لم يستطع حزب “العدالة والتنمية” منذ بداية مساره السياسي سنة 1997، سواء برئاسة زعيمه الأول عبد الكريم الخطيب، أو زعيمه السابق والحالي سعد الدين العثماني، أن يظفر بالشعبية التي استطاع أن يصل إليها في عهد زعيمه عبد الإله بن كيران، خصوصا في انتخابات 2011، 2013 وانتخابات، 2015، 2016. في الوقت الراهن، وبعد انتخاب العثماني أمينا عاما للحزب الإسلامي الذي بدأ يخرج رويدا رويدا من عباءة الدعوي إلى الحزب المحافظ، على شاكلة حزب “الاستقلال”، يبقى السؤال البارز الذي يشغل الرأي العام المغربي حول مدى قدرة رئيس الحكومة على جمع شتات الحزب بعد أن أصبح (ذو رأسين)، رأس يسيره إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني “للبيجيدي”، الجهاز التقريري، ورأس آخر يسيره العثماني الذي يقود الأمانة العامة للحزب، الجهاز التنفيدي، وفي مدى قدرته على المحافظة على شعبية الحزب التي استطاع مراوغ الربيع العربي (ابن كيران) أن يوصله إليها. هل انتهى حزب “العدالة والتنمية” بانتهاء ابن كيران؟ مصطفى اليحياوي، أستاذ الجغرافيا السياسية، قال إن “العدالة والتنمية” في عهد عبد الإله بن كيران لن يكون هو “العدالة والتنمية” في عهد سعد الدين العثماني، لسبب أول هو أن ابن كيران طبع هذه المرحلة بطباع تواصلية، من الصعب أن يضالعه فيها قائد آخر، سواء على مستوى قدرته على التعبئة الجماهرية، أو تلقائيته أو إتقانه للحجاج اللحظي”، مضيفا: “لا أظن أن هذه المقومات ستتوفر لدى القيادات الجديدة في هذه اللحظة السياسية”. وأضاف المتحدث في تحليل خص به “برلمان.كوم“، “هنا نتساءل هل حزب (العدالة والتنمية) انتهى وسيعود إلى سابق عهده كرقم سياسي عادي في المشهد السياسي المغربي، يمكن أن أجيب بنعم على المستوى الانتخابي”، مستطردا في ذات السياق: “أكيد أن (العدالة والتنمية) في 2011، 2015، 2016، حقق نتائج مهمة تجاوزت التوقعات في تلك المرحلة تدخل فيها عاملان، أولهما، شخصية ابن كيران وقدرته التواصلية، والعامل الثاني يتعلق بالمزاج الانتخابي للمغاربة ما بعد 20 فبراير 2011، الذي اختلف جذريا عن مزاج 2011، وتمظهراته تؤكدها نقطتان أساسيتان، أولا، جرأة المواطن على تجاوز الثقافة الانتخابية السائدة قبل 2011، ثانيا تعاطيه لسياسة من داخل إطار حقوقي أفرزه دستور 2011”. اليحياوي أوضح “أن العدالة والتنمية مثَّل خطابا يوافق هذا المزاج الجديد للانتخابات في المغرب، وهذا ما أكدته العديد من الأبحاث الميدانية التي أنجزتُها”. مضيفا في ذات السياق “إذا استمر هذا المزاج أكيد أن الحزب الذي سيتوفر على القيادة التي بإمكانها أن تمثل هذا الطباع الانتخابي هي التي ستنتصر”، متسائلا: “هل سيكون هناك بديل آخر ل(العدالة والتنمية)، أعتقد أن القيادات الموجودة حاليا، والضعف الذي وقع لجميع الأحزاب بما فيها (البيحيدي)، ما بعد استحقاقات السابع من أكتوبر 2016، بعد كل هذا سيكون اختيار المواطن لحزب آخر ليس بالسهولة التي تتوقعها الآن بعض الأحزاب، التي تقول إن نهاية “العدالة والتنمية”، ستكون بنهاية ابن كيران”. وأضاف المتحدث “أعتقد أنه إذا أرادت الأحزاب أن تكون بديلا حقيقيا للعدالة، عليها أن تنقح خطابها، وبرنامجها والتزامها الانتخاني بما اعتاد عليه المواطن خلال هذه الفترة، أي ما بعد 2011 التي تعتبر محطة مفصلية في الزمن الانتخابي المغربي. “البيجيدي” لن ينتهي تنظيميا والحركة عينت العثماني وفي ذات السياق، أبرز اليحياوي أن حركة “التوحيد والإصلاح هي التي حسمت النقاش بين العثماني والأزمي، ويظهر هذا من خلال الحجاج المستعمل أثناء التداول. كله حجاح يتغذى بقاموس الحركة والجماعة”، مستطردا “هذا توجه محافظ إن بدا من الناحية التنظيمية أنه انتصر للديمقراطية الداخلية، إلا أنه من ناحية الثقافة السياسية، جد محافظ، وليست له أية تطلعات على مستوى تجديد النخب، وعلى مستوى التناوب الجيلي داخل الحزب”، مضيفا “قليلون الذين استحضرو أسلوب المقارعة السياسية بمفهومها الحداثي”. وخلص المتحدث إلى أن “العدالة والتنمية” لن ينتهي على المستوى التنظيمي، بينما على المستوى الشعبي، “أكيد أن اختيارات العثماني لبقية أعضاء الأمانة العامة سيكون له تأثير على طموحات الحزب وعلى مستقبله. التعديل الحكومي سيحدد مصير “البيجيدي” وأبرز رشيد لزرق، خبير دستوري ومتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن التعديل الحكومي القادم سيكون محكا يحدد مصير “العدالة والتنمية”، وسيجيب على سؤال، “هل هذا الانقسام في الحزب يتعلق بتكتيك سياسي يسمح للمجلس الوطني الذي يترأسه الأزمي بسحب البساط من العثماني، ويطالبه بمؤتمر استثنائي لتغيير قيادة الحزب”. وأضاف المتحدث في تحليل خص به “برلمان.كوم“، في حالة ما إذا كان التعديل الحكومي واضحا، ويتضمن ما يتناسب مع السياق السياسي الذي يطبع المرحلة، “فإنه يسير نحو الوضوح، أي نحو الفعالية المطلوبة داخل الحكومة، وبالتالي العثماني، سيكون رئيس حكومة لجميع المغاربة، وأمينا عاما للعدالة والتنمية”. وفق تعبير المتحدث. وفي جواب على سؤال متعلق بمدى قدرة العثماني على تحقيق نفس النجاحات التي حققها عبد الإله بن كيران، أم أن الحزب سينتهي انتخابيا، أبرز المتحدث أن الرهان يقوم على مدى قدرة العثماني على تحقيق وعوده الانتخابية، وهل سيستجيب لتطلعات المواطنين، هل ستكون الحكومة ذات فعالية، “إذا حقق وعوده الانتخابية، أكيد أن الناخبين سيصوتون على الحزب في الانتخابات القادمة، مؤكدا أن شرعية إنزال مخططات الحزب ستكون هي المحك.