كولر مهامه رسميا نونبر الماضي كبمعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة. جهة كليميم..الصراع بين بوعيدة وبلفقيه يتخذ أشكالا جديدة لعل من بين الأحداث التي طبعت 2017 بالصحراء وأكثرها جدلا هو الصراع الانتخابي الدائرة رحاه بمجلس جهة كليميم-واد نون، بين رئيس الجهة التجمعي عبد الرحيم بوعيدة والمستشار البرلماني عبد الوهاب بلفقيه، إذ تعددت أشكال الصراع وتمظهراته التي تتفاقم حدتها يوما بعد آخر. خصوصا ما جرى بدورة مارس الماضي والانفلات الأمني الذي عاشته بسبب اقتحام مجموعة من الأشخاص لقاعة الدورة ورشقهم للرئيس ونوابه بالطماطم والبيض وهو سلوك دخيل على ثقافة الاحتجاج بالصحراء إذ تبادل التياران المتصارعان يومها الاتهامات حول الواقعة السابقة والدخول في مواجهة إعلامية وصلت لحد التخوين والتشكيك في الوطنية وإلصاق تهمة الانفصال والوقوف ضد المشاريع الملكية والحيلولة دون تنزيلها وخيانة المصوتين وتعطيل عجلة التنمية. احتجاجات المعطلين.. ومطالب التشغيل لا تتوقف هيمن المعطلون من حملة الشواهد العليا والدبلومات على جميع الوقفات الاحتجاجية التي نظمت بالأقاليم الجنوبية خلال 2017، حيث كثفت التنسيقيات المؤطرة لمطالب المعطلين بمدن الصحراء من وقفاتها وأشكالها المطالبة بالإدماج المباشر بأسلاك الوظيفية العمومية وإجراء مباريات جهوية لامتصاص شبح العطالة. واتخذ هؤلاء المعطلون في تصعيدهم خطوات غير مسبوقة ولا متوقعة وخطيرة أحيانا، كان أبرزها استحواذ مجموعة منهم أواخر مارس الماضي على حافلة تابعة للمكتب الشريف للفوسفاط والاعتصام داخلها مهددين بحرق ذواتهم إن لم تتم الاستجابة لملفهم المطلبي، لتهتز مدينة العيون ليليتها في لمح البصر كما مدن الصحراء، الأمر الذي جعل من حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون يتكلف شخصيا بالأمر ويدخل معهم في حوار مباشر من وراء نوافذ الحافلة وأمام عدسات الكاميرا وأعين الساكنة التي حجت بكثافة لمكان المعتصم الذي لم تنجح محاولات ولد الرشيد بفضه مما اضطر قوات الأمن للتدخل ومنع وقوع الكارثة وتوقيف المعتصمين بالقوة واستعمال خراطيم المياه لإخماد “المولوتف” الذي هدد عبره المعطلون بحرق أنفسهم. حزب “التجمع الوطني للأحرار” بالصحراء.. حضور قوي وإشعاع متواصل لاحظ كثير من المراقبين والمتتبعين للشأن السياسي والحزبي بالأقاليم الجنوبية ذلك الحضور القوي الذي تمتع به حزب “التجمع الوطني للأحرار” بالصحراء طيلة سنة 2017 وإشعاعه المتواصل من خلال تنظيماته الشبابية وقواعده الانتخابية وأنشطته التواصلية مع الفعاليات الشبابية، وقد لوحظت منذ تولي عزيز أخنوش زمام أمور الحزب، حركية غير معهودة للحمامة بسماء ربوع ومناطق الجهات الجنوبية الثلاث، التي تجلت في تنظيم الجامعة الخريفية للشبيبة التجمعية بالعيون نونبر الفارط حضرها القادة والوزراء التجمعيون. وقد عرفت تنظيم مجموعة من الندوات حول مواضيع وقضايا شبابية وسياسية وحقوقية راهنة، ناهيك عن اللقاء التعبوي الذي عقد قبل أيام بمدينة الداخلة والذي ارتدى فيه أخنوش” الدّراعة” أمام شبيبة حزبه ومنخرطيه بجهة وادي الذهب، أعقبه مباشرة ظفر الحزب بمقعد برلماني بجزئيات سيدي إفني أحد أهم قلاع حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” ومعاقل عبد الوهاب بلفقيه الانتخابية.