كما كان متوقعا حقق المغرب اليوم الاثنين في أديس أبابا انتصارا كبيرا بموافقة القمة الافريقية، في جلسة مغلقة، على الطلب الذي تقدم به للعودة إلى الاتحاد الافريقي، بعد معركة دبلوماسية شرسة خاضها المغرب وقادها الملك محمد السادس شخصيا، من أجل استعادة مقعد المغرب داخل هذه المنظمة القارية. وبحسب المعطيات التي رشحت عن الاجتماع المغلق فإن عودة المغرب إلى حضيرة الاتحاد الافريقي اتخذ بفضل الدور المحوري الذي لعبه الرئيس الجديد للاتحاد الأفريقي الرئيس الغيني ألفا كوندي، حيث لم يتم اللجوء إلى التصويت، وتم الاعتماد على ردود الدول المساندة لعودة المغرب من خلال التجاوب الإيجابي مع الطلب المغربي من طرف 39 دولة. الديمقراطية تهزم المناورات وشهدت القمة القاء مداخلات من طرف 32 رئيساً أو من يمثل رؤساء الدول غير الحاضرين ، معظمهم أبدى ترحيباً بعودة المغرب، وذلك تأكيدا لردود 52 دولة ، منها 39 أيدت تأييدها لعودة المغرب بلا قيد أو شرط ، فيما اختارت 13 دولة طرح جملة من الأسئلة، يبدو أن الهدف الذي كان وراءها هو عرقة هذه العودة. ومن بين هذه الدول نجد الجزائر ونيجيريا وزيمبابوي وجنوب السودان وناميبيا وأوغندا وموزمبيق وملاوي وليسوتو وجنوب أفريقيا وكينيا. وقد استندت هذه الدول في معارضته على استشارة محامي الاتحاد الأفريقي. مصادر الديبلوماسية من داخل جلسة الموافقة على عودة المغرب، أكدت أن المناقشات ذهبت إلى قبول عودة المغرب بالفعل، حيث أيدت مجموعتا غرب ووسط إفريقيا، الطلب المغربي، بالإضافة إلى دول شرق إفريقيا التي أعلنت كذلك دعمها لعودة المغرب، فيما استمرت بعض دول جنوب القارة في التحفظ على الطلب المغربي، وطرحت مسألة الحدود ، في إشارة إلى “جبهة البوليساريو”، وهو التيار الذي كانت تقوده رئيسة مفوضية الاتحاد المنتهية ولايتها “زوما دلاميني”، التي صاغت قبل رحيلها قائمة من 33 سؤالا تدور كلها حول مسائل قانونية وتهدف لعرقة طلب المغرب، إلا أن الدول المساندة دافعت عن المغرب، مستشهدة بكون “المشاكل القائمة في إفريقيا حول قضايا الحدود تعاني منها أكثر من دولة بالقارة وليس المغرب وحده”، حسب ما أوردته بعض التقارير الاعلامية . الزيارة الملكية لإثيوبيا تأكيد على قوة الدعم وكان الملك محمد السادس قد حل بأديس أبابا نهاية الأسبوع الماضي ،حيث قام بنشاط دبلوماسي مكثف تمثل في سلسلة من اللقاءات التي أجراها مع قادة الدول الافريقية في اتجاه المساعي الرامية إلى عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي . وقبل توجه الملك إلى أديس أبابا صادر البرلمان المغربي بغرفتين على الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي الموقع بلومي (التوغو) في 11 يوليوز 2000 يذكر أن المغرب انسحب من “منظمة الوحدة الأفريقية” في سبتمبر 1984 احتجاجا على قبول المنظمة عضوية “البوليساريو”.بضغط من الجزائر وتواطئ من أدم كوجو أمين عام المنظمة آن ذلك. وكان المغرب قد عبر عن اطمئنانه لقبول العودة إلى حضن الاتحاد بعدما كسب دعم 40 دولة من أصل 53، رغم معارضة شديدة للتيار المعادي للمغرب والذي تتزعمه على الخصوص دول الجزائروجنوب إفريقيا. مناورات زوما المفضوحة وفي 30 نوفمبر 2016، أصدرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بيانا نددت فيه بالمناورات المتواصلة لرئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي لعرقلة عملية انضمام المغرب إلى الاتحاد، معتبرة أن رئيسة المفوضية ومن خلال تصرفها بهذا الشكل “تتناقض مع واجبها في الحياد وقواعد ومعايير المنظمة وإرادة بلدانها الأعضاء”، وذلك في أعقاب التأخير المتعمد وغير المبرر لرئيسة المفوضية الأفريقية في توزيع طلب المغرب على أعضاء الاتحاد الأفريقي في سبتمبر الماضي، من خلال اختلاق شرط إجرائي غير مسبوق ولا أساس له، رغم أن المغرب يحظى بالوثائق الداعمة، بالمساندة والموافقة الكاملة للغالبية العظمى للدول الأعضاء، التي تفوق بشكل كبير تلك المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي. مدغشقر محطة مهمة في طريق العودة للاتحاد وقبل إصدار بلاغ الخارجية، كان الملك محمد السادس قد أكد في 27 نوفمبر2016، خلال زيارته لمدغشقر التي صادفت عقد القمة ال16 لمنظمة الفرنكوفونية، التي بحثت مسائل حفظ السلام ومكافحة الإرهاب، “تمسك المغرب بأفريقيا، وأن جميع البلدان الإفريقية تجمع على عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي”، موضحا أن “المغرب وإفريقيا واحد، وسيكون فصل أحدهما عن الآخر بمثابة اقتلاع وخطأ”، وذلك خلال مقابلة له أجراها مع الصحافة المحلية هناك، مؤكدا أيضا أن “للمغرب مشاريعه في مختلف البلدان الأفريقية، يعطي ويتقاسم من دون تعال ولا شعور بالاستعمار”، مشددا على أن “الوجود المغربي في أفريقيا، وخصوصا الجولة التي يقوم بها في هذا الوقت تزعج البعض”. الخطاب الملكي التاريخي بدكار وقبل ذلك ، جدد الملك في خطابه من العاصمة السينغالية دكار بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء ، رغبة المغرب الانضمام مجددا إلى الاتحاد الأفريقي، مؤكدا أن الأمر يتعلق بعودة إلى مكانه الطبيعي في أفريقيا، لكنها لن تغير شيئا في مواقف المغرب الثابتة من مغربية الصحراء المغربية. كما شدد الملك في ذات الخطاب على أن المغرب يتوفر على “أغلبية ساحقة لشغل مقعده داخل الأسرة المؤسسية الأفريقية”، مضيفا “عندما نخبر بعودتنا، فنحن لا نطلب الإذن من أحد لنيل حقنا المشروع”، ومشيرا كذلك إلى أن “السياسة الأفريقية للمغرب، لن تقتصر فقط على أفريقيا الغربية والوسطى، وإنما سنحرص على أن يكون لها بعد قاري، وأن تشمل كل مناطق أفريقيا، مع انخراط أكبر في مكافحة الإرهاب وقضايا الهجرة وتغير المناخ”. الرسالة الملكية لقمة كيغالي.. بداية قصة الانتصار وكان الملك قد وجه في 17 يوليوز 2016 رسالة إلى قمة المنظمة الافريقية المنعقدة بعاصمة رواندا كيغالي، حيث أعلن قرار المغرب العودة إلى هذه المنظمة القارية، مؤكدا على ضرورة “استعادة مكان المغرب الطبيعي والشرعي داخل الاتحاد الأفريقي”. وجاء في الرسالة الملكية أيضا أنه “بعد تفكير عميق، بدا لنا واضحا أنه يمكن علاج الجسم المريض من الداخل بنجاعة أكبر من علاجه من الخارج”، موضحا أن “قرار المغرب الانسحاب من المنظمة في 1984 كان بسبب “الانقلاب على الشرعية الدولية”، بعد قبول “دولة وهمية” و”كيان فاقد لأبسط مقومات السيادة، ولا يتوفر على أي تمثيلية أو وجود حقيقي”.