بفضل التجارب والخبرات التي راكمها المغرب في مجال محاربة الإرهاب، من خلال اعتماده على مقاربة استباقية للظاهرة وأرفقها بمقاربة دينية، أضحت الرباط مرجعا أساسيا بالنسبة للعديد من البلدان مرجعا لا يمكن الاستغناء عنه في مجال التصدي للإرهاب دوليا. ويتجلى ذلك من خلال تعاون المغرب مع عدد من البلدان الاوروبية كإسبانيا وفرنسا وبلجيكا وليبيا وتونس بالاضافة إلى دول عظمى من بينها الولاياتالمتحدةالامريكيةوروسيا لتنضاف بلدان أخرى من بينها الكوت ديفوار والغابون إلى هذا التعاون الدولي الذي يقوده المغرب من أجل القضاء على هذه الظاهرة. لكن بعض البلدان في اتحاد المغرب العربي والتي تجمعها حدودا مشتركة مع المغرب، وبالرغم من معاناتها من ظاهرة الارهاب، ماتزال مصرة على عدم الاستفادة من التجربة التي راكمها المغرب، وبشهادة مختلف البلدان في العالم ومصالحها الاستخباراتية، من التجربة المغربية في أفق توحيد صفوفها في مجال محاولة القضاء على هذه الظاهرة الدولية. ويتضح الدور الريادي للمغرب في مجال التعاون الدولي من أجل مكافحة ظاهرة الارهاب في الزيارات المتتالية التي قام بها مؤخرا مسؤولون مغاربة من بينهم وزير الداخلية محمد حصاد والمدير العام للدراسات والمستندات، محمد ياسين المنصوري، والمدير العام للأمن الوطني والمدير العام لمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف الحموشي، إلى عدد من البلدان في العالم من أجل توحيد الجهود لمكافحة الارهاب وتعزيز التعاون الامني نظرا للتجربة التي راكمتها المملكة بشهادة العديد من الخبراء والمتتبعين والسياسية وأصحاب القرار في العالم. وآخر زيارة قام بها مسؤولون أمنيون مغاربة كانت في الغابون حيث استقبل اليوم الاثنين في ليبرفيل، الرئيس الغابوني، علي بونغو أونديمبا، محمد حصاد و محمد ياسين المنصوري وعبد اللطيف الحموشي تباحث معهم موضوع التعاون الأمني بين المغرب والغابون. وتم خلال زيارة الوفد المغربي للعاصمة الغابونية، التي جاءت بتعليمات للملك محمد السادس، بحث سبل تعزيز وتوطيد التعاون النموذجي الذي يربط المغرب بالغابون في المجال الأمني فضلا عن العلاقات المتميزة التي تجمع بين البلدين في مختلف المجالات. وتجمع بين الرباط وليبروفيل علاقات متينة وممتازة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي. كما تجمع قائدي البلدين وشعبيهما الشقيقين والصديقين صداقة عميقة. وتأتي زيارة محمد حصاد والوفد المرافق له، إلى الغابون أياما قليلة بعد الزيارة التي قام بها رفقة الحموشي إلى بروكسل بدعوة من نائب الوزير الأول وزير الداخلية والامن البلجيكي جان جامبون. يذكر أن المباحثات المغربية البلجيكية تمحورت حول محاربة الارهاب والجريمة المنظمة وتدبير تدفق الهجرة. كما قام محمد حصاد وعبد اللطيف الحموشي، يوم الأربعاء 30 مارس الماضي، بزيارة عمل إلى إسبانيا حيث تم عقد اجتماع شارك فيه أيضا وزير الداخلية الاسباني خورخي فرنانديث دياث وكاتب الدولة الإسباني في الأمن فرانثيسكو مارتينيث تمت خلاله الاشادة بجودة ومثالية التعاون بين المصالح الأمنية في البلدين بفضل روابط الصداقة والأخوة التي تجمع بين الملك محمد السادس والعاهل الإسباني الملك فيليبي السادس. وحسب بلاغ مشترك صدر عقب هذا الاجتماع فإن الوفدين أعربا عن ارتياحهما الكبير للفعالية والنتائج الإيجابية المسجلة على المستوى العملي بين مصالح البلدين، لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وفيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، أشاد الوفدان، خاصة، بالتعاون القائم على التبادل المستمر للمعلومات المبني على الثقة، وتنظيم عمليات مشتركة ومتزامنة قادت إلى تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية، بما فيها تلك التي تنشط بالخصوص في تجنيد وإرسال مقاتلين إرهابيين أجانب إلى بؤر التوتر. وخلص البلاغ إلى أنه “ومن جهة أخرى وانطلاقا من الطابع الضروري للأمن بحوض المتوسط ومنطقة الساحل، التي تتميز بعدم الاستقرار الذي يغذي مختلف الفصائل والتنظيمات الإرهابية والإجرامية، اتفق الوفدان على الحاجة الملحة لتعاون إقليمي موسع يقوم على بدء وتنفيذ عمليات جماعية للحد من التهديد الإرهابي الحقيقي المثير للقلق بشكل متزايد”. ومن جهة أخرى، وفي سياق تعزيز التعاون الامني بين بلدان جنوب – جنوب كان الملك محمد السادس يوم 13 مارس الماضي قد أرسل فريقا من المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، لمواكبة ودعم السلطات الإيفوارية في التحقيقات، عقب هجوم مسلح، استهدف منتجع “غران باسام” السياحي بكوت ديفوار. جاء ذلك خلال مكالمة هاتفية، جمعت العاهل المغربي بالرئيس الإيفواري الحسن واتارا، وأعرب فيها الملك محمد السادس عن أحر التعازي وعميق المواساة للرئيس واتارا، وفق ما ذكره بلاغ للديوان الملكي. العاهل المغربي الذي كان يقوم بزيارة إلى روسيا، أدان هذه الأعمال الإرهابية الشنيعة مؤكدا للرئيس واتارا تضامن المغرب الكامل ودعمه الثابت للشعب الإيفواري الشقيق. وحسب البلاغ فإن الرئيس الإيفواري أعرب عن خالص تشكراته للملك محمد السادس لإرسال فريق من المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، لمواكبة ودعم السلطات الإيفوارية في التحقيقات حول هذه الأعمال الإرهابية. وعقب زيارة قام بها الملك محمد السادس إلى روسيا في مارس الماضي توجه عبد اللطيف الحموشي إلى موسكو، بناء على دعوة من سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف وذلك عقب التوقيع على مجموعة من اتفاقيات التعاون، تحت إشراف الملك محمد السادس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ضمنها اتفاقية متعلقة بالتنسيق والتعاون بين البلدين في محاربة الإرهاب. وكان الاهتمام الروسي بالتنسيق الاستخباراتي مع المغرب نابعا من نجاح الرباط في إحباط وتوقيف عدد من إرهابيي تنظيم “داعش” خصوصا بعد أحداث باريس، وتحديد مكان “عبد الحميد أبا عوض”، المخطط لهجمات باريسوبروكسل. كما ينبع هذا الاهتمام من تعاون المغرب الاستخباراتي مع بلجيكا بعد أحداث بروكسل، بعد أن تم مدها ببيانات حساسة تعكس خبرة واحترافية المصالح الامنية المغربية في مجال مكافحة الإرهاب دوليا واقليميا من خلال رصد وتتبع الشبكات الإرهابية العابرة للبلدان والقارات. ومن جهته أشاد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في فبراير الماضي خلال استقباله لنظيره صلاح الدين مزوار بجهود المغرب على الساحة الدولية، خاصة فيما يتعلق بالاجتماعات التي استضافتها المملكة للتوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة الليبية. ونوه الوزير الامريكي بجهود المغرب كحليف للولايات المتحدة في مجال مكافحة الارهاب. ومن جهة أخرى، أبرزت الخارجية الأمريكية، مؤخرا الطابع الشمولي لاستراتيجية المغرب في مجال مكافحة الإرهاب، في إطار شفافية معززة والتزام بمعايير حقوق الإنسان. وأكدت الدبلوماسية الأمريكية، في تقريرها السنوي حول الإرهاب بالعالم أن المغرب وضع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، تقوم على تدابير أمنية أساسها اليقظة والتعاون الإقليمي والدولي، وكذا على سياسات لمكافحة التطرف.