أفاد التقرير النهائي لملاحظة انتخابات أعضاء الجماعات الترابية وانتخابات أعضاء مجلس المستشارين 2015، أن المنظومة القانونية المنظمة للإنتخابات بالمغرب خلال سنة 2015 والتي تهم انتخاب أعضاء الجماعات الترابية أعضاء الجماعات والمقاطعات وأعضاء مجلس الجهات، وانتخاب أعضاء مجالس العمالات والأقاليم، وانتخاب أعضاء مجلس المستشارين، والتي تهم بالإضافة إلى المقتنضيات الدستورية، وأكثر من ثلاثة قوانين تنظيمية، وتسعة وثلاثون مراسيم، وأربعة قرارات وزارية، والصادرة في مجملها في يوليوز 2015، أي قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات، قد تم إعدادها على وقع مناقشة متضاربة بين الأحزاب ووزارة الداخلية حول الجدولة الزمنية لإجراء الاستحقاقات الانتخابية، كما قسمت أحزاب الأغلبية. وسجل التقرير المنجز من طرف النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات، أن الحكومة، في تعديل المنظومة الانتخابية وإصدار القوانين التنظيمية، التي لم ترى النور إلا في مدة قصيرة على موعد الاستحقاقات، صادقت على مجموعة من القوانين التنظيمية في غياب رؤية مستقلة شمولية ومندمجة لمأسسة الحوار السياسي والمجتمعي حول الانتخابات، مما لم يمكن البرلمان من أداء دوره التشريعي من مناقشة القوانين التنظيمية والتشريعات المرتبطة بالانتخابات بشكل كافي. كما سجل المصادقة السريعة على عدد كبير من المقتضيات التشريعية بين شهري أبريل أو يوليوز 2015، مشددا على أن الجدولة الزمنية والتسرع التشريعي لم تكن الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية من اختيار مرشحيها والاستعداد الكافي للحملات مع احترام مقتضيات الدستور والمعايير الدولية في مجال ثبات التشريع الانتخابي قبل ستة أشهر من موعد الانتخابات. وسطر التقرير على أن المحطات الانتخابية لسنة 2015 تمت وسط دعوات لمقاطعة الانتخابات رفعتها أحزاب سياسية يسارية وقوى مدنية” ترى أن سقف الإصلاحات الدستورية لا يفي بإعادة توزيع السلطات بين المؤسسة الملكية وباقي المؤسسات الدستورية في البلاد، وهو ما يجعل الانتخابات في نظر هذه القوى “مسرحية”. واعتبر التقرير أن حجم المشاركة خلال المحطات الإنتخابية مثل جزءا من الحدث الانتخابي نفسه، حيث تم تسجيل نسبة مشاركة بلغت 53.67 بالمائة” وإن صاحب ذلك “الجدل” السياسي بعض الحملات التواصلية للأمناء العامين لأحزاب من المعارضة والحكومة، وما رافقه من تنابز بالألقاب وتراشق كلامي، واطلاق اتهامات بالفساد السياسي”. وفي ذات السياق، أفاد التقرير أنه يمكن تسجيل أن السلطة طيلة المسلسل الانتخابي لسنة 2015 وقفت، خلافا للتقاليد السياسية التاريخية، على مسافة تجاه مجريات العملية الانتخابية، وأبدت الحياد والحرص على إنجاح هذه العملية في جوانب كثيرة منها، لكن، يضيف التقرير، بالمقابل عملت السلطة على البحت على مخرجات توافقية لضبط التوازنات من خلال الانتخابات الجهوية التي فازت بها أحزاب المعارضة، موضحا أن تحالفات انتخابية تغلبت على منطق المنافسة الانتخابية الحرة مما كرس تناقضات المشهد السياسي، بحسب التقرير. وركز التقرير على كون عملية إدارة التحالفات خلقت تعقيدات لكل الأحزاب السياسية، وأظهرت تناقضات في صفوف الأغلبية الحكومية خصوصا على مستوى التزام حزب التجمع الوطني للأحرار بالتحالف الحكومي، حيث سجل في كثير من محطات التصويت على مستوى انتخاب مكاتب المجالس الجماعية وانتخاب مجالس العمالات والأقاليم والانتخابات الجهوية، عبر التراجع عن خيار تحالف الأغلبية ليلتحق بصفوف بعض أحزاب المعارضىة ويصوت لصالحها، وبالمقابل استفاد حزب التقدم والاشتراكية من تحالف المعارضة على مستوى عدد الأصوات المحصل عليها، وعلى مستوى تحمله المسؤولية في تدبير بعض الأقاليم والجماعات رغم عدم حصوله على الأغلبية. وخلص التقرير على أن المنظومة القانونية والسياسية غير قادرة على توفير آلية للربط بين تمثيل الناخبين وأحجام القوى السياسية في المجالس المنتخبة، وهذا ما سبب ظهور تحالفات غريبة جعلت خاسرين انتخابيا ممثلين لفئات عريضة من الناخبين، حيث يسمح الفراغ التشريعي والسياسي في هذا الباب بإعادة خلط ترتيب القوى السياسية وتموقع الأحزاب، وإعادة توجيه محصلة التصويت المباشر بشكل مختلف ويؤثر سلبا في زاوية مصداقية العملية السياسية، وتحولت ألية التحالفات بوضعها الحالي إلى أهم مخرج لتفادي نتائج الخسارة المباشرة في الانتخابات. وأوصى التقرير بضرورة إعادة النظر في مسألة إدارة الانتخابات من طرف وزارة الداخلية وذلك عبر اسنادها الى لجنة مستقلة، مع فتح نقاش مجتمعي موسع ومؤسساتي حول جميع القوانين الانتخابية بما يحترم مقتضيات التشاور العمومي المقرر في الدستور، واستقرار القانون الانتخابي عبر المصادقة على جميع النصوص التشريعية والتنظيمية قبل سنة من تاريخ الاستحقاق الانتخابي وكذا جدولة المسلسل الانتخابي وفق فترة زمنية تضمن أجلا معقولا للطعن في كل مرحلة من أجل مراحل الانتخاب، بما يمكن الجميع من الاستفادة من نتائج الطعون الانتخابية.