لم يكن رئيس جهة كليميم وادنون عبد الرحيم بوعيدة، يتوقع منذ إنتخابه رئيسا للجهة في14 شتنبر2015، أن حالة من “البلوكاج السياسي” ستكون العنوان الأبرز لمجلسه الذي أصبح إستثناءا بين كل المجالس الجهوية بالمملكة بسبب المعارضة العنيفة التي يقودها عبد الوهاب بلفقيه، لدرجة أن الأمور خرجت عن سياقها وقواعد اللعبة السياسية المتعارف عليها، فلم يرتح بالُ بوعيدة يوما منذ تسلمه الرئاسة ولا اطمئن بها، فالذي مارسه بلفقيه من مقعد المعارض فاق كل التوقعات بدءأ من القضاء الإداري والطعن في نتائج التصويت مرورا بالمشادات الكلامية داخل الدورات إلى غير ذلك من أشكال المعارضة حتى يبدوا الرئيس مهزوزا كل مرة وضعيفا أمام المعارضة بشكل يجعلُ من منصب الرئاسة فاقدا لبريقه ويجعل من بلفقيه لأن يكون ندا للرئيس ومعادلا له إن لم يكن قانونيا ففي ميزان الناس ونظرهم. فالإشكالية الرئيسية هي أن قطبي جهة كليميم “بلفقيه وبوعيدة” لم يتخلصا بعد ورغم مرور سنتين على الإنتخابات من مشاعر النصر والهزيمة ومن كان الأجدر بالرئاسة ومن الأجدر بغيرها، سيما وإذا ما تم استحضار نتائج إقتراع 4 شتنبر فإنه من الصعب بسيكولوجيا بالنسبة للمراقبين والمتتبعين إنصاف تيار على حساب آخر، بالنظرإلى تصدر حزب الإتحاد الإشتراكي للإنتخابات الجهوية بكليميم واد نون، وحصد لوحده بمختلف الأقاليم الأربعة المشكلة للجهة على 46902 صوت بالمقارنة مع التجمع الوطني للأحرار الحائز بنفس الأقاليم على 27305 صوتا والذي لعبت التحالفات معه دور كبيرا في تشكيل المجلس وانتخاب رئيسه مرجحة كفة التجمعيين دون الإتحاديين الذين كانوا قاب قوسين منها أو أدنى، أضف لذلك أن عبد الرحيم بوعيدة فاز بالرئاسة بفارق صوت واحد عن منافسه عبد الوهاب بلفقيه. وكان من بين الدورات التي أثارت جدلا بمجلس كليميم وادنون هو دورة مارس الماضي والإنفلات الأمني الذي عاشته بسبب اقتحام مجموعة من الأشخاص لقاعة الدورة ورشقهم للرئيس ونوابه بالطماطم والبيض وهو سلوك دخيل على ثقافة الإحتجاج بالصحراء بل إنها أول مرة يستعمل داخل المجالس المنتخبة، وقد تبادل التيارين المتصارعين يومها الإتهامات حول الواقعة التي أدت لإنتهاء أشغال الدورة ورفعها والدخول في مواجهة إعلامية وصلت لحد التخوين والتشكيك في الوطنية وإلصاق تهمة الإنفصال والوقوف ضد المشاريع الملكية والحيلولة دون تنزيلها وخيانة المصوتين وتعطيل عجلة التنمية وهكذا وهكذا. ومما لاشك فيه أن ساكنة جهة كليميم وادنون لم تستفد شيئا من هذا الصراع الإنتخابي المولود في مرحلة صعبة وحاسمة للغاية يتطلع المغرب فيها لتقوية الجبهة الداخلية بالصحراء ورص صفوفها لمواجهة التحديات الخارجية ومناورات الخصوم المشككين في نية المملكة النهوض بالأقاليم الجنوبية وتفعيل النموذج التنموي الموقع أمام أنظار الملك في مدينة العيون والداخلة، فلحد الساعة لم تنطلق بعد المشاريع بجهة كليميم التنموية بشكل حقيقي بسبب “البلوكاج” والخلاف الدائر وسط المجلس الجهوي والذي بلغ أقصى ما يمكن تصوره بالموازاة مع تشتت الأغلبية وهشاشتها وتسلط المعارضة وضراوتها، المعارضة التي يمكن تفسير سلوكها ربما من الناحية القانونية بأنها تفكر في التحضير والذهاب نحو المادة 73 من القانون التنظيمي للجهات، والتي تقول على أنه وبعد انصرام السنة الثالثة من مدة انتداب المجلس يجوز لنصف أعضاءه تقديم طلب بإقالة الرئيس من مهامه، إذ يعتبر مُقالا بعد الموافقة على طلب الإقالة ثلثي الأعضاء، أي 29 عضوا من أصل 39 عضو المشكلين للمجلس، وليس هذا فحسب بل إن المادة 75 من نفس القانون التنظيمي تقول بأن مصالح الجهة إذا كانت مهددة لأسباب تمس بحسن سير المجلس جاز للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية من أجل حل المجلس، وهذا ما سيجعل رئيس الجهة متواجدا بين نارين، نار تحصين أغلبيته مخافة التأثير عليها وقد إخترقت ، ونار الدفاع عن برنامجه التنموي وتنزيله وقد تعذر عليه ذلك بسبب الصراع الذي دفع المواطن الوادنوني وحدهُ ولايزال تكلفته السياسية والإقتصادية، وسيولد بنفسه اليأس وعدم الثقة في نخبه المُعول عليها للنهوض بأوضاعه الإجتماعية والتنموية بمختلف الأقاليم الأربعة المشكلة لجهة كليميم وادنون، أو جهة القلاقل والقلق.